أبريل 23, 2024

نوفال أوبسرفاتور: خراب غرنيكا وخراب حلب، التاريخ يعيد نفسه

بيارهاسكي: العالم يبقى متفرجا بدون حراك أمام القصف المكثف على مدينة حلب السورية .

نال القرن العشرين نصيبه من الحروب حيث أن هذا القرن كان شاهدا على الحربين العالميتين ومازالت تلك الذكريات المؤلمة راسخة في أذهاننا.

عندما نتذكر غزو قوات موسوليني لأثيوبيا واحتجاج الإمبراطور الأثيوبي لدي محكمة جونيف في 1936، أو ارتكاب سلاح الجو النازي  لمجزرة في بلدة غرنيكا التي كانت مصدر إلهام الرسام الإسباني بيكاسو سنة 1937، نعلم أن الرجلين حذرا كل بطريقته من قيام حرب عالمية ثانية رغم ضعف أرائهم في ذاك العصر.

كما شهدنا المجزرة الكمبودية عندما وقع اجتياح قرية “فنوم بنه” التي تعرضت لإبادة جماعية من قبل الخمير الحُمر سنة 1975 مما أعاد إلى أذهاننا مجزرة “أوسشويتز”. شهدنا أيضا استعمال الغاز السام ضد أكراد العراق من قبل جيش صدام الحلبي سنة 1988، كذلك مجزرة رواندا التي لفخت آلاف القتلى  سنة 1985، أيضا إجرام الجيش الصربي في حق مسلمي “سريبرينكا” أين قتل 8 آلاف مسلم بوسني سنة 1995، بدون أن ننسى ملايين القتلى المنسيين في حروب الكنغو الديمقراطية.

إن القاسم الوحيد المشترك بين كل هذه الحروب الدموية والمجازر البشعة هو عجز المجتمع الدولي على إيقافها، وتردد كل الأطراف في دعوة دول العالم إلى اتخاذ إجراءات كافية لمنع أو وقف عمليات القتل الجماعي. بالنظر إلى ما يحدث في القرن الواحد والعشرين، يجب وضع سوريا على رأس هذه القائمة، جنبا إلى جنب مع مدن غرنيكا و سربرينيكا التي شهدت طيلة أشهر من الحرب عمليات عنيفة ووحشية، وقصف جماعي وعشوائي حولها إلى مدن أشباح خلال أيام قليلة.

ويشاهد العالم كل ذلك في دهشة وذهول، دون أن يحرك ساكنا لوقف هذه المجازر. وقد وقع الإعلان عن التشابه بين حلب وغرنيكا وسريبرينكا يوم الأحد 25 كانون الأول/ديسمبر في نيويورك، بمناسبة الاجتماع العاجل لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من أجل سوريا، على لسان السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة فرانسوا ديلاتر وهذا التشبيه لم يأتي صدفة، لأن حلب تتشارك نفس نقاط التشابه مع أخواتها من المدن التي يتحرك العالم خطوة واحدة لوقف نزيف آلامها. أسس مجلس الأمن بعد الحرب العالمية الثانية ليكون السلطة العليا التي تحافظ على السلم العالمي إلا أنه أصبح يمثل مركز اللامبالاة. ولكن منذ الحرب الباردة دخلت الأمم المتحدة كلها في أزمة ثقة٠

  خلال كل إبادة، تقع مجزرة بشرية هائلة ونسمع نفس تلك الصرخة “لم يحصل هذا سابقا” تطفو من جديد. وقد أصبح السوريون أنفسهم ضحايا هذا العجز العالمي عن وقف هذا الاقتتال منذ 5 سنوات مما جعل هذه المحنة الإنسانية تتجاوز حدود المعقول.  بعد كل ذلك لا ننسى أن منظمة الصليب الأحمر أسست على أنقاض معركة “سولفيرينو” سنة 1859 من قبل هنري دنون. ودخول معاهدات جينيف الإنسانية حيز التنفيذ كان سنة 1949 أي مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية رغم إصدارها منذ قرن ونصف، عرقل كل هذا الجهود الدولية لوقف الحروب أو حتى لوضع حد لمعانات المدنيين.

تعاني سوريا نوعين من الألم:

الأول هو تحالف النظام الديكتاتوري، المستعد لفعل أي شيء من أجل البقاء، مع قوة عالمية سابقة، وهي روسيا التي تقوم باستعراض قواها على حساب الشعب السوري; كذلك التحالف مع قوة إقليمية تتميز بحكم ديني وعسكري وهي إيران الباحثة عن لعب كل أوراقها الإستراتجية في سوريا.

أما الثاني: فإن سوريا تعاني من التردد الغربي. فالرئيس الأمريكي مثلا جاء للحكم من أجل إخراج بلاده من مستنقع الحرب في أفغانستان والعراق وهو غير مستعد لتوريط بلاده في حرب ثالثة، كذلك فإن مشروع التدخل العسكري المباشر الذي أعلنته فرنسا يوحي بنتائج وخيمة كما حصل في العراق سنة 2003 وليبيا سنة 2011 .

إذن ما الحل لوقف نزيف حلب

الحل في هذه المحنة ليس في وعود الأمم المتحدة. خلال أسابيع من بداية الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تمنى الأمريكيون إيجاد حل خلال المباحثات الثنائية بين كيري ولافروف. أما فرنسا فهي خارج السباق بعد عدم إعترافها بنظام الأسد إضافة إلى دخول الجهاديين على خط المنافسة.  هؤلاء مثل الآخرين اختاروا لعب دور المتفرج على اغتصاب مدينة حلب كما فعلوا سابقا مع غرنيكا.

هذه المادة مترجمة من موقع نوفال أوبسرفاتور، للاطلاع على المادة الاصلية اضغط هنا

ضع تعليقاَ