أبريل 20, 2024

فيلت: كيف ستحول الاشتراكية الصين إلى قوة عظمى؟

أكد الرئيس شي جين بينغ، خلال الكلمة التي ألقاها على هامش الذكرى التاسعة عشرة لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، أن الاشتراكية تعيش عصراً جديداً في الصين، وأن الصين قد تحولت بشكل سريع إلى قوة عالمية على كل المستويات، وذلك بفضل الاشتراكية.

ظهر الرئيس الصيني، شي جين بينغ، على المنصة ليلقي كلمته، مع انطلاق الاحتفال بذكرى تأسيس الحزب الشيوعي الصيني عند الساعة التاسعة. وكان على مقربة منه الرؤساء السابقون، على غرار هو جينتاو وجيانغ زيمين البالغ من العمر 91 سنة، يجلسون على الكراسي. علاوة على ذلك، وجه جين بينغ الدعوة للمحاربين القدامى، فضلاً عن ثلاثة رؤساء وزراء سابقين.

في الواقع، يترأس جين بينغ الحزب الشيوعي الصيني الذي يضم ما يناهز 90 مليون منخرط. وعرض الرئيس الصيني، خلال كلمته التي دامت ثلاث ساعات ونصف الساعة، برنامجاً من شأنه أن يحول الصين إلى أكبر قوة اشتراكية بحلول سنة 2050 على المستوى السياسي والثقافي والأخلاقي، فضلاً عن الاجتماعي والبيئي.

وقد ينضم جين بينغ، في حال اعتلاء الصين صدارة القوى الاشتراكية في العالم، إلى قائمة أعظم زعماء الحزب الشيوعي الصيني، على غرار مؤسس جمهورية الصين الشعبية، ماو تسي تونغ، ومهندس نهضة الصين الحديثة، دينغ شياو بينغ.

حوّل اقتصاد السوق الصين إلى قوة عالمية

لسائل أن يسأل: كيف يمكن أن تتأقلم القيم الاشتراكية مع النمو الاقتصادي؟ في الواقع، لا يمكن أن تتحقق الوعود التي قطعها الرئيس الصيني بشأن المستقبل الزاهر الذي ينتظر الصين دون أن تحقق بلاده  النمو الاقتصادي المرجو.

استعرض رئيس ثاني قوة اقتصادية في العالم، في خضم كلمته، الإنجازات الاقتصادية والتكنولوجية التي حققها خلال ولايته الأولى. وكان يشير، بين الفينة والأخرى، إلى “العهد الجديد” الذي تعيشه الاشتراكية في الصين. كما لمح شي جين بينغ إلى فشل ثورة تشرين الأول/أكتوبر الروسية دون الغوص في التفاصيل.

وتجدر الإشارة إلى أن فشل الثورة الروسية دفع الصين إلى اتباع منهج اشتراكي جديد، بالاعتماد على الاقتصاد الوطني. وصرح جين بينغ، في هذا الصدد، قائلاً إن الحزب الشيوعي الصيني تشبث بالنظام الاقتصادي الاشتراكي وتقسيمه، كما حافظ هذا الحزب على توجهه القيادي المنفرد. ومن المثير للاهتمام أن بعض الدول اتبعت النظام الاقتصادي المختلط الذي مكن الصين من تجاوز مشكلة الفقر، وحولها إلى ثاني قوة اقتصادية في العالم.

جين بينغ يريد فرض رقابة على وسائل الإعلام والإنترنت

وفي الواقع تتعارض الوعود “الوردية” التي أطلقها الرئيس الصيني أمام الحضور، البالغ عددهم 2300 شخص، مع المواقف النقدية للغرف التجارية الأجنبية حيال النهج الإصلاحي في الصين. فقد نددت هذه الغرف بتدخل الحزب الشيوعي الصيني في المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة، وذلك عبر إعادة إحياء الاقتصاد الموجه.

من الواضح أن جين بينغ يحاول الحفاظ على مكتسباته الاقتصادية، وتشديد الرقابة على المؤسسات المختلفة في آن واحد. ويبدو أن الرئيس الصيني لا يرغب، في الغالب، في إجراء إصلاحات سياسية، وإنما يحاول فرض الرقابة على المدارس ووسائل الإعلام والإنترنت، فضلاً عن ملاحقة المحامين والحقوقيين.

وفي هذا السياق أورد الرئيس الصيني أنه “يجب على الحزب الشيوعي الصيني أن يشرف على كل تفاصيل حياة الصينيين”. كما شدد على أن “الصين بلد اشتراكي تحت ديكتاتورية الشعب”.

يجب على الصين أن تحتل موقعاً ريادياً في مجال الابتكار

وذكر الرئيس الصيني في خطابه الخطوات التي ستحول بلاده إلى قوة عظمى انطلاقاً من سنة 2020. وسيعمل حزبه، خلال 15 سنة، أي إلى حدود سنة 2035، جاهداً على تحديث النظام الاشتراكي في البلاد. وأفاد جين بينغ، حيال هذا الشأن، أن “الصين ستصبح رائدة في مجال الابتكار، كما ستحرص الدولة على ضمان حق مواطنيها في المشاركة في الحياة السياسية، علاوة على تكريس سيادة القانون”.

وفي سياق متصل، أكد الرئيس الصيني أن “الوضع البيئي في البلاد سيتحسن. ومن المنتظر أن يكون المجتمع الصيني في كامل حيويته، وفي كنف التجانس والنظام في غضون سنة 2035”.

وستعيش الصين، وفقاً لجين بينغ، في رخاء تام إلى حدود سنة 2050. وحتى ذلك الوقت ستتعامل الصين على قدم المساواة مع بقية الدول الصناعية. وقال الرئيس الصيني في هذا الصدد: إن “البلاد ستكون في نهاية المطاف عنصراً فعالاً في المجتمع الدولي”. وعموماً لا تقف طموحات الصين عند تحقيق نمو اقتصادي، بل ترنو إلى أن تحتل موقعاً ريادياً في العالم إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية.

تنفق الولايات المتحدة الأمريكية ثلاثة أضعاف نفقات الصين في مجال التسليح

وقال جين بينغ في هذا الإطار: “نسعى إلى تحديث ترسانتنا من الأسلحة وتجديد أسطولنا العسكري إلى غاية سنة 2035. وإلى حدود أواسط القرن الـ21، يجب علينا أن نطور قدرات قواتنا المسلحة بشكل يضاهي مستويات أكبر الجيوش في العالم”. وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة الصينية من أجل تطوير قدراتها العسكرية منذ سنوات، فإن بكين لا تزال متخلفة على المستوى العسكري مقارنة بالولايات المتحدة الأمريكية.

وبحسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، أنفقت الصين سنة 2016 نحو 215 مليار دولار من أجل تطوير قدراتها العسكرية، في حين بلغت مصاريف الولايات المتحدة الأمريكية في المجال العسكري قرابة 611 مليار دولار. وتحتاج الصين، في هذه الأثناء، إلى تحقيق نمو اقتصادي لتمويل مخطط تجديد أسطولها العسكري. وعززت الصين لهذا الغرض من ميزانيتها العسكرية خلال السنوات الأخيرة مقارنة بأدائها الاقتصادي.

الصحيفة: فيلت

الكاتب: جوني إيرلينغ

الرابط: https://www.welt.de/politik/ausland/article169773480/Chinas-Transformation-zur-sozialistischen-Weltmacht.html

 

ضع تعليقاَ