أبريل 24, 2024

مؤسسة راند: العلاقات السياسية الإيرانية – الإسرائيلية فيما بعد الاتفاق النووي (ملخص)

نشرت مؤسسة “راند” في 26/أغسطس دراسة بعنوان “العلاقات السياسية الإيرانية – الإسرائيلية فيما بعد الاتفاق النووي “. و في البحث الذي أعدته الباحثة “داليا داسا كاي” المتخصصة في مجال أبحاث السياسة في الشرق الأوسط، حاولت الإجابة على سؤالين بحثيين هما:” – كيف نظرت إسرائيل إلى التطورات المتعلقة بالاتفاق النووي مع إيران وتطوراتها الأخيرة فيما كان السؤال الثاني متعلقاً بطبيعة الموقف الإسرائيلي وخيارات المواجهة مع إيران في بيئة ما بعد الصفقة؟”.

تحتل هذه الورقة مكانة مهمة من الطرح، حيث تصدرت إسرائيل طليعة الجهود الرامية إلى كشف ومنع القدرات النووية الإيرانية المحتملة طول السنوات الماضية. وعليه لم يكن من المستغرب أن تكون إسرائيل أحد أشد معارضي المفاوضات النووية مع إيران والتي بدورها أدت إلى إعلان الاتفاق الشهير في يوليو 2015.

وعلى الرغم من بعض التقييمات الإيجابية في المجتمع الإسرائيلي إلا أن الأغلبية الساحقة من القادة السياسيين و الأمنيين الإسرائيليين يشككون في مآل الصفقة و في النوايا الإيرانية للتوسع في الشرق الأوسط. ومع ذلك، تحاول إسرائيل بكل ثقلها أن تبقي الموضوع مطروحاً كأولوية قصوى للأمن القومي الأمريكي، ولعل الجدل الشهير الذي حدث بعد توقيع الاتفاق كان عبارة عن الاختبار الأصعب للعلاقات الإسرائيلية – الأمريكية ودفع بالكثير من خفايا العلاقات للظهور علانية أمام الجميع.

وتحاول إسرائيل إظهار أن التهديد الإيراني لها لم يقل إلا في مجال السلاح النووي، أما فيما يتعلق بالتهديد العام في المجالات غير النووية – لا سيما عبر دعم حزب الله وتعزيز الوجود الإيراني في سوريا- فإن إيران لم تتوقف عن هذه الأعمال والتي من وجهة نظر إسرائيل تشكل تهديداً كبيراً لها. وبشكل عام، يرى المختصون الإسرائيليون أن المواقف الإيرانية ستأخذ طابعاً معيناً خلال الفترة المقبلة والتي من شأنها أن تحدد مسار تطور الصفقة النووية نحو الاستمرار أو إفشالها. لكن ردود الأفعال الإسرائيلية على الاتفاق نفسه أو التحضير للمستقبل تعطي الكثير من المواقف الإسرائيلية المرجحة في المستقبل، والتي من بينها نقاط التوتر المحتملة التي يمكن أن تهدد الاستقرار الإقليمي ومصالح الأمن القومي الأمريكي في المنطقة.

أبرز النتائج:

وخلصت الدراسة إلى عدد من النتائج والتحليلات. فبمجرد إعلان الاتفاق النووي بين القوى العظمى وإيران كانت الاستجابة الإسرائيلية الرسمية للاتفاق شديدة العدائية. حيث أطلق الرئيس الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” على هذا الاتفاق عبارة ” الخطأ التاريخي المذهل” وأشار إلى عدم التزام إسرائيل بالاتفاق.

وخلال تلك الفترة أيضاً، برزت الخلافات بين نتنياهو والإدارة الامريكية والتي تركزت على طريقة تعامله مع المفاوضات وتأثر العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية على إثرها، وتركز الاعتراض الأمريكي على طريقة نتنياهو في التعامل مع الحدث وليس مع مواقفه المسبقة من إيران.

يمكن القول أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تظهر عداءً أقل للاتفاق من النخب السياسية الأخرى. ومع ذلك تتشارك هذه النخب الآراء الأساسية حول إيران.

تقبل القادة الإسرائيليون واقع الاتفاقية، وقاموا بتحويل تركيزهم – في عداء إيران – على المجالات غير النووية وبدء التحضير لمعارك سياسية مستقبلية مع إيران.

ساهم العنف الفلسطيني في التقليل من شأن القضية النووية الإيرانية عبر المناقشات الداخلية في إسرائيل، لكن الصراع في سوريا سرعان ما أصبح الشغل الشاغل للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية.

من غير المرجح أن تشكل الاتفاقية حافزاً لتعاون أكثر قوة ووضوحاً بين إسرائيل ودول الخليج العربي.

من المستبعد بشدة القيام بضربات عسكرية تستهدف المنشآت النووية الإيرانية، لكن الصراع العسكري مع إيران لا يزال خياراً مطروحاً خاصة مع التصعيد في المسرح السوري.

تتركز الجهود الإسرائيلية بشكل أكبر على المناطق غير النشطة وكشف الانتهاكات الإيرانية المختلفة وفرض عقوبات على أنشطة إيران غير النووية.

إسرائيل أبدت اهتماماً كبيراً في تعزيز قدرات الردع الخاصة بها في بيئة ما بعد الصفقة.

التوصيات:

توصي الورقة بأهمية اهتمام الإدارة الأمريكية بمنح اعتبار كاف للخطوط الحمراء الإسرائيلية في المفاوضات المستقبلية المتعلقة فيما بعد تسوية الصراع في سوريا، لا سيما المناقشات مع روسيا. وعلى الرغم من عدم وضوح ملامح واضحة لنهاية الصراع في سوريا، إلا أن اتفاق ما يمنع ايران وحزب الله من إقامة تواجد دائم بالقرب من حدود إسرائيل سيساعد في تجنب أي حدث يقود إلى عدم الاستقرار في المستقبل.

على صعيد آخر، تحتل مسألة تعزيز وتطوير قنوات الاتصال بين الولايات المتحدة وإسرائيل مكاناً هاماً جداً في الأولويات، إذ يجب أن يتوصل الطرفان إلى تفاهم واضح حول الأفعال التي تصنف على أنها منتهكة للاتفاقية أو تلك الأخرى المقبولة.

وأوصى البحث أيضاً بقيام الطرفان بتبادل المعلومات الاستخباراتية فيما بينهما حول مدى التزام إيران بالاتفاق، بالإضافة إلى توصيتها بضرورة قيام المسؤولين الإسرائيليين بإخبار الأطراف المعنية قبل تنفيذ أي خطة او ضربة استباقية ضد إيران.

ولزيادة وتعزيز الثقة الإسرائيلية في الاتفاق، فقد أوصت معدة البحث بتحقيق زيادة في التشارك بين القادة السياسيين، وليس الخبراء الفنيين فقط، بما يعزز ثقة إسرائيل بالاتفاق ويسمح بتبادل الخبرات والمعلومات حول المصالح السياسية العليا للولايات المتحدة في المنطقة بدون حدوث سوء فهم سبق وأن حدث وأثر على مسار العلاقات بين البلدين قبيل توقيع الاتفاق. وهنا كانت التوصية الأخيرة بإضفاء الطابع المؤسسي وزيادة تواتر قنوات التواصل بين الولايات المتحدة وإسرائيل بما يحد من حالة انعدام الثقة ويعزز الثقة بين البلدين.

قدم البحث دراسة تفصيلية اعتمدت على توتر العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية نتيجة الاتفاق النووي الأخير، وإن كانت إسرائيل لا تخفي عدم رضاها عن الاتفاق – وهو ما لا تعارضه الإدارة الامريكية- إلا أن الطريقة التي قدمت بها اعتراضها اثارت حفيظة الأمريكيين وعزز من الخلافات بين البلدين.

نتنياهو بدوره لم يتوانى عن التذكير “بالخطأ التاريخي” الذي جره الاتفاق على حد زعمه، لكن التعامل الواقعي الإسرائيلي مع الازمة حتم على خبرائها اللجوء إلى حقول أخرى – غير الحقل النووي- للتركيز على عدائهم تجاه إيران وتسليط الضوء على انتهاكاتها وتجاوزاتها بما يحفظ الصورة السلبية المرسومة عن إيران امام المجتمع الدولي.

على صعيد آخر، لم يخف البحث إمكانية عقد تفاهم مباشر او غير مباشر بين إسرائيل وإيران – او القوى التابعة لها في سوريا تحديداً- بما يضمن أمن الحدود الإسرائيلية ويحول دون تكدس المقاتلين او القدرات العسكرية في مناطق التماس الحدودية بين سوريا وإسرائيل.

ضع تعليقاَ