أبريل 19, 2024

واشنطن بوست: اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل تحول سياسي يمكن أن يثير الاضطرابات

 

أعلن مسؤولون بارزون أن الرئيس ترامب يعتزم يوم الأربعاء أن ينهي عقوداً من السياسة الأمريكية، من خلال الاعتراف رسمياً بالقدس عاصمة لإسرائيل والأمر بنقل السفارة الأمريكية إلى المدينة، وهو قرار يمكن أن يعرقل جهود البيت الأبيض من أجل السلام ويثير اضطرابات إقليمية. وسوف يدلي ترامب  في خطاب منتصف النهار بعد شهور من المداولات داخل إدارته، والمشاورات مع الحكومات في الشرق الأوسط. ولكن في إشارة إلى تعقيدات هذا التحول أكد مساعدون في البيت الأبيض أن ترامب سيوقع تعطيلاً آخر للنقل لمدة ستة أشهر يحافظ على الموقع الحالي للسفارة في تل أبيب؛ لأن عملية نقلها سوف تستغرق ما لا يقل عن ثلاث أو أربع سنوات.

من دون التعطيل (أوجده بيل كلينتون لتأجيل نقل السفارة بقرار كان يجدد كل 6 أشهر) الذي وقع عليه كل رئيس أمريكي منذ أكثر من عقدين كان سيتم قطع التمويل الجوهري لوزارة الخارجية للسفارة.

وقد بدأ الرئيس في إطلاع نظرائه في المنطقة على قراره يوم الثلاثاء؛ ممَّا أدى إلى زيادة التحذيرات من عدة دول، اذ إن هذه الخطوة ستؤجج المسلمين وتعطل التقدم نحو التوصل إلى اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. كما عارض حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا، بمن فيهم فرنسا، مثل هذا التغيير في السياسة، وأرسلت وزارة الخارجية مذكرة سرية إلى السفارات في الشرق الأوسط، أواخر الشهر الماضي، تحذر من احتجاجات محتملة مناهضة للولايات المتحدة الأمريكية.

وقال نبيل شعث مستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن عباس أُطلع شخصياً على القرار، وقال: “لا شيء يعوض القدس”. وقال عباس لترامب إنه “لن يقبل ذلك”، وحذر من أنه بذلك “يعزز التطرف” لكن ترامب “ذهب إلى القول إنه مضطر إلى القيام بذلك”.

وفي الرياض، قالت وكالة الأنباء السعودية، التي تستخدم اسم القدس، إن الملك سلمان بن عبد العزيز حذر ترامب من أن مثل هذه الخطوة الخطيرة من النقل أو الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ستشكل استفزازاً صارخاً للمسلمين، في جميع أنحاء العالم.

وتصاعدت ردود فعل من دول الشرق الأوسط الأخرى يوم الثلاثاء.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تصريح للبرلمان التركي إن الاعتراف الأمريكي بالقدس “خط أحمر” للمسلمين؛ مَّما قد يجبر تركيا على قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل التي تم تجديدها مؤخراً بعد انقطاع دام ست سنوات.

ووصف كبار مسؤولي البيت الأبيض قرار ترامب بأنه وفاء بوعود رئيسية في حملته، والقرار يحظى بدعم واسع من الحزبين في الكونغرس. وأكدوا أن هذه الخطوة لن تغير جذرياً الجوانب الأخرى للسياسة الأمريكية. على سبيل المثال، قالوا إن ترامب لا يزال يدعم حل الدولتين، إذا كان هذا هو ما يتفق عليه الطرفان، وتحافظ الإدارة على الوضع الراهن وعلى الأماكن المقدسة في القدس.

وقال المسؤولون إن ترامب يدرك ببساطة حقيقة أن القدس كانت تاريخياً عاصمة لإسرائيل، وأن معظم حكومة البلاد -بما في ذلك مكتب رئيس الوزراء والمحكمة العليا والسلطة التشريعية -مقرها هناك.

وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية، تحدث مع اثنين آخرين طالباً عدم الكشف عن هويته في مؤتمر صحافي عُقد في البيت الأبيض: “لفترة طويلة أصبح الموقف الأمريكي غامضاً أو غير معترف على الأرجح بالأمل في دفع عملية السلام”. “ربما كان ذلك [بقاء السفارة في تل أبيب] معقولاً في ظل ظروف وأوقات معينة، وقد تمت تجربته بالتأكيد، لكن يبدو واضحاً الآن أن مكان وجود السفارة الأمريكية ليس جوهرياً لاتفاق سلام”.

وقال مسؤول أمريكي آخر عقب الاجتماع إنه بينما يؤكد ترامب التزامه بعملية السلام خلال خطابه فإن البيت الأبيض يعترف بأن “بعض الأطراف” قد تتفاعل بشكل سلبي.

وقال المسؤول الذي لم يكن مخولاً بذكر اسمه: “ما زلنا نعمل على خطتنا التي ليست جاهزة بعد”. “لدينا الوقت للعمل على ذلك بشكل صحيح، ونرى كيف يشعر الناس بعد سماع هذا الخبر خلال الفترة القادمة”.

وقال مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي ايه) جون برينان، إن اعتبار القدس عاصمة إسرائيل وانتقال السفارة الأمريكية من تل أبيب، أمر “متهور وخطأ تاريخي في السياسة الخارجية في الشرق الأوسط”، “وسيجعل المنطقة أكثر تقلباً لسنوات قادمة”.

ولا توجد دول أخرى لديها سفارات في القدس، في ظل إجماع دولي طويل الأمد على أن وضع المدينة يجب أن يتقرر في اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

وقد أعلنت الفصائل الفلسطينية، يوم الثلاثاء، ثلاثة أيام “غضب” احتجاجاً على تحرك السفارة الأمريكية المحتمل والاعتراف بالقدس. ودعوا فى بيان أنصارهم في جميع أنحاء العالم إلى التجمع في مراكز المدن وفي السفارات والقنصليات الإسرائيلية للتعبير عن غضبهم.

وفى بيان صدر في وقت متأخر من يوم الثلاثاء، حثت القنصلية الأمريكية في القدس المواطنين الأمريكيين في إسرائيل على تجنب الحشود الكبيرة أو المناطق التي تم فيها زيادة الأمن، وطلبت من موظفيها وأسرهم تجنب المدينة القديمة بالقدس والضفة الغربية باستثناء الأعمال الضرورية.

ضمت إسرائيل القدس الشرقية، التي تضم معظم الأماكن المقدسة الهامة لليهود والمسلمين والمسيحيين، بعد حرب 1967 مع القوى العربية. ويدعي الفلسطينيون أن القدس الشرقية عاصمة دولة مستقبلية، في حين يعتبر العديد من الإسرائيليين وبعضهم في الولايات المتحدة أن المدينة تخضع للإدارة الإسرائيلية بشكل كبير. ويبدو أن بعض مؤيدي ترامب البارزين اليهود يملكون هذا الرأي، على الرغم من قوله إنه يريد احترام السيادة الفلسطينية من خلال تسوية متبادلة.

ولم يحدد المسؤولون الأمريكيون موقع السفارة الجديدة، وقالوا إن الأمر سيستغرق سنوات للتخطيط والبناء لمواجهة المخاوف الأمنية لنحو ألف دبلوماسي يوجد مقرهم حالياً في تل أبيب. لكن المسؤولين أكدوا أن هذه الخطوة لن تمس بمطالب الفلسطينيين بالقدس الشرقية؛ ممَّا يعني ضمناً أنه لن يتم النظر إلا في المناطق الواقعة على الجانب الغربي من الخط الأخضر قبل عام 1967.

وقال مسؤول ثالث في الإدارة الأمريكية إن “هذا لا يتطرق إلى القضايا النهائية”، مشيراً إلى أن القضايا الشائكة في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني يفترض أن تبقى قابلة للنقاش حتى الوصول إلى تسوية سلمية نهائية.

وقال المسؤولون إن القرار اتخذ بدعم من مبعوثي ترامب الذين يسعون إلى التوصل إلى اتفاق سلام طويل الأمد، وهو تأكيد يهدف إلى مواجهة التحذيرات بأن التغيير سيطلق العنان للعنف العربي الجديد. ولم يقدموا أي تفاصيل لدعم الادعاء بأن هذه الخطوة لن تفسد مبادرة السلام التي يرأسها مستشار ترامب وصهره جاريد كوشنر.

غير أن المساعدين قالوا إن وزير الخارجية ريكس تيلرسون ومسؤولين آخرين بوزارة الخارجية شاركوا بشكل وثيق في المداولات.

وأوضح البيت الأبيض أنه تم الاتصال برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ورفض المتحدث باسم مكتبه التعليق.

أما الدعاة الآخرون للاعتراف بالقدس كعاصمة إسرائيلية فقد أشاروا إلى روسيا كمثال على ذلك. وكانت موسكو قد أعلنت أن القدس الغربية ستكون عاصمة لإسرائيل في وقت سابق من هذا العام، وأن الإعلان لم يؤد إلى موجة من العنف أو رد فعل دبلوماسي.

غير أن الموقف الأمريكي أكثر أهمية بسبب دور واشنطن التاريخي كوسيط للسلام.

وقال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إن هذه الخطوة ستقوض الجهود الأمريكية لاستئناف عملية السلام. وقالت الحكومة المصرية إن الرئيس عبد الفتاح السيسي، في حديثه مع ترامب يوم الثلاثاء، “أكد مجدداً موقف مصر الثابت فيما يتعلق بالحفاظ على المركز القانوني للقدس في إطار المراجع الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة”.

المصدر: واشنطن بوست

الكاتب: دافيد ناكامورا، لوفيداي موريس، أنا جياران

الرابط: https://www.washingtonpost.com/world/middle_east/uncertainty-anger-as-trump-keeps-alive-dispute-over-moving-us-embassy-to-jerusalem/2017/12/05/e514b852-d9ab-11e7-b859-fb0995360725_story.html?utm_term=.e3f772b0e3fb

ضع تعليقاَ