أبريل 20, 2024

الموقع الإسباني للدراسات الاستراتيجية: روسيا والولايات المتحدة في متاهة الشرق الأوسط

نشر الموقع الإسباني للدراسات الاستراتيجية دراسةً تحدث فيها الكاتب عن المكاسب التي حققتها روسيا من جراء الفراغ الذي خلفته الولايات المتحدّة في الشرق الأوسط، فضلاً عن التدخل العسكري في سوريا منذ أيلول/سبتمبر سنة 2015.

وذكر الكاتب أن أيام الصراعات في سوريا والعراق أصبحت معدودة. كما أن القوى الفاعلة في المنطقة بدأت في التفكير حول النظام الجديد الذي سيحكم الشرق الأوسط مستقبلاً، فضلاً عن إعادة إعمار سوريا. وفي الواقع، يريد كلٌّ من بوتين وترامب تكثيف التزاماتهما العسكرية لتعزيز حلفائهما على الأرض، وتحسين مواقفهما تجاه الصراع في الشرق الأوسط.

وبين الكاتب أن كل الجهات قد اتفقت أنه في حال لم يتم تحقيق السلام في المنطقة، فسيكون الانتصار لمصلحة الجماعات المتطرفة. ومن جهتها، لا تسعى كل الجهات الفاعلة في المنطقة إلا للدفاع عن مصالحها الخاصة.

وتجدر الإشارة إلى أن المنافسات الإقليمية ظلّت محتدمةً منذ الغزو الأمريكي للعراق خلال سنة 2003؛ وذلك بهدف تحقيق مصالح متباينة. بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك عواقب وخيمة لبعض القرارات التي اتخذتها واشنطن. كما كانت أعمال الجيش الأمريكي في المنطقة مخالفةً تماماً لأهدافه الاستراتيجية العامة. وفي هذا الصدد، ساهم إرساء الديمقراطية في العراق في تسهيل وصول الحكومة الشيعية وتعزيز وضعية إيران في المنطقة؛ ما أدى إلى تغيير موازين القوى بين السنة والشيعة، وخلق نوعاً من عدم الارتياح في صفوف الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة في المنطقة.

اختارت روسيا من جهتها البقاء بعيداً عن كل إغراءٍ عسكريّ وقامت بدورٍ ثانوي، على الرغم من الدعم السياسي والدبلوماسي الذي تقدمه لحكومة “بشار الأسد”. وبعد الأزمة الحادة التي سادت بينها وبين الغرب، من جراء ضم شبه جزيرة القرم والتدخل في أوكرانيا في أوائل سنة 2014، تغيرت نظرة بوتين إلى الحرب، وأصبح يرى الحرب السورية كوسيلةٍ للدفاع عن روسيا كقوةٍ عظمى.

في البداية تمكنت روسيا من تعزيز قوتها العسكرية الخاصة، لتصبح بذلك اللاعب الأساسي في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك تسعى روسيا إلى إثبات فشل استراتيجية الولايات المتحدة في تغيير النظام، وربط تدخلها بتنامي التطرف، إلى جانب صرف انتباه البلدان الغربية عن الصراع في أوكرانيا، وزيادة مبيعات الأسلحة. فضلاً عن ذلك تهدف روسيا إلى حماية القاعدة البحرية الروسية في البحر الأبيض المتوسط (طرطوس)، ومحاربة تنظيم الدولة والجماعات المتطرفة.

ومن ثمَّ تهدف هذه الدراسة إلى وصف الصورة المعقدة في الشرق الأوسط في حال فقد تنظيم الدولة السيطرة على الأراضي في سوريا والعراق. كما تشير هذه الدراسة إلى الدور الأساسي الذي يجب أن تقوم به الولايات المتحدة وروسيا، حيث إن القضاء على الإرهاب في المنطقة يعتمد إلى حدٍّ كبير على إمكانية تهدئة الأوضاع في المنطقة.

والجدير بالذكر أن الهجمات الإرهابية التي جدّت في 11 أيلول/سبتمبر سنة2001 كان لها تأثير حاسم على التكوين الجيواستراتيجي للشرق الأوسط، حيث ساهمت في تعزيز التطرف، خاصةً أن هذه الهجمات كانت مصدر إلهامٍ للعديد من مؤيدي التطرف.

وعلى الرغم من أن الضحايا الرئيسيين هم بالتحديد الدول ذات الأغلبية المسلمة، إلا أن الآثار المترتبة عن التطرف أدت إلى انعدام الثقة بالنسبة للمجتمعات الغربية تجاه كل من له علاقة بالإسلام.

وبناءً على ذلك حافظت الولايات المتحدة على موقفها المتناقض في الشرق الأوسط، حتى بعد التغير الذي طرأ على الإدارة الأمريكية. وفي هذا السياق اعترف الباحث الاستراتيجي “أنتوني كوردسمان” أن “سوريا واليمن قد التحقتا بأفغانستان والعراق، ضمن قائمة البلدان التي طال فيها أمد الحرب. كما تواجه إدارة ترامب اليوم تحدياً كبيراً لمواجهة مشاكل الحرب، مقارنةً بإدارة بوش وأوباما سابقاً.”

بالإضافة إلى ذلك، زادت السياسة التي انتهجها أوباما الأمر سوءاً، خاصةً أن الرئيس الأمريكي السابق كان يسعى إلى فك ارتباط الولايات المتحدة تدريجياً بالمنطقة.

من ناحيةٍ أخرى، سمح انسحاب القوات الأمريكية من العراق خلال سنة 2011 بعودة حكومة المالكي لتتقاسم السلطة مع السنة والأكراد، وهو ما كان دافعاً لاندلاع الاحتجاجات في المنطقة. وعلى الرغم من تحذيرات المستشارين العسكريين ونصائحهم له بالبقاء إلى حين تطوير القدرات العراقية، واصل أوباما سحب القوات الأمريكية التي قام بإرسالها “جورج بوش” منذ سنة 2007، ليقوم بذلك بإخلاء العراق من جميع القوات الأمريكية المقاتلة بحلول نهاية سنة 2011.

ومن ثم كان التباعد الجيواستراتيجي للولايات المتحدة عن الشرق الأوسط حافزاً لقوى إقليمية أخرى تطمح للتدخل والهيمنة على المنطقة. وتجدر الإشارة إلى أن الربيع العربي قد أدى إلى انقسام الفصائل العرقية والدينية المختلفة في المنطقة.

ترى الولايات المتحدة، من جهتها، أن صعود روسيا في سوريا من شأنه أن يعزز الدعم العسكري لقوات سوريا الديمقراطية لتتمكن من دحر عناصر تنظيم الدولة من الرقة.

في نهاية المطاف من المرجح أن تكون هزيمة تنظيم الدولة وشيكةً للغاية خلال سنة 2017، حيث ستكون بمنزلة مرحلةٍ جديدة في الشرق الأوسط. بالإضافة إلى ذلك، بعد استرجاع الموصل والتقدم النهائي نحو الحدود السورية سوف تتوجه أنظار العراق نحو استقراره الداخلي ومحاربة الشبكات المتطرفة. فضلاً عن ذلك، يتعين على الولايات المتحدة التعامل بجدية مع الوضع لكي لا يتم استبعاد القبائل العربية السنية من المشهد السياسي الجديد.

أما بالنسبة لسوريا، فإن المشهد لا يزال ضبابياً. فكلٌّ من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يدركان تماماً أن إطالة أمد الحرب في سوريا ستكون له عواقب وخيمة. كما أن إيران لن تسمح بأن يتم استبعادها من عملية السلام في سوريا، وهو ما سيجبر واشنطن على تقديم التنازلات. ولذا لا يمكن أن تعالج مشاكل الشرق الأوسط إلا في حال عزم الولايات المتحدة وروسيا على تأجيل خلافاتهما.

المصدر:  الموقع الإسباني للدراسات الاستراتيجية

الرابط: http://www.ieee.es/Galerias/fichero/docs_analisis/2017/DIEEEA28-2017_EEUU-Rusia-Laberinto-OrienteMedio_JMPSGO.pdf

ضع تعليقاَ