مارس 29, 2024

ستراتفور: كيف تسعى السعودية لتأمين نفوذها في لبنان

يشهد لبنان حالة من الإضطراب منذ سنوات عديدة. فمنذ أن ترك الرئيس السابق “ميشال سليمان” منصبه في عام 2014 فشلت الكتلتين الأساسيتين الرئيسيتين في البلاد من الاتفاق على خليفة مناسب. وبشكل عام، يهيمن تحالف 14 آذار على التمثيل السني – وهو تيار مدعوم من السعودية. فيما يهيمن تحالف 8 مارس المدعوم من إيران على تمثيل الشيعة. وخلال المحادثات المتكررة بين الأطراف المختلفة، شكلت قوة حزب الله العسكرية عائقاً دون التوصل إلى اتفاق معين واستخدمت كلاً من السعودية وإيران نفوذهما لضمان تمثيل الرئيس المقبل لمصالحهما، هذا عدا عن جنوح عدد من قادة تيار 14 آذار إلى اتخاذ موقف أكثر صرامة من حزب الله ودوره في المشهد السياسي اللبناني بما يزيد من الاستقطاب الحاد بين الطرفين.

التحول الشديد صار واضحاً بعد الانتخابات البلدية التي جرت في شهر مايو الماضي في مدن بيروت وطرابلس شمال لبنان. ووفقاً لنتائج الانتخابات فإن شعبية إئتلاف 14 آذار والذي يتزعمه سعد الحريري وصلت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق. وكان الحريري قد سبق له أن دعم في ديسمبر الماضي سليمان فرنجية – المحسوب على تحالف 8 آذار- لشغل منصب رئيس لبنان الشاغر منذ فترة طويلة. لكن حزب الله حينها لم يكن منفتحاً على خيارات التنازل هذه، حيث قام تحالف 8 آذار برفض اقتراح الحريري وقدم مرشحاً آخر لشغل المنصب من تحالف 8 آذار – غير فرنجية – وبالنسبة لكثير من الناخبين السنة، كانت هذه المحاولة الفاشلة في التعاون مع حزب الله دليلاً على الحاجة إلى قائد يقف في وجه التحالف المضاد.

المملكة العربية السعودية من جهتها ترى أن محاولة الحريري لاسترضاء حزب الله لم يكن كافياً لتحقيق أهداف الرياض في لبنان، ومع ذلك تستمر المحاولات  للتوافق على رئيس جديد، وبالتالي بدأت السعودية في التطلع إلى زعماء آخرين من السنة لكي يحلوا مكان الحريري ويعززوا مصالح الرياض في لبنان. وحتى الآن، فإن الاحتمالات تشير إلى أن هذا الشخص هو أشرف ريفي، والذي تمكن من هزيمة الحريري في طرابلس. وسبق لريفي أن عمل قائداً سابقاً للشرطة وأثبت معارضة قوية لحزب الله. وكان ريفي قد استقال في وقت سابق من هذا العام من منصبه كوزير للعدل في لبنان احتجاجاً على نفوذ حزب الله الكبير في لبنان.

بالإضافة إلى وجهات نظره بشأن حزب الله ، يجسد ريفي بعض الأهداف الأخرى المرتبطة بالمملكة العربية السعودية في لبنان. فعلى سبيل المثال، يسعى ريفي إلى توحيد الدوائر المسيحية والسنة في تحالف 14 آذار، وتسهيل طموح الرياض ببسط سيطرتها على الطائفيتين في إطار التحالف.

علاوة على ذلك، يسعى ريفي إلى إعادة التحالف بين تيار المستقبل والأطراف اللبنانية الأخرى، والتي تدهورت العلاقات بينها بعد أن قام الحريري بدعم فرنجية لرئاسة الجمهورية اللبنانية بدلاً من سمير جعجع – قائد القوات اللبنانية – وهو الذي كان موضع توافق بين قوى 14 آذار أساساً.

الحريري من جهته يأمل أن يتجه حزب الله لدعم فرنجية ويمهد أمامه الطريق لتولي رئاسة الجمهوية، على أن يقوم الحريري لاحقاً باعادة تقوية حلفه الذي قوضه إلى حد ما دعم فرنجيه لهذا المنصب. وعلى الرغم من أن السعودية وافقت على فرنجية كمرشح في البداية، إلا  أنها اتخذت موقفاً أكثر تشدداً على الأغلب ضد حزب الله لتقلب المعادلة بهذا الشكل.

ريفي يكتسب المزيد من التأييد بين سكان لبنان السنة، ففي انتخابات طرابلس انسحب أربعة من المرشحين المنتمين للإخوان المسلمين لصالح ريفي بدلاً من الاستمرار في دعم الحريري، لكن ما زال من غير الواضح ما إذا كان ريفي سيكون قادراً في الحصول على دعم الطائفة المسيحية في لبنان.

وخلت قائمة ريفي الفائزة في الانتخابات من اي مرشح مسيحي، حيث اعتمد على الاعتقاد السائد بين السنة في أن الشيعة والمسيحيين يقبضون على مقاليد الحكم في البلاد، وبالتالي كسب المزيد من الدعم السني. ومن هنا قد يؤدي صعود ريفي إلى زيادة الانقسامات  في الشارع اللبناني خاصة لو استمر في عدم كسبه لمساحات مشتركة وتوافقية مع الطوائف الأخرى.

في الوقت نفسه، يعاني الحريري من ضغوطات مختلفة، فخلال اجتماعه الأخير مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، قام هولاند بتوجيه النصح للحريري بدعم مرشح حزب الله في الانتخابات الرئاسية، ميشال عون. فرنسا تعلم أن الكثير من عدم الاستقرار ينتظر لبنان،خاصة مع تعنت حزب الله في آرائه واصراره على تنفيذ خطته بتعيين ميشال سليمان في هذا المنصب، وهو ما تعارضه الرياض بشكل أو بآخر.

 Lebanon Groups

ضع تعليقاَ