مارس 29, 2024

التوجّه شرقاً؟ أثر الصعود الأوراسي الجديد على التوجّهات الكبرى للاستراتيجية التركية

جلال خشيب

‌‌

مقدمة:

منذ نشأة تركيا كدولة مستقلة سنة 1923، رأت النخب السياسية التركية في الغرب مصدراً مُعزّزاً للأمن القومي التركي، خاصة مع الوضع الهشّ للدولة الناشئة في بداياتها من جهة، ومن جهة أخرى نظراً للوضع الدولي المعقّد المليء بالأزمات والحروب آنذاك؛ على غرار الحرب العالمية الثانية ثمّ الحرب الباردة التي قام فيها الغرب بدور الحامي الأساسي للأمن القومي التركي من التهديد السوفييتي، في مقابل ذلك أدت فيها تركيا دور الحليف الإستراتيجي الحاسم للغرب في هزيمة السوفييت. لقد كانت روسيا القيصرية ثمّ السوفييتية بمنزلة العدو الأول والأساسي الدائم المهدّد لسلامة الأراضي التركية (مطالب روسيا في قارص وأردهان)، وكان ذلك العامل الأساسي في اختيار تركيا الناشئة التوجّه نحو الغرب، إضافة طبعاً إلى عوامل داخلية أخرى ارتبطت أساساً بالثقافة السياسية الليبرالية الغربية للنخب السياسية المؤسسة لدولة تركيا الحديثة. لذا فقد ظلّت تركيا تحت المظلة النووية للناتو معتمدة على الغرب إستراتيجياً، ومتجّهة نحوه اقتصادياً أيضاً منذ مرحلة مؤسسها مصطفى كمال أتاتورك وصولاً إلى مطلع القرن الحادي والعشرين، حيث أدركت تركيا نفسها كقوة متوسطة إقليمية (A Regional Middle Power) تسعى لتحقيق إستقلالية أكبر عن الغرب في سياساتها الخارجية، وأن تكون أيضاً فاعلاً أساسياً على الساحة الدولية، وقد ترافق ذلك مع حدوث مجموعة من التغيّرات في بنية النظام الدولي منحت تركيا حريّة فعل أكثر في سياستها الخارجية، خصوصاً مع الانتقال الواضح لمعالم القوة من الغرب باتجاه الشرق (آسيا) على حدّ تعبير الباحث الأمريكي جوزيف ناي، وتصاعد النَزعَة الأوراسية الجديدة (روسيا والصين خصوصاً) على حدّ تعبير الجيوبوليتيكي الروسي ألكسندر دوغين، في الوقت الذي خطّتْ تركيا لنفسها مساراً إستراتيجياً جديداً مع البروفيسور أحمد داوود أوغلو ومشروع العمق الإستراتيجي، الذي يهدف أساساً لتحقيق أكبر قدر من الإرادة الحرّة والمستقلة في السياسة الخارجية التركية، بعيداً عن أي وصاية أو تقويض أو هيمنة غربية أو شرقية.

في ظلّ هذه التحوّلات الجديدة، تُحاول هذه الورقة البحثية أن تقيس حدود إمكانية حدوث تحوّل جديد في التوّجهات الكبرى للسياسة الخارجية التركية، مع التراجع النسبي في القوة الذي يعرفه الغرب في مقابل الصعود الأوراسي الجديد، الذي قد يكون بمثابة الشريك الإستراتيجي الجديد لمشروع الإرادة الحرّة والمستقلة التركية، أو قد يستمر في كونه تهديداً مباشراً لهذا المشروع.

لقراءة الورقة البحثية كاملةً وتحميلها كملف pdf: التوجّه شرقاً؟
أثر الصعود الأوراسي الجديد على التوجّهات الكبرى للاستراتيجية التركية

ضع تعليقاَ