مارس 29, 2024

مجموعة التنفيذ الأمريكية – الروسية المشتركة: عمل لم ينتهي بعد

شهور من الضغط الروسي المتواصل على الولايات المتحدة قادت أخيراً إلى إجراء محادثات حول عدد من القضايا وهو ما سعت روسيا إليه منذ فترة. وفعلياً وصل يوم الخميس الماضي وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى موسكو لإجراء المحادثات مع نظيره الروسي سيرخي لافروف والرئيس الروسي فلاديمير بوتين أيضاً وسط موجة من تقارير وسائل الإعلام الأمريكية فيما يتعلق بمزيد من التعاون بين الولايات المتحدة وروسيا وبشكل غير مسبوق.

ووفقاً لصحيفة واشنطن بوست، لم يمنع انشغال بوتين الشديد وجدوله المزدحم يوم الخميس استعداداً للانتخابات البرلمانية الروسية في سبتمبر القادم، توجه كيري إلى الكرملين للقاء الرئيس الروسي. وكان بوتين قد عبر عن ممانعته للقاء كيري، فيما بدا الوفد الأمريكي أكثر استعداد لمحادثات لافروف – كيري من نظيره الروسي. ووفق سير المحادثات، فقد انتظر الوفد الروسي من نظيره الأمريكي معرفة ما جلبه إلى طاولة المفاوضات.

وتشير الصحيفة إلى أن الوفد الامريكي اقترح  إنشاء مجموعة استخبارات مشتركة مع روسيا بهدف تبادل المعلومات حول تنظيم القاعدة وجبهة النصرة ومزامنة الضربات العسكرية ضد داعش، في المقابل تتعهد روسيا بوقف الضربات الجوية ضد قوات المتمردين المعتدلة والمدعومة من قبل الولايات المتحدة.

روسيا من جهتها تملك أهدافاً تتجاوز الشرق الأوسط. فموسكو ضغطت كثيراً لاستخدام الحرب الأهلية السورية وجر واشنطن للاعتماد عليها في النزاعات الحاصلة بمناطق قريبة من روسيا. وعبر الاستفادة من مكانتها في الشرق الأوسط، ما تزال روسيا تأمل في انتزاع تنازلات حول الصراع في مناطق شرق أوكرانيا، بالإضافة إلى العقوبات الغربية ضد روسيا وحشود الناتو العسكرية على امتداد محيط روسيا الخارجي. ولتأكيد استشعار الأطراف للمناورة الروسية، فقد جلب كلا الجانبين مسؤولي ملف أوكرانيا – مساعد وزير الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند ومستشار الرئيس الروسي فلاديسلاف سوركوف- إلى الاجتماع الذي كان من المفترض أن يخصص رسمياً للحديث حول سوريا وفق ما ذكر موقع ستراتفور.

ومما لا شك فيه أن أوباما يسعى إلى تحقيق ما وعد به سابقاً بأن يتوصل لاتفاق بشأن سوريا وأوكرانيا قبل أن يسلم مهامه للإدارة الأمريكية المقبلة. ومن الممكن أن تنجز هذه الوعود عبر اتفاقيات تكتيكية ممكنة أو خطة مماثلة لمحاربة داعش في سوريا أو تقديم تنازلات معتدلة حول أزمة أوكرانيا أو الحشود العسكرية في أوروبا الشرقية.

وفي معاينة لنوع الصفقة التي قد تخرج من محادثات كيري – لافروف، عرضت روسيا يوم الخميس تشغيل ترداد طائراتها في بحر البلطيق إن قام الناتو بنفس الأمر. هذا التقدم التكتيكي الصغير قد يحمل في طياته الكثير مستقبلاً وبلا شك سينقل إرثاً كبيراً للإدارة الأمريكية المقبلة فيما يتعلق بشكل التعاون مع روسيا في المنطقة.

الاتفاق التكتيكي

يطمح الاتفاق الذي أعن عن شروطه يوم الجمعة الماضي إلى إيجاد صيغة تعاون مشترك بين روسيا والولايات المتحدة في سوريا على وجه الخصوص. ويعد هذا الاتفاق هو الأول من نوعه حيث لم يسبق أن أقرت الولايات المتحدة بتنسيق جهودها في سوريا مع روسيا.

وكانت العديد من المواقع الأمريكية قد توقعت الاتفاق خاصة بعد بدء روسيا باستهداف قواعد تدريبية وتجمعات خاصة بالمقاتلين المدعومين من أمريكا، والتي كان آخرها جنوب مدينة الرقة السورية قبل حوالي أسبوعين. ويبدو أن أمريكا اضطرت لعقد هذا الاتفاق للحيلولة دون ضياع جهودها وتدريباتها للمقاتلين الذين تدعمهم على الأرض خاصة بعد اقتناع الإدارة الأمريكية بأن أي جهد جوي دون جهد ميداني سيبوء بالفشل ولن يحقق أي إنجاز مطلوب.

يركز الاتفاق على قتال جبهة النصرة واستهداف مناطقها، ويشير أيضاً إلى استهداف مناطق داعش وإن كان بشكل أقل من مناطق جبهة النصرة، ولعل الأمر يعود إلى تفاهمات مسبقة تخص داعش.

ولعل النقطة الأكثر غموضا في الاتفاق تتعلق بالمناطق المحددة التي يشملها الاتفاق، حيث سيتم استهدافها بغارات أمريكية – روسية دون تدخل النظام. وشملت هذه المناطق التي تسيطر عليها النصرة أو المناطق التي تعمل على امداد النصرة أو المناطق التي تتواجد فيها المعارضة وتحظى النصرة بها بتواجد معين.

ورغم الحرص الذي ابداه البيان على عدم استهداف قوات المعارضة الأخرى، إلا أن الآليات لا تزال غامضة حتى اللحظة، خاصة وأن البيان ركز على تفعيل اتفاق وقف الأعمال العدائية والضغط لنقله إلى مرحلة سلام دائم في سوريا يبتعها بناء للحكومة السورية وتحييد للميليشيات وتنظيم لتدفق السلاح وتعديل الدستور وفق قرار ٢٢٥٤ الشهير.

 

ضع تعليقاَ