أبريل 25, 2024

المركز الإسباني للدراسات الاستراتيجية: التحديات التي تواجه الأردن سنة 2017 .. مستقبل مجهول

نشر موقع “المركز الإسباني للدراسات الاستراتيجية” التابع لوزارة الدفاع الإسبانية دراسة بتاريخ 19 أيار/مايو سنة 2017، حول التحديات التي تواجه الأردن خلال سنة 2017، للكاتبة والباحثة المستقلة في السلام والأمن “فيكتوريا سيلفا سانشيز”.

وفي هذا الصدد يبدو أن الأردن يواجه مستقبلاً مظلماً، في خضمّ الصراعات التي تعصف بالمنطقة؛ ممَّا دفع المملكة الأردنية إلى المشاركة في الأزمة السورية. وبالإضافة إلى التحديات الدولية يواجه الأردن جملة من التحديات المحلية.

وقالت الكاتبة إنّه يجب على المملكة الأردنية القيام بإصلاحاتٍ اقتصاديةٍ وسياسيةٍ من أجل التمكّن من تصويب مسار البلاد، في الوقت الذي تواجه فيه أزمة اللجوء وتهديد التطرّف الداخليّ. وعموماً تشير جميع العوامل والتوقعات إلى أنّ الأردن سيواجه خلال السنوات المقبلة ركوداً في عدة مجالات.

وأضافت أنّ هناك جملةً من العوامل الداخلية والخارجية التي تؤثر في الاستقرار الأردني. وذكرت من بين هذه العوامل الأزمة السورية، وأزمة اللجوء، وصعود التطرّف الداخليّ، وأيضاً الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ويضاف إلى جملة هذه العوامل المؤثرة في الوضع الأردني عددٌ من التحديات الداخلية، التي يجب على المملكة مجابهتها كي لا يتدهور الحال فيها.

الصراع السوري

على الرغم من أن هذا الصراع الذي تدخلت فيه كل القوى لم يمتد خارج الأراضي السورية، إلا أنه لا يمكن اعتبار الأردن بعيداً عنه؛ نظراً لأن المواجهات تقع على حدوده. ولذا فقد حاول الأردن القيام بدور عالمي رائد فيما يتعلق بحل الأزمة السورية.

ونظراً لعبء اللاجئين على أراضي المملكة والتهديد الذي يمثله الصراع في سوريا على استقرارها، اعتبرت القوى الكبرى الأردن جهة إقليمية فاعلة لا يستهان بها في المفاوضات، وهو ما جعله جزءاً من المجموعة الدولية لدعم سوريا.

وتجدر الإشارة إلى أن الأردن باعتباره حليفاً تقليدياً للولايات المتحدة الأمريكية، وله علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، حاول الموازنة بين هذه العلاقات وعلاقته مع روسيا التي وقع معها اتفاقاً للتعاون العسكري في أواخر سنة 2015. وقد سمح هذا الاتفاق للأردن بضمان استقرار حدوده الجنوبية إلى غاية الأشهر الأولى من سنة 2017.

المشاركة المباشرة في الصراع السوري

من الواضح أن فقدان تنظيم الدولة لمدينة الرقة معقله الرئيسي في سوريا، قد دفعه نحو الحدود الجنوبية، وهو ما مثل تهديداً مباشراً على الأمن الأردني. ونتيجة لذلك تسببت بعض الهجمات الإرهابية في خسائر بالنسبة للأردن، وأودت بحياة عدد من عناصر جيشه؛ وهو ما جعل من حماية الحدود أولوية بالنسبة للبلاد.

من جانب آخر، استغل تنظيم الدولة مخيم اللاجئين الواقع على الحدود الأردنية للتسلل إلى أراضيه. وفي هذا السياق أكدت المخابرات الأردنية أن 10 بالمئة من ساكني مخيم الركبان هم من عناصر تنظيم الدولة. ولهذا السبب اعتبرت الحكومة أن الحل الوحيد هو تفكيك المخيم، قبل أن يستقر به عناصر التنظيم الفارون من دير الزور والرقة.

وأمام هذه التطورات ناقش الأردن إمكانية مشاركته مباشرة في الصراع. علاوة على ذلك لم يتردد الأردن في دعم الجيش السوري الجديد؛ لأنه بالنسبة له يقاتل تنظيم الدولة، ولا يتمثل هدفه في محاربة النظام السوري.

وبعد تأكد تمويل الأردن مجموعاتٍ مسلحةً تقاتل تنظيم الدولة، تلقت المملكة تهديدات من التنظيم بتقويض أمنها واستقرارها. كما اتهم الأسد، من جهته، الأردن بمحاولة غزو سوريا.

وعلى الرغم من أنه لم يسجل حتى الآن وجود قوي للأردن في سوريا، إلا أن تقدم تنظيم الدولة إلى أراضيه سيرغمه حتماً على التدخل في الأراضي السورية.

قضية اللجوء

لا يمكن القول إن الأزمة السورية غريبة عن الأردن، في الوقت الذي تؤوي فيه البلاد مئات آلاف اللاجئين السوريين. ووفقاً لآخر إحصائيات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يقدر عدد اللاجئين السوريين في الأردن بنحو 657.621 لاجئ، في حين تقدر السلطات الأردنية هذا العدد بنحو 1.3 مليون لاجئ.

ويعيش أكثر من 93 بالمئة من اللاجئين السوريين في الأردن خارج مخيمات اللجوء، وتعاني الأغلبية الساحقة منهم من الفقر. بالإضافة إلى ذلك لم تتمكن البلاد من توفير خدمات التعليم والصحة أمام تزايد عدد السكان خلال السنوات الخمس الماضية، كما لم تحل المساعدات الإنسانية أزمة اللاجئين.

التطرّف المحلي

من المشاكل الأخرى المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالأزمة السورية، ذكرت الباحثة التطرف الداخلي في الأردن.

ومع ذلك فلا تعد هذه المشكلة أمراً جديداً على المملكة الأردنية، إذ إنها كانت مسقط رأس عديد من المتطرفين على غرار الزرقاوي والمقدسي. علاوة على ذلك التحق عديد من الأردنيين بصفوف الجماعات المتطرفة منذ اندلاع الصراع الأفغاني.

من جانب آخر، تحول التطرف المحلي إلى معضلة كبرى تستهدف الأمن الداخلي للمملكة الأردنية؛ إذ تعاقبت الهجمات الإرهابية على أراضيها منذ سنة 2016؛ ممَّا أسفر عن خسائر في صفوف كلٍّ من القوات الأردنية والمدنيين.

الصراع الفلسطينيّ الإسرائيليّ وسياسة ترامب في الشرق الأوسط

لا يمكن اعتبار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تحدياً خارجياً بالنسبة للأردن؛ إذ إ ن البلاد تضم أكثر من مليوني أردني من أصل فلسطيني، وهو أكبر عدد للسكان الفلسطينيين خارج الأراضي المحتلة. ونتيجة لهذا السياق يعد فشل حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تهديداً لسلامة أراضي المملكة الأردنية على المدى الطويل.

في السياق نفسه يمكن أن تخلق سياسة دونالد ترامب توترات عميقة في الشرق الأوسط، خاصة فيما يتعلق بمقترح نقل السفارة الأمريكية إلى القدس؛ وهي خطوة ترفضها الدول العربية كاملة.

الأزمة الاقتصادية: إصلاحاتٌ طفيفةٌ واضطراباتٌ اجتماعية

بغض النظر عن التحديات الأمنية والإقليمية، تواجه المملكة الأردنية معضلة التدهور الاقتصادي. وتجدر الإشارة إلى أنه منذ سنة 2011 شهد الاقتصاد الأردني تراجعاً على نحو متزايد، دون تسجيل أي تحسن يُذكر. وعموماً أثرت الصراعات المحيطة بالمملكة على قطاع التجارة المستمر في التدهور سنوياً.

وقد تسبب هذا الوضع في اعتماد اقتصاد المملكة على المساعدات الأجنبية؛ سواء كانت مساعدات إنسانية أو قروضاً من المؤسسات المالية الأجنبية.

وبالإضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة ووصولها إلى حدود 15 بالمئة، تسبب ارتفاع الأسعار والضرائب لتسديد ديون صندوق النقد الدولي، في حالة من الاحتقان الشعبي.

ونتيجة لذلك خرج عديد من الأردنيين إلى الشوارع منددين بالوضع، كما برزت أشكال أخرى للمقاومة المدنية؛ وذلك من خلال مقاطعة بعض المنتوجات المتوفرة في السوق.

من جانب آخر، سجل قطاع التجارة انهياراً حاداً بسبب الصراعات المستعرة في البلدان المجاورة على غرار العراق وسوريا، وإغلاق حدودها منذ فترة طويلة.

إصلاحاتٌ سياسيةٌ وفق نسقٍ بطيء

نتيجة للإصلاحات الاقتصادية البطيئة ظلت الإصلاحات السياسية مجرد حبر على ورق. وفي هذا السياق قال الصحفي أسامة الشريف: “لم توضح النخبة السياسية في الأردن إلى حد الآن العلاقة بين الإصلاحات الاقتصادية والسياسية، وهو ما يمثل مشكلة كبيرة”.

وفي الأثناء سجلت الإصلاحات السياسية تقدماً طفيفاً منذ سنة 2011، على إثر ثورات الربيع العربي. وفي سنة 2016، أجريت في الأردن الانتخابات التشريعية الأولى المعتمدة على التصويت على قوائم مفتوحة، بهدف تشجيع إنشاء كتل نيابية. وعلى الرغم من هذه التطورات، إلا أن المرشحين المستقلين، الذين هم على علاقة بالقبائل الكبرى، ظلوا مهيمنين على أكبر عدد من المقاعد في مجلس النواب.

وعموماً لا يمكن إنكار أن هناك حدوداً للإصلاح السياسي في الأردن. ويتمثل السبب الأول في تشتت الأحزاب السياسية وانقسامها، وانعدام تأثيرها في الشعب؛ الأمر الذي يحول دون أن يساند السكان مشاريع سياسية ثابتة.

من جانب آخر، لا يدعم هذا الانقسام سوى مصالح زعماء القبائل الكبيرة، الذين يرغبون في مواصلة الدفاع عن مصالحهم انطلاقاً من مقاعد مجلس النواب.

كما يقف هذا الانقسام في صف الملك الذي لا يتعرض إلى ضغوط جدية من أجل تنفيذ الإصلاحات اللازمة.

 

الكاتبة: فيكتوريا سيلفا سانشيز

الموقع: المركز الإسباني للدراسات الاستراتيجية

المصدر: http://www.ieee.es/Galerias/fichero/docs_opinion/2017/DIEEEO54-2017_Jordania_2017_VictoriaSilva.pdf

 

ضع تعليقاَ