مارس 19, 2024

إعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل من خلال الصحافة الإسرائيلية

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الأربعاء في البيت الأبيض، أن “الإدارة الأمريكية تعترف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل”. وقال ترامب إن الإدارة ستؤيد حل الدولتين إذا اتفق الطرفان على ذلك، مضيفاً في خطابه أنه أصدر تعليمات لوزارة الخارجية بالإعداد لنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، ثم قام بعد ذلك بتأجيل نقل السفارة لستة أشهر. وجاء في اعتراف ترامب أنه حان الوقت للاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل لأن هذا هو الواقع، وأضاف أنه بدأ بالتحضير لنقل سفارة بلاده إلى القدس، وقال إن مسألة الحدود سوف تناقش في المفاوضات وإنه يدعم حل الدولتين. بالرغم من ذلك لم يتضمن خطابه أي معلومات عن حدود القدس، ولا متى سيتم نقل السفارة، ولم يصرح أيضاً عمَّا تتضمنه خطته لاتفاقية السلام.

رداً على هذا الاعتراف سارع  الرئيس الإسرائيلي روفين ريفلين ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وكبار المسؤولين الحكوميين لتهنئة الإسرائيليين بهذا الاعتراف. فمن جانبه قال الرئيس ريفلين: “لا توجد هدية أكثر جمالاً وجدارة  في الذكرى السبعين لإقامة دولة إسرائيل”. وقال نتنياهو: “إن هذا يوم تاريخي، وإن إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يعد خطوة هامة في تاريخ القدس”.

خطة ترامب ليست بالأمر الجديد ففي عام 1995 اعتمد الكونغرس القرار المتعلق بالسفارة الأمريكية، والذي يشجع على نقل السفارة بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، وقد أقر بأغلبية كبيرة في الكونغرس في ذلك الوقت، ووافق عليه صوت واحد في مجلس الشيوخ، ولكن لمدة عشرين عاماً استغل كل رئيس سابق قدرته على رَفضِ نقل السفارة ورَفضَ نقلَها أو الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، انطلاقاً من اعتقاد كل منهم بأنه سيحقق السلام، استناداً إلى الحقائق التي يعتقدون أنها كانت صحيحة في ذلك الوقت.

قدمت الصحف  العالمية وخاصة الإسرائيلية أخباراً وتقارير بمناسبة هذا الاعتراف. فنشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية تقريراً بعنوان “خبر كاذب، هكذا نجح ترامب بالاحتيال على الجميع” جاء بموجبه أنه من الصعب عدم تجنب الشعور بأن ترامب قام بخداع  الجميع، وأن هذا هو نوع من “الأخبار المزيفة”.

فقراره يأتي أولاً وقبل كل شيء بسبب الاعتبارات السياسية الداخلية، والضغط من الحزب الجمهوري والأوساط الإنجيلية. وقال مسؤول كبير بالبيت الأبيض في مؤتمر صحفي، قبل يوم واحد من بيان ترامب، إن الأمر سيستغرق ثلاث أو أربع سنوات لإنشاء السفارة الأمريكية الجديدة في القدس. لماذا هذا الإعلان يعتبر “خبراً زائفاً”؟ لأنه إذا كان الرئيس ترامب يريد فعلاً نقل السفارة لكان قد فعل ذلك من خلال نقلها إلى مبنى مؤقت في القدس غداً، ولأن مكتب السفير ديفيد فريدمان سيكون مقره في مكتب القنصل العام الأمريكي في القدس الغربية، في مبنى مثير للإعجاب في شارع أغرون. وهذا من شأنه أن يوضح جدية نياته.

ونشرت صحيفة “هآرتس” خبراً جاء فيه أن نتنياهو  صرح بأنه “ليس هناك شك في أن دولاً أخرى ستنقل السفارات إلى القدس”، وأضاف أيضاً أن ترامب “ارتبط دائماً بتاريخ عاصمتنا”. وأضاف نتنياهو أن إسرائيل “تجري محادثات مع دول أخرى للقيام باعتراف مماثل، ولا يساورني شك في أنه بمجرد انتقال السفارة الأمريكية إلى القدس وحتى قبل ذلك ستنتقل  سفارات أخرى أيضاً”.

وفي نفس الصحيفة نشر تقرير تحليلي بعنوان “إعلان ترامب عن القدس عاصمة لإسرائيل فرصة لتغيير عباس”، جاء فيه أن الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل هو فرصة للقيادة الفلسطينية لتحرير نفسها من أساليب عملها وتفكيرها. إن التغيير في الموقف الأمريكي يسمح للقيادة الفلسطينية، تحت قيادة محمود عباس، بإحداث تغييرات تظهر لشعبها أنها لم تلتزم بالمسار الدبلوماسي المشروط بالتنسيق الأمني والاقتصادي مع إسرائيل فقط من أجل النهوض بمصالحها الشخصية والاقتصادية الحالية. بعد الانتعاش من الصدمة سوف يقول عباس وشعبه بحق إن التغيير الأمريكي لا يشير بالضرورة إلى فشل المسار الدبلوماسي الفلسطيني، بل عدم كفاءة العناصر العقلانية في الحزب الجمهوري بحسب ما ذكرته الصحيفة.

وقالت صحيفة “معاريف” إنه ظهر العديد من المعارضين للإعلان من جميع أنحاء العالم، بمن فيهم وزير الخارجية ريكس تيلرسون ووزير الدفاع جيمس ماتيس. واعترض رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) مايك بومبيو على “تغيير الوضع الراهن”، مؤكداً أنه سيكون له انعكاسات سلبية على الوضع الأمني الحساس في المنطقة وعملية السلام.

ردود الفعل:

يعتقد معظم العالم أن إعلان ترامب ليس سبباً للاحتفال، بل بالأحرى سبب من أجل الغضب والقلق. وبالفعل خرجت مساء أمس مظاهرات غضب أمام السفارات الأمريكية والإسرائيلية في عواصم ومدن كثيرة. قبل ساعات قليلة من إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أن الولايات المتحدة تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، حذر الملك عبد الله العاهل الأردني في خطابه من أنقرة، من أن “إنكار الحق الإسلامى والمسيحى في القدس سيزيد العنف”. وقال إن هناك حقاً للفلسطينيين في إقامة دولة عاصمتها القدس الشرقية. وقال أردوغان: “إننا نتشارك مشاعر الأردن حيال الحفاظ على قدسية القدس ووضعها”. وأضاف أن “الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل لن يفيد سوى المنظمات الإرهابية، ولا يحق لأحد أن يلعب بمصير المليارات من الناس بسبب طموحاته الشخصية”.

من جانبه دان المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي، يوم الأربعاء، قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، مؤكداً أن ذلك يشكل علامة على فشل واشنطن في المنطقة. وقال خامنئي: إن “ادعاءهم أنهم يريدون إعلان القدس عاصمة فلسطين المحتلة ينبع من فشلهم وعجزهم”. وأضاف: “إن أيدي أمريكا مغلولة عندما يتعلق الأمر  بقضية فلسطين، ولا يمكنها أن تصل إلى أهدافها”. وأضاف الحاكم الإيراني أن فلسطين “ستتحرر” وأن الشعب الفلسطيني سيحقق النصر.

ودعا رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية إلى الانتفاضة ضد إسرائيل بعد الإعلان. وقال هنية في خطاب قاطع: “إن القرار الأمريكي هو إعلان حرب”، مضيفاً: “إن القدس خطفت وسرقت، وسنعمل على إشعال الانتفاضة ضد العدو الصهيوني”. وفي الوقت نفسه، وبعد تقييم حالة الأركان العامة، قرر الجيش الإسرائيلي تعزيز قوات عدد من الكتائب فضلاً عن نظم التجميع والدفاع في الضفة الغربية.

ودعا رئيس الوزراء الماليزي نجيب رزق المسلمين في جميع أنحاء العالم لمعارضة إعلان الرئيس الأمريكي، في كلمة ألقاها في مؤتمر للحزب الحاكم في البلاد، قائلاً: إن “ترامب غيّر السياسة الأمريكية في العقود الأخيرة. ويجب على جميع المسلمين الإعراب عن معارضتهم للاعتراف بالقدس عاصمة  لإسرائيل “. كما دعت الحكومة العراقية الرئيس ترامب إلى سحب إعلانه هذا الصباح.

وقال دبلوماسيون لـ”رويترز” إن مجلس الأمن الدولي سيجتمع غداً بناء على طلب ثماني أعضاء من بين 15 عضواً عقب خطاب ترامب. وأضاف أن فرنسا وبوليفيا ومصر وإيطاليا والسنغال والسويد والمملكة المتحدة وأوروغواي من بين الدول التي دعت إلى عقد الاجتماع.

ضع تعليقاَ