مارس 29, 2024

بيلينجكات: الحقائق خلف ادعاءات روسيا حول قصف مستودع مواد كيميائية في خان شيخون

في ردها على الادعاءات بوقوع هجوم كيميائي في خان شيخون يوم 4 نيسان/ أبريل 2017، أدلت وزارة الدفاع الروسية ببيان قالت فيه إن مستودعاً يحتوي على مواد كيميائية في نفس المدينة تعرض لهجوم وفق ما ورد من تقارير.

وأضاف المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية أن القوات الجوية الروسية “قوات النظام” تمكنت من تدمير مستودع في محافظة إدلب، حيث كانت تتم هناك عمليات إنتاج أسلحة كيميائية وتخزينها قبل أن تشحن إلى العراق.

وتابع المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية “إيجور كوناشينكوف”، في البيان الذي نشر، أن الضربة الجوية التي بدأت في منتصف النهار استهدفت مستودعاً كبيراً للذخيرة شرق مدينة خان شيخون.

وأضاف كوناشينكوف أن المستودع كان يستخدم في إنتاج وتخزين القذائف المحتوية على غاز سام. مشيراً إلى أن القذائف المصنعة هناك وصلت إلى العراق وجرى استخدامها بشكل متكرر، لافتاً إلى أن العراق والمنظمات الدولية أكدت استخدام المسلحين لهذه الأسلحة.

ووفق علوم الأسلحة الكيميائية، يبدو أن السرد الروسي المتعلق بالمستودع أو المخزن غير معقول كسبب يمكن اعتباره وراء ما شوهد من آثار تعرض لمواد كيميائية في يوم 4 أبريل الجاري. وحتى الآن، فإن جميع المواد العصبية السامة المستخدمة في الصراع السوري جاءت كلها تحت تصنيف عوامل الحرب الكيميائية الثنائية – عن طريق التفاعل والخلط. وسميت بذلك لأنها تكون ممزوجة من عدة مكونات مختلفة وجرى تحضيرها قبل مدة وجيزة من الاستخدام؛ فعلى سبيل المثال، يتم إنتاج ثنائي السارين عن طريق الجمع بين ”كحول أيزوبروبيل مع ميثيل فوسفونيل ديفلوريد” -isopropyl alcohol with methylphosphonyl difluoride- وعادة يتم معالجة المواد الناتجة مع أحماض مختلفة للوصول إلى المادة المطلوبة. ويمكن إنتاج المركب الغازي “سومان” أيضاً من خلال عملية تفاعل ثنائية. ويمكن أيضاً إنتاج المركب الكيميائي “VX” عبر عملية ثنائية مماثلة على الرغم من صعوبة الإنتاج وتعقيده.

وفي الواقع فإن هناك العديد من الأسباب التي تدفع النظام السوري لاستخدام الغازات ثنائية التركيب. وسبق للجيش الأمريكي أن طور غازات الأعصاب الثنائية هذه من أجل تحسين سلامة التخزين والتعامل، بحيث لا تضطر سلسلة الأعمال اللوجستية إلى التعامل مع غازات الأعصاب في الواقع. وقد طورت الولايات المتحدة بعض أنظمة الأسلحة التي تعتمد على خلط هذه المواد بعد إطلاق النار من الطائرات.

وتحديداً طورت الولايات المتحدة أنظمة الأسلحة من نوع مدفعية  M687 155mm  – قذيفة سارين ثنائية- و XM736 8 inch – قذيفة VX ثنائية-  وقذيفة بيجي VX الثنائية. وجاءت جميعها كنتاج لجهود بحث وتطوير مطولة، ولم يستخدم أي منها في الممارسة العملية بشكل جدي حتى الآن. ولا يوجد أي دليل على قيام نظام الأسد سابقاً بإطلاق أسلحة ثنائية “مدمجة في الطيران”، وقد كشفت عمليات التفتيش التي قامت بها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بعد انضمام سوريا إلى اتفاقية الأسلحة الكيميائية في عام 2013 عن مجموعة متنوعة من أجهزة الخلط الثابتة والمتنقلة المستخدمة لصنع مركبات الأعصاب الثنائية.

السبب الرئيسي وراء وجود السارين الثنائي يكمن في أن عدداً قليلاً من الدول تمكنت من الوصول إلى تقنية صناعة “أحادي” السارين بحيث تمتلك عمراً افتراضياً مفيداً. فالتفاعل الكيميائي الذي ينتج عنه السارين يخلق جزيئاً واحداً من فلوريد الهيدروجين (HF) وهو حمض قوي وخطير لكل جزيء من السارين. هذا الفلوريد يدمر أي شيء تم تخزين السارين فيه، ويعمل على تآكل السارين بسرعة.

وقد خصصت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي جهداً كبيراً من أجل إيجاد مخرج لهذه المشكلة، ووجدوا طرقاً مختلفة لتصفية فلوريد الهيدروجين من السارين باستخدام تقنيات الهندسية الكيميائية الثقيلة والثقيلة جداً والتي- لأسباب واضحة- هي الفضلى حتى الآن.

ويبدو أن النظام السوري لم يلجأ إلى تطوير هذه التقنية أو قرر أن الخيار الأول “اخلط حين تحتاج” هو خيار أكثر أماناً وأرخص ثمناً، فضلاً عن كونه خياراً أسهل لتخزين المكونات الثنائية من هذه المادة. ومن ثم فإن معدات الخلط المتنقلة والثابتة التي وجدتها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية استخدمت في هذه المعالجة. وبطبيعة الحال ينطبق الأمر على نظام صدام حسين في العراق، الذي واجه مشكلة كبيرة في قصر عمر السارين، ولم يتمكن من حلها.

وحتى على افتراض أن هناك كميات كبيرة من سلائف السارين موجودة في جهة واحدة من نفس المخزن (وهي ممارسة تبدو غريبة بحد ذاتها) فإن الضربة الجوية لن تؤدي إلى إنتاج كميات كبيرة من السارين. وفي الواقع، إن إسقاط قنبلة على المكونات الثنائية لن يوفر في الواقع الآلية الصحيحة التي تدفع إلى إنتاج مركبات الأعصاب هذه. إنها حجة طفولية بصدق، فواحد من أهم العناصر الموجودة هناك سيكون كحول “الآيزوبروبيل”، الذي ستشتعل النار به بشكل كبير جداً، وهو ما لم تشهده المنطقة أبداً.

وثمة نقطة أخرى، وهي أن النظام السوري إن كان يعتقد حقاً أن هناك مخزناً يحتوي على مركبات كيميائية، فإن ضربه بشكل متعمد يعد من أعمال الحرب الكيميائية بالوكالة.

وأخيراً، نعود إلى مسألة القدرة الصناعية؛ فإن الأمر يحتاج إلى قرابة 9 كغم للحصول على مواد وسلائف السارين من أجل توليد الخطوات اللازمة لتوليد غاز السارين. وهي نسبة مماثلة لمثيلاتها من غازات الأعصاب. ووجود كمية من العوامل العصبية يعتمد على سلسلة توريد متطورة من السلائف الغريبة والقواعد الصناعية. هل نظن نحن أن أياً من فصائل المتمردين قد أنفق مبالغ مالية ضخمة لتطوير هذه القاعدة الصناعية على نحو يجعلها بمأمن من الهجمات حتى الآن؟ إنها سلسلة طويلة من الأحداث المعقدة التي لا يمكن الاتكال على تفسير بسيط وخاطئ كهذا لتفسيرها.

 

للاطلاع على المادة الاصلية اضغط هنا 

ضع تعليقاَ