أبريل 18, 2024

أبوستروف: لماذا تغرق السفن الروسية؟

 

 غرقت السفينة الحربية الروسية “ليمان” قبالة سواحل البحر الأسود إثر اصطدامها بسفينة شحن تابعة لتوغو. وقد وقع الحادثة في الجزء الجنوبي الغربي من البحر الأسود على بعد 40 كيلومترا من مضيق البوسفور. ونتيجة لهذا الاصطدام، تحطمت السفينة الروسية “ليمان” واستقرت في قعر البحر، ولحسن الحظ، تم إنقاذ أفراد طاقم السفينتين من الغرق في الوقت المناسب.

ووفقا للخبير العسكري أليغ جدانوف، فقد عكست حادثة تحطم السفينة الحالة المزرية التي يعاني منها الأسطول الروسي على الرغم من حرص السلطات الروسية على التظاهر بعكس ذلك.

وفي الوقت الذي لا يمكننا فيه اتهام أفضل وأهم عناصر طاقم السفينة الروسية بأنهم كانوا في حالة سكر عند وقوع الحادثة، من المؤكد أن هناك إهمالا واضحا من قبل ضابط المراقبة في السفينة. والجدير بالذكر أن ما وقع لسفينة “ليمان” الروسية، شبيه بحادثة غرق “الأدميرال ناخيموف” في سنة 1986، التي أسفرت عن موت حوالي 423 شخص، علما وأن هذه الواقعة قد جدّت في عهد الاتحاد السوفيتي.

ووفقا للخبراء، يعزى غرق “الأدميرال ناخيموف” إلى خطأ ارتكبه الضابط المسؤول على المراقبة، حيث لم يلاحظ السفينة القادمة فاصطدم بها ما أدى بدوره إلى تحطم السفينة. وفي الأثناء، عجز الطاقم في تلك الحادثة عن تحديد مكان الثقب بغية تفريغ السفينة من الماء وإنقاذها، وذلك نظرا لشدة هول المفاجأة فضلا عن العديد من العوامل الأخرى، ما أدى إلى غرقهم. ومن هذا المنطلق، يمكن الجزم أن الإهمال واللامبالاة تمثل أبرز الأسباب التي عادة ما ينجر عنها إلى غرق السفن الروسية ناهيك عن حالتها المتدهورة.

وعلى ضوء هذه المعطيات، لسائل أن يسأل: لما لم يتم التعامل مع هذه المشاكل المتجذرة في صلب الأسطول العسكري الروسي؟

في الواقع، تعد الأساطيل الروسية مكلفة للغاية. وعلى امتداد 25 سنة الماضية، تكبدت روسيا خسائر مادية كبيرة من أجل صيانة وتطوير لواء الغواصات الرابع التابع لأسطول البحر الأسود الروسي. علاوة على ذلك، تندرج ضمن قوام الأسطول، غواصة الديزل الكهربائية الروسية “روستوف” التي تتمركز على نهر الدون، فضلا عن السواحل السورية.

ومؤخرا، نفذت الغواصات الروسية جملة من التجارب الصاروخية إلا أن جلها باءت بالفشل، الأمر الذي كلف السلطات الروسية خسائر مالية فادحة.  

في المقابل، تقاعست روسيا عن توظيف مواردها المالية واستثمارها من أجل إعادة تسليح الأسطول الروسي، على الرغم من أن الأسلحة والمعدات العسكرية قد تهالكت تماما وأصبح من الضروري صيانتها أو تغييرها. في الوقت نفسه، لا تخصص موسكو سوى 2.5 بالمائة من الناتج المحلي الخام في مجال تطوير وتحديث الأسطول العسكري.

وفي الأثناء، عمد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين في العديد من المناسبات إلى التبجح بقدرات الجيش الروسي وإظهاره على أنه قوة عظمى، في حين تجاهل تماما الوضع الكارثي الذي تعيشه القوات العسكرية وتفاقم المشاكل فيما يتعلق بمدى حداثة المعدات العسكرية وقدراتها.

عموما، تشهد القوات العسكرية الروسية نقصا حادا على مستوى التقنيات العالية والتكنولوجيات المتطورة لتعزيز فاعلية أسطولها الحربي. فضلا عن ذلك، تفتقر روسيا للموارد المالية الكافية لتطوير معداتها أو حتى إعادة صيانتها. وتبعا لذلك، يمكن القول أن إمكانيات الأسطول الروسي تقتصر على محاولة تخويف أعداء موسكو من خلال استعراض قدراتها.

وفي الوقت الراهن، وفي ظل الهدوء النسبي الذي طغى على مجريات الحرب في سوريا، أصبح من الممكن فهم الدوافع الحقيقية وراء مشاركة روسيا في الحرب. فبالإضافة إلى رغبتها في فرض هيمنتها على كل منطقة الشرق الأوسط، تطمح موسكو إلى استعادة مكانتها كقوة عسكرية عظمى.

وفي الأثناء، سعى الجيش الروسي جاهدا لتعزيز قواته الخاصة  في سوريا وذلك من خلال حوالي 4500 جندي، علاوة على بعض المعدات والأسلحة الجديدة. في المقابل، عجز الجيش الروسي عن القضاء على البعض من الميليشيات المتمركزة على الأراضي السورية والإطاحة بها بشكل نهائي. وقد ترتب عن ذلك اقتحام هذه الميليشيات للعديد من المدن وتدميرها.

ووفقا لتقديرات بعض الخبراء العسكريين الذين دأبوا على مراقبة الأوضاع في سوريا عن كثب، فقد لجأت موسكو لاستخدام إستراتيجيات حربية، تم اعتمادها خلال ستينات القرن الماضي.  

 

وفي الوقت الذي تصر فيه موسكو على اعتماد سياسة التباهي، حيث تسعى لإظهار أسطولها العسكري في صورة الجيش الأكثر قوة وشراسة، فضحت الحرب السورية، في الكثير من تفاصيله، مدى محدودية قدرات القوات الروسية. ومن المثير للاهتمام أن بعض الطائرات التابعة للقوات الجوية الروسية، التي تحارب داخل المجال الجوي السوري، يعود تاريخ إنشائها إلى خمسينات القرن الماضي، على غرار قاذفة القنابل الإستراتيجية “توبوليف تو-95”.

من جهة أخرى، تمكنت الأقمار الصناعية من رصد دخان منبعث من حاملة الطائرات الروسية “الأميرال كوزنيتسوف”، الأمر الذي أحرج الكرملين، الذي بادر بالرد على سخرية الخبراء الغربيين ودحض الشائعات المغرضة التي تواترت بشأن تعطل إحدى أبرز حاملات الطائرات الروسية.

وتجدر الإشارة إلى أن الطموحات الروسية وتطلعات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تفوق قدراته وقدرات أسطوله العسكري. على العموم،  تقتصر التهديدات الروسية على رغبة موسكو في استعراض نفوذها وقوتها والتباهي بقدراتها، ليس أكثر.

المادة مترجمة عن صحيفة أبوستروف للإطلاع على المادة الأصلية هنا

 

ضع تعليقاَ