مارس 29, 2024

ذا غلوباليست: السعودية نمر من ورق

على النقيض من تصورها الطويل الأمد كقوة مهيمنة في المنطقة، تخوض السعودية معركة شاقة، ومستقبلها في الشرق الأوسط ينحو إلى التحول إلى دولة ثانوية.

أضعف من تركيا وإيران ومصر

هناك ثلاث قوى رئيسية في الشرق الأوسط هي تركيا وإيران ومصر (وأيضاً إسرائيل). تركيا، وإيران، ومصر لديها ما لا تمتلكه السعودية: عدد كبير من السكان، والأسواق المحلية الضخمة، والقواعد الصناعية، والسكان المتعلمون تعليماً عالياً، والهويات عميقة الجذور المرتكزة على تاريخ الإمبراطوريات. وبخلاف تركيا ومصر، تمتلك إيران أيضاً موارد طبيعية هامة. بالرغم من امتلاك المملكة العربية السعودية النفط وسيطرتها التامة على مكة، لكن كل ذلك لا يكفي لخوض منافسة مع هذه القوى.

فالمملكة العربية السعودية قوة إقليمية بسبب سياسات الاحتواء تجاه إيران. وبمجرد أن تتحرر إيران من قيودها، فمن المستبعد أن تكون المملكة العربية السعودية قادرة على المنافسة لفترة طويلة.

التنافس مع طهران

أحد الجوانب الرئيسية للتنافس السعودي الإيراني هو المعركة الأيديولوجية والدينية التي شنتها المملكة العربية السعودية على مدى العقود الأربعة الماضية، والتي تدور تداعياتها في جميع أنحاء العالم. وقد استثمرت المملكة العربية السعودية ما يقدر بنحو 100 مليار دولار لتعزيز التيارات السنية المتطرفة. ولكي نكون واضحين، فإن معظم تلك الأموال لم تذهب إلى المسلحين بل ذهبت إلى مرافق دينية وثقافية وتعليمية، لم تتمكن المملكة العربية السعودية إلى حد كبير من مراقبتها والسيطرة عليها. ولا يوجد سوى عدد قليل من البلدان التي مول فيها السعوديون العنف مثل أفغانستان، وباكستان، والبوسنة، والعراق وسوريا.

ولكي نكون واضحين بشأن هذه النقطة أيضاً: فالتوجه المحافظ المتشدد انطلاقاً من تعريفه لا ينتج عنه عنف أو نزعة عسكرية بالضرورة، ولكنه يخلق بيئة محفزة على ذلك إذا اقترن بعوامل أخرى، وتتمثل هذه العوامل أساساً في الافتقار إلى الفرص الاجتماعية والاقتصادية.

النظام النفطي القديم أصبح مقلقاً

أصبحت النتائج السلبية للمحافظين المتشددين واضحة في المملكة العربية السعودية، ويتجلى ذلك في التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها دول الخليج وعمق الانتقال والتحول ينعكس في إدراك ووعي أي شخص ولد في الخليج اليوم، إذ من المرجح أن يشهد على نهاية عصر النفط في المملكة.

لقد تأخر التنويع الاقتصادي في السعودية. لكن لم يكن من الممكن تجنبه بسبب التراجع في أسعار النفط، الذي أدى إلى فشل السياسة النفطية السعودية التي ركزت على حصتها في السوق بدلاً من السعر.

إن المسار الذي شرعت فيه دول الخليج الآن هو الإصلاح الاقتصادي والتغيير الاجتماعي المحدود، ولكن ليس هناك تحرير سياسي. ومن الناحية العملية، فإن هذا يسمح للأسر الحاكمة في المنطقة بإعادة كتابة العقود الاجتماعية من جانب واحد فقط، وذلك من خلال الرجوع إلى “قبر دولة الرفاه”.

عامل الشباب

من المؤكد أن الإصلاحات المحدودة تلبي تطلعات شرائح كبيرة من الشباب الذين يشكلون غالبية مواطني المنطقة. ولكنها في الوقت ذاته تتعارض مع المصالح والتوجهات المكتسبة للمحافظين المتشددين.

 مع بضعة استثناءات، يوجد مؤشرات قليلة تدل على أن عملية الإصلاح تتم إدارتها بشكل جيد، وهذا لا يشمل، بالتأكيد، الفجوة الموجودة بين التوقعات والإنجازات. بعبارة أخرى؛ لا يزال الحكم على عملية الإصلاح غير ممكن.

ما يجعل الأمور أكثر إزعاجاً للرياض هو أن إرث الثورات العربية 2011 لن يكون بقوة في أي مكان في الخليج بقدر ما سيكون في المملكة العربية السعودية.

هذا هو حال دولة بهذا الحجم والمجموعة المتنوعة من الناس الذين تم قمعهم والوزن الاقتصادي الإقليمي والقوة العسكرية. وفي حين قد لا تلتزم معظم دول الخليج بتفسير السعودية الوهابي للإسلام، لكنها حساسة للتطورات السياسية في المملكة.

استنتاج

إن الخط الأساسي الذي تنتهجه المملكة العربية السعودية الآن هو مزيج من الإصلاح وسياسات انتهازية قصيرة المدى، وكل هذا لن يوفر أي حلول حقيقية، فدون معالجة صادقة للمشاكل الأساسية من المرجح جداً أن يتزايد نطاق التهديدات والمشاكل المتراكمة، بدلاً من أن يتقلص ويتراجع.

المصدر: ذا غلوباليست

الكاتب: جايمس.م. دورسي

الرابط: https://www.theglobalist.com/saudi-arabia-iran-turkey-middle-east-oil/

 

ضع تعليقاَ