مارس 29, 2024

هيثم فيضي: عن الخلاف الذي تعج به الصحف بين السلطة الفلسطينية والإمارات

لم يعد الخلاف على المستوى الرسمي بين السلطة الفلسطينية وحكومة الإمارات قابلاً للتجاهل أو التجاوز، فقبل أيام نشر الكاتب الصحفي جهاد الخازن مقالاً عبر جريدة الحياة  اللندنية حمل عنوان “رأي خليجي في أوباما والقضية الفلسطينية”، حمل في ثناياه هجوماً حاداً على أوباما وعلى القيادة الفلسطينية على لسان مسؤول خليجي رفض كاتب المقال ذكره.

وخلال حديث الخازن مع المسؤول الخليجي البارز عن القضية الفلسطينية، وجه هذا المسؤول نقداً حاداً وقاسياً للقيادة الفلسطينية داعياً كل القيادة الفلسطينية إلى التقاعد بدعوى أنها لا تملك الثقة.

ولم يقف الحوار بين الخازن والمسؤول الخليجي عند هذه النقطة، بل تعداه إلى إشارة المسؤول الخليجي إلى أن الإمارات كانت تقدم 500 مليون دولار سنوياً للسلطة الفلسطينية ولمدة أربعة أعوام. إلى أن قام سلام فياض – رئيس الوزراء الفلسطيني السابق- بطلب دعم مالي لإنشاء جمعية غير حكومية، وهو الطلب الذي وافقت عليه أبوظبي وخصصت 10 ملايين دولار للجمعية. وتابع المسؤول الخليجي إلا أن المدعى العام الفلسطيني قام بتجميد تحويل مبلغ يقدر بـ 700 ألف دولار لجمعية سلام فياض السابقة واتهم الإمارات بتبييض الأموال عن طريق الأراضي الفلسطينية.

المسؤول الخليجي سارع بابداء غضبه وفقاً للخازن وتهكم على التهمة، وقال أن المدعي العام الفلسطيني اعترف بأن أبو مازن هو من أمره بتلفيق هذه التهمة، مطالباً عباس بالاعتذار علناً خاصة وأن الإمارات أوقفت كل المساعدات المخصصة للسلطة بعد ذلك.

ولا تعد مقالة الخازن هذه الأولى في وصف الخلافات بين الجانبين، إذ سبق لموقع ميدل إيست آي البريطاني أن نشر تحقيقاً أعده الكاتب الصحفي ديفيد هيرست اعتمد فيه على مصادر مطلعة تحدثت عن الخطة الإماراتية – الأردنية – المصرية للإطاحة بالرئيس الفلسطيني محمود عباس وتعيين القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان في منصب رئيس السلطة الفلسطينية بعد إتمام الخطة.

قد يتخذ الخلاف بين الامارات والسلطة الفلسطينية أشكالاً مختلفة ولكن بالتأكيد فإن استضافة الإمارات لدحلان – الذي لا يخفي مساعيه لأخذ مكان أبو مازن ورفاقه – تعد بحد ذاتها تحدياً صارخاً لأبو مازن هي الشكل الأبرز وربما السبب الفعلي للخلاف. حيث يعمل دحلان كمستشار مقرب لحكومة أبوظبي وعمل على استقطاب أعداد كبيرة من مواليه ومؤيديه إلى هناك.

على الطرف الآخر، شن المحرر السياسي لوكالة الأنباء الفلسطينية “وفا” – محسوبة على عباس – هجوماً لاذعاً على الخازن ومقاله واصفاً إياه “بعيون البذاءة وآذانها”. وأشار المقال  إلى أن المسؤول الخليجي الذي أجرى الحوار مع الخازن هو محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي.

هاجم مقال وكالة “وفا” مقال الخازن بشدة، واصفاً إياه بالبذاءات التي تتناول القيادة الفلسطينية التي تواجه المشروع الصهيوني في كافة جبهات المواجهة حسب تعبير كاتب المقال.

وتابع المقال ليتساءل عن سر التوقيت الذي اختاره الخازن لنشر مقاله ذاك رابطاً إياه بارتفاع وتيرة التحريض والاستهداف الإسرائيلي للقيادة الفلسطينية التاريخية على حد وصف المقال.

مقال “وفا” لم يحمل الكثير من الردود على ما جاء به الخازن خلال مقاله الأول، بل كان على شكل هجوم حاد استهدف الكاتب والصحيفة التي نشرته ودعا إلى مقاضاتها ومقاضاة الخازن على ما جاء به مقاله.

وبشكل عام، يبدو أن الصراع على أشده داخل أروقة فتح نفسها وأروقة حلفائها وداعميها في معركة خلافة أبو مازن خاصة وأن التسريبات الصحفية بدأت تأخذ طبيعة متواترة وأكثر حدة من ذي قبل.

وسبق لمقال نشره موقع “مديل إيست آي” أن ألمح إلى الإجراءات العقابية التي يأخذها أبو مازن بحق أي معارض له داخل حركة فتح، خاصة إذا ما ثبتت علاقته مع دحلان، وهو السبب خلف إقصاء كثير من القيادات الفلسطينية من مناصبها خلال الفترة الأخيرة.

وما زال السؤال الهام الذي لم تجب عليه حركة فتح حتى الآن في خضم الاقصاءات والمعارك الداخلية هو “من سيخلف أبو مازن؟” خصوصاً وأن هناك اهتماماً إسرائيلياً كبيراً بهذا الأمر وحديث عن مرشحين مرغوبين من قبل إسرائيل وآخرون ليسوا كذلك!!!

هيثم فيضي: كاتب ومترجم فلسطيني

ضع تعليقاَ