مارس 28, 2024

أردوغان: كيف ترى تركيا الأزمة مع الولايات المتحدة

الإجراءات الأحادية الجانب ضد تركيا من قبل الولايات المتحدة سوف تقوض المصالح الأمريكية وتجبر تركيا على البحث عن أصدقاء وحلفاء آخرين

الرئيس رجب طيب أردوغان
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع الرئيس ترامب، العام الماضي في نيويورك
أنقرة، تركيا – على مدى العقود الستة الماضية، كانت تركيا والولايات المتحدة شريكين استراتيجيين وحلفاء في الناتو، وقد وقف بَلَدانا جنباً إلى جنب ضد التحديات المشتركة خلال الحرب الباردة وفي أعقابها.

وعلى مر السنين، هُرعت تركيا إلى مساعدة أمريكا عند الضرورة، فقد سالت دماء جنودنا ومجنداتنا معاً في كوريا؛ وفي ذروة أزمة الصواريخ الكوبية يسرت(سهلت) تركيا جهود الولايات المتحدة لنزع فتيل الأزمة؛ من خلال الموافقة على نشر “صواريخ جوبيتر” على أراضيها؛ وفي أعقاب هجمات 11 سبتمبر الإرهابية، عندما اعتمدت واشنطن على أصدقائها وحلفائها للرد على قوى الشر، أرسلنا قواتنا إلى أفغانستان للمساعدة في إنجاز مهمة الناتو هناك.

ومع ذلك ، فشلت الولايات المتحدة مراراً وتكراراً في فهم هموم الشعب التركي واحترامها، وفي السنوات الأخيرة، وتعرضت شراكتنا خلال الأعوام الأخيرة للاختبار تحت وطأة الخلافات. لسوء الحظ، ثبت أن جهودنا لمعالجة هذا الاتجاه الخطير عقيمة وما لم تبدأ الولايات المتحدة باحترام سيادة تركيا وتثبت أنها تتفهم المخاطر التي تواجه بلادنا، فإن شراكتنا قد تكون في خطر.

في 15 يوليو 2016 ، تعرضت تركيا للهجوم من قبل أعضاء مجموعة يشوبها الغموض بقيادة فتح الله غولن ، الذي يقود منظمته -التي وصفتها حكومتي رسميًا باسم منظمة فتح الله الإرهابية- من مجمع سكني في ريف ولاية بنسلفانيا. حاول “الغولانيون” تنظيم انقلاب دموي ضد حكومتي. وفي تلك الليلة ، سارع الملايين من المواطنين العاديين إلى الشوارع ولاءً منهم لوطنهم، تماماً كما فعل الشعب الأمريكي بعد أحداث بيرل هاربر وهجمات الحادي عشر من سبتمبر.

مائتان وواحد وخمسون إنساناً بريئاً قضوا دفاعاً عن حرية أمتهم، بمن فيهم إيرول أولتشاك، صديقي العزيز الذي عمل لفترة طويلة كمدير لحملتي الانتخابية، وابنه عبد الله طيب أولتشاك،. ولو نجحت فرقة الموت التي سعت خلفي وخلف عائلتي في مهمتها، لكنت قد انضممت إليهم.

لقد توقع الشعب التركي أن تدين الولايات المتحدة الهجوم بشكل لا لبس فيه وأن تعرب عن تضامنها مع القيادة التركية المنتخبة. ولكن لم يحدث ذلك، فرد الولايات المتحدة لم يكن مرضياً. وبدلاً من الانحياز إلى الديمقراطية التركية، قام المسؤولون الأمريكيون بالدعوة بحذر إلى “الاستقرار والسلام والمضي قدماً في تركيا”. ومما زاد الطين بلة أنه لم يحدث أي تقدم فيما يتعلق بطلب تركيا تسليم فتح الله غولن بموجب معاهدة ثنائية.

مصدر الاحباط الآخر يتعلق بالشراكة بين الولايات المتحدة و PYD / YPG (الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني) ، وهي مجموعة مسلحة مسؤولة عن مقتل الآلاف من المواطنين الأتراك منذ عام 1984 والتي تم تصنيفها كمجموعة إرهابية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية. فوفقاً لتقديرات السلطات التركية، استخدمت واشنطن في السنوات الأخيرة 5000 شاحنة و 2000 طائرة لنقل الأسلحة إلى PYD / YPG.

لقد شاركت حكومتي مراراً وتكراراً مخاوفنا مع المسؤولين الأميركيين بشأن قرارهم تدريب وتجهيز حلفاء حزب العمال الكردستاني في سوريا. ولكن للأسف، لقد وقعت كلماتنا على آذان صماء، ولم يلبث أن تم استخدام الأسلحة الأمريكية لاستهداف المدنيين وأفراد قواتنا الأمنية في سوريا والعراق وتركيا.

في الأسابيع الأخيرة، اتخذت الولايات المتحدة سلسلة من الخطوات لتصعيد التوتر مع تركيا، بحجة اعتقال الشرطة التركية لمواطن أمريكي -أندرو برونسون-، بتهمة مساعدة منظمة إرهابية. وبدلاً من احترام الإجراءات القضائية -كما حثثت الرئيس ترامب في العديد من اجتماعاتنا ومحادثاتنا-، أصدرت الولايات المتحدة تهديدات صارخة ضد دولة صديقة وشرعت في فرض عقوبات على العديد من أعضاء حكومتي. كان هذا القرار غير مقبول وغير عقلاني وأضر في نهاية المطاف بصداقتنا الطويلة.

ولنؤكد على أن تركيا لا تخضع للتهديدات، قمنا بالرد من خلال فرض عقوبات على العديد من المسؤولين الأمريكيين. وبالمضي قدماً، سنلتزم بالمبدأ نفسه: إن محاولة إجبار حكومتي على التدخل في الاجراءات القضائية لا تتماشى مع دستورنا أو قيمنا الديمقراطية المشتركة.

لقد أوضحت تركيا مراراً وتكراراً أنها ستعتني بنفسها وستقوم بما يخدم مصالحها الخاصة إذا رفضت الولايات المتحدة الانصات لها. في سبعينيات القرن الماضي، سارعت الحكومة التركية -على الرغم من اعتراضات واشنطن- إلى اتخاذ اجراءات لمنع حدوث مذابح بحق السكان من أصول تركية على يد القبارصة اليونانيين. ومؤخراً فإن إخفاق واشنطن في استيعاب جدية ما نشعر به من قلق إزاء التهديدات التي يتعرض لها أمننا القومي انطلاقاً من شمال سوريا، نتج عنه المبادرة إلى حملتين عسكريتين نتج عنهما قطع الطريق على ما يسمى بالدولة الإسلامية للحيلولة دون وصولها إلى حدود الناتو، وإزالة مقاتلي وحدات حماية الشعب من مدينة عفرين. وكما فعلنا في هاتين الحالتين، فسنستمر باتخاذ الخطوات الضرورية لحماية مصالحنا الوطنية.

وفي الوقت الذي تستمر فيه قوى الشر في دس الكراهية حول العالم، فإن التصرفات الأحادية الجانب ضد تركيا من قبل الولايات المتحدة -حليفتنا لعقود-، لن تؤدي إلا إلى تقويض المصالح الأمريكية والأمن. لذلك وقبل أن يفوت الأوان، يجب على واشنطن التخلي عن الفكرة المضللة التي مفادها أن علاقتنا يمكن أن تكون غير ندية وأن تتصالح مع حقيقة أن تركيا لديها بدائل. وإن عدم معالجة هذا التوجه من الاحادية وعدم الاحترام يدفعنا للبحث عن أصدقاء وحلفاء جدد.

هذا المقال مترجم عن النيويورك تايمز من هنا يمكنك الاطلاع على المقال الأصلي

ضع تعليقاَ