أبريل 24, 2024

المركز الروسي للشؤون الدولية: نوري المالكي يقترح على روسيا تعزيز نفوذها في العراق

 

نشر “المركز الروسي للشؤون الدولية” دراسةً سلّط من خلالها الضوء على مسألة العلاقات الروسية العراقية، خاصةً أن العلاقات الثنائية بين البلدين تشهد عدة تطورات خاصة بعد زيارة نوري المالكي إلى روسيا منذ فترة، ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

في الحقيقة أثارت المحادثات الثنائية بين نوري المالكي وفلاديمير بوتين، منذ عدة أيام، العديد من الأسئلة لدى وسائل الإعلام الدولية. تعتبر هذه الزيارة غير عادية على جميع الأصعدة، كما تكتسي أهمية سياسية ودبلوماسية. فمنذ تأسيس النظام السياسي الجديد في العراق، فإن هذه المرة الأولى التي أظهرت فيها بغداد مبادرة غير مسبوقة ومحاولة لتطوير سبل التعاون مع موسكو.

ونظراً للوجود الأمريكي السياسي والعسكري في العراق منذ سنوات، لم يكن هناك أي تفاعل بين البلدين، إلا أن الزيارة الحالية تؤكد تطور العلاقات الثنائية بين الطرفين. وفي هذا الصدد وصل نوري المالكي إلى موسكو في مهمة خاصة، ليقترح على روسيا تعزيز دورها في شؤون العراق الداخلية.

في الوقت الراهن تتمثل مهمة العراق الرئيسية في منع استقلال الأكراد، والحيلولة دون إقامة حكم ذاتي كردي مهما كلف الثمن. لا تشكل النتيجة الإيجابية للاستفتاء تهديداً لبغداد على الصعيد السياسي فحسب، وإنما على الصعيد الاقتصادي أيضاً. فمع انفصال المناطق الكردية عن العراق، ستحرم بغداد تماماً من الثروات النفطية والمناطق الزراعية الغنية. ومن المعروف أن إقليم كردستان هو “سلة خبز” للعراق، وباستقلاله سيقع العراق في أزمة سياسية واقتصادية عميقة ستتخطى حدود البلاد لتلقي بظلالها على المنطقة.

في هذا السياق تؤكد زيارة نوري المالكي إلى روسيا بحثه عن حلول لمنع انفصال كردستان عن العراق، إذ يرى المالكي أن روسيا والولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي لا تدعم فكرة إجراء الاستفتاء. من ناحية أخرى، لا تدرك القيادة العراقية أن الأكراد لن يتمكنوا من اتخاذ قرار بشأن مسألة الانفصال دون دعم خارجي.

بطريقة أو بأخرى تساهم الولايات المتحدة الأمريكية في دعم فكرة إنشاء دولة كردية، وذلك من خلال المساعدات المالية والعسكرية التي تقدمها للأكراد. وعلى هذا الأساس يعطي هذا الدعم الأكراد المزيد من الثقة ويشجعهم على إقامة الاستفتاء. وبينما تتعاطف واشنطن مع الأكراد بشكل غير مباشر، يبدو موقف الحليف الأهم للولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط؛ إسرائيل، واضحاً (ألا وهو دعم الانفصال الكردي).

ومع ذلك فإن مشكلة استقلال الأكراد تبدو أكثر تعقيداً؛ إذ إن العراق يخضع لرقابة مشددة من قبل إيران، التي تشهد ذروة نفوذها العسكري والسياسي في البلاد، علماً بأنه توجد مئة ألف وحدة عسكرية إيرانية على الأراضي العراقية. وفي هذا الإطار يمكن اعتبار أن مفاوضات نوري المالكي مع الكرملين كانت نتيجة دعوة من طهران إلى موسكو، حتى تساعد العراقيين في حل مشاكلهم مع الأكراد. وعلى العموم إن العلاقات بين طهران وموسكو في حالة جيدة، كما تجمعهما علاقات تعاون عسكري استراتيجي في الشرق الأوسط.

والمثير للاهتمام أن إيران من المعارضين لفكرة إنشاء دولة كردية في العراق. في المقابل تعد إسرائيل حليفاً مهماً على مستوى السياسة الخارجية والاقتصادية لكردستان العراق، كما تعد العدو الجيوسياسي الأبرز لإيران. وفي الأثناء تزداد الصداقة بين تل أبيب وأربيل يوماً بعد يوم، ولإسرائيل دوافع عديدة؛ لعل أبرزها أن إنشاء دولة كردية مستقلة يضرب الهيمنة الإقليمية الإيرانية.

ولكن الخطورة الحقيقية تهدد السلامة الإقليمية للأراضي الإيرانية؛ أي الأراضي التي تشكل موطن مجموعة كبيرة من الأكراد، فضلاً عن العديد من الطوائف العرقية الأخرى، حيث يشجع أغلبهم المشاعر الانفصالية. وفي هذا الصدد لا يمكن تجاهل الأكراد الإيرانيين الذين يحاربون منذ سنوات من أجل حقوقهم، إلا أنهم يتعرضون للقمع من السلطات الإيرانية.

وفي خضم هذه الظروف الصعبة، يبدو أن القادة العراقيين قد أُجبروا على محاولة حل مشكلة الاستفتاء القادم بمساعدة روسيا، التي تجمعها علاقات طويلة الأمد مع كردستان العراق. ومن الواضح أن الدبلوماسية الروسية تعد الحل الأخير لأصعب المشاكل التي يواجهها العراق، فعندما فشلت بغداد في التفاهم مع الأكراد أرسلت سياسياً رفيع المستوى إلى موسكو؛ لحث الكرملين على مراقبة الوضع من الخارج والتأثير على موقف الشركاء الأكراد. وتجدر الإشارة إلى أن جزءاً من النخبة السياسية الكردية يعول على الدعم الروسي.

في شأن ذي صلة، تتصرف بغداد بشكل عملي على أمل الحصول على مساعدة من موسكو حتى تمنع اندلاع الصراع، وتؤثر على موقف الأكراد بطريقة سلمية، وذلك عن طريق تأجيل الاستفتاء إلى وقت لاحق أو إلغائه تماماً. تحت رعاية موسكو يبدو أن بغداد تعتزم إقامة ديكتاتورية مطلقة في العراق، بحكم العشائر الشيعية الموالية لإيران، خاصة أن  نظام الحكم الحالي في العراق يقوم على إجماع الطوائف العرقية والدينية الرئيسية الثلاث (العرب الشيعة والعرب السنة والأكراد)، ما يمنع القيادة العراقية الجديدة من احتكار السلطة بشكل تام.

المصدر: المركز الروسي للشؤون الدولية

الرابط: http://russiancouncil.ru/analytics-and-comments/analytics/nuri-al-maliki-predlozhil-rossii-usilit-svoe-vliyanie-v-irake/

 

ضع تعليقاَ