أبريل 23, 2024

الغارديان: هل يهدف التدخل الروسي في سوريا إلى تعزيز نظام الأسد بأي ثمن؟

 

صرّح قائد مقر القوات الروسية في سوريا أن هزيمة تنظيم الدولة في البلاد باتت وشيكة، وذلك خلال زيارة أداها إلى بلدة ذات موقع إستراتيجي افتكت مؤخرا من تنظيم الدولة على أيدي قوات موالية لبشار الأسد.

أثناء الإدلاء بتصريحه، وقف الجنرال ألكسندر لابين، وسط إجراءات أمنية مشددة، خارج مبنى محكمة الشريعة التابع لتنظيم الدولة سابقا، والمزدان بشعار الجماعة المتطرفة ذو اللونين الأبيض والأسود. في هذا السياق، أفاد لابين بأن “كافة الظروف أصبحت متوفرة للمرحلة النهائية من القضاء على تنظيم الدولة في سوريا. كما بإمكاني أن أعدكم بأن لا أحد من إرهابيي تنظيم الدولة سيكون قادرا على دخول هذه البلدة مجددا”.

تمت استعادة بلدة عقيربات السورية من قبل القوات الموالية للحكومة السورية في الثاني من أيلول/ سبتمبر الجاري بعد هجوم استمر ثلاثة أشهر وسط غارات جوية روسية مكثفة. في الواقع، مكنت استعادة المدينة القوات المدعومة من قبل الحكومة من المضي قدما نحو كسر الحصار الذي طال أمده على مدينة دير الزور شرق البلاد.

والجدير بالذكر أن روسيا تدخلت في الصراع السوري، حيث وقفت في صف حكومة الأسد، خلال شهر أيلول/ سبتمبر من سنة 2015، في الوقت الذي بدا فيه النظام السوري أقرب منه إلى السقوط. وعلى الرغم من أن هدف موسكو المعلن لطالما ارتبط بهزيمة تنظيم الدولة، إلا أن السنة الأولى من الاشتباكات شهدت استهداف أغلب الغارات الجوية السورية لجماعات المعارضة الأخرى، بما في ذلك تلك المدعومة من قبل الدول الغربية.

تاريخيا، كانت سياسة روسيا في الشرق الأوسط تتمثل في الإبقاء على الوضع الراهن، بغض النظر عن مدى بشاعة النظام، وهو ما يظل دائما خيارا أفضل من الثورة. وبالتالي، يبدو أن التدخل السوري يهدف إلى تعزيز نظام الأسد بأي ثمن. ونظرا لأن الأسد يبدو منيعا أكثر من أي وقت مضى، انطلقت روسيا بالفعل في محاربة تنظيم الدولة. ويوم الخميس الماضي، أطلقت القوات الروسية سبعة صواريخ جوالة على أهداف تابعة لتنظيم الدولة في جنوب شرق دير الزور، كما أوضحت أنه سيتم دفع المقاتلين قريبا إلى الجهة الأخرى من نهر الفرات.

في هذا الإطار، رافق الروس مجموعة من الصحفيين إلى بلدة عقيربات باعتبارها المحطة الأخيرة في جولة استمرت أربعة أيام مخصصة للصحافة وتهدف إلى عرض المساهمة الروسية في الحرب وما سيتبعها من عملية حفظ للسلام. وقد أظهرت هذه الجولة مدى تورط روسيا على أرض المعركة في سوريا، بالتزامن مع مشاركة شرطتها العسكرية في تأمين عدد من “مناطق خفض التصعيد”، حيث تم وقف إطلاق النار بين القوات الحكومية وجماعات المعارضة المعتدلة.

يوم الجمعة، تم نقل الصحفيين جوا من القاعدة الجوية الروسية الرئيسية بالقرب من اللاذقية المطلة على البحر الأبيض المتوسط، إلى مطار يقع شرقي حلب. ومن ثم نُقل الصحفيون في قافلة من الشاحنات المدرعة في رحلة استمرت لخمس ساعات على طول الطرق المقفرة وصولا إلى عقيربات، حيث شاهدوا القذائف التي خلفتها الحرب، فضلا عن القرى المهجورة.

وتجدر الإشارة إلى أن القافلة قد رافقها رجال يرتدون ملابس سوداء ينتمون إلى الشرطة السرية التابعة للأسد، التي يُطلق عليها اسم “المخابرات”، في شاحنات بيك-آب مزودة بالبندقيات. وعند وصول القافلة، كانت البلدة تخضع لدوريات اتضح فيما بعد أنهم جنود تابعون للقوات الخاصة الروسية المسلحين بالمعدات المتطورة الذين لم يكونوا يحملون شارات.

كانت الاشتباكات المعقدة بين القوات التي تقاتل على أرض المعركة واضحة في قاعدة عمليات خارج بلدة عقيربات، حيث توقفت القافلة لفترة وجيزة، ليتضح لاحقا أنها مأهولة على الأقل جزئيا من قبل الروس غير النظاميين الذين رفضوا التحدث إلى الصحافة. من جهتهم، صور الروس التقدم الذي تم إحرازه مؤخرا على أنه مدار بالكامل من قبل وحدات الجيش السوري تحت الغطاء الجوي الروسي.

لكن، في واقع الأمر، قادت المليشيات المدعومة من قبل إيران معظم العمليات القتالية في سوريا على مدى السنوات القليلة الماضية نظرا لحالة الفوضى التي تسود صفوف الجيش السوري. وفي الأثناء، كان القتال لا يزال مستمرا في المنطقة حيث سقطت قذيفة هاون بالقرب من القافلة الروسية أثناء توجهها نحو عقيربات. أما داخل البلدة، فقد كان بالإمكان سماع أصوات المدفعية على فترات زمنية منتظمة. ووفقا لما أفاد به الروس، كانت مواقع تنظيم الدولة تبعد حوالي 10 أميال عن البلدة.

بالإضافة إلى ذلك، حفر مقاتلو تنظيم الدولة شبكة أنفاق واسعة تحت البلدة على امتداد السنتين الماضيتين، وهو ما جعل استعادة عقيربات مهمة صعبة بشكل خاص. كما احتوت البلدة على مصنع للدبابات خاص بتنظيم الدولة، حيث قال الجنرال الروسي ألكسندر لابين إن الروس حددوا مكان المصنع باستخدام الطائرات من دون طيار لاتباع مسارات الدبابات، ومن ثم وجهوا ضربات جوية على الهدف في 29 آب/ أغسطس الماضي.

تضمّن المصنع ثلاثة أقسام مختلفة، أولها معد لإصلاح الدبابات التي يتم الاستيلاء عليها، والثاني مخصص لتعزيزها بالدروع المؤقتة، وثالثها مخصص لتحويل الدبابات إلى مركبات انتحارية قوية. وكان المصنع لا يزال يحتوي على بقايا عدد من الدبابات، بما في ذلك دبابة تمت إزالة برجها. ووفقا لما أفاد به لابين، وقع إزالة أبراج حوالي ثلث الدبابات التي تم الاستيلاء عليها من الجيش السوري بفضل المتفجرات، التي يتم استخدامها فيما بعد في المهام الانتحارية. وحين يتم إعدادها بهذه الطريقة، تصبح الدبابات ذات تأثير قاتل في قُطر يبلغ 300 متر.

كما أضاف لابين أنه خلال العملية السورية والروسية الأخيرة ضد تنظيم الدولة، لقي 1209 مقاتل حتفهم وتم تدمير 49 دبابة و159 شاحنة بيك-آب مزودة بالبندقيات. وفي أغلب الأحيان، يتجنب الروس التطرق إلى الخسائر المدنية أو الادعاء بأن هذه الخسائر لم تحدث، على الرغم من أن مجموعات المراقبة أبلغت في العديد من المناسبات عن وقوع إصابات، لاسيما جراء الغارات الجوية.

وقُبيل اندلاع الحرب الأهلية في سوريا، بلغ عدد سكان بلدة عقيربات 10 آلاف نسمة، بيد أن البلدة أصبحت تضم 2500 نسمة فقط تحت حكم تنظيم الدولة، وذلك فقا لما صرح به الجنرال ألكسندر لابين. حيال هذا الشأن، ادعى الروس أن جميع المدنيين فروا من البلدة قبل الهجوم الأخير الذي شُنّ عليها، بيد أنه يبدو من غير الواضح كيفية حدوث ذلك وإذا ما وقعت إصابات في صفوف المدنيين أثناء الهجوم. من جهتها، أبلغت مجموعات المراقبة عن وقوع العديد من الضحايا المدنيين خلال الموجة الحالية من القتال.

في سياق متصل، أشار لابين إلى أن تنظيم الدولة والجماعات الإسلامية المتطرفة الأخرى تسيطر حاليا على حوالي 15 بالمائة من سوريا، تزامنا مع تراجع تنظيم الدولة وتوجهها إلى خوض مواجهة حاسمة ونهائية على وادي الفرات. وفي الأثناء، تشهد محافظة دير الزور الشرقية استمرار هجوم منفصل من قبل مقاتلي المعارضة المدعومين من قبل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.

من جهة أخرى، يُقدّر المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره المملكة المتحدة، أن حكومة الأسد تسيطر حاليا على 48 بالمائة من الأراضي السورية، مشيرا إلى أن الصراع الطويل والمدمر في البلاد لن ينتهي حتى في أعقاب الهزيمة النهائية لتنظيم الدولة.

 

الكاتب: شون ووكر

الصحيفة: الغارديان

المصدر: https://www.theguardian.com/world/2017/sep/16/russia-islamic-state-syria-assad-forces-recapture-town-okeirbat

ضع تعليقاَ