أبريل 25, 2024

شيرين خليل: عباس يقطع الدعم المالي عن مخالفيه ويعاني أزمة ثقة جماهيرية

Palestinian president Mahmud Abbas speaks during a Muslim religious festival on July 10, 2010, in the West Bank city of Ramallah. US President Barack Obama assured Abbas by telephone of his commitment to the establishment of a Palestinian state following last week's visit by Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu to the White House. AFP PHOTO/ABBAS MOMANI

يبدو أن التوترات داخل منظمة التحرير الفلسطينية تأثرت بتصاعد موجات العنف واستمرارها في الأراضي الفلسطينية، وهو ما حدث بالفعل بعد أن ارتفعت أصوات المتقدين للرئيس الفلسطيني محمود عباس لمحاولاته المستمرة لإضعاف وإسكات منتقديه.

وكانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الحركة الإشتراكية وثاني أكبر فصيل ممثل داخل منظمة التحرير الفلسطينية في قلب هذا الجدل المتزايد.

ومنذ تصاعد أحداث العنف في أوكتوبر الماضي، احتلت الجبهة الشعبية مرتبة متقدمة في الفصائل التي تسببت بالصخب والصداع لعباس وإدارته، حيث وجهت للسلطة انتقادات شديدة متهمة إياها بعدم دعم انتقاضة الشعب.

وتضم منظمة التحرير عدداً من الفصائل الفلسطينية، لكن تبقى حركة فتح التي يتزعمها عباس هي الأكثر بروزاً في المنظمة.

وخلال الأسبوع الماضي، أوقفت منظمة التحرير تدفق الأموال المخصصة للجبهة الشعبية، وهو ما يزيد من حدة التوترات التي ظلت تنمو بين الطرفين لعدة شهور، الجبهة الشعبية من جهتها كانت سريعة في ردها على الخطوة معتبرة أنها جاءت في إطار رد عباس على انتقادات الجبهة لإدارته.

وبعد يوم واحد من القرار، أحرق أعضاء الجبهة الشعبية صوراً لعباس خلال مظاهرة احتجاجية لهم في غزة، فيما أشار “هاني ثوابتة” القيادي في الجبهة الشعبية إلى أن إجراءات عباس هي محاولة لتحويل منظمة التحرير الفلسطينية إلى سلاح لحفظ السلطة،عبر طرد أي شخص لا يتفق مع موافق عباس.

منظمة التحرير تقطع الدعم عن بعض فصائلها

في الوقت الذي انضوت فيه الجبهة الشعبية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية ضمن شروط هشة، خفضت المنظمة تمويل الفصائل عدة مرات خلال السنوات الماضية، وقد أشار ثوابتة إلى أن العلاقة بين الجبهة الشعبية وعباس تدهورت كثيراً خلال الأحداث الأخيرة.

محمد البريجي، المتحدث باسم الجبهة الشعبية في الضفة الغربية، قال أن منظمة التحرير قطعت التمويل عن الجبهة الشعبية تحت حجة العجز المالي الذي تعاني منه، لكنه أشار إلى أن الجبهة الشعبية رفضت هذه الأعذار.

لاحقاً، ذكرت وسائل الإعلام قيام المنظمة بقطع المخصصات المالية عن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وهي الجماعة اليسارية الأخرى المقربة من الجبهة الشعبية.

نفت المنظمة بشدة أي دوافع سياسية وراء هذه الأخبار، لكن مسؤولاً رفيعاً في المنظمة أن هذه القرار سيتم تصحيحه قريباً. لكن الجدل ما زال مستمراً حول دعم عباس وشعبيته الآخذة بالانحدار.

شعبية عباس المتراجعة

وفقاً لاستطلاع رأي حديث أجراه المركز الفلسطيني للبحوث والقياس، فإن 64% من الفلسطينيين في الضفة وغزة يريدون من عباس أن يستقيل من منصبه، وهذه نسبة ارتفعت بشكل كبير منذ بدء الاستطلاع بالسؤال عما إذا كان يجب على عباس الاستقالة من رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

لعبت طريقة عباس في التعامل مع الأزمات الحالية دوراً مهماً في تراجع شعبيته حيث أظهر الاستطلاع نفسه أن غالبية الفلسطينيين يؤيدون الانتفاضة الحالية، أما عباس ووزراؤه في السلطة فقد أكدوا أنهم يعملون جاهدين لإخماد الأنتفاضة في عدة مناسبات.

في المقابل، عملت فصائل حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وبعض الفصائل الأخرى الصغيرة على دعم الانتفاضه، وأشاروا لها باسم “الانتفاضة الثالثة” دافعين باتجاه توحيد الجماعات المختلفة فكرياً من أجل العمل على إنهاء الاحتلال.

وفي بيان صدر مؤخراً اتهمت الجبهة الشعبية عباس بأنه ادعى أن الجبهة إرهابية وأنه وصم الانتفاضة بالإرهاب أيضاً.

ويشير الاستطلاع أيضاً، أن الجيل الحالي المشارك الأكبر في الانتفاضة يؤيد استقالة عباس أكثر من غيرة بنسبة تتجاوز 69%.

استقالة عباس غير متوقعة

يقول “أيدو زيلكوفيتس”، رئيس قسم دراسات الشرق الأوسط في جامعة حيفاً أن عباس لن يستقيل أبداً باختياره، لكنه أشار إلى أن مغادرة عباس لكرسي الرئاسة، ستتيح وصول وجه جديد قادر على لعب دور مختلف هناك.

ويضيف زيلكوفيتس:” لا اعتقد أننا سنرى بعد عباس من يحمل المناصب الثلاثة هذه ” رئيس السلطة، ورئيس فتح ورئيس المنظمة” أظن أنه سيكون الأخير في هذه التجربة، ولاحقاً سيتولى كل منصب شخص مستقل”. ويؤكد زيلكوفيتس أيضاً أن عباس وإن كان لا يحظى بشعبية كبيرة بين الفلسطينيين إلا أنه جيد لمستقبل الدولة الفلسطينية.

“عباس لم يكن لديه دعم شعب، لأن ذاكرته الجماعية للنضال المسلح كوسيلة لإنهاء الاحتلال غير موجودة. فقد ركز عباس على المفاوضات. وكان مفيداً جدا – لإسرائيل والفلسطينيين-  في الحفاظ على استقرار الضفة الغربية، وأنا اعتقد أن رحيله سيشكل فراغاً كبيراً” وفق زيلكوفيتس ايضاً.

وفي كلمة ألقاها أواخر أيلول/سبتمبر الماضي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، هدد عباس بإنهاء التنسيق مع الاحتلال إذا لم تبدأ إسرائيل بالوفاء بالتزاماتها المنصوص عليها في اتفاقات أوسلو – وهذا موقف شعبي في أوساط الفلسطينيين.

إلا أن عباس عاد في حديث له مع القناة الإسرائيلية الثانية في 31 مارس الماضي ليؤكد أن “التنسيق الأمني” بين السلطة الفلسطينية واسرائيل هو الشيء الوحيد الذي حال دون دخول المنطقة في انتفاضة دامية.

وأضاف عباس في المقابلة نفسها :” إذا تخلينا عن التنسيق الأمني، سيكون هناك فوضى وسيكون بنادق ومتفجرات ومسلحين يظهرون من كل مكان للهجوم على إسرائيل”. مؤكداً:” بدون التنسيق الأمني سيكون هناك انتفاضة دامية جداً، أريد التعاون مع الاسرائيليين، وهناك اتفاق بيننا ولا أخجل من ذلك”.

هذه التصريحات وغيرها تتناقش بشكل مباشر مع ما تشير إليه استطلاعات الرأي بين الفلسطينيين حول جدوى التنسيق الأمني والانتفاضة المسحلة.

فوفق الاستطلاع فإن 65% من الفلسطينيين يعارضون التنسيق الأمني مع إسرائيل في حين 60% منهم يؤيدون اندلاع انتفاضة مسحلة ويعتقدون أن الصراع المسلح قادر على تحقيق حقوق الفلسطينيين الوطنية التي فشلت المفاوضات بها.

وكعادته حذر  عباس خلال المقابلة بأن السلطة الوطنية الفلسطينية على وشك الإنهيار، وهو الشعور نفسه الذي يتشاركه معظم الفلسطينيين.

يقول هاني ثوابته، القيادي في الجبهة الشعبية، ” تسبب عباس بكارثة للجماهير الفلسطينية” ” أعتقد أن كل شيء وارد، من الممكن أن تقوم الجماهير في أي لحظة باخذ زمام المبادرة والاطاحة بالرئيس عباس وإصلاح الحكومة لأنه هو السبب الرئيسي في وصولنا إلى هذا الوضع المآساوي الذي نعاني منه الآن”.

شيرين خليل: صحفية مستقلة تعمل في تغطية القضايا المتعلقة بمجال حقوق الإنسان واللاجئين والصراعات

ضع تعليقاَ