أبريل 25, 2024

المركز الإسباني للدراسات الاستراتيجية: التنظيمات المتطرفة: تهديدٌ مستمرٌّ، ومتطورٌ، ومتكيّفٌ مع الوضع

نشر موقع المركز الإسباني للدراسات الاستراتيجية دراسةً للكاتب “سامويل موراليس” بتاريخ 26 حزيران/يونيو 2017، تحدّث فيها عن “تنظيم القاعدة” و”تنظيم الدولة”، وهما التنظيمان اللذان تطورا بشكلٍ مستمرٍّ وتمكّنا من التكيّف مع الوضع الراهن؛ وهو ما جعل منهما تهديداً مستمراً. وفي المقابل فشلت القوى الغربية في التنبؤ بمدى التطور الذي بلغه “تنظيم الدولة” و”تنظيم القاعدة” على حدٍّ سواء؛ ما جعل منهما جهتين قادرتين على تغيير حدود الشرق الأوسط.

وقال الكاتب إن الحرب العالمية ضدّ الإرهاب فاقت توقعات القوى الغربية والأمريكية، فضلاً عن أن التكاليف والمخاطر والشكوك التي خلفتها الحرب كانت غير متوقعة، وتجاوزت كل التقديرات. بالإضافة إلى ذلك أنتجت الحرب ضدّ الإرهاب، التي دامت نحو عقدين من الزمن، مزيداً من الشكوك حول قدرة وفعالية الإجراءات الرامية إلى إعادة بناء الدولة كأداةٍ للتصدي للإرهاب.

ومن جانب آخر لم تنتج الثورات العربية حالةً من عدم الاستقرار فقط في المغرب العربي ومنطقة الشرق الأوسط، بل تجاوزت ذلك لتتسبب في تدهور الوضع الأمني. وإثر ذلك استغلت التنظيمات المتطرفة خروج جزءٍ كبيرٍ من المناطق الجغرافية عن السيطرة لتتخذ منها معقلاً لها. وبشكلٍ عام تنامت هذه التنظيمات في ظلّ بيئةٍ تتسم بانتشار الفكر الوهابيّ، انطلاقاً من المملكة العربية السعودية، والطابع الطائفي للحكومتين السورية والعراقية.

الوضع الراهن

أشار التقرير الرابع للأمين العام للأمم المتحدة حول التهديد الذي يشكله “تنظيم الدولة” على السلام والأمن الدوليين، إلى أنه “على الرغم من تمركز تنظيم الدولة في موقفٍ دفاعيٍّ من وجهة نظرٍ عسكرية؛ إلا أنه نجح في التكيّف جزئياً مع الوضع، وواصل تشجيع مؤيديه والمتعاطفين معه خارج حدود أراضيه لارتكاب مزيد من الهجمات الإرهابية”. كما يؤكد التقرير أن التهديد بشن هجماتٍ على نطاقٍ واسعٍ لا زال ساري المفعول في الوقت الحالي.

ووفقاً للبيانات التي نشرتها مؤسسة راند، تبيّن أن عدد التنظيمات الإرهابية قد تنامى منذ سنة 2010 بنسبة 58 بالمئة. بالإضافة إلى ذلك تضاعف عدد الهجمات الإرهابية نحو 10 مرات منذ سنة 2008، كما تضاعف عدد الإرهابيين منذ سنة 2012. وفيما يتعلق بموقف المواطنين من الهجمات الإرهابية، نقل نفس التقرير أن 52 بالمئة من المصريين كانوا لا يؤيدون بأيّ شكلٍ من الأشكال الهجمات الإرهابية خلال سنة 2009. لكن الوضع تغيّر بعد خمس سنوات لتنخفض هذه النسبة إلى نحو 38 بالمئة. وبهذا الشكل أصبحت هذه التنظيمات أكثر شعبيةً وأكثر انتشاراً وأقوى ممَّا كانت عليه في سنة 2009.

وبناءً على ما ورد في تحليل الرأي العام العربي الذي نشره المركز العربي في واشنطن، فإن 80 بالمئة من بين الذين شملهم استطلاع الرأي يملكون “فكرةً سلبية جداً” حول “تنظيم الدولة”. وفي المقابل يملك ما بين 11 و5 بالمئة من سكان العالم العربي فكرةً “إيجابيةً” أو “إيجابيةً جداً” حول التنظيم. ومن الحقائق المثيرة للاهتمام في هذا التقرير أنه لا علاقة للأفراد الذين يدعمون الإرهاب بالإسلام.

وتجدر الإشارة إلى أن الديناميات التي تهيمن على التنظيمات المتطرفة تتطور بسرعة؛ وهو ما جعل من عملية التنبؤ بالسيناريوهات المستقبلية بشكلٍ دقيقٍ مهمةً صعبةً.

وفي هذه المرحلة تطرح العديد من التساؤلات؛ من قبيل: هل سنشهد منافسةً بين “تنظيم القاعدة” و”تنظيم الدولة”؟ وما هي الآثار المترتبة عن خسارة “تنظيم الدولة” معاقله الرئيسية؛ أي في الموصل والرقة؟ هل ستنتقل أراضي “الخلافة” إلى مجالٍ جغرافيٍّ آخر أكثر ملاءمةً لاستقراره؟ هل ستختفي “الخلافة” التي أسسها “تنظيم الدولة”؟ أم سنشهد خلافةً ثانية “افتراضيةً”؟ وما هو الخطر الذي يشكله المتطرفون الأجانب فعلاً على المجال الأوروبي؟

 

ما الدروس المستخلصة من 15 سنةٍ من الكفاح ضدّ الإرهاب؟

في تقرير نشرته مجموعة الأزمات الدولية، ورد أنه يمكن ارتكاب خطأين خلال الكفاح ضدّ التنظيمات الإرهابية. ويتمثل الخطأ الأول في عدم التعويل على الدعم المحلي للسكان في هذه الحرب، أو في أسوأ الحالات جعلهم يشعرون بأن القوات المحاربة للإرهاب عدوٌّ لهم. أما الخطأ الثاني فيمكن أن تتسبب الحرب على الإرهاب في تأجيج الصراعات والفوضى في البلدان التي تشهد مثل هذه الحروب. وعموماً يستفيد “تنظيم الدولة” و”تنظيم القاعدة” من أيّ نزاعٍ أو حالة فوضى، ويتحولان تلقائياً إلى الجهات الرئيسية المستفيدة من الوضع.

 

ومن ثم يجب الأخذ بعين الاعتبار عند التصدي لخطر الإرهاب عوامل مثل مؤشر الرأي العام العربي، الذي أثبت وفق آخر الأرقام أن السكان العرب يملكون عموماً نظرة سلبية تجاه “سياسة القوى الدولية المطبقة في الدول العربية”. وفيما يتعلق بسياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه بلدان مثل سوريا والعراق وليبيا واليمن، يملك 75 بالمئة من سكان العالم العربي نظرةً سلبيةً تجاه سياسة هذه القوى في بؤر التوتر، في حين يملك 66 بالمئة من العرب نظرة سلبيةً تجاه سياسة روسيا.

الإيديولوجيا: التهديد الحقيقي

تتطلب عملية تنفيذ استراتيجية للتصدي للتهديد الإرهابي جملةً من التحديات في جميع المجالات. أولاً، أصبح من الصعب تطوير أسلوب لمكافحة الإرهاب يكون فعّالاً وصالحاً للحرب ضدّ “تنظيم الدولة” و”تنظيم القاعدة”. ثانياً، تمكّن “تنظيم الدولة” من نشر إيديولوجيته عبر الفضاء الإلكتروني، وهو مجالٌ أثبتت فيه جهود مكافحة الإرهاب عدم فعاليتها. وثالثاً، أصبحت بلورة استراتيجية مكافحة الإرهاب بالاعتماد على المنهج الذي اعتمدته التنظيمات المتطرفة خلال صعودها، ضرورةً ملحّة في الوقت الحالي.

التطور الاستراتيجي لتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة

على الرغم من تشارك “تنظيم الدولة” و”تنظيم القاعدة” مجالاً واحداً، إلا أنه يلاحظ وجود اختلافاتٍ إيديولوجية واستراتيجية بشكل واضحٍ بينهما. من جهةٍ أخرى أصبح “تنظيم الدولة” نقطة الاستقطاب الرئيسية للمتطرفين من جميع أنحاء العالم، وهو ما حوّله إلى التنظيم المتطرف الأكثر أهمية في الشرق الأوسط. في المقابل إن هذا التطور الذي حققه “تنظيم الدولة” لا يجب أن يجعلنا نفكر في أن “تنظيم القاعدة” تنظيمٌ مهزوم وتراجع نفوذه مقارنة بالسابق. وبشكلٍ عام يعدّ “تنظيم القاعدة” المستفيد الأكبر من هزيمة “تنظيم الدولة” في العراق وسوريا، بفضل تطوّره الاستراتيجي.

 ماذا سيحدث بعد الهزيمة العسكرية التي لحقت بتنظيم الدولة؟

لا يزال من الصعب التكهّن بمستقبل محدّدٍ لتنظيم الدولة بعد هزيمته عسكرياً في الموصل والرقة، ومعرفة درجة تقلّص التهديد الذي يشكله “تنظيم الدولة”. في المقابل أظهرت الهجمات الأخيرة المستوحاة والمنفذة من قبل “تنظيم الدولة”، مدى خطورة التهديد الإرهابي الذي يمثّله هذا التنظيم. وعموماً يمكن أن يشهد التنظيم هزيمةً عسكريةً لا غير.

بالإضافة إلى كون تهديد “تنظيم الدولة” مستمرّاً ومتطوراً ومتكيّفاً مع الوضع، تتميز التنظيمات المتطرفة القادرة على ارتكاب هجمات ذات تأثيرٍ عالٍ بجملة من الخصائص المشتركة. ومن بين هذه المميزات نذكر نموذج القيادة، ووسيلة اتصال موثوقٍ فيها، ونظام تجنيد، ومصادر تمويل.

الكاتب: سامويل موراليس

المصدر: http://www.ieee.es/Galerias/fichero/docs_opinion/2017/DIEEEO69-2017_Organizaciones_Yihadistas_SamuelMorales.pdf

ضع تعليقاَ