مارس 28, 2024

عرض كتاب: السلطان الجديد.. أردوغان وأزمة تركيا الحديثة

السلطان الجديد.. أردوغان وأزمة تركيا الحديثة

 The New Sultan: Erdogan and the Crisis of Modern Turkey

 

المؤلف: سونر جاغابتاي

الناشر: I.B.Tauris

تاريخ الإصدار: 30 نيسان/أبريل 2017

عدد الصفحات: 224 صفحة

 

أحد الأفكار المحورية التي يدور حولها الكتاب هو ما يصفه المؤلف بـ”الاستقطاب الحاد” الذي تشهده تركيا، ويتوقع أن يتفاقم نتيجة الشكوك المثارة حول نتيجة الاستفتاء الدستوري الأخير.

لتتبع هذا الاستقطاب؛ يرصد الكتاب كيف وطّد أردوغان أقدامه في السلطة، بداية من منصب رئيس الوزراء ثم كرئيس للجمهورية، حتى أصبح أكثر القادة الأتراك المحصّنين منذ أتاتورك، بعد مرور عقد ونصف على تولّيه منصبه.

 

عن المؤلف

سونر جاغابتاي: هو خبير تركي- أميركي مقيم في الولايات المتحدة يعمل مديراً لبرنامج الأبحاث التركية بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى. ويعتبر خبيراً في قضايا مختلفة بما فيها العلاقات التركية- الأمريكية والسياسة التركية والقومية التركية، سبق أن درس في جامعة برينستون و جامعة يال و جامعة جورجتاون و ايضاً في كلية سميث للشرق الأوسط و منطقة البحر الأبيض المتوسط و شرق أوروبا.كما شغل منصب استاذ في قسم دراسات الشرق الادنى التابع لجامعة برينستون، وهو حالياً أستاذ زائر في كلية “أدمند أ. والش” للخدمة الخارجية في جامعة جورجتون.

 

مقارنة بين أردوغان وأتاتورك

يعقد “جاغابتاي” مقارنة بين رجب طيب أردوغان ومصطفى كمال أتاتورك، قائلا: إن أردوغان اليوم يضع نصب عينيه صياغة مستقبل تركيا على النحو الذي يريده هو، تماما مثلما فعل أتاتورك في الماضي.

يحدث ذلك من خلال توجيه موارد الدولة نحو هندسة المجتمع، بدءًا بالمفاهيم العليا ثم نزولا إلى التفاصيل. على سبيل المثال: استخدام سياسة التعليم للتأثير على الأتراك الشباب.

لكن على الرغم من اعتماد أردوغان لأساليب أتاتورك، إلا أن الرئيس التركي الحالي لا يشاطر قيم مؤسس تركيا الحديثة، من وجهة نظر المؤلف، فبينما أسس أتاتورك دولةً علمانية أوروبية غربية الطابع، يريد أردوغان أن تكون دولته شرق أوسطية ومحافظة وإسلامية.

 

مزيج اجتماعي وسياسي وديني

يُرَجِّح الكتاب أن أردوغان لن يتمكن من فرض رؤيته بالكامل؛ لأن تركيا عبارة عن مزيج من الفئات الاجتماعية والسياسية والدينية، التي تعارض نسبة كبيرة منها جدول أعماله.

يستدل المؤلف على وجاهة هذا الرأي بتصويت العديد من سكان المدن الساحلية التركية (التي تمثل أغلبية الناتج المحلي الإجمالي للبلاد) ضد هذا الاستفتاء، فضلاً عن خسارة أردوغان مسقط رأسه (اسطنبول)، بما في ذلك الحي الذي عاش فيه.

من وجهة نظر “جاغابتاي” أصبحت تركيا ببساطة متنوعة جداً ديموغرافياً، وكبيرة جداً اقتصادياً، ومعقّدة للغاية سياسياً؛ بما يفوق قدرة شخص واحد على بناء وطن وفقا لتصوّره الخاص.

على سبيل المثال، على الرغم من الجهود التي يبذلها أردوغان لخلق فئة من الرأسماليين الإسلاميين المقربين، إلّا أن الجزء الأكبر من ثروة البلاد لا يزال مكرّسا لدعم “جمعية رجال الأعمال والصناعيين التركية” (“توسياد”)، المتمسكة بالقيم العلمانية الديمقراطية الليبرالية الأوروبية.

 

العلاقات مع روسيا والغرب

يرى المؤلف أن العداء الروسي لأردوغان مؤكَّد؛ استنادًا إلى رؤى الطرفين:

– دعم موسكو لوحدات حماية الشعب في سوريا الموالية لحزب العمال الكردستاني يهدد المصالح الأمنية التركية.

– يعتقد فلاديمير بوتين من جهته أنّ نسخة الإسلام السياسي السنّي التي تعتمدها أنقرة يمكن أن تسيّس نزعة التطرف في الأقلية المسلمة في بلاده وتعززها، وهي الأقلية التي تشكّل 15 إلى 20 في المائة من الشعب الروسي وتتمتع بروابط عرقيّة وتاريخية عريقة مع تركيا.

ومع ذلك، يستبعد الكتاب أن تؤدي زيادة التوترات بين تركيا وموسكو إلى عودة تركيا إلى أحضان الغرب، لسببين:

– أصبحت السياسة الخارجية بندا فرعيا على جدول الأعمال المحلي لأردوغان، حيث صوّب أتباعه سهامهم بشكل رئيسي على الاتحاد الأوروبي في الفترة التي سبقت الاستفتاء.

– من المحتمل أن يمتد هذا المسار القومي المتشدد ليشمل أيضا الهجوم على التعاون بين الولايات المتحدة ووحدات حماية الشعب.

 

3 مسارات محتملة

يتحدث الكتاب عن ثلاثة مسارات محتملة أمام تركيا في المرحلة القادمة:

أولاً: قد يستمر وضع الأزمة الراهن، ويبقى النصف المؤيد لأردوغان في البلاد معتقداً أنه يعيش في الجنّة في الوقت الذي يشعر فيه النصف المعادي لأردوغان أنه يعيش في الجحيم.

ثانياً: إذا أدرك أردوغان أنه لم يعد قادراً على اتباع النهج نفسه في حكمه للبلاد طالما أنها ديمقراطية حقا، فقد يقرر أن يصبح مستبداً بما فيه الكفاية لإنهاء الديمقراطية في تركيا.

ثالثاً: تتمثل الفرضية الأقل احتمالا في أن يؤدي الانشقاق الداخلي الحاد في البلاد، إلى جانب المزيد من الهجمات الإرهابية التي يشنّها تنظيم الدولة وحزب العمال الكردستاني أو بالأعمال الشنيعة التي ترتكبها القوى المجاورة كنظام الأسد وروسيا وإيران، إلى جرّ تركيا إلى صراع أهلي.

 

من هو بديل أردوغان؟

أما المسار المتمثل في استبعاد أردوغان، فيرى المؤلف أن أكبر العقبات التي تقف في طريقه هي انقسام المعارضة وافتقارها إلى زعيم مؤثر.

وبالتالي، يرجح الكتاب أن “يظل مستقبل تركيا مثيرا للقلق إلى أن يظهر من يستطيع أن يُعَبّد الطريق بشكل فعال لتحويل تركيا إلى دولة ليبرالية، توفر حرية الدين لنصف سكان البلاد وتحرر النصف الآخر من الدين، فضلاً عن الحريات غير المقيدة لجميع المواطنين، بمن فيهم الأكراد”.

ولذلك يبقى السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ما إذا كان بإمكان جناح اليمين التركي الأوسع، الذي يستقطب عادةً حوالي 60 في المائة من الأصوات، أن يوفّر بديلاً عن أردوغان.

ضع تعليقاَ