أبريل 20, 2024

الخبير في المفاوضات، راموند زانر: “مفتاح الحل في الحرب السورية بين أيدي روسيا”

 

أجرت صحيفة فرانكورتر ألغيماينه تسايتونغ الحوار التالي مع الخبير السويسري في المفاوضات، رايموند زانر، حول الدبلوماسية في الحرب السورية.

 

الصحيفة: يبدو التوصل إلى حل ناجع في الحرب السورية أمرا بسيطا، حيث أن الأمر يقتصر على إبرام اتفاق بين ترامب وبوتين قصد تنحية الأسد.

زانر: إن تفسير الحرب السورية على خلفية الحرب الباردة أمر خاطئ، إذ أننا لا نعيش اليوم في عالم ثنائي القطب، بل إننا أصبحنا نعيش في عالم متعدد الأقطاب. وفي الوقت الراهن، تشكل  الدول الكبرى مع بقية الدول تحالفات هشة ومؤقتة.

 

الصحيفة: لا يمكن أن يصمد الأسد دون دعم روسي، وهو ما يؤكد أننا نعيش في الوقت الراهن حربا باردة.

زانر: بلى، ولكن لا يجب أن ننسى أن كلا من المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا يمكن أن يخرجوا مستفيدين من الوضع السوري. وفي الحقيقة، لا يرغب بعض الأطراف في إنهاء الحرب السورية نظرا لأنهم مستفيدون من تواصل الصراع السوري، وبالإضافة إلى ذلك، تعتقد المملكة العربية السعودية ذات الأغلبية السنية أنه في سوريا تخاض حربا بالوكالة ضد الشيعة.

 

الصحيفة: ورغم ذلك، تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا من الأطراف الأكثر تأثيرا في الحرب السورية. كيف يمكن التعديل من موقف روسيا قصد إقناع الأسد بضرورة التنحي عن السلطة؟

زانر: يجب إغراء بوتين، أو على الأقل ينبغي محاولة التقليص من  النفوذ الروسي في المنطقة عبر مزيد دعم قوات المعارضة حتي يستنزف الجيش الروسي قوته. وبالإضافة إلى ذلك، لا يجب أن ننسى أن الجيش الروسي انسحب في وقت سابق من أفغانستان بعد أن استنزف قوته خلال الحرب الأفغانية. وكذلك انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية من الفيتنام نتيجة شعور القوات الأمريكية بالإنهاك خلال تلك حرب.

 

الصحيفة: هل يمكن أن يكون الإعتراف الدولي بشبه جزيرة القرم كأرض روسية  حافزا لتتخلي روسيا عن دعم الأسد وبالتالي التعجيل بسقوطه؟

زانر: لا يحلم بوتين بسقوط الأسد. يمكن أن تتخلى روسيا عن دعم الأسد بعد الإعتراف بشبه جزيرة القرم كأرض روسية، لكن الولايات المتحدة الأمريكية لن تقبل بمثل هذه المساومات. قد تؤدي التضحية بأوكرانيا لصالح سوريا إلى حدوث انشقاقات. وفي هذه الحالة، سيقدم بوتين على مزيد انتهاك القانون الدولي.

 

الصحيفة: ما الذي يمكن أن يستفيد منه بوتين؟

زانر: يمكن أن يستفيد بوتين من رفع العقوبات المفروضة على روسيا. لا أعتقد أن فكرة رفع العقوبات بشكل نهائي جيدة، بل أعتقد أن رفع العقوبات بشكل تدريجي أمر جيد. وفي المقابل، سيحاول بوتين إقناع الأسد بالتفاوض حول التخلي عن السلطة.

وعلاوة على ذلك، يمكن أن يستفيد الرئيس الروسي من إلغاء تأشيرة الدخول إلى الأراضي الأوروبية ومن منطقة التجارة الحرة ومن السماح بإنشاء قاعدة عسكرية بالبحر الأبيض المتوسط. كما لا يجب أن ننسى أن الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا تتشاركان معا في الحرب ضد تظيم الدولة.

 

الصحيفة: لماذا انتهت  الحرب الأهلية في البلقان، بينما تواصلت الحرب السورية إلى حد اليوم؟

زانر: يتمثل الاختلاف بين الحربين في كون سوريا مدعومة منذ سنوات من طرف الإتحاد السوفياتي. فمنذ الحرب الباردة، يتواجد الجيش الروسي في سوريا إلى حد اليوم. ولكن الأمر يختلف في البلقان، حيث لا يتواجد الجيش الروسي في صربيا. وفي الواقع، فشلت الولايات المتحدة الأمريكية في قصف دمشق على عكس ما حصل في بلغراد سنة 1999 حين قصف الجيش الأمريكي مدينة بلغراد.

 

الصحيفة: يُتهم الغرب بالتسرع في اتخاذ موقف من الحرب السورية والمطالبة بسقوط نظام الأسد. ماهي النقاط السلبية في موقف الدول الغربية؟

زانر: لم أجزم بسلبية الموقف الغربي. ففي الحقيقة، لم تفكر الدول الغربية بروية في الحرب السورية، حيث أنها لم تفكر في البديل بعد سقوط الأسد. وفي حال سقوط الأسد، ماهي الضمانات التي تحول دون أن يكون بديل الأسد ديكتاتورا آخر؟ في مصر وليبيا، أدى إنتقال السلطة إلى نتائج وخيمة بشكل فاق انتظارات الدول الغربية. تتطرق كل التقارير التي تهتم بشأن الحرب السورية إلى نفس المواضيع وبنفس الطريقة، وذلك عبر تصوير الأسد في شكل الرجل الشرير الذي يقف في مواجهة قوات المعارضة الطيبة. ولكن ماذا عن المتطرفين؟ في الحقيقة، يمكن القول أن المتطرفين أنفسهم ليسوا مقاتلين إنسانيين.

 

الصحيفة: أفضت كل المفاوضات بشأن الحرب السورية إلى نفس النتيجة، وهي تواصل الحرب السورية. كيف يمكن أن تؤدي مفاوضات السلام إلى نتيجة مغايرة؟

زانر: في السابق، توصلت الأطراف المشاركة خلال حرب الثلاثين عاما إلى “صلح وستفاليا” بعد أن استنزفت قواها. لذلك، يجب علينا أن ننتظر إلى حين توقف الأطراف المشاركة في الحرب السورية عن القتال والإعلان عن رغبتها في السلام. يجب على كل الأطراف أن ترضى بنصيبها من الكعكة وأن تبدي عن استعدادها لتقديم تنازلات مهما كانت طبيعتها: الأرض أو المال أو السلطة. إننا بحاجة إلى أن تعلن هذه الأطراف عن استعدادها لتقديم  تنازلات.

 

الصحيفة: يمسك الأسد بزمام الأمور منذ استرجاع حلب. لماذا سيكون ملزما بتقديم تنازلات؟

زانر: لا ترغب قوات المعارضة أيضا في تقديم تنازلات، حيث أنها ترفض التفاوض مع الأسد. ولكن يمكنها أن تقدم تنازلات نظرا لأنها تقع تحت الضغط. قد تكون التنازلات بهذا الشكل: تقديم منطقة آمنة للمعارضة الجمهورية، أي قوات المعارضة غير المتطرفة، وذلك تحت حماية عسكرية.

 

الصحيفة: هل تقع هذه المنطقة الآمنة تحت حماية القوات الأممية؟

زانر: لا يمكن أن يكون ذلك أمرا مناسبا نظرا لأن القوات الأممية ستكون طرفا إضافيا في الصراع، مما سيزيد الأمور تعقيدا. سيكون من الأفضل أن تتولى  قوات المعارضة حماية نفسها، ولكن علينا أن نقر بأنه في صورة تعرض هذه المنطقة الآمنة للهجوم، سيكون رد الفعل عنيفا.

 

الصحيفة: لقد صرحت بأن الجيش الأمريكي لم يكتف بتهديد الجيش البوسني خلال حرب البلقان، بل شن غارات مكثفة على القوات البوسنية.

زانر: إن التهديدات الجوفاء غير ناجعة، ويجب معاقبة كل من يقوم بانتهاكات في حق المواطنين الأبرياء.

 

الصحيفة: ماهي النصائح التي تقدمها للمبعوث الأممي الخاص بالأزمة السورية، ستيفان دي مستورا؟

زانر: أنصح دي مستورا بعدم رمي المنديل، بل يجب عليه مواصلة جهوده إلى حين التوصل لإنهاء الحرب السورية. فأنا مقتنع بأن دي مستورا قادر على التوصل لحل بشأن الحرب السورية نظرا لسيرته الذاتية المحترمة.  

تمكنت عائلة المبعوث الأممي من الفرار من إيطاليا إلى كرواتيا. أعلم أن دي مستورا ترعرع لبعض الوقت في السويد، ولكنه بقي لفترة طويلة دون مأوى. إنه متعاطف مع ضحايا الحروب واللاجئين نظرا لطفولته البائسة، كما أنه يعلم جيدا أن المهمة الدبلوماسية تتطلب شخصا متفائلا.

 

 

أجرى المقابلة الصحفي رافائيل راوخ من صحيفة فرانكفورتر ألغيماينه تسايتونغ الألمانية للإطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا 

   

 

ضع تعليقاَ