مارس 29, 2024

واشنطن بوست: فريق ترامب يكرر نفس أخطاء أوباما في سوريا

لطالما أشار مسؤولو إدارة ترامب إلى سياسة إدارة أوباما الفاشلة في سوريا لتبرير نهجهم الذي يشمل التنسيق مع روسيا، بالإضافة إلى القبول باستمرار حكم بشار الأسد، والتخلي عن العديد من الثوار الذين كانت أمريكا تدعمهم على مدى سنوات.

لكن رغم أن فريق ترامب ورث دوراً سيئاً جداً في سوريا، إلا إن طريقة أداء ذلك الدور تكرر نفس الأخطاء الأساسية التي ارتكبها الرئيس باراك أوباما، ومن المرجح أن يكون لها نفس النتائج السلبية على الأزمة السورية وعلى المصالح الأمريكية على حدٍ سواء.

في الأسبوع الماضي حدد مدير وكالة الاستخبارات المركزية مايك بومبيو، في منتدى أسبن الأمني، ما يراه مصالح الولايات المتحدة في سوريا. وقال إن الولايات المتحدة لديها عدوّان رئيسان هناك؛ الدولة الإسلامية وإيران. وبالإضافة إلى منع إيران من إقامة منطقة سيطرة تجزئ المنطقة، فإن الهدف الأمريكي هو “توفير الظروف لإقامة منطقة شرق أوسط أكثر استقراراً للحفاظ على أمن أمريكا”. ليس لدى الرئيس ترامب خيار سوى العمل مع روسيا في سوريا؛ لأن أوباما ووزير الخارجية آنذاك جون كيري “دعوا” بوتين إلى سوريا في عام 2013، للعمل على اتفاقٍ للأسلحة الكيميائية، وفقاً لما ذكره بومبيو. إلا إن دليلاً حقيقياً على أن روسيا تريد محاربة الإرهاب هناك ما زال غير موجود، على حد قوله. وقال بومبيو: “ليس لدينا نفس المجموعة من المصالح” في سوريا مثل روسيا. فما هي الأهداف الروسية في سوريا؟ “إنهم يرغبون في ميناءٍ بحريٍ دافئ المياه، ويرغبون بأن يكون ملاصقاً لأمريكا”.

بومبيو على حق، لكنه ليس مسؤولاً عن سياسة الولايات المتحدة في سوريا. حيث يتبع هذا الملف وزير الخارجية ريكس تيلرسون الذي أدلى بتصريحاتٍ متناقضةٍ تماماً في هامبورغ هذا الشهر، مباشرةً بعد أن التقى هو وترامب مع بوتين لترتيب وقفٍ لإطلاق النار جنوبي غربي سوريا. فقد قال تيلرسون: “أعتقد أن لدى روسيا نفس المصالح التي لدينا بأن تصبح سوريا مكاناً مستقراً وموحداً”. وتحدث كبير مسؤولي تيلرسون في الشرق الأوسط ومساعد وزير الخارجية ستيوارت جونز في أسبن، قائلاً إن الولايات المتحدة قد عمدت إلى تفويض الأمن في سوريا للروس، من خلال جعلهم مراقبين لوقف إطلاق النار.

وأضاف: “إن هذا اختبارٌ حقيقيٌ لقدرة الروس على قيادة هذه العملية”، “الحل هو إسناد هذا الأمر للروس، وإذا فشل الأمر، فإنها مشكلة”. ينبغي لهذا أن يبدو مألوفاً؛ فهذه هي نفس الصيغة الدقيقة تقريباً التي استخدمها كيري عندما كان يتفاوض على وقف إطلاق النار السوري مع روسيا في أواخر عام 2015 وأوائل 2016. فقد قال كيري مراراً وتكراراً إن رغبة روسيا في أن تكون شريكا بناءً في سوريا يجب أن يتم اختبارها. وقد فشلت روسيا مرةً تلو الأخرى في هذا الاختبار، بمساعدتها نظام الأسد على توسيع سيطرته ومواصلة فظائعه ضد المدنيين.

من المؤكد أن أوباما وكيري ارتكبا الكثير من الأخطاء. فقد كانت الجهود الأمريكية لتدريب المتمردين السوريين وتجهيزهم سيئة التنفيذ، وربما دفعت إلى التدخل العسكري الروسي في عام 2015. وبعدها رفضت إدارة أوباما الدفع باتجاه تنحية الأسد، وبدأت العمل على وقف إطلاق النار مع روسيا؛ لأن ذلك شكّل أفضل أملٍ في وقف المذابح. ويرى كثيرون أن ترامب ليس لديه خيار سوى مواصلة هذه السياسة، كما قالت سفيرة الأردن لدى واشنطن، دينا قعوار، في أسبن: “ما هو البديل؟”، ربما لا يوجد.

 لكن على إدارة ترامب ألَّا تكرر خطأ الوزير كيري؛ وهو التفاوض مع روسيا دون نفوذ. هذا هو سبب كون قرار ترامب بقطع برنامج وكالة المخابرات المركزية لتدريب وتجهيز بعض جماعات الثوار السوريين التي تقاتل الأسد يعد قصر نظر. فترامب يقوم بالتخلي عمَّا لديه من نفوذٍ قليل دون شيء بالمقابل.

كما أنه لا يجدر بترامب أن يكرر ثاني أخطاء إدارة أوباما؛ والذي كان فسح المجال للأسد وإيران لتوسيع مناطق سيطرتهم. وقد ذكر جونز أن النظام وشركاءه يستخدمون وقف إطلاق النار في جنوبي غربي سوريا لإفراغ الموارد للتقدم في جنوبي شرقي سوريا، حيث يدور القتال على المنطقة الاستراتيجية حوالي دير الزور. لكن يبدو أن لدى إدارة ترامب شعوراً جيداً تجاه السماح لإيران والأسد بالاستيلاء على أجزاء كبيرة أخرى من سوريا، بخلاف ما سيكون عليه شعور العرب السنة الذين يعيشون هناك. وتساءل أندرو تابلر، وهو زميل بارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: “ماذا سنفعل عندما يعود هؤلاء الناس إلى ديارهم تحت نيران المليشيات الإيرانية؟”.

أخيراً، على ترامب زيادة دعم المجتمعات المحلية العربية السنية، إن لم يكن بالسلاح فبدعم الحكم المحلي والتعليم والخدمات الأساسية. حيث إن تمكين القادة المحليين شرطٌ مسبقٌ لأي نوع من الاستقرار طويل الأمد، وسيكون جوهرياً عند انبثاق عمليةٍ سياسية.

ليست إدارة ترامب مسؤولةً عن الأخطاء الأمريكية السابقة في سوريا، لكنها مسؤولة عمَّا تفعله الولايات المتحدة في الوقت الحاضر. وبدلاً من مجرد إلقاء اللوم على أوباما وكيري بسبب تلك الفوضى، ينبغي على هذه الإدارة أن تتعلم الدروس من ذلك الفشل.

المصدر: واشنطن بوست

الكاتب: جوش روغن Josh Rogin

الرابط: https://www.washingtonpost.com/opinions/global-opinions/the-trump-team-is-repeating-obamas-mistakes-in-syria/2017/07/23/ae6261d2-6e2c-11e7-b9e2-2056e768a7e5_story.html?utm_term=.6e9509029482

 

ضع تعليقاَ