أبريل 19, 2024

لو كلي دو مويان أوريون: استراتيجية دول الشرق الأوسط وسط توتر العلاقات الإيرانية السعودية

نشر موقع “لوكلي دو مويان أوريون” الفرنسي تقريراً، تحت عنوان استراتيجية دول منطقة الشرق الأوسط على ضوء توتر العلاقات الإيرانية السعودية، بتاريخ 23 أيار/مايو من سنة 2017، للكاتب “ماتيي صعب”، الذي تطرق إلى مدى تأثر البلدان المجاورة لإيران والمملكة العربية السعودية بالصراع الذي قام بينهما.

وقال الكاتب إن الدول المجاورة لإيران والمملكة العربية السعودية، مثل إسرائيل وتركيا وأفغانستان، وعُمان وباكستان والبحرين، متدخلة بطريقةٍ أو بأخرى في الصراعات الكبرى التي تدور في المنطقة.
على سبيل المثال: نجد الصراع العربي الإسرائيلي، أو الإسرائيلي-الفلسطيني، والصراع الطائفي بين السنة والشيعة، فضلاً عن الصراع بين الدول التي تدعم الغرب ضد تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة والحركات الجهادية الأخرى، علاوةً على الصراع بين المؤيدين والمعارضين لسباق التسلح النووي الذي تخوضه إيران. ومن ثم تدفع كل هذه الصراعات دول منطقة الشرق الأوسط إلى التأقلم مع التطورات التي يشهدها الصراع بين إيران والسعودية، والذي سوف نتطرق إليه أدناه.


إسرائيل وتركيا

لم يمنع الخلاف بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل بشأن القضية الفلسطينية البلدين من السعي لإنشاء تحالف ضد إيران، التي تحظى بدعم بعض الدول الغربية. لذلك دعا وزير الخارجية السعودي عادل الجبير حلفاءه الغربيين إلى معارضة إيران، التي تدعم حكومة الرئيس بشار الأسد، وتقوم بتطوير صواريخ باليستية، فضلاً عن تمويل الانفصاليين الحوثيين في اليمن.

ووفقاً للجبير تعتبر طهران الراعي الرئيسي والداعم المالي الرسمي للإرهاب الدولي، فضلاً عن أنها تمثل مصدراً لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط. وفي هذا السياق تسعى إسرائيل إلى الاتفاق مع الدول السنية  المجاورة لها ومعاداة طهران. في حين أن تركيا التي تعارض أي تقسيم طائفي في المنطقة، تقوم بتطبيع العلاقات مع إسرائيل على الرغم من الخلافات المتبقية بين البلدين على السياسة الإقليمية لتل أبيب؛ وعلى وجه الخصوص حول موقفها من القضية الفلسطينية.

من جانبه انتقد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، السياسة “الطائفية” التي تنتهجها طهران في المنطقة، والتي تشجع على تنامي انتشار الحركات الانفصالية في البحرين والمملكة العربية السعودية. وأضاف الوزير أن تركيا تعارض أي تقسيم ديني أو طائفي في المنطقة، ورحّب بتطبيع العلاقات بين بلاده وإسرائيل.

وجاءت تصريحات مولود جاويش أوغلو والجبير في أعقاب الزيارة التي قام بها الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى عُمان والكويت، اللتين زارهما في شباط/فبراير سنة 2017 ، بهدف تحسين العلاقات الثنائية.

أفغانستان

استمرت العلاقات المتوترة بين المملكة العربية السعودية وإيران في أفغانستان، تلك الدولة التي ظلّت هشة على الرغم من الجهود التي بذلها حلف الناتو لإرساء الاستقرار فيها. وفي الواقع تملك أفغانستان حكومة مركزية ضعيفة، في حين يملك المتمردون نفوذاً كبيراً على الأراضي الأفغانية، ويرتبطون بعلاقات مع إيران والرياض، لأسباب كثيرة ومختلفة.

فضلاً عن ذلك تملك أفغانستان مع إيران حدوداً يسهل اختراقها؛ لذلك تربط كلا البلدين علاقات ثقافية ولغوية وعرقية واقتصادية. وتجدر الإشارة إلى أن تهريب المخدرات بين البلدين يغذي مشكلة المخدرات التي أصبحت وباءً وطنياً في المدن الإيرانية. كانت طهران متورطة في اندلاع الأزمة الأفغانية سنة 2001، قبل تدخل الولايات المتحدة وحلف الناتو، فضلاً عن أنها قدّمت الدعم للولايات المتحدة للقضاء على حركة طالبان المتمركزة في تلك الأراضي.

فضلاً عن ذلك، أرادت طهران تقديم الدعم المالي للحكومة المركزية في أفغانستان. وعلى عكس السياسة التي تتبعها إيران في ميادين القتال الأخرى في الشرق الأوسط، تمثل إيران بالنسبة للغرب عاملاً مساعداً على تحقيق الاستقرار في هذا البلد.

أما فيما يتعلق بالدور الذي اضطلعت به المملكة العربية السعودية في أفغانستان، فقد قدّمت الرياض الدعم العسكري سنة 1980 للمعارضة الأفغانية ضد السوفييت، فضلاً عن أنها أدّت دوراً مهماً في الترويج للجهاد الأفغاني. والجدير بالذكر أن المملكة السعودية اعترفت أيضاً بقوة طالبان في أواخر سنة 1990. ومع ذلك يمكن القول إنه بالنسبة للمملكة العربية السعودية لا تعتبر كابول أولوية.

وفي الوقت نفسه، يمكن أن تزيد طهران من حجم تمويلها للحكومة المركزية في كابول، في حين أن الرياض تعارض دعم طهران لأفغانستان. علاوة على ذلك، فرض ظهور تنظيم الدولة على إيران زيادة وجودها في أفغانستان؛ للسيطرة على الآلاف من اللاجئين الأفغان الذين يتوافدون على الحدود الإيرانية. في الحقيقة إن النظام الإيراني يريد منع تفكيك الكيان الأفغاني وزعزعة استقرار ذلك البلد.

لتحقيق هذا الهدف يمكن لإيران التحالف حتى مع الحزب الإسلامي المعادي للشيعة، وإرسال قوات الحرس الثوري كما هو الحال في العراق وسوريا. وفي واقع الأمر تريد السعودية تعزيز نفوذها في أفغانستان؛ للتصدي لتنامي النفوذ الإيراني في أفغانستان. في حين تخشى طهران أن تقع الدول المجاورة لها تحت سيطرة الجماعات الإرهابية وتنظيم الدولة.

عُمان

في نهاية شهر كانون الأول/ديسمبر من سنة 2016، انضمت عمان إلى التحالف الإسلامي المتعدد الجنسيات، الذي تمّ إنشاؤه في سنة 2015 من قبل المملكة العربية السعودية لمكافحة تنظيمَي القاعدة والدولة. والجدير بالذكر أن هذا الاتفاق، الذي يجمع 41 دولة ومنظمة، استبعد منذ تأسيسه بغداد وطهران، البلدين اللذين يقودهما الشيعة، علاوة على أنهما يتعارضان مع التوجه الإسلامي الذي تنتهجه الرياض.

في واقع الأمر سعت المناورات العسكرية لهذا التحالف الإسلامي، التي جرت شمالي شرقي المملكة العربية السعودية في سنة 2016، إلى التعامل مع الهجوم الذي تشنه إيران ضد النظام السعودي. وقد حاولت عُمان منذ فترة طويلة التقرب من الممالك السنية، وأن تكون الوسيط بين واشنطن وطهران. ومن هذا المنطلق شاركت مسقط في المفاوضات التي أدت إلى توقيع الاتفاق النووي  بين إيران والغرب، في سنة 2015.

والجدير بالذكر أن السلطان قابوس يحتفظ بعلاقات جيدة مع إيران منذ نهاية الحرب بين العراق وإيران. في المقابل ترغب السعودية أن تتبنى عُمان سياسة معادية لإيران، على غرار دول أخرى في مجلس التعاون الخليجي. في ظل هذه الظروف شجع إدماجُ القوات العسكرية العُمانية في التحالف الإسلامي متعدد الجنسيات العاهلَ السعودي، الملك سلمان، على تنظيم زيارة إلى مسقط للقاء السلطان قابوس، في سنة 2017.

ومع ذلك تجدر الإشارة إلى أن عُمان لا تشارك في الحرب السعودية التي تقودها السعودية في اليمن، على الرغم من أن العُمانيين يملكون علاقات جيدة مع الحوثيين والرئيس السابق “علي عبدالله صالح”، الذين يعارضون التدخل السعودي في الشؤون اليمنية. لذلك يعتقد العُمانيون أن المملكة العربية السعودية أصبحت غارقة في المأزق اليمني، فضلاً عن أنها فشلت في القضاء على الحوثيين وهو ما يرضي الإيرانيين.

ورغم ذلك يحاول السلطان العُماني إيجاد حل لهذا الصراع، ويشجع على إقامة حكومة وطنية تمثيلية في اليمن. ويسعى السعوديون للخروج، بطريقة مُشرفة، من هذه الفوضى التي كانت تثقل كاهل ميزانيتهم بشكل كبير. فضلاً عن ذلك يتطلب انتهاء الأعمال العدائية في اليمن إصدار قرار بوقف إطلاق النار يشارك فيه “عبد ربه منصور هادي”_ حليف السعوديين _ الذي يختلف جزئياً معهم نظراً لأن السعوديين يبحثون عن حلٍّ وسط، في حين يريد هادي تحقيق النصر التام.

وفي الوقت نفسه إن الحالة الصحية للسلطان قابوس، الذي يحكم السلطنة منذ سنة 1970، سيئة ولكنه لم يعين بعدُ خليفته. في الحقيقة إن الحالة الصحية للسلطان قابوس لا تسمح له بالمشاركة في اجتماعات جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي. ومن هذا المنطلق يمكن القول إن الزيارة التي قام بها العاهل السعودي لعُمان تهدف فقط للتأكّد من موقف السلطان المساند للسعودية.

أما من الناحية الاقتصادية، فقد جعل انخفاض أسعار النفط عُمان في قبضة الحليف السعودي الثري الذي يقدم لها الدعم المالي. ممَّا يفسر تشجيع السلطنة على إرساء المصالحة بين الدولتين الإسلاميتين الرئيسيتين (إيران والسعودية)، محافظة على مسافة متساوية بين  هاتين القوتين الإقليميتين.

باكستان

تحتفظ باكستان بعلاقات طيبة مع كل من السعودية وإيران، فضلاً عن أنها انضمت إلى التحالف المكون من 41 دولة الذي تقوده المملكة العربية السعودية لمواجهة الإرهاب. ولكن كما أشرنا سابقاً، فإن هذا التحالف الذي سعت المملكة العربية السعودية إلى تكوينه يمكن أن يصبح آلة حرب ضد إيران، الأمر الذي ترفض باكستان الانخراط فيه. والجدير بالذكر أن باكستان كانت قد رفضت سابقاً التدخل مع السعوديين في الصراع اليمني.

في المقابل يمكن أن يرأس الجيش الباكستاني التحالف السعودي والذي من شأنه أن يساعده على إضفاء مزيد من الشرعية على سياسته؛ نظراً لأن باكستان تعتبر قوة سنية. مع ذلك يمكن أن يدعم الجيش الباكستاني بشكل أكبر السعوديين في المواجهة الطائفية والجيوسياسية التي يخوضونها مع الإيرانيين.

خلال سنة 2015 رفض مجلس النواب الباكستاني إرسال قواته إلى اليمن لمساعدة المملكة العربية السعودية في حربها للحوثيين، على الرغم من أن الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة للسعوديين في باكستان كانت كفيلة بضمان الاستقرار الاقتصادي للبلاد. يمكن أن يتسبب التدخل العسكري للمملكة العربية السعودية في نشوب بعض المناوشات داخل الجيش الباكستاني، الذي يرفض الانخراط في الصراع غير المباشر بين إيران والمملكة العربية السعودية.

وفي الوقت ذاته، ومن أجل احترام إرادة مجلس النواب الباكستاني، يمكن أن ينتشر الجيش في هذا البلد على الحدود السعودية اليمنية لحماية المصالح السعودية. وتجدر الإشارة إلى أنه خلال سنة 1980، تمركزت وحدات من الجيش الباكستانية في محافظة سعودية مأهولة بالسكان الشيعة لحماية احتياطيات النفط والغاز. فضلاً عن ذلك، كُلّفت باكستان باحتواء ظهور الطائفة الشيعية، وحماية الساحل الشمالي من الخليج العربي من تداعيات الحرب بين إيران والعراق.

البحرين

تحكم عائلة آل خليفة، من أصل سعودي، والقبائل السنية البحرين، إلا أن 60 بالمئة من السكان من أصل شيعي في الإمارة، ويملكون علاقات قوية مع إيران. تنقسم شيعة البحرين بين تلك التي من أصل عربي “البحارنة”، وتلك التي من أصل إيراني “العجم”. ونتيجة لذلك يعتقد عددٌ من المراقبين أن الأزمة الحالية في البحرين هي صراع بين السنة والشيعة، وامتدادٌ للصراع بين إيران والمملكة العربية السعودية من أجل السيطرة على المنطقة.

ويدعم الانقسام الطائفي بين السنة والشيعة الإيرانيين والسعوديين الذين قاموا بإنشاء ودعم نزاعات أخرى مماثلة في لبنان وسوريا والعراق واليمن. لذلك تشجع إيران عمليات التخريب في البحرين، على الرغم من الوجود العسكري السعودي في البلاد، الذي جاء بناءً على طلب من الحكومة البحرينية لمساعدتها في قمع التمرد المدعوم من قبل إيران.

في الواقع تدرك الولايات المتحدة أن سقوط عائلة آل خليفة قد يفسح المجال للقوى السياسية الموالية لإيران للتلاعب بالسلطة. وهذا ما يفسر التقدير النسبي الذي تبديه واشنطن تجاه القرارات القمعية للحكومة البحرينية وغياب الديمقراطية في هذه الإمارة.

في المقابل اتبعت إدارة أوباما سياسة تقارب مع إيران كان من الممكن أن تؤدي إلى سقوط عائلة آل خليفة (على غرار سقوط مبارك في مصر)، وإنشاء نظام يساهم في الحفاظ على القوة الأمريكية في الخليج العربي. وفي الوقت نفسه، تواصل إيران زعزعة الاستقرار في الإمارة من خلال دعم الأنشطة الإرهابية  التي يقوم بها الشيعة البحرينيون، احتجاجاً على احتجاز رجال الدين الشيعة من قبل عائلة آل خليفة، وقمع السكان الشيعة في هذا البلد.

في الحقيقة تتدخل إيران في هذا البلد بنفس طريقة تدخلها في بلدان مثل لبنان وسوريا واليمن والعراق. ومن ثم فمن المرجح أن الصراع منخفض الحدة سوف يتواصل بين إيران والمملكة العربية السعودية في البحرين في الأشهر المقبلة.

حالة استثنائية: العلاقات الخاصة التي تربط الولايات المتحدة بالمملكة السعودية

تتشارك الولايات المتحدة وحلفاؤها العديد من القيم والمصالح المشتركة. في المقابل لا تربط الولايات المتحدة بالمملكة السعودية إلا مصالح مشتركة؛ فهما يواجهان نفس الخطر الذي يشكله الإرهاب الدولي، ويفرضه تنظيما القاعدة والدولة وجميع الحركات الجهادية الأخرى.

خلال الحرب الباردة شجّع موقف السعودية المعادي للشيوعية على تحالفها مع الولايات المتحدة ضد الاتحاد السوفييتي، الذي كان يسانده نظام جمال عبد الناصر المصري ونظام القذافي الليبي. لذلك يعتبر الأمريكيون أن المملكة العربية السعودية تمثل عامل استقرار في المنطقة، والداعم المالي للدول الموالية للغرب مثل الأردن. يقوم التحالف بين الأمريكيين والسعوديين بالأساس على التوافق السياسي المشترك حيال قطاع النفط. في الواقع إن هذا التحالف لا يرتكز على مبدأ تشارك القيم، ولكن المصالح المشتركة كانت موضع اختبار خلال هجمات 11 أيلول/سبتمبر سنة 2001، وخاصة بعد ظهور تنظيم الدولة.

الخلاصة، التقارب المحتمل للقوتين العظميين الإسلاميتين في المنطقة

تشير عديد من العوامل إلى أن إمكانية تحسن العلاقات بين إيران والسعودية ليست مستحيلة. أولاً، استأنف السعوديون المفاوضات مع الإيرانيين الذين قاطعوا الحج إلى مكة المكرمة، في السنة الماضية، لكنهم يريدون الذهاب هذه السنة لتأدية مناسك الحج.

ونتيجة لذلك اقترح وزير الخارجية العراقي أن يقوم بدور الوسيط بين طهران والرياض، فضلاً عن أن المستشار العسكري للمرشد الأعلى الإيراني، الجنرال شمخاني، يرغب في تعزيز التقارب بين هاتين الدولتين الإسلاميتين. وقد شجع ذلك التقارب التركي الروسي، في الوقت الذي أعرب الرئيس الجديد للولايات المتحدة عن عدائه لإيران.

من ناحية أخرى، يمكن أن يفسر هذا التحسن في العلاقات السعودية الإيرانية بالزيارة الرسمية التي أداها الرئيس اللبناني، حليف حزب الله، إلى المملكة العربية السعودية، علاوة على القرار السعودي الذي ينص على خفض إنتاج النفط ويسمح لإيران في الوقت نفسه بزيادته. فضلاً عن ذلك، تمثل سياسة تعزيز المعسكر المعتدل في إيران وتعزيز الوضع الاقتصادي في البلاد عاملاً آخر ساعد على تحسن العلاقات الإيرانية السعودية.

بالإضافة إلى ذلك يمكن لتدخل دول أخرى أن يساهم في حصول المصالحة بين الإيرانيين والسعوديين، وذلك من خلال إضعاف الدور الذي تضطلع به روسيا في سوريا وحزب الله والإيرانيون، الذين يدعمون نظام الأسد.

وفي شأن ذي صلة، أدّى تحسن العلاقات بين روسيا وتركيا إلى استبعاد الإيرانيين في المفاوضات التي أدت إلى وقف إطلاق النار في حلب. أما مؤخراً فانتشرت شائعات تشير إلى ظهور “محور سني” يعارض إيران وحلفاءها الشيعة. وسوف يكون هذا المحور بقيادة المملكة العربية السعودية وتركيا، ويهدف أساساً إلى الإطاحة بالرئيس الأسد. مع ذلك اختلف أطراف هذا التحالف بين الدول السنية حول مستقبل سوريا السلمي. ولكن سيؤدي رفض الولايات المتحدة للانخراط مباشرة في الصراع الإقليمي والتدخل الروسي إلى اضمحلال مشروع المحور السني.

وفي الوقت نفسه سمح فشل الانقلاب في تركيا بتطور طموحات حزب العدالة والتنمية. فضلاً عن ذلك، شجّع الدعم الأمريكي للأكراد وحلفائها العرب في سوريا تركيا للتقرب من روسيا. أخذت المملكة العربية السعودية بعين الاعتبار سقوط حلب واختلاف طموحات تركيا. وفي ظل هذه الظروف يخشى السعوديون تحالف الإيرانيين والأتراك من أجل القضاء على الأكراد. لذلك تلتزم تركيا في الوقت الراهن بدعم الإيرانيين في العراق، إذ إن الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء التركي “بن علي يلديريم” إلى بغداد  تهدف بالأساس إلى تعزيز الدعم العراقي من أجل مقاومة تقدم حزب العمال الكردستاني في مدينة سنجار العراقية.

تطورت العلاقات المتناقضة بين تركيا ومصر في أعقاب الانقلاب الذي قاده عبد الفتاح السيسي، والذي أطاح من خلاله بحكم جماعة الإخوان المسلمين، الذين يدعمون بدورهم نظام الحكم التركي الحالي. وفي الأثناء تحاول المملكة العربية السعودية، التي تدعم السيسي وتعارض وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة، تجنب عداء أنقرة. في حين تسعى مصر، التي تحاول استعادة ريادتها في الدول العربية، التقرب من إيران دون المساس بتحالفها مع المملكة العربية السعودية.

في ظل هذه الظروف يمكن أن تصبح مصر محوراً مركزياً في المنطقة، قادراً على تقويض علاقاته مع تركيا. وتجدر الإشارة إلى أن المصالحة بين إيران والمملكة العربية السعودية  من المرجح  أن تخلق العديد من المفاجآت في الشرق الأوسط، فضلاً عن أن التحالف بين تركيا وروسيا سوف يستمر في إبعاد إيران عن روسيا، في حين ستزداد الهوة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة؛ ممَّا قد يجعلها تنسحب نهائياً من المنطقة.

علاوة على ذلك تعاني إيران من العداء الذي يكنه لها الرئيس ترامب، والذي من المحتمل أنه سوف يتخذ تدابير معادية لها في القريب العاجل. نتيجة لذلك يمكن أن يطعن ترامب في الاتفاق النووي الإيراني، علماً أن الرئيس روحاني وقّع هذا الاتفاق للحصول على امتيازات اقتصادية مع الغرب. ولكن إذا قام ترامب بتقويض هذا الاتفاق، فإن ذلك قد يكون لمصلحة معسكر المحافظين في إيران، ولكن استُبعدت هذه الفرضية، خاصة بعد فوز روحاني في انتخابات سنة 2017.

خلال شهر يناير/كانون الثاني من سنة 2017، صرّح وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، في دافوس، أن المملكة العربية السعودية وإيران يجب أن تعملا معاً لوضع حدٍ للصراعات السورية واليمنية. وقد تعاونت الدولتان بالفعل بنجاح للحدّ من التوتر السياسي في لبنان. في المقابل، من المحتمل أن لا تكون هذه المصالحة على هوى الحوثيين الذين يسعون  لتحقيق النصر التام على المملكة العربية السعودية، وليس لإيجاد حلٍّ وسط معها.

الكاتب: ما تيي صعب

الصحيفة:  لو كلي دو مويان أوريون

المصدر:

http://www.lesclesdumoyenorient.com/Strategie-des-pays-de-la-region-dans-le-cadre-des-relations-irano-saoudiennes.html

ضع تعليقاَ