أبريل 25, 2024

أبرز ما نشرته مراكز الأبحاث العالمية في النصف الأول من آذار / مارس 2017

معهد دراسات الحرب: خسائر “داعش” في العراق وسوريا ما بين 27 فبراير و9 مارس 2017

رصد معهد دراسات الحرب الخسائر التي مُنِي بها تنظيم الدولة في العراق وسوريا خلال الفترة ما بين 27 فبراير و9 مارس 2017:

– استعادت القوات الموالية للنظام السيطرة على مدينة تدمر الأثرية بمساعدة من إيران وروسيا وحزب الله يوم 2 مارس.

– استولت القوات الموالية للنظام على قرى إضافية كان التنظيم يسيطر عليها في محافظة حلب شمال شرق البلاد يومي 7 و9 مارس، ما مكنها من استرداد البنية التحتية الحيوية.

– استمرت قوات سوريا الديمقراطية التي يهيمن عليها الأكراد وتحظى بدعم الولايات المتحدة في مسح ريف شرق الرقة في محاولة لعزل المدينة، واستولت على قرى متاخمة للطريق الداخلي يوم 9 مارس.

– سيطرت قوات الأمن العراقية في المبنى الحكومي في نينوى جنوب غرب الموصل يوم 7 مارس.

– يحتفظ تنظيم الدولة بقوات لديها إمكانيات على الأرض في الرقة وحمص الشرقية ودير الزور، يرجح أن تستمر في مهاجمة قوات النظام في سوريا.

– يرجح التقرير الذي أعدته الباحثة ألكسندرا جوتوسكي أن يتسلل التنظيم إلى مناطق أوسع في أنحاء العراق وسوريا تمهيدًا لشن حملات هجومية مفاجئة في المستقبل.

– بالتزامن مع هذا التراجع، يحرز تنظيم الدولة صعودًا في أفغانستان سيسلط عليه الضوء بكثافة ضمن حملته العالمية للتغطية على الخسائر التي مني بها في العراق وسوريا والتي لن يكون بمقدوره تعويضها على الفور.

آرون شتاين- أتلانتك كاونسل: مسار الحرب السورية يضر مصالح تركيا ويوتر علاقاتها مع أمريكا

مع توجه النظام السوري إلى الجنوب من الباب، وبدء حملة قوات سوريا الديمقراطية داخل الرقة وحولها، رأى الباحث آرون شتاين أن الصراع السوري دخل مرحلة جديدة، لكن مسار الحرب لا يتوافق مع المصالح التركية على الرغم من النجاحات التكتيكية التي أحرزتها أنقرة في عملية درع الفرات.

وأضاف في مقالٍ نشره أتلانتك كاونسل: يمكن للولايات المتحدة أن تسعى إلى توفير ضمانات إضافية لتركيا حول مستقبل الدولة السورية وموقع حزب الاتحاد الديمقراطي في الداخل، لكن هذه المسألة من المؤكد أن تهيمن على العلاقات الأمريكية التركية في المستقبل المنظور.

يتوقع ” شتاين” أن تتصلب تركيا بشأن القضية الكردية السورية، لكن تحركات النظام والإجراءات المتزامنة في الرقة، وربما في وادي نهر الفرات، تخلق حقائق إقليمية على أرض الواقع، وبالتالي تشكل تحديا للدبلوماسيين وصناع السياسة الأمريكية الذين يجب أن يستمروا في السير على خط رفيع بين تركيا والأكراد السوريين.

وختم الباحث بالقول: “سوف يستمر الصراع، لكن الحقائق التي يمكن أن تحدد شكل محادثات السلام المستقبلية يتم خلقها باستخدام القوة. هذا المسار يضر الآن مصالح أنقرة، ويضمن استمرار التوترات بين الولايات المتحدة وتركيا.

سام فولوود- مركز التقدم الأمريكي: الخطاب المعادي للمسلمين يضعف أمريكا.. وجهود ترامب كـ فخَّارٍ يحسبه الأبله ذهبًا

حذّر الباحث البارز في مركز التقدم الأمريكي، سام فولوود من أن “الخطاب المعادي للمسلمين يؤدي فقط إلى إضعاف الولايات المتحدة”، واصفًا النهج الذي يتبعه ترامب بـ”سياسة الكراهية والتعصب والإقصاء التي تستهدف المسلمين”.

يرى الكاتب أن الجهود التي تبذلها إدارة ترامب لفرض حظر على المسلمين كفخارٍ يحسبه الأبله ذهبًا، لكنها في الواقع “لا توفر الأمن لأمتنا، ولا تعزز مصالح شعبنا في الداخل أو الخارج”، هذا فضلا عن عجز محللي الاستخبارات التابعين لوزارة الأمن الداخلي مرتين متواليتين عن العثور على أدلة كافية تثبت أن مواطني الدول الإسلامية المستهدفة تشكل تهديدات إرهابية على الولايات المتحدة.

ويختم الكاتب بالقول: “بدلا من السعي لتطبيق أجندة معادية للمهاجرين والمسلمين على مستوى العالم، تسئ لسمعة الولايات المتحدة في الداخل والخارج، أولى بالبيت الأبيض أن يعترف بالعديد من إسهامات المهاجرين في اقتصادنا ومجتمعاتنا. أما اختلاق أعذار مؤسفة لإبقائها في الخارج يجعلنا فقط أضعف كأمة وليس أقوى”.

كريس كوزاك- معهد دراسات الحرب: اعتماد أمريكا على الائتلاف المؤيد للأسد محتوم الفشل

نشر معهد دراسات الحرب مجموعة أفكار تأسيسيَّة حول الوضع في سوريا قدَّمها الباحث كريس كوزاك بالتعاون مع مشروع التهديدات الحرجة، وهي في الأصل نتاج عملية بحث مكثفة استمرت عدة أشهر لصياغة وتقييم دورات العمل التي يمكن للولايات المتحدة أن تتبعها لهزيمة تنظيمي الدولة والقاعدة في العرق وسوريا:

– نظام الرئيس السوري بشار الأسد لا يتمتع بالسيادة على بلاده، ولا هو شريكٌ مجدٍ للولايات المتحدة في حربها ضد تنظيمي الدولة والقاعدة.

– اخترقت روسيا وإيران سلطات القيادة والسيطرة في الجيش العربي السوري على كافة المستويات ووفرت الجزء الأكبر من قواته القتالية الهجومية.

– الائتلاف المؤيد للنظام لا يستطيع تأمين كل التراب السوري وهو يخدم في المقام الأول باعتباره وسيلة لبسط سلطة موسكو وطهران في المنطقة.

– أي استراتيجية أمريكية في سوريا تعتمد على القوات الموالية للنظام سوف تفشل في تدمير السلفية الجهادية في حين ستؤدي إلى تمكين إيران وروسيا.

باتريك كلاوسون- معهد واشنطن: تقييم صندوق النقد لاقتصاد إيران بعد الاتفاق النووي مضلل

في حين أثنى التقرير السنوي الذي أصدره صندوق النقد الدولي يوم 27 فبراير على إيران لاعتمادها “سياسة مالية حكيمة” نجحت في “إبقاء العجز في الميزانية منخفضاً رغم الظروف التي تزخر بالتحديات”، يرى مدير الأبحاث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، باتريك كلاوسون، أن “لا شيء من هذا الثناء حقيقيا بأي معنى معقول”.

يضيف “كلاوسون”: إن عجز تقرير “صندوق النقد الدولي” عن تسليط الضوء على التناقضات والمخالفات الصارخة في حسابات إيران الاقتصادية لأمر محبط. ولغاية الآن لم يكن أداء “الوكالة” في مساءلة طهران أفضل مما قام به الصندوق.

بل على العكس تماماً: يوفّر تقرير “الصندوق” على الأقل ما يكفي من المعلومات الأولية للقراء من أجل اكتشاف أن أحكامه المتفائلة بشأن بعض المسائل لا أساس لها، في حين أن “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” أخفت الكثير من البيانات الضرورية لتكوين حتى رأي مستقل حول ما إذا كانت إيران توفي بالتزاماتها النووية”.

ويختم المقال بالقول: حين تُزَج السياسة المالية والمصرفية إلى الاضطرابات من قبل المؤسسات الثورية التي لا تولي اهتماماً لوكالات نافذة مثل البنك المركزي الإيراني ووزارة الشؤون الاقتصادية والمالية، لا بدّ أن تشعر الشركات الأجنبية بالقلق بشأن إمكانية تدخل الجهات الفاعلة في أعمالها. وباختصار، إذا أراد المسؤولون الإيرانيون معرفة سبب تردّد المستثمرين والمصارف الأجنبية في مزاولة أعمال تجارية في بلادهم، عليهم النظر في المرآة”.

ديفيد بولوك: سلطة إيران الاقتصادية على إقليم كردستان

رصد الباحث البارز في معهد واشنطن ديفيد بولوك السلطة الاقتصادية المباشرة التي تمارسها إيران بطريقة لا يستهان بها على كردستان، وهيمنة شبح إيران بقوة على مسألة استقلال كردستان، حيث لا تفتأ طهران تعرب عن رفضها الحازم لهذا الخيار.

استشهد “بولوك” بالتبادلات التجارية غير النفطية مع إيران، لا سيما استيراد المواد الغذائية الأساسية وسلع استهلاكية أخرى، التي تُعتبر عاملًا أساسيًا لإرساء الاستقرار في الحياة الاقتصادية اليومية في “إقليم كردستان”.

فرزين نديمي: الحرس الثوري يعوق التجسس البحريّ الأمريكي على تجاربه الصاروخية

حين اعترضت زوارق الحرس الثوري السريعة طريق سفينة أمريكية غير مسلحة في مطلع مارس وأرغمتها على تغيير مسارها، ثار الجدل كالعادة حول ادعاء الحرس الثوري بأنه السفينة انحرفت عن “الممر الدولي” في مضيق هرمز، في مقابل التشكيك في دخول المياه الإيرانية أصلا.

بيدَ أن المحلل المتخصص في الشؤون الأمنية والدفاعية المتعلقة بإيران ومنطقة الخليج، فرزين نديمي، ذهب مباشرة إلى النقطة الأهم: تحديد نوع السفينة الأمريكية التي واجهت هذه المضايقات، ليتضح أنها من طراز “تي-أي جي أم 24” مهمتها قياس وتعقب الصواريخ.

هذا يعني أن الهدف من هذا الاعتراض الإيراني لم يكن تحرُّشًا من الحرس الثوري كما اعتادت التغيطات الأجنبية تصويره، بل هو إعاقة للتجسس الأمريكي على التجارب الصاروخية الإيرانية الأخيرة في تلك المنطقة.

يعضِّد ذلك أن الحرس الثوري أطلق في اليوم ذاته صاروخين باليستيين من “ذوي التوجيه النشط بالرادار” على مركب في خليج عمان، حسبما أفادت تقارير شبكة “فوكس نيوز” ووكالة “يونايتد برس إنترناشيونال”.

الدليل الأوضح هو أن السفينة المسماة “إنفينسيبل” تقوم منذ عام 2012 بمراقبة التجارب الإيرانية للصواريخ الباليستية في مسرح العمليات، ومن المرجح- بحسب “نديمي”- أن التجارب الأخيرة لم تشذّ عن القاعدة.

يخلً الباحث في الختام إلى أن هذه سلوكيات طهران تشير إلى إمكانية أن تكون الأنشطة الصاروخية الإيرانية الأحدث جزء من برنامج معجّل من التجارب والتدريبات لتنمية قدرات الردع والهجوم السريع ضد قوات البحرية الأمريكية الاستراتيجية، على مدى تعجز معظم صواريخها الراهنة المضادة للسفن عن بلوغه.

الأردن في مواجهة الأزمة السورية

نشر موقع “لوكلي دي مويان أوريون” الفرنسي دراسة للكاتبة، إلهام يونس، تحت عنوان “الأردن في مواجهة الأزمة السورية”، سلّطت من خلالها الضوء على تداعيات الأزمة السورية على المملكة الهاشمية الأردنية.

وقالت الكاتبة إن الاضطرابات والحروب التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط، وخاصة البلدان المجاورة للأردن، أثرت سلبا على وضع المملكة الأردنية الهاشمية. فمنذ سنة 1948 إلى حدود سنة 1967، واجهت الأردن نزوح أعداد غفيرة من الفلسطينيين إلى أراضيها، وهو ما تواصل مع التدخل العسكري الأمريكي للعراق في شهر آذار/ مارس سنة 2003. أما منذ سنة 2011، فقد واجهت الأردن تدفق اللاجئين إلى أراضيها، وذلك على خلفية اندلاع الحرب السورية.

في الواقع، تمثل هذه الموجة الجديدة من الهجرة، عنصرا جديدا يزيد من عدم الاستقرار السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي للمملكة الأردنية. ووفقا لتقارير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن ما يقارب عن 2.3 مليون شخص فروا من سوريا نحو الدول المجاورة لها على غرار، لبنان، والأردن، وتركيا، والعراق.

علاوة على ذلك، أفاد الباحث الجغرافي، سيريل روسيل من المعهد الفرنسي للشرق الأدنى في عمان، أن “معظم اللاجئين السوريين كانوا يتمركزون، منذ بداية الحرب السورية، في بلدة رمثا الحدودية والمناطق المحيطة بها. لكن بعد تكثيف القوات النظامية هجماتها العسكرية وغاراته الجوية، منذ مارس/ آذار 2012، ارتفع عدد اللاجئين بشكل ملحوظ، وبدؤوا ينتشرون داخل المدن الأردنية الأخرى. ومنذ مطلع سنة 2013، أصبحت هذه البلاد تشهد قدوم ما يقارب عن 80 ألف إلى 100 ألف لاجئ شهريا، معظمهم من بلدة درعا السورية الحدودية.

من جهة أخرى، يعتمد أغلب النازحين السوريين في الأردن على المساعدات التي تقدّمها الوكالات الإنسانية المحلية والدولية. أما في المخيمات، فإن وضعهم يكون أكثر صعوبة بكثير، نظرا لأن السلطات الأردنية تقوم بمراقبة حركة اللاجئين، والتحكم فيها بشكل كبير.

أما إذا أراد اللاجئ مغادرة المخيم، فيجب عليه أن يجد شخص من جنسية أردنية يكفله عند السلطات الأردنية. بمعنى أنه لا يمكن للاجئين مغادرة المخيم دون العثور على هذا الكفيل وذلك حتى يتسنى له الذهاب إلى المستشفيات، أو البحث عن مدارس لتعليم أطفالهم أو حتى الحصول على تصريح عمل، الذي يكلف  اللاجئ قرابة 400 يورو. وفي الحقيقة، إن هذا المبلغ يعتبر بالنسبة للأسر السورية التي تعيش على المساعدات الدولية، مبلغا ضخما.

للتعامل مع هذه الأزمة الإنسانية غير المسبوقة، تم حثّ المجتمع الدولي على التحرك لمساعدة السوريين المهجرين. فمنذ بداية الأزمة السورية، وفر الاتحاد الأوروبي أكثر من 85 مليون يورو. وابتداء من يناير/ كانون الثاني سنة 2014، قدّم الاتحاد مخصصات إضافية تبلغ 20 مليون يورو، استجابة للوضع المزري الذي يعيشه اللاجئين.

كما أشارت الكاتبة إلى أن هذه المساعدات تهدف أولا إلى توفير مرافق الصرف الصحي إلى المساكن التي يقطنها اللاجئين، والاهتمام بالنظافة، التي من شأنها أن توفر بيئة لها عدة مخاطر على صحة الأطفال. من جهة أخرى، تسعى هذه المساعدات لتعزيز البرامج التعليمية للأطفال الصغار لضمان وصولهم إلى المدارس الحكومية.

وتجدر الإشارة إلى أن الميزانية العامة للمفوضية المخصصة للأردن قد ارتفعت بشكل ملحوظ، من 62.8 مليون دولار في سنة 2010 إلى ميزانية ثابتة تفوق قيمتها 430.4 مليون دولار، في سنة 2014. وتستخدم هذه الأموال على أرض الواقع لتنفيذ الحلول الطارئة، ولتلبية الخدمات الأساسية على غرار الصحة، والتعليم، والأمن الغذائي، وبناء مرافق الطوارئ للاجئين.

وفي الحقيقة، تعدّ أزمة اللاجئين التي تعيشها الأردن مشكلة هيكلية معقدة للغاية يجب على مفوضية اللاجئين معالجتها على المدى الطويل. فحتى في حال تم التوصل إلى حل سياسي بين قوى المعارضة ونظام الأسد، فإنه ليس من المؤكد أن يعود النازحين إلى مدينتهم الأصلية وذلك لأسباب تتعلق بالنظام الأمني. والجدير بالذكر أن تشرذم المعارضة السورية بين القوات الجهادية المختلفة، وتواجد المجموعات الكردية، فضلا عن الائتلاف الوطني السوري، أصبح يغذي مخاوف السوريين من تقسيم البلاد السورية، ويقوض إمكانية العودة الجماعية لمئات الآلاف من اللاجئين.

ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه في هذه النقطة هو؛ هل يمكن للمواطنين السوريين الحصول على المواطنة الكاملة في الأردن؟. والجدير بالذكر أن الأردن تعتبر الدولة الوحيدة التي منحت بشكل جماعي المواطنة الكاملة للاجئين الفلسطينيين، بعد الحروب العربية الإسرائيلية التي دارت في سنة 1948. ووفقا للأرقام الرسمية، يمثل الفلسطينيون اليوم حوالي نصف سكان الأردن. وفي هذا الصدد، قال الباحث “جلال الحسيني” أن “المملكة لديها مخاوف من أن تتحقق رغبة الإسرائيليين وتصبح الأردن “الوطن البديل” للفلسطينيين.

ونتيجة لذلك، أعلنت المملكة الأردنية، رسميا، إغلاق حدودها أمام اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا، خوفا من تفوق عددهم على السكان الأصليين للأردن. وبالنسبة للفلسطينيين الذين تمكنوا من عبور الحدود بطريقة غير مشروعة، فهم لا يتمتعون بنفس الحقوق والخدمات التي تقدمها المملكة للسوريين.

وبينت الكاتبة أن اللاجئين لعبوا دورا بالغ الأهمية في زعزعة الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي للمملكة، فهي لم تنج من موجة من الاحتجاجات الاجتماعية التي هبت في العالم العربي، منذ سنة 2011. فقد دفعها ذلك لاتخاذ العديد من الإجراءات والإصلاحات التي تفوق قدرة ميزانيتها. وقد اكتسبت الاحتجاجات زخما كبيرا في شهر فبراير/ شباط 2011، حيث تجمعت  العديد من العشائر الأردنية للتنديد بالفساد والمحسوبية التي تنهش هياكل الإدارات الأردنية. وفي الواقع، تعتبر هذه العشائر البدوية ركنا أساسيا من أركان النظام الملكي الأردني، كما أن احتجاجهم يدلّ على وجود أزمة عميقة.

وفي الختام، ووفقا لدراسة استقصائية وطنية أجراها مركز البحوث الأردني في شهر أيلول/ سبتمبر 2012،  فإن 65 بالمائة من الأردنيين أعبوا عن رفضهم لمواصلة استضافة اللاجئين السوريين، نظرا للانعكاسات السلبية  التي ترتبت عن قدومهم؛ على غرار ازدحام المدارس، ومشاكل المياه، والتشوهات التي ظلت تعانيها سوق العمل الأردنية، منذ بداية الصراع السوري.

فتيحة دازي هاني: “المملكة العربية السعودية في 100 سؤال”

نشر موقع “لوكلي دي مويان أوريون” الفرنسي دراسة للكاتب أوريان هوشون، خريج جامعة “السوربون”، تحت عنوان “فتيحة دازي هاني: المملكة العربية السعودية في 100 سؤال”. وقد قام الكاتب بتقديم صورة شاملة ومبسطة وموضوعية لأوجه الحياة العامة في المملكة العربية السعودية. كما شملت الأسئلة مجالات السياسة، والاقتصاد، والثقافة، والاجتماع.

ووفقا لما جاء في كتاب فتيحة دازي هاني الذي يحمل عنوان: “المملكة العربية السعودية في 100 سؤال”، فإن إنشاء المملكة العربية السعودية يعود إلى القرن 18 في شبه الجزيرة العربية، التي تمثل “وطن العروبة” ومهد الإسلام. ففي القرن 15، فرضت الإمبراطورية العثمانية سلطتها على جميع أنحاء العالم العربي، وصولا إلى الحجاز، ومكة المكرمة، والمدينة المنورة.

أما في سنة 1744، فقد تحالفت عشائر محمد بن سعود مع الداعية محمد ابن عبد الوهاب، حيث تعهدت بدعم حرب الجهاد التي نادى بها هذا المصلح، بهدف إخضاع السكان إلى تعاليم الإسلام “الصحيح”.

وبالتالي، أصبحت المملكة العربية السعودية بلدا “وهابيًّا” في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، بعد انتشار الأفكار الوهابية فيه. لكن منطقة الحجاز كانت الأكثر معارضة لأتباع هذا النظام السياسي-الديني، وذلك بسبب وجود الطوائف الصوفية، والشيعية.

وفي الواقع، أدى هذا التحالف مع “الوهابية” إلى انقسام المملكة العربية السعودية إلى ثلاث دويلات، تبع ذلك سقوط الدولة السعودية الأولى، على يد الدولة العثمانية في سنة 1818، أما الدولة السعودية الثانية، فقد تفككت بسبب الحرب الأهلية والاضطرابات الاجتماعية التي أنهكت المنطقة. ثم تأسست المملكة الحالية، في 22 أيلول/سبتمبر سنة 1932، من قبل ابن سعود، الذي تحالف مع جماعة الإخوان، ومجموعة النخبة القبلية الوهابية، لاستعادة أراضي شبه الجزيرة العربية.

في هذا السياق، أورد الكاتب عن فتيحة دازي هاني قولها “إن التجارب  التي عاشتها الدول الثلاث تشير إلى أن آل سعود لا يمكنهم أبدا ضمان استقلالية الأراضي العربية، دون الحصول على دعم الوهابية، التي كانت توفر الشرعية السياسية لهذه الأراضي، بما في ذلك الأماكن المقدسة”.

وأضاف الكاتب أن المملكة السعودية الثالثة تأسست على أنقاض سقوط الإمبراطورية العثمانية، وبموافقة الاحتلال البريطاني. لكن منذ سنة 1933، تقلص النفوذ البريطاني لصالح الولايات المتحدة الأمريكية. وبدأت العلاقات السعودية الأمريكية تتوثق، عقب اجتماع الملك عبد العزيز آل سعود، مؤسس المملكة العربية السعودية، والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، على ظهر السفينة الحربية “كوينسي” في 14 فبراير/شباط 1945.

وفي هذا الصدد، بيّن الكاتب أن ذلك اللقاء كان محطة تاريخية في العلاقات بين البلدين، حيث منحت المملكة العربية السعودية الولايات المتحدة أول امتياز للتنقيب عن النفط في أراضي المملكة، لشركة أرامكو الأمريكية، التي لعبت دورا رئيسيا في ازدهار الدولة السعودية.

وقال الكاتب إن الدين يتجذر في صميم بناء الدولة السعودية، ويمثل المحرك الأساسي لحياة السعوديين. فعلى الرغم من أن تركيبة المجتمع السعودي قد تغيرت على مرّ السنين، إلا أنه ظلّ يسير ضمن تعاليم الإسلام الصارمة. ومنذ سنة 1792، سيطر نسل الداعية محمد بن عبد الوهاب على المناصب الدينية الرئيسية في الرياض؛ مثل إمامة المساجد العظيمة، وقطاع التعليم، والقضاء.

وأشار الكاتب إلى أن المؤسسة الدينية كانت دائما تعارض قرارات الحكومة المتعلقة بتعليم الفتيات، وقانون العمل. ولكن منذ سنة 2016، تراجع نفوذ الشرطة الدينية (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، التي تُعرف اختصارا باسم (الهيئة)، والتي تفرض رقابتها في السعودية،نظرا لأن الشباب السعودي رفض وجود مثل هذه السلطة، التي تراقبهم وتقيد حريتهم.

فضلا عن ذلك، كانت وزارة العدل، ووزارة الشؤون الإسلامية والحج والعمرة، دائما تحت قبضة أحفاد محمد بن عبد الوهاب. ولكن، منذ سنة 1926، سيطر آل سعود على أهم الأماكن المقدسة الإسلامية على غرار مكة المكرمة، والمدينة المنورة، فضلا عن قطاع الحج الذي يدر مبالغ مالية هامة للمملكة التي تسعى، في الوقت الراهن، إلى تطوير قطاع السياحة الدينية.

إلى جانب السنة، يوجد في المملكة العربية السعودية طائفة شيعية، تسمى الشيعة الاثني عشرية، والتي تمثل ما بين 10و20 في المائة من العدد الإجمالي لسكان المملكة. في المقابل، تعتبر المدرسة الدينية الحنبلية الوهابية أن الشيعة من الكفار والمشركين بالله، فضلا عن اعتبارها أنها من المذاهب الدينية التي ترفض تطبيق تعاليم الدين الإسلامي الصحيحة.

وحتى اللحظة الراهنة، لا زالت المؤسسات الدينية الوهابية تهمش هذه الطائفة الشيعية، وتحرمها من الوصول إلى المناصب الهامة في الدولة. على النقيض من ذلك، فعائلة آل سعود، يتغاضون عن الممارسات الدينية الشيعية، ولا يسعون إلى إجبار هذه الطائفة على اعتناق المذهب الحنبلي الوهابي.

وعلى صعيد آخر، أشار الكاتب إلى أن العديد من الأحداث التي شهدتها المملكة العربية على غرار عملية خطف الرهائن في مكة المكرمة، سنة 1979، والتدخل الأمريكي في حرب الخليج الأولى، والحرب على العراق سنة 2003، ساهمت في التشكيك في شرعية آل سعود والمؤسسات الدينية، كحراس للأماكن المقدسة، خاصة منذ وصول الشيعة إلى السلطة في العراق سنة 2003. وبالتالي، تغيّرت العديد من المعطيات الجيوسياسية في الوضع الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن المملكة لا تزال حتى الوقت الراهن، تواصل هدفها في نشر العقيدة الحنبلية الوهابية في العالم، عن طريق المنظمات غير الحكومية، والمنظمات الإسلامية الدولية. فضلا عن ذلك، لا تتبع الحكومة السعودية أي سياسة محددة لتصدير العقيدة السلفية، إلا أن هناك العديد من الأفراد الذين يتصرفون من تلقاء أنفسهم، دون رقابة الحكومة.

أما على الصعيد السياسي، فإن آل سعود يسيطرون على الجهاز البيروقراطي للدولة. ففي سنة 1921، تم إنشاء مجلس العائلة المالكة السعودية، الذي يعتبر مؤسسة رسمية مركزية في اتخاذ القرارات الحكومية. ومن خلال إنشاء هذا المجلس، أراد الملك ضمان اتحاد وتعاون جميع نسله في ممارسة السلطة، لكن على الرغم من ذلك، بقيت مسألة الحكم إشكالية عجزت الدولة عن  تسويتها على مرّ السنوات.

وفي شأن ذي صلة، أصدر الملك الراحل، فهد بن عبد العزيز، في شهر آذار/مارس سنة 1992 قانونا أساسيا يعزز نفوذ الملك، ويشدد من إحكام قبضته على السلطة. وفي الحقيقة، إن هذا النص القانوني يجعل من العائلة المالكة حجر أساس الوحدة الوطنية السعودية، ويفرض على جميع المواطنين السعوديين الولاء للملك في جميع الأحوال، فضلا عن أنه يفرض على جميع المؤسسات الدينية الخضوع لأوامر العائلة المالكة. كما تضمّن هذا القانون تأسيس مجلس للشورى يُعنى بتقديم المشورة بشأن القوانين التي يقررها مجلس الوزراء، وبتقييم التقارير التي يقدمها الوزراء أو الجهات الرسمية.

وعلى الصعيد الاقتصادي، يمثل النفط قرابة 90 في المائة من عائدات السعودية. وفي هذا الصدد، فإن أحد أهم مصادر العائدات الضخمة للمملكة هو شركة “أرامكو”، العملاق الاقتصادي العامل في مجالات عدة، كالنفط، والغاز الطبيعي، والبتروكيماويات، والأعمال المتعلقة بها على غرار التنقيب، والإنتاج، والتكرير، والتوزيع، والشحن، والتسويق. فضلا عن ذلك، تعتبر هذه الشركة من الشركات العالمية المتكاملة، التي تم تأميمها سنة 1988.

إضافة إلى ذلك، تشغّل أرامكو قرابة 60 ألف عامل، وتسيطر تقريبا بالكامل على مخزون المحروقات في البلاد. مع العلم أن تمويلات هذه الشركة تظل في طي الكتمان بالنسبة للدولة، خاصة وأن أغلب عملياتها غير شفافة.

من جهة أخرى، يؤثر ثمن البرميل الواحد بصفة مباشرة على إيرادات المملكة حيث تراجعت عائدات البلاد سنة 2015، نظرا لتراجع أسعار النفط بنسبة 45 في المائة. وفي السياق ذاته، تحصل العائلة المالكة على حصتها من عائدات النفط، في حين أن الباقي يوزع على نطاق واسع على الشعب، على شكل مشاريع تنموية (البنية التحتية، والخدمات، والعمالة في القطاع العام). ولذلك، تعتبر عملية إعادة توزيع الدخل هي المحرك الأول للنمو في البلاد.

في المقابل، عانت السعودية من تراجع أسعار النفط إذ تمّ إقرار سياسة التقشف من أجل التأقلم مع انخفاض أسعار النفط. وفي سنة 2016، وللمرة الأولى، تمت مراجعة قطاع الخدمات المدعومة الخاصة بالمياه، والغاز، والكهرباء. ومن جهته، يريد ولي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، تغيير النمط الاقتصادي للبلاد، عن طريق تغيير الإستراتيجية، وتقليص الاعتماد على النفط، وهو ما يعد خطوة أساسية لإصلاح الاقتصاد وتنويعه.

والجدير بالذكر أن هذا الأمير السعودي يتعاون مع شركات أمريكية بهدف تنويع مصادر الاقتصاد السعودي، عن طريق وضعه لخطة اقتصادية لمرحلة ما بعد النفط، أطلق عليها “رؤية 2030”. ومن أبرز جوانب هذه الرؤية، إنشاء قطاع جديد وحيوي، من خلال دفع الاستثمارات في قطاع السياحة، للظفر بعائدات أكثر استقرارا، بعيدة عن تلك العائدات النفطية التي تعرف بتقلبها.

من جهة أخرى، وعلى الصعيد الدبلوماسي، ترتكز المملكة على ثلاث قواعد هامة، أولها معاداة إيران الشيعية، وثانيها التبعية المطلقة لواشنطن للدفاع عن سيادتها الوطنية، وأخيرا، نشر أيديولوجيتها الدينية. وفيما يخص الركيزة الثالثة، وبفضل مركزها كدولة غنية في العالم، يسهل على السعودية نشر الفكر الحنبلي الوهابي خارج أراضيها.

في الواقع، لم تنجح المملكة في كسب دعم حقيقي في منطقة الشرق الأوسط، لكنها لا زالت تحافظ على مركزها كقوة إقليمية في هذه المنطقة. كما تعتبر السعودية الدولة الراعية لمجلس التعاون الخليجي، الذي يضم ست دول ملكية أخرى من شبه الجزيرة العربية. ويعمل هذا المجلس على الحفاظ على الأنظمة السياسية في هذه البلدان. لذلك، فنحن لا نستغرب عدائية هذه الدول لرياح التغيير التي هبت على المغرب العربي، والتي أطلق عليها اسم “الربيع العربي”.

واستكمالا للحديث عن الجانب الدبلوماسي، يذكر الكاتب أن التوتر مع إيران ليس وليد اللحظة، إذ شهد هذا التوتر ارتفاعا منذ زرع الولايات المتحدة سلطة شيعية في العراق، خلال سنة 2003. ومع انسحاب القوات الأمريكية المقاتلة من العراق، سنة 2011، تعمقت حدّة التوتر بين كل من طهران والرياض، بشكل غير مباشر، عن طريق تدخل الطرفين في الأزمة اليمنية، والحرب في سوريا، والاضطرابات في لبنان، بهدف الحصول على الزعامة الإقليمية.

كما تنامى نسق الكراهية بين البلدين، من خلال الخطابات القومية، وتمجيد مشاعر الكراهية المتبادلة. كذلك، أثارت عودة إيران إلى الساحة الدولية قلق الكثير من السعوديين، خاصة وأن إيران تحظى بسوقٍ استهلاكية محلية تقدّر بحوالي 80 مليون نسمة، فضلا عن انتشار الثقافة والحضارة الإيرانية في الدول الغربية. وبالتالي، أصبحت إيران تشكل تهديدا وجوديا للاقتصاد السعودي.

من جانب آخر، أعقبت عودة إيران الإقليمية، عزوف الولايات المتحدة الأمريكية عن التدخل في الأزمات التي تعصف حاليا بالشرق الأوسط، إضافة إلى انتشار الفكر الجهادي بصفة كبيرة. وقد تسببت كل هذه المعطيات في  تنامي إحساس السعودية بالتهديد. لذلك، تعمل، في الوقت الحالي، على استقطاب حلفاء جدد يملكون نفوذا عسكريا. فهي لم تتردد للحظة في وضع يدها في يد كل من تركيا، والأردن، ومصر، والمملكة المتحدة، وإسرائيل.

في المقابل، لا تنكر الرياض، رغم هذه التحالفات، حاجتها الماسة للولايات المتحدة. وبالتالي، فهي تحاول إعادة واشنطن إلى ساحة الشرق الأوسط. من جهة أخرى، يظل التهديد الإيراني، والتوتر في الشرق الأوسط، ومكافحة الإرهاب (القاعدة وتنظيم الدولة)، والمنافسة داخل دول مجلس التعاون الخليجي، من أهم الأسباب التي دفعت السعودية لتكون من أكثر الدول استيرادا للسلاح في العالم، والدولة الثالثة عالميا في الإنفاق العسكري.

مؤسسة كونراد أديناور: الاتفاقية التونسية الألمانية؛ اتفاقية ترضي الطرفين

نشرت مؤسسة “كونراد أديناور” الألمانية دراسة حول اتفاقية اللاجئين المبرمة بين تونس وألمانيا. وتحدثت المؤسسة في دراستها عن الزيارة التي قامت بها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إلى تونس مؤخرا  والتي كانت مثمرة؛ إذ أفضت إلى اتفاق يرضي الطرفين التونسي والألماني.

التقت ميركل خلال زيارتها القصيرة بالرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، كما توجهت إلى مبنى البرلمان وألقت كلمة أمام النواب التونسيين. علاوة على ذلك، أشرفت  المستشارة الألمانية على تدشين مركز تونسي ألماني بشأن الهجرة والتشغيل وإعادة الاندماج في سوق العمل بتونس. وتجدر الإشارة إلى أن وفدا من رجال الأعمال الألمان فضلا عن وزير التنمية الألماني غيرد مولر رافقوا المستشارة خلال زيارتها.

في حقيقة الأمر، تعيش تونس في الوقت الراهن مرحلة انتقال ديمقراطي، عقب الثورة التي اندلعت سنة 2011، أي أنها تعتبر ديمقراطية ناشئة. وعلى الرغم من نجاحها في وضع دستور جديد، إلا أن المناخ الديمقراطي في البلاد ما زال هشا.

بالإضافة إلى ذلك، تبدو صلاحيات كل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء غامضة، في ظل عدم وجود المحكمة الدستورية إلى اليوم. كما تعيش تونس معضلة أخرى، ألا وهي التأجيل المتكرر للانتخابات البلدية. وبناء على هذه المعطيات، فقد الشعب التونسي الثقة في رجال السياسة، نظرا لعجز حكومة الوحدة الوطنية، التي يرأسها يوسف الشاهد، عن تحقيق طموحات التونسيين، وذلك على الرغم من أن هذه الحكومة حظيت بثقة مختلف “الفرقاء” السياسيين.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه الحكومة هي الحكومة التاسعة منذ اندلاع الثورة التونسية، التي تتكون من وزراء منتمين إلى خمسة أحزاب، فضلا عن الاتحاد العام التونسي للشغل، ومجموعة من الوزراء المستقلين. وعلى الرغم من أن هذه الحكومة تحظى بدعم طيف واسع من الأحزاب، إلا أن الشاهد يفتقر إلى الإرادة السياسية، كما أنه عجز عن اتخاذ القرارات الحاسمة، ناهيك عن غياب التوافق بين مختلف الأطراف السياسية داخل الحكومة.

كما أن ما زاد الطين بلة هو استمرار الصراع بين المطالبين بتونس حديثة تشبه الدول الغربية، وبين المتشبثين بالمرجعية الإسلامية. ومما لا يخفى على أحد، أن هناك جزءا من المجتمع التونسي يتبنى توجهات علمانية، ويرفض أي توجه إسلامي. في المقابل، انضم عدد كبير من التونسيين إلى تنظيم الدولة. ففي حين يقاتل عدد من التونسيين في صفوف التنظيم المتطرف في ليبيا والعراق وسوريا، فضّل آخرون الانضمام إلى تنظيم “أنصار الشريعة” بتونس.

والجدير بالذكر أن الأسباب التي تجعل الشباب التونسي يتخذ المنحى المتطرف، تتمثل في انسداد الآفاق في وجه الشباب القاطن في المناطق الداخلية. وفي ظل هذه الظروف، فضّل عدد كبير من الشبان النزوح إلى المناطق الساحلية.

في الحقيقة، يعيش الاقتصاد التونسي مرحلة من الركود، نظرا للأزمة التي يعيشها القطاع السياحي  بسبب الهجمات الإرهابية التي استهدفت البلاد سنة 2015. وفي ظل هذه الظروف، يتمثل الحل الأنسب لإنعاش الاقتصاد في إبرام عقد اجتماعي بين “اتحاد الشغل” و”منظمة الأعراف”، بهدف خلق فرص عمل جديدة. ولكن اللافت في الموضوع برمّته، أن نسبة كبيرة من التونسيين يرون أن البلاد تسير في اتجاه خاطئ.

اتفاق بشأن عودة اللاجئين

في 3 آذار/مارس الماضي، عقد الرئيس التونسي والمستشارة الألمانية، مؤتمرا صحفيا بقصر قرطاج، بعد مفاوضات دارت بين الطرفين حول إمكانية عودة اللاجئين الذين قوبلت طلبات لجوئهم بالرفض. وتجدر الإشارة هنا إلى أن مسألة عودة اللاجئين مثلت الشغل الشاغل للسبسي، المقتنع بضرورة التوصل لحل بشأن اللاجئين منذ زيارة رئيس الوزراء التونسي، يوسف الشاهد، لألمانيا خلال شهر شباط/فبراير الماضي.

عموما، أفضت زيارة المستشارة الألمانية لتونس إلى اتفاق يقضي بترحيل حوالي 1500 لاجئ غير قانوني لتونس، على أن تتثبّت السلطات التونسية، في غضون 30 يوما، من هوية هؤلاء اللاجئين، ثم تصدر لهم جوازات سفر جديدة، حتى يتمكنوا من مغادرة التراب الألماني.

من جهة أخرى، تتكفل الحكومة الألمانية بوضع موظفي وزارة الداخلية الألمانية في خدمة القنصليات التونسية بألمانيا، بهدف تسريع إجراءات تحديد هويات اللاجئين المجهولين. وفي هذا الإطار، أعرب الرئيس التونسي عن أمله في أن تكون هذه الاتفاقية لصالح الطرفين، وألاّ تهدد أمن بلاده.

ومن جهته، حذر السبسي الصحفيين الحاضرين خلال المؤتمر الصحفي من مغبّة تقديم معلومات مغلوطة بشأن الاتفاق، الذي تلتزم بموجبه الحكومة التونسية باستقبال اللاجئين، بينما تدعم ألمانيا إنشاء مركز تأطير اللاجئين، كما تتعهد الحكومة الألمانية بتوفير قرابة 250 مليون يورو في إطار العمل المشترك على تحقيق التنمية. وفي تعليقها على الاتفاق، قالت ميركل إنه “مُرْضٍ للطرفين”.

خطاب ميركل أمام البرلمان يؤكد المصالح المشتركة بين البلدين

شددت ميركل خلال خطابها أمام نواب البرلمان التونسي على المصالح المشتركة التي تربط بين البلدين، مشيرة إلى أنهما يواجهان تحديات مشتركة، على غرار الخطر الإرهابي الذي يهدد الطرفين على حد سواء.

والجدير بالذكر أن كلتا الدولتين عاشتا ويلات الهجمات الإرهابية، وهما مطالبتان بإيجاد حلول للأزمة الإنسانية في البحر المتوسط. بالإضافة إلى ذلك، أشادت ميركل بالتحول السياسي الذي شهدته تونس طيلة خمس سنوات. وفي هذا الصدد، قالت المستشارة الألمانية إن تونس تعتبر بمثابة “نافذة” الأمل في نجاح الربيع العربي.

وعلى الرغم من أن الجمهورية التونسية قطعت أشواطا في طريق الانتقال الديمقراطي، إلا أن المسار الديمقراطي ما زال طويلا، خاصة مع ارتفاع سقف آمال المواطن التونسي. بالإضافة إلى ذلك، أكدت ميركل أنه من الضروري مساعدة تونس على تحقيق التطور الاقتصادي المنشود، وذلك عبر مساعدة الشعب التونسي على إيجاد فرص عمل، فضلا عن المساهمة في تحقيق التنمية في المناطق الداخلية.

وسائل الإعلام التونسية ترحب بالاتفاقية

تطرقت الصحافة التونسية إلى زيارة المستشارة الألمانية بشكل إيجابي، كما تحدثت عن المفاوضات التي دارت بين ميركل والسبسي. وفي الواقع، تبدي وسائل الإعلام التونسية بين الحين والآخر مخاوفها من الإمبريالية الأوروبية، التي من المحتمل أن تؤثر في خيارات الحكومة التونسية.

وعلى الصعيد ذاته، تظاهر عدد من التونسيين مؤخرا، احتجاجا على عودة الإرهابيين، بالإضافة إلى تحميلهم ميركل مسؤولية الضغط على الحكومة التونسية لقبول عودة المتطرفين، وتحويل البلاد إلى معقل للإرهاب.

على كل حال، جاء هذا الاتفاق ليلجم كل الأصوات المستفزة التي وصفت ميركل بأنها انتهازية تريد الترويج لحملتها الانتخابية. وبلغت الأصوات المشككة في أهداف الزيارة حد الحديث عن مطالب خيالية، كانضمام تونس للاتحاد الأوروبي، وإلغاء تأشيرة السفر لأوروبا بالنسبة للتونسيين.

وفي شأن ذي صلة، حذفت ميركل من جدول أعمالها النقاش بشأن مخيمات اللاجئين، خاصة بعد زيارة رئيس الوزراء، يوسف الشاهد، إلى ألمانيا في شباط/فبراير الماضي، التي انتهت بالتخلي عن فكرة إنشاء مخيم للاجئين بتونس. رغم ذلك، ظهرت أصوات خلال خطاب المستشارة الألمانية أمام البرلمان، تتحدث عن إمكانية مناقشة فكرة إنشاء مخيم للاجئين. والجدير بالذكر أن الهدف من مثل هذه التصريحات في هذا الوقت الحرج على ما يبدو، هو إثارة الجدل حول قضية محسومة.

مراقبة تطبيق الاتفاقية ضرورية

كانت زيارة المستشارة الألمانية لتونس مثمرة بالنسبة للطرفين، لكن ألمانيا ستتكفل بمراقبة مدى تنفيذ تونس لبنود الاتفاقية، خاصة تلك المتعلقة بترحيل اللاجئين الذين رُفضت طلبات لجوئهم، حيث ستكون الحكومة التونسية مجبرة على الشروع في إجراءات الترحيل بصفة عاجلة.

في الوقت الراهن، تقف تونس أمام اختبار سيكشف مدى قدرتها على تنفيذ تعهداتها. وحتى في حال تراخيها في ذلك الاختبار، فسيتم ترحيل اللاجئين لا محالة، نظرا لتعهد السبسي بذلك خلال مفاوضاته مع ميركل.

مركز كارنيغي للدراسات: العلاقات السعودية الإيرانية والتوتر بين البلدين  

نشر مركز “كارنيغي” الروسي للدراسات، دراسة حول العلاقات السعودية الإيرانية، ومدى التوتر القائم بينهما منذ سنوات. كما طرح التقرير تساؤلا حول إمكانية وجود سبل للمصالحة بين الدولتين. وفي هذا السياق، يبدو أن إيران مقتنعة بأن الوضع في سوريا مستقر طالما أن السكان الشيعة في أمان، مما يضمن مصالحها. في المقابل، لا تبدو المملكة العربية السعودية راضية أبدا على الوضع.

في الواقع، تحاول إيران إظهار مدى استعدادها للحوار مع المملكة العربية السعودية، واستعادة العلاقات الدبلوماسية معها. وفي هذا السياق، تبدو إيران في حاجة إلى مساعدة من قوى أخرى، خاصة تلك المتواجدة في منطقة الخليج العربي، إلا أن الرياض لم تُبد في المقابل استعدادها لأي مصالحة مع طهران.

والجدير بالذكر أن العلاقة بين طهران والرياض تعتمد على استقرار منطقة الشرق الأوسط، خاصة فيما يتعلق بكيفية تطور الوضع في سوريا والعراق، واليمن، وحتى في لبنان والبحرين، وذلك لأن المنافسة القوية بين الرياض وطهران تكون أكثر وضوحا وأكثر حدة وتوترا عندما تتوتر الأوضاع على الساحة الاقليمية.

وفي إشارة لتاريخ توتر العلاقات الإيرانية السعودية، منذ الثورة الإيرانية والإطاحة بالشاه سنة 1979، تشهد العلاقات الإيرانية السعودية أزمة عميقة إلى حد الآن. وتُوصف الأزمة بالقطيعة التامة أو “الحرب الباردة”، حيث تشترك الدولتان في بسط نفوذهما على العالم الإسلامي. في المقابل، لا تقتصر الخصومة بين طهران والرياض على المجال الديني، بل تجاوزت ذلك لتصل إلى المجال السياسي والاقتصادي.

وفي سنة 2011، ومع انطلاق ثورات “الربيع العربي”، بدأت جولة جديدة من المواجهة بين الدولتين، ولا سيما في سوريا. أما في سنة 2014، فقد اعتقلت المملكة العربية السعودية الداعية الشيعي نمر باقر النمر وحكمت عليه بالإعدام بتهمة التحريض على الاحتجاجات، إذ تم تنفيذ الحكم في الثاني من كانون الثاني/ يناير سنة 2016. وكان النمر أحد المؤيدين لحركة الاحتجاجات المعارضة للحكومة السعودية التي اندلعت في المنطقة الشرقية ذات الأغلبية الشيعية سنة 2011. وقد استنكرت إيران ذلك بشدة، ونددت “بالجريمة” التي ارتكبتها المملكة العربية السعودية في حق الداعية الذي يمثل الشيعة.

في المقابل، اتهمت الرياض، طهران بإذكاء الفتنة الطائفية في المنطقة وتم قطع العلاقات الدبلوماسية معها. كما بدأ التوتر يتفاقم سنة 2015 على إثر حادثة الحج في المملكة العربية السعودية التي أسفرت عن مقتل 800 حاج، من بينهم 464 إيرانيا. ومن جهتها، اتهمت طهران الرياض بعدم الكفاءة لضمان سلامة شعبها وضيوفها. بينما اعتبرت الرياض أن طهران تقوم بتسييس القضية، خاصة وأن طهران منعت مواطنيها من ممارسة شعائر الحج سنة 2016.

يرى العديد من الخبراء، أن العلاقات الإيرانية السعودية تؤثر على الوضع العام في الشرق الأوسط، لذلك وفقا للرئيس الإيراني حسن روحاني، فإنه هناك العديد من البلدان التي أبدت استعدادها للعمل كوسطاء بين الرياض وطهران. ومن بين هذه الدول، العراق، إذ أكد وزير الخارجية العراقي ابراهيم الجعفري أن بلاده تبذل قصارى جهدها للتوصل إلى تليين العلاقات بين الرياض وطهران، خاصة وأن أي أزمة في العلاقات الإيرانية السعودية من شأنها أن تؤثر على العراق. ويبقى السؤال المطروح هنا هو إلى أي مدى قد تصل فعالية هذه الوساطة في ظل هذا الصراع المحتدم؟

إلى جانب العراق، تحاول بعض دول الخليج التدخل كوسيط بين الرياض وطهران، ويتجلى ذلك من خلال زيارة الروحاني إلى عدد من الدول العربية المجاورة، على غرار الكويت وعمان. لكن من غير الممكن أن تكون هذه الوساطة ناجعة دون موافقة واستعداد من المملكة العربية السعودية للمصالحة.

من ناحية أخرى، باستثناء المفاوضات حول الحج، ليس للمملكة العربية السعودية أي استعداد للتفاوض مع إيران. وفي هذا الصدد، قال وزير الخارجية السعودية عادل بن أحمد الجبير إن “علاقاتنا مع إيران توترت نتيجة للسياسة العدائية التي تمارسها إيران ضدنا. من الرائع أن تحظى العلاقات مع إيران ببعض السلام، إلا أنه لا يمكن تحقيق ذلك من قبل طرف واحد”.

والجدير بالذكر أنه من الممكن وجود بعض التنازلات بين الرياض وطهران حول خطوط النفوذ في العراق. في المقابل، تعتقد إيران أنه من أجل التوصل لإجراء حوار مع الولايات المتحدة الأمريكية يجب أن تحظى بدعم من الدول العربية المجاورة، خاصة المملكة العربية السعودية، لا سيما وأن الإدارة الأمريكية الجديدة أعلنت عن نية تخليها عن الاتفاق النووي الذي تم إبرامه سنة 2015.

أما بالنسبة للعامل الروسي، فإن روسيا تحاول البحث عن سبل للتقارب بين الرياض وطهران. فبالنسبة لروسيا، فإن تطبيع العلاقات الإيرانية-السعودية يعدّ أمرا بالغ الأهمية ليس فقط بسبب معاملات النفط وإنما لضمان استقرار الوضع في سوريا. فالمملكة العربية السعودية تمتلك تأثيرا كبيرا على المعارضة المسلحة السورية.

بالإضافة إلى ذلك، تحاول الشركات الروسية البحث عن أفق التعاون الاقتصادي مع الرياض، إلا أن الشراكة الوثيقة بين موسكو وطهران بالإضافة إلى الجهود المشتركة في الحرب السورية، تجعل موقف روسيا أمام المملكة العربية السعودية ضعيفا. لذلك، فالسعوديون هم أقرب إلى السياسة الجديدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي تفيد بوقف انتشار النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، إذ أن ذلك سيلبي أكثر مصالح الرياض.

من جهة أخرى، تبقى موسكو في وضع صعب، إذ من المهم بالنسبة لها الحفاظ على التوازن مع جميع الشركاء في المنطقة على غرار إيران، والمملكة العربية السعودية وتركيا. وتجدر الإشارة إلى أن كلا من تركيا والمملكة العربية السعودية تعدان من أكثر الأطراف الرافضة للسياسة الإيرانية. وفي الوقت نفسه، تسعى موسكو لاستعادة العلاقات مع واشنطن. بالتالي، لا يستبعد العديد من الخبراء أن تكون روسيا قد وُضعت أما خيارين: إما أن تختار الولايات المتحدة الأمريكية أو إيران.

فهل يكون فلاديمير بوتين على استعداد لتعليق العلاقات مع إيران من أجل التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية لمنع العدوان الإيراني في سوريا والشرق الأوسط؟

في الواقع، من الصعب تصور أن تكون موسكو على خلاف مع أحد حلفائها الرئيسين في الشرق الأوسط، خاصة إيران التي تعد من أهم شركائها وداعميها في الشرق الأوسط، مما يعني أن روسيا لا تريد الصراع ولا الدخول في جدال مع أي من حلفائها لا تركيا ولا إيران، كما ليس من مصلحتها الدخول في خلاف مع المملكة العربية السعودية.ووفقا لذلك، فإن العامل الروسي لن يساهم في فض العداوة بين المملكة العربية السعودية وإيران.

في الختام، لا يمكن الحديث عن تحقيق المملكة العربية السعودية وإيران لتقدم إلا في حال توقفت إيران عن التدخل في شؤون الدول العربية. فعلى الرغم من تضارب المصالح السعودية والإيرانية، إلا أن التفاوض قد يكون لمصلحة جميع الأطراف، خاصة وأن حالة الفوضى التي قد تنتج عن تفاقم الصراع الإيراني السعودي لا تبشر إلا بمزيد الدمار في الشرق الأوسط.

المركز الروسي للدراسات المعلومات: المرحلة الجديدة من العلاقات الإيرانية – السعودية بعد تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة 

نشر المركز الروسي للدراسات والمعلومات المهتمة بشؤون الشرق الأوسط وإيران، دراسة تحدث فيها عن المرحلة الجديدة في العلاقات الإيرانية السعودية بعد تنصيب ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية.

بينما خشيت المملكة العربية السعودية من فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية، وراهنت على هيلاري كلينتون التي توقعت الرياض أن تكون حليفة مهمة لها، حصل ما لم يكن متوقعا وتمكن دونالد ترامب من الفوز في هذا السباق الرئاسي. وفي خضم العداء الشديد الذي يميز العلاقات الإيرانية السعودية، جاء ترامب ليعلن عن نواياه تجاه إيران ويمهد لبداية تعاون مع المملكة العربية السعودية.

في الواقع، مثلت قرارات ترامب تجاه إيران، مرحلة جديدة من المواجهة بين إيران والسعودية، إذ بدأت المملكة العربية السعودية بتوجيه التهم إلى إيران، على غرار محاولات التوسع في العالم العربي الإسلامي، ومحاولة الانقلاب على النظام الملكي عبر استغلال الأقليات الشيعية في المملكة.

فمع تولي ترامب للحكم، أصدر قرارا يفيد بمنع مواطني سبع دول من دخول الأراضي الأمريكية من بينها إيران. وعلى الرغم من أنه لم يكن لهذا القرار تفسير منطقي لدى المدافعين عن حقوق الإنسان، إلا أن ذلك لم يُثن ترامب عن المجاهرة بعداوته لإيران.

ومن الواضح أن حدة التوتر في العلاقات الأمريكية الإيرانية صبّت لصالح المملكة العربية السعودية. وفي هذا السياق، لا تعد المملكة العربية السعودية الطرف الوحيد الذي يبحث عن سبل للتخلص من تمادي إيران، فإسرائيل تعد من أشد الرافضين للسياسة الإيرانية في الشرق الأوسط. وفي الزيارة الأخيرة لواشنطن، عبّر نتانياهو عن رغبته في التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية لإيقاف التوسع الإيراني. ومن هنا يمكن الحديث عن توافق ثلاثي في الأفق: واشنطن-تل أبيب-الرياض، تحت ذريعة التخلص من التهديد الإيراني.

من جهتها، تعد الولايات المتحدة الأمريكية على استعداد للتعاون العسكري مع المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، ومن المتوقع أنه سيتم الموافقة على بيع مقاتلات أمريكية إلى البحرين. في المقابل، تخشى الرياض أن تحاول إيران التحريض على ثورة في البحرين خاصة وأن ثلثي سكان هذه المملكة من الشيعة مما قد يهدد أمن المملكة العربية السعودية خاصة من المنطقة الشرقية، نظرا للتقارب الجغرافي بين المملكتين.

وعلى العموم، فإن الوضع بين إيران والمملكة العربية السعودية يزداد توترا، مع وصول ترامب للحكم. ولا يبدو أن هناك توقعات تفيد بتحسن العلاقات بينهما وإنما على العكس قد تصل العلاقات إلى الصراع العسكري في حال استمرت إيران في إشعال فتيل الفتنة داخل الدول العربية على غرار البحرين التي لها روابط سياسية واقتصادية واجتماعية مع المملكة العربية السعودية.

إريك تراجر- معهد هوفر: سياسة السيسي الداخلية هي التي تحرِّك سياسته الخارجية

“إذا كانت دول الخليج الغنية بالنفط تعتقد أنها لا تستطيع مواجهة تحديات المنطقة وحدها، فسيكون من غير الواضح لماذا يعتقد بلد فقير الموارد يعاني من تحديات هيكلية وأمنية شديدة (مصر) أن بإمكانه فعل ذلك”، بهذه الجملة ختم الباحث إريك تراجر مقاله المنشور في معهد هوفر.

وأضاف: “ما يثير استياء الحلفاء الخليجيين بشكل خاص هو أن مصر لم تصبح مرساةً لتحالف عربي سني أوسع ضد إيران. بدلا من ذلك، صاغ السيسي سياسة خاصة به، تنسجم في بعض الأحيان مع مصالح حلفائه الخليجيين وتتناقض معهم طورا آخر، لكنها تتبع دائما النمط ذاته، وهو دعم السيسي للجهات الحكومية كلما كانت في صراع مع الفاعلين من غير الدول”.

 

ليلا جيلبرت- معهد هدسون: أقباط مصر ينتظرون مصير مسيحيي سوريا والعراق

“أقباط مصر قد يعانون من الإبادة الجماعية ذاتها التي سبقهم إليها مسيحيو سوريا والعراق”، هكذا ختمت ليلا جيلبرت، من مركز الحريات الدينية، مقالها المنشور في نشره معهد هدسون حول الهجمة التي يشنها تنظيم الدولة ضد المسيحيين في سيناء.

ترصد الباحثة خيبة الأمل المتزايدة في صفوف الأقباط تجاه السيسي لأن التغيير الحقيقي الذي كانوا ينتظرونه بعد الإطاحة بالإخوان المسلمين لم يبدأ في الظهور، مستشهدة بحادث المنيا في مايو الماضي وتفجير كنيسة القاهرة أواخر ديسمبر.

وتضيف: ما يحدث في العريش يبعث برسالة مفادها أن الحكومة والجيش المصري لا يهتمون كثيرا بسلامة ورفاهية الأقباط. لكن العريش لم تكن الأولى، ولن تكون الأخيرة.

تتساءل الكاتبة عن إمكانية أن يفكر المسيحيون الذين يعانون من الاضطهاد في الشرق الأوسط في خروجٍ جديد، وإذا حدث فإلى أين؟ مشيرة إلى أن المسيحيين ليسوا محظوظين كاليهود الذين استقبلتهم إسرائيل، كما أن تقاليدهم وممارساتهم الدينية لا تشبه نظيرتها المسيحية في الغرب، ولا ترتبط المجموعات الكاثوليكية والبروتستانتية الغربية بهؤلاء المسيحيين الذين هم جزء من الكنيسة الشرقية التي يشار إليها أحيانا باسم الكنائس الوطنية.

في الختام تحذر الباحثة من أن هذه الممارسات العنيفة ضد المسيحيين في مصر تشكل خطرا على منطقة الشرق الأوسط وأوروبا وما وراءهما.

 

ميدل إيست بريفنج: المشهد المصري قد يخرج عن السيطرة

في سياق متصل، رأت دورية ميدل إيست بريفنج (واشنطن/دبي) أن حضور آلاف المصريين جنازة الشيخ عمر عبد الرحمن بعد وفاته في محسبه بأمريكا، بموازاة ذبح المسيحيين في سيناء؛ يشير إلى عظم المسؤولية الملقاة على عاتق أجهزة الأمن المصرية، لكن التحليل في المقابل يتهم السلطات المصرية بعدم توفير ما يكفي من تدابير السلامة الضرورية للأقباط.

يذهب التحليل إلى أن مشكلة سيناء أكثر تعقيدًا من أن تتصدى لها الحكومة المصرية وحدها، محذرة من أن الحالة الأمنية في تلك المنطقة وصلت إلى مستوى يتطلب مستوى أعلى من التعاون الإقليمي والعالمي، وإلا فإننا قد نستيقظ على مشهد ينزلق بسرعة إلى نطاق عدم السيطرة.

 

معهد دراسات الحرب: قمع الأكاديميين وغياب الشفافية في مصر.. ريجيني نموذجًا

برغم مرور أشهر على الحادث، لا تزال قضية مقتل الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة مطروحة للنقاش، لكن المقال الذي معهد دراسات الحرب مؤخرًا تناول الحادث باعتباره نموذجًا على قمع الأكاديميين والصحفيين في مصر، وتأثير ذلك على دراسة التغيرات الهيكلية في الاقتصاد والدولة والمجتمع- الضرورية للدول الأوروبية- وهي المهمة التي أضحت مستحيلة في ظل هذا المناخ، خاصة فيما يتعلق بندرة المعلومات الموثوقة في مصر.

 

عمرو حمزاوي- كارنيجي: الجامعات المصرية لا تزال مركزًا للمعارضة ضد السلطوية الجديدة

أيضًا برغم نجاح الحملة الأمنية المصرية في فرض سطوتها على الجامعات، يؤكد عمرو حمزاوي في مقالٍ نشره مركز كارنيجي أن النشاط الطلابي في الجامعات لا يزال مركزًا للمعارضة ضد السلطوية الجديدة وسياساتها، وصوتًا قويًا يتعذر على الحكومة إسكاته.

 

ماجد عاطف- معهد واشنطن: الأزهر والرئيس.. علاقة منفعة متبادلة

“علاقة منفعة متبادلة”، هكذا وصف ماجد عاطف العلاقة بين الأزهر والرئيس، قد يعكرها ما قد يراه المشايخ تهديدًا مباشرًا لمكانتهم ومصالحهم، كما حدث مؤخرا سواء في قرار “توحيد الأذان”، أو مقترح السيسي تعديل قانون الطلاق الذي ببساطه يتجاوزهم ويؤسس لفكرة أن الحاكم يمكنه أن يتدخل في تعديل قوانين شرعيه دون الرجوع إليهم.

لكن الكاتب يرى- في مقال نشره منتدى فكرة التابع لمعهد واشنطن- أن هذه مجرد زوبعات في فنجان وأن هذا الخلاف لن يتحوَّل قطعا إلى صدام مفتوح أو سيؤثر بشكل حقيقي على العلاقة بين الرئاسة والأزهر بما ينعكس على البلاد واستقرارها النسبي.

 

مايكل حنا- معهد هوفر: الولايات المتحدة ومستقبل العلاقات المصرية-الروسية

حول “مستقبل العلاقات المصرية-الروسية”، كتب مايكل حنا في معهد هوفر ينشر ناصحًا الولايات المتحدة بمراقبة التحولات التي يمكن أن تقوض المصالح الأمريكية على المدى الطويل مثل التعاون العسكري أو الأمني بين مصر وروسيا خاصة في شبه سيناء أو فيما يتعلق بتدشين قواعد عسكرية.

ينصح الباحث أيضًا بإيلاء اهتمام وثيق للجهود التي تبذلها روسيا للاستفادة من الدعم المصري في التعهدات الدبلوماسية المعادية لمصالح الولايات المتحدة، مُفَرِّقًا بين العلاقات الودية الوثيقة بين واشنطن والقاهرة والتبعية الدبلوماسية.

 

معهد هوفر ينشر مقالا للباحث روبرت ساتلوف حول العلاقات الاستراتيجية المصرية-الأمريكية ما بين أوباما وترامب، يحمِّل فيه القادة المصريين في ما بعد عهد الإخوان المسلمين المسؤولية عن تراجع العلاقات مع واشنطن، لكنه في المق4ابل يثني على جهود مصر في صد الابتزاز السعودي وعدم إرسال قوات إلى اليمن واتخاذ تدابير صارمة لوضع حد لتدفق الأسلحة إلى غزة، وبناء شراكة غير مسبوقة مع إسرائيل ضد الأعداء المشتركين. في المقابل يتحدث عن الدعم الذ يتوقع أن تقدمه أمريكا في عهد ترامب لمصر والمساعدة في استئناف المساعدات السعودية والخليجية لتعزيز اقتصاد المصري.

 

إيتامار رابينوفيتش- معهد هوفر: دور مصر الإقليمي من منظور إسرائيلي

نشر معهد هوفر تحليلا مطولا أعدته الباحثة إيتامار رابينوفيتش حول دور مصر الإقليمي من منظور إسرائيل، خلُصَ إلى أن تركيا برغم كونها قوة إقليمية كبرى وعضو في حلف شمال الاطلسي إلا أنها لا تعتبر نفسها حليفًا للولايات المتحدة بشكل كامل.

وبالتالي قد تتجه السياسة الأمريكية الجديدة إلى إعادة بناء معسكر براجماتي أوسع قوامه: مصر والسعودية وغيرها من دول الخليج وتركيا وإسرائيل، لكن إذا قررت واشنطن ذلك سيكون على مصر لعب دور هام في هذا التكتل، وهو التطوَّر المرغوب فيه جدًا من منظور إسرائيل.

 

ضع تعليقاَ