أبريل 19, 2024

فورين أفيرز: كيف يمكن لواشنطن التصدي لصعود حزب الله؟

في الوقت الراهن، تعتبر مليشيا حزب الله اللبناني أقوى عنصر في الساحة اللبنانية. فمنذ سنة 2006، التي خاض خلالها حزب الله آخر حرب له مع إسرائيل، نجح هذا التنظيم في تكديس كميات كبيرة من الأسلحة تضاهي درجة تسلح وتأهب الجيوش النظامية، كما أنه تطور من حيث الدور الذي يضطلع به والنفوذ الذي يكتسبه في لبنان ليصبح أهم لاعب سياسي في البلاد.
بالنسبة لكثيرين ممَّن يرون في حزب الله سبباً في تقويض الاستقرار في المنطقة؛ بسبب علاقاته مع الإرهاب وارتباطه بإيران، فإن السؤال المطروح الآن: كيف يمكن التصدي لصعود هذه المليشيا؟
في الواقع، يبدو أن الكونغرس في الولايات المتحدة الأمريكية بدأ يأخذ هذا النقاش بكل جدية. فهناك من يتساءلون عمَّا إذا كان من مصلحة الولايات المتحدة تمويل القوات المسلحة اللبنانية، التي ينظر إليها في العادة على أنها وسيلة للوقوف في وجه حزب الله، في ظل سطوة هذا الحزب على كل الجوانب المالية والعسكرية والسياسية في لبنان.
ولكن التخلي عن دعم لبنان يعني بكل بساطة تسليمه إلى إيران، وهو ما سيمثل خطأ تكتيكياً وسياسياً فادحاً. وعوضاً عن ذلك ستقوم لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي قريباً بإصدار قانون لمنع التمويل الدولي لمليشيا حزب الله. سوف يتضمن هذا القانون جملة من العقوبات الجديدة التي تم تصميمها لمعاقبة حزب الله على خلفية علاقته بالإرهاب الدولي، وهي ستستهدف بشكل مباشر الأنشطة المالية المحلية لهذا التنظيم.
مع ذلك ربما لن يكون قانون منع التمويل الدولي لحزب الله كافياً لتحقيق هذه الأهداف؛ إذ إنه من أجل تحجيم دور الحزب والتصدي له، ومن أجل تقوية الأطراف اللبنانية التي تقف إلى جانب المصالح الأمريكية، يجب على الكونغرس أن يدعو البيت الأبيض لاعتبار المناطق التي يسيطر عليها حزب الله كمناطق يتم فيها تبييض الأموال، لتصبح خاضعة لمقتضيات الفصل 311 من قانون “باتريوت آكت” الأمريكي (أو قانون مكافحة الإرهاب)، الذي صدر بعد هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر لتسهيل مكافحة الإرهاب.
في الحقيقة، ستسمح هذه الخطوة الجديدة والمصيرية بعزل المؤسسات والكيانات المالية، التي تنشط في المناطق الخاضعة لحزب الله، مثل منطقة جنوبي لبنان، ووادي البقاع، والضاحية الجنوبية في بيروت. وسيتم ذلك من خلال عرقلة التحويلات والمعاملات المصرفية بين هذه الكيانات والمؤسسات التي تعتمد على النظام المصرفي الأمريكي.
كما أن الطابع الشامل للفصل 311 من قانون باتريوت آكت الأمريكي يجعله أكثر فاعلية من العقوبات الجزئية، على غرار القانون المقترح لمنع التمويل الدولي لحزب الله. بالإضافة إلى ذلك، فإن الولايات المتحدة من خلال تطبيق نص الفصل 311 على المناطق اللبنانية الخاضعة لسيطرة حزب الله، سوف تبعث برسالة دعم وتشجيع لكل الأطراف والقوى التي وقفت في وجه مساعي حزب الله للهيمنة وقاومت مليشياته.
إلى جانب ذلك، من المؤكد أن فكرة استخدام الفصل 311 من أجل تسليط عقوبات على مجال جغرافي محدد داخل دولة هي فكرة جديدة، إلا أنها منطقية ويمكن الدفاع عنها. فقد تم استخدام الفصل 311 سابقاً لفرض عقوبات على دول في خمس مناسبات؛ وهي ناورو وأوكرانيا في سنة 2002، وبورما في 2003، وإيران في 2011، وكوريا الشمالية في 2016.
وعلى الرغم من أنه لم يتم استخدام هذا القانون لتسليط عقوبات على جزء من دولة، فإن صياغة نص هذا الفصل تسمح لوزارة الخزانة الأمريكية باختيار “مجال نفوذ” محدد لاستهدافه. كما أن قانون باتريوت آكت الأمريكي لم يكن دقيقاً بشأن العبارات المستخدمة في هذا الصدد.
وكحجة بديلة لدعم هذه الفرضية، يشار إلى أن الفصل 311 يسمح أيضاً بتسليط عقوبات على مؤسسات مالية محددة، أو أنواع من التحويلات المالية، أو أنواع من الحسابات، من ضمنها كل العمليات المالية التي تتم داخل نطاق جغرافي محدد. وبذلك فإن استخدام الفصل 311 من أجل استهداف المناطق التي يسيطر عليها حزب الله من خلال تسليط عقوبات عليها، هو قرار لا يخرق هذا الفصل أو قانون باتريوت آكت بشكل عام.
في المقابل، قد يحتج البعض بالقول إن التبعات الاقتصادية والسياسية لهذه الخطوة قد تكون خطيرة وكبيرة. فعلى سبيل المثال، عبر كل من رئيس الوزراء والرئيس اللبناني عن الشكوك التي تساورهما حيال جدوى فرض عقوبات جديدة، كما صرح الرئيس بأن العقوبات الجديدة قد تسبب الأذى والضرر الكبير للبنان وشعبه.
وتجدر الإشارة إلى أن تطبيق الفصل 311 على المناطق الخاضعة لسيطرة حزب الله يعني إصدار قائمة سوداء، تضم عدداً كبيراً من الشركات والمصارف المتمركزة بشكل خاص في المناطق الشيعية. وهذا قد يحدث حالة من الفزع والقلق لدى الشعب اللبناني والجيش اللبناني وقطاع المصارف. ولكن حالة الانهيار أو الصدمة التي قد تنجم عن هذه العقوبات يمكن احتواؤها وتقليل هذه الأضرار الجانبية.
من جانب آخر، يجب على وزارة الخزانة الأمريكية أن تعمل بالتنسيق مع البنك المركزي اللبناني، من أجل عزل الفروع المصرفية الموجودة في مناطق سيطرة حزب الله، لتنجح بذلك في حماية الجزء الأكبر من النظام المصرفي في لبنان، والتأثير فقط على القدرات المالية لحزب الله.
ومنذ وقت سابق، يركز البنك المركزي اللبناني على الولوج إلى النظام المالي الدولي، حيث قام بغلق العديد من الحسابات المصرفية التابعة لحزب الله في الماضي. وبالتعاون مع وزارة الخزانة الأمريكية، يمكن أن يتم فعلاً توجيه الفصل 311 نحو استهداف حزب الله وليس الاقتصاد اللبناني بشكل عام.
من هذا المنطلق، يجب على الولايات المتحدة اتخاذ إجراءات عاجلة وقوية، إذا كانت جادة فعلاً في دعم الأطراف التي وقفت في وجه حزب الله وقاومت هيمنته داخل لبنان، رغم عنفه وعلاقته بالإرهاب وقربه من إيران، العدو الأكبر للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط.
وإذا لم يحدث هذا، فإن حزب الله وداعميه سوف يواصلون صعودهم وتوسيع نفوذهم دون أي محاسبة. ما يجري الآن هو بالفعل معركة من أجل مستقبل لبنان، والكرة الآن في ملعب الكونغرس من أجل المشاركة في هذه المعركة وإنجاحها.

المصدر: فورين أفيرز

الكاتب: جوناثان شانزر، أوردي كيتري، ألكس أنز.

الرابط: https://www.foreignaffairs.com/articles/lebanon/2017-09-29/how-washington-can-counter-rise-hezbollah

ضع تعليقاَ