أبريل 20, 2024

ستراتفور: بدء السباق لهزيمة داعش في ليبيا

يتوقع الكثير من المحللين إطلاق الدول الغربية لحملة تهيء لها للتدخا العسكري في ليبيا، والتي تم تقسيمها بشكل مرير منذ سقوط الزعيم الليبي السابق معمر القذافي. فحالياً، يوجد في ليبيا حكومتين واحدة في الغرب والأخرى في الشرق، وكلاهما ينكر شرعية الأخرى، وهذا بحد ذاته مشكلة كبيرة للقوى الغربية، حيث تعتمد الدول الغربية في توجيه دعمها نحو الحكومة الأكثر قابلية للحياة. وعليه فإن الأيام القادمة ستكون حاسمة في مصير ليبيا ومن يحكمها، يقدم هذا التقرير ملخصاً للتطورات والتوقعات الميدانية الحاصلة في ليبيا.

يستمر السباق بين الميليشيات المسلحة والحكومات التي تسيطر عليها في ليبيا للسيطرة على مدينة سرت التي تخضع لسيطرة داعش منذ منتصف عام 2015. وأياً كان الذي يسيطر على المدينة سيكون بقدرته تأمين قدر أكبر من القدرة على المساومة في المفاوضة المستمرة لتشكيل حكومة وحدة وطنية ليبية وبوساطة أممية. وقد ساهمت المفاوضات هذه في توحيد الهدف الأولي للفرقاء الليبيين سواء الفيدراليين أو القوميين أو العلمانيين أو الإسلاميين بحيث تركزت بوصلتهم نحو هزيمة العدو المشترك الأول “داعش”. وهو ما مكن الفرقاء من التغاضي عن الانقسامات الأيديولوجية والقبلية الشديدة بينهم على الأقل حتى هذه اللحظة.

تتركز قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر حول مدن درنة وبنغازي وأجدابيا شرق ليبيا. ويسعى حفتر، وفق تقارير مختلفة إلى تكريس سيطرته على مدن الغرب ولا سيما مدينة سرت. في 23 نيسان الجاري، تلقت قوات حفتر عربات مدرعة وشاحنات أسلحة من حلفائه الخارجيين، على الأرجح أتت من مصادر إماراتية ومصرية والبعض يتحدث عن دعم سعودي. ولا تعد هذه الدفعة الأولى من نوعها، حيث تلقى حفتر دعماً كبيراً في أوقات متعددة بهدف تعزيز هجومه على سرت. يضاف إلى ذلك بعض الميليشيات الموالية لحفتر، مثل تلك التي تتواجد في الزنتان، والتي تعهدت بتقديم الدعم من أجل استعادة السيطرة على المدينة.

أما في الغرب،فهناك المزيد من القوات الموالية لحكومة الوحدة الوطنية والتي مقرها طرابلس – في المقام الأول ميليشيات مدينة مصراتة- هذه الميليشيات أيضاً تستعد أيضاً لمهاجمة سرت. وكان رئيس مجلس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالرحمن السويحلي، قد وجه دعوة إلى جميع القوات المسلحة لتحرير سرت من سيطرة مقاتلي داعش. وهناك تقارير غير مؤكدة تتحدث بأن ميليشيات مصراتة بدأت بالإتجاه جنوباً نحو مدينة سرت. وفعلياً،خاضت ميليشيات مصراتة معارك عديدة ضد مقاتلي داعش في مدينة سرت، أكثر بكثير من تلك التي خاضها مقاتلوا حفتر وحلفائه هناك. وسبق لميليشيات مصراتة أن سيطرة على المدينة قبل أن تسقط بأيدي مقاتلي داعش. وفي خضم سعي حفتر للسيطرة على المدينة، يخشى مقاتلوا مصراتة أن يؤدي نجاح حفتر لتقليل تأثيرهم في الحكومة، خاصة وأنهم خاضوا اشتباكات عنيفة ضد مقاتلي حفتر قبل عامين وهو ما يعني أن موقفهم سيكون ضعيفاً للغاية إن تمكن حفتر من السيطرة على مدينة قريبة جداً من معلقهم مصراتة.

يرى حفتر تحرير سرت كوصيلة للوصول إلى حكومة الوحدة الوطنية، فالجنرال المتقاعد يريد أن يصبح وزير الدفاع أو القائد العام للقوات المسلحة في ليبيا. وبدلاً من تعيين حفتر، قامت حكومة الوحدة الوطنية بتفضيل المجلس العسكري عليه وتعيين المهدي البرغثي كوزير للدفاع، علماً بأن البرغثي يملك علاقة سيئة مع حفتر. ومنذ ذلك الحين، يحاول حفتر جاهداً الإثبات للحكومة أنه جزء أساسي لا يمكن الاستغناء عنه في العمليات المضادة لداعش في ليبيا، على أمل الاستفادة من هذا الدور في تحقيق موقع رسمي مستقبلي يرضي طموح الجنرال في حكومة الوحدة الوطنية.

المنافسة بين الأطراف المختلفة في ليبيا وما ينتج عنها من انعدام الثقة المتبادل تعقد الجهود الرامية لتحرير سرت. ومن غير الواضح حتى الآن دى التنسيق بين الحكومات المتنافسة وهو ما يجعل احتمال الاصطدام وارداً.وعلى الأرض، تتمركز ميليشيات مصراتة والميليشيات المحلية الموالية لمسؤول حراسة المنشآت النفطية “إبراهيم الجضران” في المناطق الممتدة بين مصراتة وأجدابيا، وتخشى هذه الميليشيات من تمكن قوات حفتر من السيطرة على بعض المنشآت النفطية الرئيسية مستغلة هجومها على سرت، وهو ما سيعزز موقف حفتر التفاوضي. وكما هو الحال بين مصراتة وحفتر، تتكرر حالة انعدام الثقة المتبادلة بين حفتر وأجدابيا أيضاً.

وفي حال الاتفاق على حملة منسقة لمهاجمة سرت فسنرى الفصائل الليبية المختلفة متعاونة لدحر قوات داعش من هناك، إلا أن هذا لا يمنع المجموعات المختلفة من الاستمرار في التحرك والالتفاف على بعضها البعض من أجل تحقيق مكاسب تهيء لها المزيد من المكاسب في ظل أي حكومة قادمة. وحتى جلاء الصورة بشكل أكبر، تحتل معركة سرت القادمة صدارة المنافسة على النفوذ في الحكومة الوطنية الليبية الجديدة بين جميع التشكيلات المسلحة في ليبيا.

ضع تعليقاَ