أبريل 20, 2024

التنافس على النفوذ في الشرق الأوسط

من المسلم به أن لا تقف القوى الإقليمية المنافسة لطهران في المنطقة مكتوفة الأيدي أمام التطورات الأخيرة خاصة بعد الاتفاق النووي الأخير بين إيران و الدول العظمي، أملاً في وضع حد لتوسع النفوذ الإيراني في المنطقة.

فبالإضافة إلى كون تركيا و إيران متنافسين طبيعين، فهناك العديد من المصالح المشتركة التي تجمع بينهما. فعلى سبيل المثال، يعتبر احتواء الخطر الكردي أحد أهم المصالح المشتركة بينهما، لكن هذا لا يمنع أي منهما من استخدام هذا الخطر من أجل تقويض الطرف الآخر. و في حين تتمتع تركيا بأغلبية سنية و إيران بأغلبية شيعية، إلا أن كلتا الدولتين تسعيان بشكل كبير لفرض هيمنتهما على المنطقة العربية. و بالنسبة لكثير من العرب ، فإن الاختيار بين الحكم التركي أو الإيراني يشبه الاختيار بين الموت غرقاً أو في حادث طريق.

و على العكس من تركيا، يجمع إيران و المملكة العربية السعودية عدداً محدوداً من المصالح المشتركة، هذا إن وجدت حتى. حيث تعد المملكة قوة عربية سنية تتبنى وجهة النظر الوهابية التي تنظر بشك مريب تجاه أي شيعي أو دولة شيعية. و مع احتواء السعودية على عدد لا بأس به من الشيعة ( تصل النسبة إلى 15% وفق بعض الاحصائيات) بالإضافة إلى انهيار العراق أمام المد الشيعي، فلا يمكن اعتبار السعودية في مأمن من طموحات إيران التوسعية.بل أصبحت السعودية تعتبر نفسها في خط مواجهة أولي ضد إيران في المنطقة.

تحرص إيران على إثارة الشيعة المتواجدين في السعودية أملاً في حصولهم على تمثيل أعلى في الحكم أو حتى استقلال ذاتي عن المملكة، الأمر الذي دفع المملكة بدورها إلى اللعب على وتر الأكراد في إيران و محاولة دعمهم للحصول على حكم ذاتي في كردستان، و هو الأمر الذي من شأنه أن يثير حفيظة الأتراك أيضاً، و يبدو أن السعودية تبدي قليلاً من الاهتمام بنجاح المساعي التركية في توسيع النفوذ و السيطرة في المنطقة العربية لكن دون أن يؤثر ذلك على مكانة السعودية كدولة محورية للسنة و العرب.

أما مصر، فيمكن وضعها في نفس خانة المملكة العربية السعودية، فهي قوة عربية سنية كبيرة، إلا أن افعالها مقيدة بشكل أكبر من تركيا أو السعودية. فمصر تواجه قضايا داخلية خطيرة، فالنظام يحاول جاهداً استرجاع الدعم الشعبي للنظام، و احتواء الاضطرابات الاجتماعية المختلفة باجراء انتخابات برلمانية بالإضافة إلى إدارة التهديدات الإرهابية التي تعاني منها مصر.

و لا يزال التعاون المصري السعودي يشهد تنامياً متزايداً في الفترة الماضية، ربما لمحاولة تجميع موارد العرب السنة لحماية معاقلهم في الشرق الأوسط. و تظهر في الأفق خطة قوة الدفاع العربي المشترك التي يجري تطوير خططها و إعدادها و التي من الممكن أن تضمن للقاهرة محاولة جيدة للمحافظة على دور بارز في الإقليم.

و بشكل عام، فإن الاتفاق النووي الأخير لا يعني تقليل العنف أو إنهاء الحرب بقدر ما يعني أن الشرق الأوسط أصبح على نحو متزايد حلبة صراع من أجل توسيع النفوذ الإقليمي بين تركيا و السعودية و مصر و إيران، صراع تستخدم فيه مختلف الفئات و الأدوات المتاحة أملاً في زيادة نفوذ جهة أو تقليل نفوذ أخرى.

ستراتفور

ضع تعليقاَ