أبريل 25, 2024

لوس أنجلس تايم : قوات الأسد تبني مكاسبها على الضربات الجوية الروسية

مطلع هذا الشهر، أصدر قائد اسلاميٌ بارز توبيخاً شديداً  لزملائه (المتشددين) بعد أن تمكنت قوات موالية لنظام الأسد من محاصرة مجموعة من المعارضين في جبال اللاذقية.

وفي خطاب استمر لـ 9 دقائق وانتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، اشتكى مراد مارغوشفيلي من قلة المقاتلين بجانبه قائلاً أنه هو ورجاله “في حلبة مصارعة رومانية بينما يقف العالم الاسلامي موقف المتفرج والمتابع للصراع في الحلبة”.

وأضاف مارغوشيفلي مستنكراً “في هذه اللحظة الحاسمة تُركنا دون أي مساعدة”. ويعد مارغوشيفلي قائداً للمقاتلين الشيشانيين ويأتمر بقيادة أبو الوليد الشيشاني ويرأس فصيلاً مقاتلاً عناصره من الشيشان الذين قدموا إلى سوريا.

ومع ذلك، فقد ذهبت عظاته أدراج الرياح حين قامت وحدات من الجيش السوري الموالي لبشار الأسد وبدعم من الطيران الحربي الروسي باجتياح معاقل قوات المعارضة  في بلدة سلمى بزمن قياسي. وهو ما أتاح لقوات الأسد تعزيز سيطرتها على مساحات واسعة من الأراضي الجبلية الاستراتيجية بينما انسحب المعارضون باتجاه الحدود التركية.

ويعكس هجوم اللاذقية الأخير المكاسب التي حققتها القوات الموالية لبشار الأسد والمدعومة بالقوات الروسية الجوية وهو ما أنعش نفسيات قوات الأسد في جميع مراكز تواجدهم في سوريا.

وبعيداً في الجنوب ناضل الثوار من أجل الحفاظ على سيطرتهم في منطقة الشيخ مسكين، التي تبعد 50 ميلاً إلى الجنوب من دمشق وتقع على مفترق الطرق المؤدية إلى الحدود الأردنية.

أما خارج دمشق، فما زالت القوات الموالية للأسد تتقدم في منطقة الغوطة الشرقية والتي تعد منذ فترة طويلة معقلاً لقوات المعارضة، خاصة بعد أن أسفرت غارة جوية الشهر الماضي عن مقتل زهران علوش، أحد أبرز قادة المعارضة والذي كان يترأس فصيل جيش الاسلام.

أما في الشمال فقد تقدمت القوات الموالية لبشار في حصارها حول مدينة حلب من سبعة جهات وأجبرت قوات المعارضة على إصدار دعوة لحمل السلاح بين صفوف جميع المقاتلين بينما ما تزال حماة في الشمال تشهد اشتباكات متواصلة بين الطرفين.

أما حمص فقد شهدت تقدماً مماثلاً للقوات الموالية لبشار الأسد ووافقت قوات المعارضة على الانسحاب من الوعر آخر معاقل المعارضة في حمص.

وحتى داعش، التي يعتبر مقاتلوها من الأشرس في الصراع تبدو أنها تتقهقر شيئاً فشيئاً، ففي نوفمبر الماضي تمكنت قوات بشار من كسر الحصار الخانق الذي كان مفروضاً على مطار كويريس العسكري في حلب، وتستعد قوات بشار الآن للتحرك باتجاه منطقة آل باب.

وتعد هذه التحركات تطوراً دراماتيكياً عن الوضع الذي كان عليه النظام قبل أقل من ستة أشهر حيث حذر حينها أنصاره من التخلي عن المناطق، بعد سلسلة من الانتكاسات المهينة والمتتالية لقوات بشار الأسد.

وتعزز هذه المكاسب من موقف بشار الأسد في التحضير لمفاوضات السلام التي من المقرر أن تبدأ الاسبوع المقبل في جنيف.

وشهدت الفترة الماضية تخفيف الولايات المتحدة لمطالبها السابقة برحيل الأسد والموافقة على خطة مجلس الأمن القاضية بتشكيل حكومة انتقالية ووضع جدول زمني ينتهي بانتخابات حرة ونزيهة خلال 18 شهراً.

ووفق المراقبين، فإن الكثير من الفضل في هذا التقدم يعود إلى مئات الغارات الجوية الروسية والتي كانت قد بدأت في سبتمبر الماضي ضد ما قالت أنه أهداف خاصة بداعش تحت مظلة محاربة الإرهاب.

ومع ذلك، فإن معظم هجمات الروس تركزت على خصوم الأسد ومعارضيه في المناطق الاستراتيجية التابعة للمعارضة والتي تخضع لسيطرة طيف من الفصائل الاسلامية المختلفة وفصائل أخرى تابعة للجيش السوري الحر المدعوم من الغرب. وكانت محافظة اللاذقية قد شهدت تركيزاً كبيراً خلال هذه الغارات بسبب كونها تضم قاعدة جوية رئيسية تستخدم من قبل القوات الروسية بكثرة.

يقول جوشوا لانديس، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهما أن الأسد ينتصر مستغلاً القوة الجوية الروسية التي قد تتمكن من إحداث تغيير ديناميكي كامل في المنطقة.

ووفق مراقبون فإن الضربات الجوية الروسية باتت تكتسب فعالية أكبر حيث تمكن قادة الروس من اكتساب دراية أكبر في الصراع ومعرفة أكبر بالقوات البرية السورية المختلفة خاصة قدرات قوات بشار والمقاتلين المتحالفين معها.

ويضيف لانديز:” ما أسمعه من دمشق أن الأسد احتاج بعض الوقت لاستيعاب التكنولوجيا الجديدة وهضمها جيداً وبالنسبة للروس احتاجوا وقتاً للحصول على المعلومات الاستخباراتية التي كانوا بحاجة لمعرفتها سابقاً”

من جهته يقول عريب الرنتاوي، مدير مركز القدس للدراسات السياسية في عمان وفي مقابلة عبر الهاتف أن التدخل الروسي أدى إلى خلق حسابات جديدة من قبل جيران سوريا بما يخص مسائل حسم الصراع ومواقفهم منه.

ويضيف الرنتاوي أن مركز العمليات العسكرية والخدمات اللوجستية والذي يقدم دعماً متواصلاً للثوار في جنوب سوريا عبر عملاء مخابرات من 11 بلد كان قد خفض دعمه خلال الفترة الماضية.

من جهة أخرى قامت تركيا بتشديد إجراءاتها الأمنية على طول الحدود المشتركة مع سوريا في مخالفة للسياسة السابقة التي كانت تدعم المقاتلين المعارضين للأسد عدا عن أن الضربات الجوية الروسية استهدفت الكثير من المناطق الحدودية وقللت نجاح التواصل بين طرفي الحدود.

ومع ذلك، فإن بعض المراقبين يشككون في قدرة الأسد على استعادة السيطرة على كل سوريا، حيث أن غالبية مناطق سوريا ما تزال بعيدةً عن سيطرة الأسد. وعلى الرغم من ذلك فإن السكان الخاضعين لسيطرة النظام يتجاوزن الـ 60% الآن حيث تنتشر مناطق سيطرة المعارضين في المناطق ذات الكثافة السكانية الأقل وبعض المناطق الصحراوية.

وكان آرون لوند رئيس تحرير موقع “سوريا في أزمة” قد كتب :” هل يستطيع الأسد إطلاق النار على نفسه في موقف أقوى مع ما يكفي من النيران في المنطقة؟ نعم … ولكن هناك عقبات هائلة تمنعه من القيام بذلك.

بالنسبة للاقتصاد السوري فإنه يترنح الآن والكثير من البنى التحتية في البلاد قد دمرت وجيشها بات يتحمل فوق طاقته الكثير ولجأ للاعتماد على قوات متحالفة معه مثل مقاتلي حزب الله وغيرهم.

“الأسد لا يحاول قهر كل قرية صغيرة في سوريا وهو لا يستطيع أن يفعل ذلك على أية حال، ولكنه يعتمد حالياً على جعل الخيارات الأخرى مستحيلة وليس على تقوية نفسه هذه استراتيجيته.” وفق ما قال لوند.

المصدر

(المواد المنشورة تعبر عن وجهة نظر كاتبها)

ضع تعليقاَ