أبريل 20, 2024

الترجمة الكاملة لحوار وزير الخارجية السعودي “عادل الجبير” مع صحيفة دير شبيغل: ترامب ليس مجنوناً

الجبير
عادل الجبير

في قمة ميونيخ للأمن، كثر الحديث عن المخاوف التي تعتري العديد من الأطراف الدولية من سياسة الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب. في المقابل، وحسب وزير خارجيتها، عادل الجبير، فإن المملكة السعودية تتطلع لتعزيز التعاون والتقارب مع الإدارة الأمريكية الجديدة، بناء على العديد من النقاط المشتركة.

  • دير شبيغل : من خلال النقاشات التي أجريت حول مستقبل الأمن العالمي والسياسات الأمنية في ظل إدارة الرئيس الجديد، دونالد ترامب، تبدو الأمور غامضة، ومثيرة للعديد من التساؤلات، كيف ترى المستقبل؟

عادل الجبير : أنا لا أشاطركم هذه المخاوف، بل على العكس نحن متفائلون ونتوقع تعاونا أكثر من ذي قبل، نظرا لأن دونالد ترامب يعد رجلا واقعيا وليس مجنونا يخضع لإيديولوجية معينة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن فريق إدارته، بما في ذلك وزير الخارجية ومدير وكالة الاستخبارات المركزية، يتميزون جميعهم بالخبرة والبراعة.

علاوة على ذلك، فإن ترامب سبق وأن أعلن أن الولايات المتحدة، في ظل قيادته، ستلعب دورا محوريا في العالم. وبالإضافة إلى ذلك، أعرب ترامب عن رغبته في محاربة تنظيم الدولة وتسليط المزيد من الضغوط على إيران. وفي الأثناء، تعتبر هذه المحاور أهدافا مشتركة بين واشنطن والرياض.

  • دير شبيغل : ولكنك حتما سمعت عن المخاوف الجدية من تزايد خطر اندلاع مواجهات عسكرية، بسبب الدور الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط في عهد ترامب.

عادل الجبير : أنا أستبعد هذه الاحتمالات. هل تذكرون حقبة الرئيس السابق رونالد ريغن في فترة الثمانينيات، حيث كان العالم حينها، وخاصة القارة الأوروبية، يخشى من نشوب حرب نووية؟ لقد نجح ريغن فيما بعد في منع الاتحاد السوفيتي من التوسع، وتوقيع اتفاقية مع موسكو للحد من التسلح. وبذلك أثبت ريغن خطأ كل التوقعات المتشائمة، ويبدو أن التاريخ سيعيد نفسه في فترة ولاية دونالد ترامب.

  • دير شبيغل : يعبر دونالد ترامب بكل صراحة، وفي كل مناسبة، عن أفكاره المعادية للمسلمين، وأول قرار اتخذه بعد دخوله البيت الأبيض، كان منع القادمين من سبع دول إسلامية من الدخول للبلاد، ألا يثير ذلك قلق السعودية؟

عادل الجبير : في الحقيقة، لم يكن هذا القرار موجها بشكل صريح ضد السعودية، وتلك الإجراءات تم تعليقها بعد وقت قصير، وقد كانت منذ البداية مرتبطة بفترة محدودة. علاوة على ذلك، تحترم المملكة العربية السعودية حق واشنطن في مراقبة كل من يدخل أراضيها وتؤيد سعيها لتحقيق الأمن في كامل الولايات المتحدة.

  • دير شبيغل : تلك الإجراءات تم فهمها على أنها محاكمة جماعية للمسلمين، خاصة وأن ترامب استغل مشاعر العداء للإسلام، حتى يكسب تأييد الكثيرين خلال الحملة الانتخابية.

عادل الجبير : أكد الرئيس الأمريكي أن قرار المنع لم يكن موجها ضد المسلمين، بل ضد الدول التي تشهد انفلاتا أمنيا تعجز عن التصدي له والسيطرة عليه. مما لا شك فيه، أن القلق يساورنا عندما يتم التعامل مع الإسلام على أنه مصدر للإرهاب العالمي، نظرا لأن الإسلام في الحقيقة دين سلام. خلافا لذلك، هناك أقلية ضالة تستعمل هذا الدين ذريعة لممارسة العنف، لذلك من الظلم أن تكون هناك محاكمة جماعية للمسلمين.

  • دير شبيغل : ولكن الدول المعنية بهذا القرار لا تنظر إلى الأمور على هذا النحو.

عادل الجبير : في الحقيقة، أنا لم أتعامل مع قرار ترامب على أنه وسيلة لمعاقبة الدول الإسلامية. دعونا نلقي نظرة على دول مثل ليبيا والصومال، بكل بساطة… تفتقر هذه الدول للحكومات وللأجهزة الكفيلة بإدارة الدولة. وبالتالي، فإنه من الطبيعي أن لا تثق واشنطن في مدى قدرتهم على ضمان مراقبة المسافرين في اتجاه الولايات المتحدة. أما بالنسبة لإيران، فهي أكبر داعم للإرهاب في العالم، وبالتالي يجب أن نتفهم دوافع الإدارة الأمريكية لفرض المزيد من الرقابة عليها.

  • دير شبيغل : فيما يتعلق بخصمكم إيران، ترامب يفضل اعتماد لهجة أكثر حدة، ويطالب بوضع حد لسياسة التغاضي عن أفعال طهران. لا بد أنكم ترحبون بهذا التغيير.

عادل الجبير : طبعا، إن هذا التغيير مرحب به، والعالم يجب أن يستبشر بذلك، لأن النظام الإيراني لطالما تهرب من تحمل تبعات أفعاله منذ سنة 1979، والآن وفي ظل إدارة ترامب، حان الوقت لتدرك طهران أنها يجب أن تدفع ثمن التجاوزات التي تقوم بها ما في المنطقة. ليس من حق النظام الإيراني  التدخل في الصراعات القائمة في دول الجوار، وعدم احترام القانون الدولي. إذا كانت إيران تريد أن تعامل على اعتبارها دولة عادية، يجب أن تلتزم بهذه القواعد.

  • دير شبيغل : إحدى هذه الممارسات التي تقوم بها إيران هي تدخلها في الجوار، في سوريا. وباختصار، يبدو نظام بشار الأسد الآن أكثر استقرارا من ذي قبل، بفضل الدعم الإيراني والروسي، فهل علينا أن تقبل حقيقة أنه جزء لا يتجزأ من مستقبل سوريا؟

عادل الجبير : لا يمكنني، ولا أريد تخيل هذا الأمر، ولا يمكننا القبول به، لأن الأسد مسؤول عن مقتل حوالي 600 ألف شخص من شعبه. بالطبع من الضروري تفعيل عملية تحول سياسية جذرية والدخول في فترة انتقالية، ولكن هذه العملية لا يمكن أن يقودها بشار الأسد.

  • دير شبيغل : إن الوضع الميداني لا يبعث على التفاؤل، فالمعارضة بصدد فقدان سيطرتها، وقد تم دحرها من معقلها الأهم، وهو مدينة حلب.

عادل الجبير : من المهم أن ندرك أن نظام بشار الأسد لم يستعد قوته، بل إن المليشيات الشيعية الأجنبية، خاصة الإيرانية وحزب الله، هي التي تقاتل في الميدان، ولا يمكن لرئيس أي دولة البقاء في السلطة بالاعتماد على قوات أجنبية وعلى دعم إيران وروسيا، لأن دعم هذه الأطراف لن يستمر للأبد.

  • دير شبيغل : السعودية أيضا تتدخل في الصراع القائم في إحدى دول الجوار، حيث تخوض حربا دموية في اليمن، إلى متى سيستمر هذا القتال حسب رأيك؟

عادل الجبير : في الواقع، لم تختر الرياض هذه المعركة ولم تبادر بها، بل حاولنا في البداية مساعدة اليمنيين على الدخول في مرحلة انتقال سياسي، إلا أن الحوثيين حاولوا الانقضاض على السلطة بمساعدة إيران، رغم أنهم يشكلون أقلية في البلاد، وأخذوا يزحفون نحو العاصمة، ولذلك قامت الرياض بالتدخل لحماية الحكومة الشرعية.

  • دير شبيغل : ولكن هذه الحروب تتسبب كل يوم في سقوط المزيد والمزيد من الضحايا المدنيين.

عادل الجبير :  سأقول لك مرة أخرى، نحن لم نختر هذه الحرب، لقد كانت أمام الحوثيين فرصة للمشاركة في حكومة جديدة، ولكنهم فضلوا الانقلاب للحصول على السلطة بقوة السلاح. وبالتالي، فإنهم يتحملون مسؤولية هذه الحرب وليس السعودية. إن الأوضاع في اليمن مأساوية، ولكننا نقوم بكل ما في وسعنا لإدخال المساعدات الإنسانية للبلاد.

  • دير شبيغل : هل هذه حرب يمكنكم كسبها في مرحلة ما؟

عادل الجبير : في الحقيقة، إن الحوثيين يتعرضون لضغوط هائلة، وقد خسروا سابقا العديد من مناطقهم، كما أنهم يعانون من شح الموارد المالية. لقد عمدوا لنهب البنك المركزي، وصناديق معاش اليمنيين، ولكن كل الخزائن اليوم أضحت فارغة. أتمنى بكل صراحة أن تنتهي الحرب في هذه السنة، حتى نبدأ إعادة إعمار اليمن، فالمملكة السعودية على استعداد للقيام بذلك.

المصدر

ضع تعليقاَ