مارس 29, 2024

ستراتفور: عواقب هجوم مطار أتاتورك الإرهابي

كثير من التفاصيل ما تزال غير واضحة حتى اللحظة، إلا أن كل ما انتشر يتلخص في قصة عملية إرهابية نفذها ثلاثة انتحاريين على الأقل واحد منهم اشهر سلاح كلاشنكوف بالقرب من منطقة المغادرين الدولية في المطار، وعندما منعت الشرطة أحد الانتحاريين من اجتياز حاجز أمني فجر نفسه.

عانت تركيا من ثلاثة مسارات مختلفة من التهديدات الإرهابية بما فيها الجماعات الكردية المسلحة. إلا أن هدف ساحة الهجوم – أحد أكثر مطارات العالم إزدحاماً – يشير إلى أيادي داعش خلف الهجوم، فتنظيم هجوم دراماتيكي بهذا الشكل خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان يقدم وسيلة مسرحية للغاية للتعبير عن توجهات اللادولة والعداء للغرب التي يحملها تتظيم داعش.

وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية عانت تركيا من العديد من الهجمات الإرهابية التي ضربت أهدافاً سياحية مختلفة في المدن الكبرى. حيث نفذت داعش هجوماً انتحارياً على محطة القطار المركزية في أنقرة في أكتوبر عام ٢٠١٥، وعادت لتنفذ هجوماً آخراً في ساحة السلطان احمد في يناير الماضي ثم كان هجوم شارع الاستقلال في إسطنبول في ١٩ مارس، وهو ما يمثل ضربة لمناطق الجذب السياحي والشعبي، بشكل يختلف عن هجمات التنظيمات الكردية التي تركز على أهداف حكومية وعسكرية بالمقام الأول.

الهجوم على المطار المزدحم في إسطنبول لا سيما في موسم الصيف المليء بالسفر والسياحة يشكل ضربة كبيرة للحكومة التركية، حيث حاولت أنقرة جاهدة تعزيز خطوطها الجوية لتصبح منافساً رائداً للشركات العالمية، وتملك الخطوط الجوية التركية طموحات كبيرة للتوسع في جميع أنحاء العالم وهذا يتوقف كثيراً على الأمن في إسطنبول وكفاءتها كمركز للخطوط الجوية.

أمنياً، سيزيد القانون من عزم أنقرة على تعميق قانون مكافحة الإرهاب الذي سبق وأن شكل نقطة خلاف في المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا خلال محادثات أزمة المهاجرين، وما ترافق معها من محادثات تحرير التأشيرة والانضمام التركي للاتحاد الأوروبي.

علاوة على ذلك، سيضعف الهجوم بشكل أكيد قطاع السياحة في تركيا والذي يساهم بما يزيد على ١٢٪ من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، ووفق وزارة الثقافة والسياحة فقد أعلنت عن انخفاض في نسبة السياح في شهر مايو الماضي وصل إلى ٣٤.٧٪ وهو أكبر انخفاض مسجل منذ التسعينات. وستظل المخاوف الأمنية رادعاً رئيسياً للسياحة في تركيا لا سيما في ظل الهجوم الذي تعرض له المطار مؤخراً.

يذكر أن توتر العلاقات بين أنقرة وموسكو أضر بقطاع السياحة التركي كثيراً، فمنذ أن دخلت العلاقات الثنائية في حالة اضطراب عد اسقاط الطائرة الروسية في تركيا، أوقفت روسيا الرحلات السياحية إلى تركيا. والآن يبدو أن البلدان في طريقهما إلى التباحث مجدداً من أجل التصالح، وهو ما يعطي أملاً جيداً لتركيا بإنعاش قطاع السياحة الروسية في البلاد. وبشكل أكيد، تثير المصالحة الفاترة بين البلدين مسألة ما إذا كانت تركيا ستحافظ على خططها طويلة الأمد في سوريا. فهجمات داعش هذه تعطي تركيا سبباً ملحاً لتوسيع عملياتها عبر الحدود، حيث ترغب أنقرة باحتواء وحدات حماية الشعب الكردية المتواجدة هناك. لكن تركيا بكل تأكيد لن تخاطر بذلك إلا إن توصلت إلى تفاهم تكتيكي مع روسيا أولاً، هذا عدا عن اهتمام تركيا بالمعلومات الاستخبارية الروسية عن المتشددين الإسلاميين في القوقاز وهو ما قد يفتح باباً آخر من أجل التعاون الأمني بين الطرفين.

ستراتفور 

ضع تعليقاَ