أبريل 24, 2024

جيوبوليس:لماذا تعامل الصين الأقليات المسلمة بوحشية؟

تعاني الأقلية الأويغورية المسلمة في الصين من القمع المسلط عليها من قبل الحكومة المركزية في بكين، بسبب اتهامها بشن هجمات إرهابية نُسبت إلى بعض المتطرفين المنتمين لصفوفها، بما في ذلك تلك التي جدّت في بانكوك سنة 2015، والتي أودت بحياة 20 شخصا، حيث سيتم محاكمة اثنين من المشتبهين الأويغريين يومي 13 و14 من هذا الشهر في العاصمة التايلاندية.

وتجدر الإشارة إلى أن الصين قد شهدت أحداثا إرهابية مماثلة لتلك التي جدّت في الولايات المتحدة الأمريكية يوم 11 أيلول/سبتمبر، ولكن لا أحد قد سمع عنها خارج هذه المملكة الوسطى، حيث تمّ يوم 1 مارس/ آذار سنة 2014، ذبح 29 صينيا بالسكاكين في محطة كونمينغ للسكك الحديدية، عاصمة مقاطعة يوننان الجنوبية. وتعتبر هذه المجزرة المرعبة تاريخ دخول الصين في عهد “الإرهاب الدولي” بالنسبة للصينيين.

بعد شهرين ونصف من هذه الحادثة، تم تفجير قنبلة أسفرت عن مقتل 30 شخصا في سوق أورومتشي، عاصمة شينجيانغ، أكبر مقاطعة في غرب جمهورية الصين الشعبية. وقبل ذلك بسنة، انفجرت سيارة مفخخة في ساحة تيان آن من، التي تقع في قلب عاصمة الصين، على بعد أمتار قليلة من صورة عملاق الشهير ماو. ولكن في كل مرة، كانت تشير السلطات الصينية أصابع الاتهام للانفصاليين الأويغوريين.

 الأويغور، أقلية تتحدث اللغة التركية

الأويغور هم أقلية ذات أغلبية مسلمة، معترف بها من قبل جمهورية الصين الشعبية، وهم السكان الأصليين لمنطقة شينجيانغ ويتكلمون اللغة التركية، ولكنهم يشبهون سكان آسيا الوسطى والصين. تم دمج هذه المنطقة، التي كانت تسمى “تركستان الشرقية”، إلى الصين في سنة 1759، ولكن شهدت هذه المنطقة في القرن العشرين ثورات أدت إلى حصول بعض المناطق على حكمها الذاتي، والتي جاءت أيضا بتحول النظام الملكي الصيني إلى نظام جمهوري.

 وتجدر الإشارة إلى أن أعمال العنف والإرهاب التي تشهدها هذه المنطقة ليست جديدة. لكن على العكس، هي تعتبر جزءا من المشهد السياسي الصيني.

 تطورات وضغ الأويغور في الصين

1-  في السنوات الأخيرة وصل عدد الأويغوريون بين 10 و12 مليون نسمة، وعلى الرغم من ذلك هم يعتبرون من الأقليات في المحافظة التي يتركزون فيها. وفي سنة 2009، عندما اندلعت الثورة المناهضة للهان، (المجموعة العرقية  التي تحظى بالغالبية في  جمهورية الصين الشعبية) في عاصمة شينجيانغ، أورومتشي،  تعرضت هذه الأقلية إلى قمع عنيف من دون أن تحظى بأي تغيير لصالحها.  ولذلك لا تزال هذه الأقلية الأويغورية  تشعر بالحرمان من حق امتلاك الأرض والثقافة بسبب ما يسمونه بسياسة “الاستعمار السريع والهائل” التي تمارسها الطوائف الأخرى في الصين.

2-  إن تنامي النشاط الإرهابي الدولي، وخاصة لتنظيم القاعدة، أدّى إلى ظهور مجموعة صغيرة أويغورية، لقبت نفسها بالحزب الإسلامي لتركستان، التي تمركزت على الحدود الباكستانية-الأفغانية، مدعية أنها على علاقة مع التنظيم الذي أسسه أسامة بن لادن. وتجدر الإشارة إلى أنه قد قبض على 22 شخصا أويغوريا في أفغانستان من قبل قوات الولايات المتحدة واحتجازهم في معتقل غوانتانامو. وفي سنة 2009، دعا هذا الحزب إلى الجهاد ضد الصين وقتل الشيوعيين الصينيين ولذلك قد تمّ نسب الهجمات التي استهدفت محطة كونمينغ للسكك الحديدية، وبانكوك إلى هذه الأقلية الأويغورية.

هل يناصر الأويغور تنظيم الدولة؟

ووفقا لسلطات بكين، التحق قرابة 300 شخصا من الأويغور بتنظيم الدولة في سوريا والعراق، لكن بعض خبراء الاستخبارات يقولون إن عددهم يصل إلى ما بين 4 أو 5 آلاف شخصا. وهناك بعض التقارير التي تشير إلى أنه قد أعدم العديد من هؤلاء “الجنود” من قبل تنظيم الدولة، بينما كانوا يحاولون الفرار من براثنه، حيث كانوا يعاملون بعنصرية شديدة.

ولأول مرة، قامت أحد وسائل الإعلام التابعة لتنظيم الدولة ببث رسائل  بلغة الماندارين الصينية، حيث إن اختيار تنظيم الدولة استعمال اللغة الوطنية الصينية بدلا من الأويغورية، التي تكتب باللغة العربية، قد يعني أنه يهدف إلى استقطاب المزيد من الصينيين أي الجاليات المسلمة الصينية الأخرى، بما في ذلك 12 مليون مسلم المنتمين لطائفة الهوي والهان. ولكن ولكن لم يثبت وجود أي ناشطين أويغريون في أفريقيا، وخاصة في صفوف التنظيمات الإرهابية هناك.

ومع ذلك، فإن الدعاية الصينية تصرّ أن هناك روابط بين الناشطين الإيغوريين وبعض التنظيمات الإرهابية الكبرى؛ مثل تنظيم الدولة والقاعدة. ولذلك يمكن القول إن الصين هي ضحية أخرى للإرهاب الدولي مثل فرنسا تماما.

 التحديث والتنمية الاقتصادية

تسببت الموجة الأخيرة من الإرهاب التي عاشتها أكبر المدن الصينية في ازدياد وتيرة القمع على هذه الأقلية، والتي شملت تعرض العديد منهم للاعتقالات التعسفية، وعمليات التفتيش العنيفة، والعديد من”المجازر”،  التي نددت بها منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان (مثل  تلك العملية التي قامت بها الشرطة الصينية في نوفمبر/ تشرين الثاني  سنة 2015، حيث قتل 28  شخصا من الأويغور وذلك للاشتباه في تورطهم في إحدى الهجمات المميتة التي جدت في منجم للفحم)، فضلا عن الإعدامات العلنية  لبعض الأويغور في الملاعب مثل تلك التي كانت تحدث في العصور القديمة.

 كما كانت هذه الطائفة الأويغرية عرضة للقمع الثقافي أيضا في ممارساتهم الدينية، حيث أن نساءهم يمنعون من ارتداء الحجاب وكذلك يحرم الموظفون العموميين من صوم شهر رمضان. كما يتم هدم أحياءهم التقليدية من أجل  بناء منشأة للهانز في المحافظة. وتجدر الإشارة إلى أن حكومة بكين تصرّ على تحديث البنية التحتية وإحداث تنمية اقتصادية ذات صلة “بطريق الحرير” الجديد، التي ترغب في تحقيقه، على الرغم من أن وضع البلاد لا يزال متوترا.

 يدفع القمع وتواجد الأمني والعسكري القوي في المحافظة الجماعات الإرهابية الأويغورية إلى مهاجمة أهداف صينية، مثل تلك قامت بها في بانكوك، سنة 2015 أو تلك التي قامت بها في الآونة الأخيرة، ضد السفارة الصينية في عاصمة قرغيزستان، بيشكيك يوم 30 أغسطس/آب 2016.

هذه المادة مترجمة من صحيفة جيوبوليس، للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا

ضع تعليقاَ