مارس 28, 2024

فرانكفورتر ألغيماينه تسايتونغ: ما هو فحوى الزيارة التي ستؤديها ميركل إلى المملكة العربية السعودية؟

قامت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، بزيارة إلى الرياض يوم الأحد الموافق 7 مايو/أيار. وقد تم تنظيم هذه الزيارة في الوقت الذي ترغب فيه المملكة العربية السعودية في البحث عن موارد اقتصادية أخرى بديلة عن النفط. ولعل هذه الغاية تبرر سعي السعودية إلى إعادة  بناء الاقتصاد بمساعدة ألمانيا.

 

في الواقع، تعتبر ألمانيا شريكا فاعلا في برنامج إعادة بناء الاقتصاد، الذي يندرج ضمن “رؤية 2030” التي تهدف إلى بناء اقتصاد قوي قائم على أسس علمية بعيدا عن النفط. والجدير بالذكر أن الحكومة السعودية قد وضعت أسس هذا البرنامج خلال 2016. وعلى ضوء هذه الخطة، بدأت السعودية تتخذ بعض الإجراءات على غرار إنشاء مركز للشراكة الإستراتيجية.

 

وفي هذا الصدد، أفاد نائب وزير الاقتصاد السعودي، محمد التويجري، أن “ألمانيا تعتبر الشريك الذي سيفتح أبواب الاتحاد الأوروبي على مصراعيها أمام السعودية، فضلا عن أنها تعد من الدول الرائدة في مجال الاقتصاد المبني على أسس علمية”. وتجدر الإشارة إلى أن التويجري يُعتبر أحد الخبراء الذين وضعوا أسس برنامج “رؤية 2030” الذي حدده ولي ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان.

 

وأضاف التويجري أن “ألمانيا تمثل الشريك الذي سيساعدنا على تفعيل المبادرات الرامية إلى الترفيع في الضريبة على القيمة المضافة، وإلى التشجيع على إنشاء المؤسسات الصغرى والمتوسطة”. والمثير للاهتمام أن التويجري، كان قبل تعيينه عضوا في مجلس الوزراء السعودي في أيار/ مايو سنة 2016، رئيس الخدمات المصرفية العالمية والأسواق والمصرفية الخاصة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في بنك HSBC الشرق الأوسط المحدود.

 

ومن جهة أخرى، تفاوض المركز الوطني السعودي للإشراف على برنامج الخصخصة في القطاع الحكومي مع شركات ألمانية حول مخطط لبيع 16 وحدة حكومية لفائدة هذه الشركات. وفي المقابل، يتم إنشاء 86 مشروع فردي بالشراكة بين القطاعين العام والخاص.

 

وعلى خلفية هذا التعاون الاقتصادي أصبحت البنوك الألمانية من أبرز المساهمين في هذه المشاريع. وخير مثال على ذلك، دعم الشركات الألمانية لمشاريع توليد الطاقة وبناء المستشفيات. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر ألمانيا رائدة في مجال النقل. وفي هذا الإطار، أعرب التويجري عن أمله في  أن تتفاوض ميركل مع المسؤولين السعوديين بشأن السبل الكفيلة بتفعيل هذه المبادرات.

 

أنهكت أسعار النفط المنخفضة الاقتصاد السعودي

أنشأ مركز الدراسات الإستراتيجية السعودي مكتبا تمثيليا له في كل من اليابان وكوريا الجنوبية. وفي الحقيقة، تأمل السعودية في الاستفادة من الخبرة اليابانية في مجال التطور التكنولوجي، بينما ترغب في الانتفاع بالدعم الكوري في المجال الرقمي. وفي الإطار ذاته، صرح التويجري أن “أول خطوة في تنفيذ برنامج “رؤية 2030″ تتمثل في الشروع في تطبيق برنامج التحول الوطني، الذي يتضمن 273 مبادرة تتعلق بضبط وضع المالية العمومية”.

 

فضلا عن ذلك، تم إحداث مكتب ترشيد الإنفاق التشغيلي والرأسمالي الذي يشجع على التحكم في تكاليف الاستثمارات. وفي سبيل ذلك، تم رفع الدعم عن العديد من السلع والخدمات خلال السنة الماضية. علاوة على ذلك، دخل إجراء تقييم أداء الوزارات هذه السنة حيز التنفيذ، حيث يتم تقييم مؤشرات كل وزارة قصد التثبت من مدى تحقيق الأهداف المرجوة.

 

وفي هذا السياق، قال نائب وزير الاقتصاد أنه “سيتم نشر نتائج التقييم للعموم نظرا لأن الشفافية مفتاح كسب ثقة المستثمرين، كما يجب أن يلمس المواطن السعودي التغييرات”. أما في الوقت الراهن، يعيش الاقتصاد السعودي حالة من الركود نتيجة انخفاض أسعار النفط. ولتدارك الوضع، عمدت الحكومة إلى اتخاذ بعض الإجراءات الكفيلة بإنعاش الاقتصاد. وبناء عليه، بادرت الحكومة بدفع جميع مستحقات المقاولين مع الالتزام بعدم التأخر في دفع بقية المستحقات أكثر من 90 يوم.

 

إلى حد الآن لا توجد دور سينما في المملكة العربية السعودية

خلال هذا الأسبوع، تراجعت الحكومة السعودية عن تقديم الأزياء والمكافآت للموظفين، التي أقرتها في السنة الماضية. وفي شهر تموز/ يوليو المقبل، سينطلق العمل بآلية تقديم التعويضات للعائلات محدودة الدخل المتضررة من مسألة رفع الدعم عن الماء والكهرباء. بالإضافة إلى ذلك، تم بعث صندوق للشركات الصغرى والمتوسطة، فضلا عن بناء العديد من المدارس.

 

عموما، يهدف برنامج “رؤية 2030” إلى الترفيع في الناتج المحلي الإجمالي إلى حدود 1600 مليار دولار بحلول سنة 2030. ولتحقيق ذلك، تم ضخ قرابة 600 مليار دولار في صندوق الاستثمارات العامة. وإلى جانب ذلك، تم تدعيم الصندوق بنحو 2000 مليار دولار متأتية من حصة أرباح بورصة أرامكو ومداخيل التفويت في الأراضي الدولية، فضلا عن  فائض الميزان التجاري. وفي هذا الإطار، أفاد التويجري أن “كل هذه الاستثمارات تهدف إلى إنعاش الاقتصاد السعودي وخلق مواطن الشغل”.

 

كما تحدث التويجري عن وجود قطاعات أخرى مهمشة، لعل أبرزها صناعة الترفيه، على الرغم من أنه لم تمضِ سوى أربعة أشهر على تنظيم العديد من الحفلات والعروض المسرحية، لكن في كل الأحوال لا يوجد دور سينما في المملكة. ورغم ندرة الأنشطة الثقافية في السعودية، حضر حوالي ثلاثة ملايين سعودي هذه العروض. علاوة على ذلك، يوفر المواطنون بالخارج  حوالي 40 مليار دولار من العملة الصعبة سنويا. وفي هذا الصدد، قال التويجري إن “الحكومة السعودية يمكن أن تستفيد بما يقارب 30 بالمائة من العملة الصعبة”.  

 

كما أكد التويجري أن المملكة العربية السعودية يمكن أن تستفيد من برامج إعادة إعمار الدول التي دمرتها الحروب، على غرار اليمن وسوريا والعراق. إلى جانب ذلك، لم ينكر نائب وزير الاقتصاد السعودي دور الشركات الاستشارية مثل شركة ماكينزي في صياغة برنامج “رؤية 2030”.

وفي الختام، أفاد التويجري أنه “ينبغي على المملكة العربية السعودية أن تستعين بالخبرات الدولية لإنجاح برنامج التحول المرسوم. وفي السياق ذاته، تحتاج المملكة إلى أخذ مشورة الشركات الخبيرة في هذا المجال”. ومن جهة أخرى، اعترف التويجري بأن الكثير من السعوديين لم يستوعبوا فحوى هذا المشروع كما أنهم يتساءلون عن جدواه.

 
المادة مترجمة عن صحيفة فرانكفورتر ألغيماينه تسايتونغ للإطلاع على المادة الأصلية هنا

 

 

ضع تعليقاَ