أبريل 24, 2024

التلغراف: ما تحتاج معرفته عن محادثات جنيف3

تستضيف الأمم المتحدة  في قصر الأمم في جنيف جولة جديدة من المحادثات الرامية إلى إنهاء الحرب في سوريا.وتمت دعوة الفرقاء إلى هذا الحوار من قبل مبعوث الأمم المتحدة  إلى سوريا الدبلوماسي الإيطالي ستيفان دي مستورا.

ولا تعد هذه المحاولة الأولى من نوعها، إذ سبقها محاولتان سابقتان للتوصل إلى اتفاق سلام بين الأطراف في سوريا. حيث شهد شهر يونيو 2012، إعلان مبادئ من قبل القوى العالمية، فيما شهد شهر يناير من عام 2014 مفاوضات واسعة النطاق، حين اجتمع النظام بممثلي الإئتلاف الوطني السوري المعارض المدعوم من الغرب، والذي يضم بين جنباته منظمات وقادة سياسيين سوريين بما فيهم الإخوان المسلمون في سوريا.

عرفت المحاولتان السابقتان بأسماء جنيف1 و جنيف2، وعلى الرغم من الفشل في تحقيق أي تقدم عبر تلك المحادثات، إلا أن الأمم المتحدة تصر على عقد جولة جديدة من المحادثات تحمل اسم جنيف3.

هذه المرة، هناك فرق كبير، حيث أن ممثلي الجماعات المسلحة سيجلسون لأول مرة على طاولة المفاوضات مع النظام أو على الأقل سيجلسون في نفس المبنى. في البداية، لن يلتق الطرفان وجهاً لوجه، لكن ستجري مفاوضات مكوكية مع المسؤولين عن تسيير المحادثات لدى الجانبين.

يقود فريق النظام في المحادثات – كما قاده في المرات السابقة-  بشار الجعفري، السفير السوري صاحب الوجه الحجري لدى الأمم المتحدة، أما المعارضة فقد تم تمثيلها من قبل هيئة تطلق على نفسها اسم لجنة المفاوضات العليا.والتي كانت قد شكلت في الرياض في ديسمبر الماضي، وانتخب في رئاستها رياض حجاب الذي كان رئيساً لوزراء نظام الأسد قبل أن ينشق في اغسطس 2012.

أحد أبرز المشاركين في وفد المعارضة هو محمد علوش، أحد أبرز قادة جيش الإسلام المدعوم سعودياً. السيد علوش هو بذاته اختيار رمزي ليكون كبير المفاوضين في مجموعة المعارضة، حيث قتل ابن عمه زهران علوش في غارة روسية الشهر الماضي.

النظام السوري والروس يعتبرون جيش الاسلام منظمة إرهابية، وهم الآن على وشك الجلوس مع ممثليها في المحادثات. ومن المنتظر أن يمثل السيد علوش وحجاب طيفاً واسعاً من المعارض جماعات وأفراد، بدءً من الائتلاف السوري الوطني مروراً بمختلف القوى الاسلامية والعلمانية التي تحارب النظام في سوريا.

لكن بكل تأكيد هناك بعض المتغيبين عن المشهد، حيث لم توجه الدعوة إلى داعش باعتبارها جماعة إرهابية بإقرار الأمم المتحدة، وتتفق مختلف الأطراف على دحر داعش في ساحة المؤتمر ولذا لم يدع ممثل منهم للحضور إلى قاعة المؤتمر.

ينطبق الأمر نفسه على جبهة النصرة، الفرع السوري من تنظيم القاعدة، حيث لم توجه الدعوة لها على الرغم من أن موقفها يبدو أكثر تعقيداً، إذ تحارب النظام جنباً إلى جنب مع غيرها من جماعات المعارضة المدعومة دولياً.

الغائب الآخر عن المحادثات هو أحرار الشام، والتي تعتبر مجموعة قوية من المسلحين الإسلاميين السلفيين، وربما تعد القوة الأبرز في شمال سوريا، وتقاتل بجانب جبهة النصرة هناك.

وعلى الرغم من مشاركة ممثل أحرار الشام في اجتماع الرياض في ديسمبر الماضي، حيث وقع لبيب النحاس ممثل أحرار الشام على بيان إنشاء الجبهة العليا للمفاوضات ووافق من حيث المبدأ على حضور المحادثات. ولكن لم تقم أحرار الشام بإرسال مندوب عنها للمحادثات.

وغابت أيضاً عن المحادثات مجموعة الأكراد السوريين، الذين يسيطرون على مناطق واسعة شمالي سوريا، وتعقدت مسألة دعوتهم بسبب الخلاف حول إذا ما كانوا يجب أن ينضموا لوفد النظام أم المعارضة خاصة وأنهم خاضوا الكثير من المعارك إلى جانب النظام منذ بداية المعارك في سوريا.

وبشكل واضح، لا يتأمل الكثيرون نجاح هذه المحادثات، على الأقل على المدى القصير. ويشير الكثير من المراقبين المستقلين إلى أن  تجنب الأمم المتحدة إدراج كلمة ” السلام” في عنوان الحدث كان أمراً مقصوداً في محاولة من دي مستورا لخفض سقف التوقعات.

ورسمياً أكدت الأمم المتحدة أن الهدف من الاجتماع هو جمع الأطراف سوياً أملاً في تخفيف العنف أو تحقيق وقف لإطلاق النار على الأقل. وحينها يمكن الحديث عن محاولة حقيقية للتوصل إلى إتفاق سلام.

الخطر الحقيقي هو أن تتسبب هذه المحادثات مثلما فعلت سابقاتها بتصعيد العنف والقتال. وكان الروس قد أعلنوا بدء حملتهم العسكرية في سوريا مع بداية ظهور الاخبار عن جولة المحادثات هذه في وقت سابق وهو ما منح النظام مكاسب كبيرة وقوى موقفه التفاوضي، ومكنه من الصمود دون تقديم تنازلات لفصائل المعارضة. وهو ما دفع أحد مسؤولي نظام الاسد للاعلان عن أن ممثلي النظام في طريقهم لجنيف ” للاستماع وليس للتفاوض” مؤكداً أن “النظام واثق من النصر العسكري هذا العام”.

المعارضة، من جهتها قالت أن أمريكا وحلفائها في الخليج أوقفوا إمدادها بالاسلحة الثقيلة والصواريخ المضادة للدبابات من نوع “تاو”. وذلك لإجبارهم على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.

هذا بحد ذاته، يعني أنه بمجرد انتهاء المحادثات ستستأنف الجهات الداعمة إمدادات الأسلحة وهو ما سيتيح للمعارضة تحقيق المزيد من المكاسب لتقوية موقفها التفاوضي.

ضع تعليقاَ