مارس 29, 2024

جوانكولي: أمريكا تحتل نصف السوق العالمية لتجارة السلاح ثم فوجئت بالعنف العالمي

عندما تسيطر الشركات الأمريكية على السوق العالمية بمبلغ قيمته 70 مليار دولار في السنة، فقد يتوقع الناس هذا. ولكن الحال مغاير مع السوق العالمية لتجارة الأسلحة، لا سيما عندما تتصدر إحصائيات هذا السوق وسائل الإعلام.

ليس هناك الكثير من التقارير عن هذه السوق، على الرغم من بعض التقارير التي تتحدث مثلاً عن نقل السلاح الأمريكي، بما في ذلك القنابل العنقودية إلى المملكة العربية السعودية، أو الإعفاءات الكارثية بتملك السلاح بالنسبة إلى المعارضة السورية، حلفاء أمريكا، أو السماح ببيع الطائرة الحربية المكلفة والمثير للجدل إف 35.

ومن حين لآخر، إن قابل زعيم أجنبي الرئيس الأمريكي، قد تتحدث بعض المقالات عن صفقات الأسلحة الأمريكية مع بلد الزعيم. ولكن يندر أن تتحدث التقارير بعمق عن الحجم الهائل لتجارة الأسلحة الأمريكية، والسياسات التي تدفعها، والشركات التي تستفيد منها، وآثارها المدمرة عالمياً.

هذا هو السؤال الذي حيرني لسنوات: لماذا صادرات أمريكا الكبرى تحت المراقبة باستثناء تجارة السلاح ما زالت غامضة؟ هل نحن خجلون من البقاء في صدارة تجار السلاح؟ أو هل أسلحتنا والدور الذي تلعبه في العديد من الأماكن تعتبر مجرد قدر، مثل الموت ودفع الضرائب؟

الأرقام قد تكون صادمة، وفق آخر الأرقام الموجودة في خدمة أبحاث الكونغرس فإن الولايات المتحدة باعت أكثر من نصف قيمة اتفاقات نقل السلاح العالمي سنة 2014، وهي السنة الأخيرة التي توفرت فيها جميع الإحصاءات. لتأتي روسيا في المرتبة الثانية بنسبة 14 في المئة.

صدارة واشنطن في هذا المجال لا يمكن أن ينافسها فيها أحد، مبيعات أمريكا تقلبت بين الثلث والنصف خلال العقدين الماضيين، وبلغت الأرقام ذروتها بنسبة 70 في المئة سنة 2011، ويتواصل السباق الذهبي. يقدرالأدميرال النائب جو ريشي، الذي يرأس وكالة مبيعات الأسلحة في البنتاغون، وتعرف للتورية بوكالة الدفاع والتعاون الأمني، أن صفقات الأسلحة التي يسرها البنتاغون تقدر بـ 46 مليار دولار في عام 2015، وهي في طريقها لتبلغ 40 مليار دولار في عام 2016.

حتى يكون الأمر أكثر دقة؛ فإن مجموعة من الأشخاص الذين يهتمون بشكل ملحوظ بهذه التوجهات، والمديرين التنفيذيين لمقاولي الدفاع؛ هم أبرز المستفيدين من نمو هذه السوق. فميزانية البنتاغون وبعض الوكالات ذات العلاقة تقدر بـ600 مليار دولار في السنة، وشركات مثل لوكهيد مارتن، رايثيون، وجنرال دايناميكس، تبحث عن زبائن لها في السوق العالمية، إذ إن تلك السوق هي المصدر الأول لإيراداتها.

في كانون الثاني/ يناير 2015 تم استدعاء المستثمرة لوكهيد مارتن والمديرة التنفيذية لمارلين هيوسون، وسئلت عما إذا كانت صفقة إيران النووية توسطت فيها إدارة أوباما وخمس دول أخرى بهدف التقليل من حدة التوتر في الشرق الأوسط، ودعم استراتيجية شركات السلاح في زيادة صادراتها من الأسلحة إلى المنطقة، فأجابت المستثمرة بأن “التقلب” في كل من الشرق الأوسط وآسيا سيجعلهما “منطقة نمو” في المستقبل المنظور. وبعبارة أخرى، لا تقلقوا ما دام العالم في حالة حرب أو على وشك أن يقع فيها، فلن تعرف شركة لوكهيد مارتن القلق أبداً.

إن شركة هيوسن تحت قيادة لوكهيد قد سبق أن حددت هدفها وهو الحصول على نسبة إيرادات لا تقل عن 25 في المئة عبر تصدير الأسلحة، كما ساعدت بوينغ في جعل وضع تلك شركة يسير على نحو أفضل. وهي تسعى لجعل إيراداتها من بيع الأسلحة في الخارج تفوق 30 في المئة.

أخبار طيبة من منطقة الشرق الأوسط (إذا كنت صانع أسلحة) 

صفقات الأسلحة هي أسلوب حياة في واشنطن. فالرئيس وأجزاء كبيرة من الحكومة كلها عازمة على ضمان أن تُغرِق الأسلحة الأمريكية السوق العالمية، كما أن شركات مثل لوكهيد وبوينغ ستعيش حياة طيبة.  فالرئيس، من خلال رحلاته إلى الخارج لزيارة حلفائه من زعماء العالم، وزير الخارجية، الدفاع، موظفي السفارة الأمريكية والمسؤولين الأمريكيين، يتصرفون بانتظام كمندوبي مبيعات لشركات السلاح. وكل ذلك بإيعاز من البنتاغون. من عمليات السمسرة والتيسير وخزن أموال صفقات الأسلحة في المصارف إلى نقل الأسلحة إلى الحلفاء، هذا أساس تجارة الأسلحة في العالم.

في أفضل الظروف تشارك حكومة الولايات المتحدة في عملية البيع. غالباً يقدم البنتاغون تقييمات للقوات المسلحة في البلاد الحليفة كي يقول لهم ما هم “بحاجة إليه”، وما يحتاجون دائماً هو بالطبع مليارات الدولارات من المعدات الجديدة التي تبيعهم إياها الولايات المتحدة.

ثم يتدخل البنتاغون ليساعد في التفاوض بشأن شروط الصفقة، عبر إعلام الكونغرس بالتفاصيل التي يريدها، ثم يقوم بجمع الأموال من المشتري الأجنبي، ومن ثم يقدمها للمزود الأمريكي في شكل عقد مع وزارة الدفاع.

في معظم الصفقات، يلعب البنتاغون دور نقطة الاتصال لتوصيل أجزاء الصيانة وقطع الغيار وفق نظام التزويد في الولايات المتحدة. كما أن النظام البيروقراطي الذي يساعد على تطبيق كل ما ذكر سابقاً هو وكالة الدفاع والتعاون الأمني، الممول بـ 3.5 في المئة كرسوم إضافية على الصفقات التي يتفاوض فيها، وهذا يعطيه حافزاً أكبر للبحث عن صفقات جديدة.

كما أن الضغط من أجل المزيد من الصفقات دائماً على أشده في جزء منه، بسبب أن صناع الأسلحة حريصون على انتشار مرافق الإنتاج في العديد من الدول والمناطق قدر الإمكان. وبهذه الطريقة، تكفل أن الدعم المقدم من الحكومة لمبيعات الأسلحة الرئيسية يبقى جزءاً من السياسة الداخلية.

شركة جنرال دايناميك على سبيل المثال، قد تمكنت من الحفاظ على محطاتها للدبابات في ولاية أوهايو وميشيغان وجعلها تعمل من خلال مجموعة من الوظائف الإضافية من ميزانية الجيش؛ من خلال أموال تدرج في ميزانية الكونغرس، على الرغم من أن وزارة الدفاع لم تطلب ذلك. ومن خلال صادراتها إلى المملكة العربية السعودية.

كما أن بوينغ تصلها الأموال من الصفقة المقترحة لبيع 40 طائرة إف 18 للكويت للحفاظ على خط إنتاج سانت لويس، وهي حالياً في تفاوض مع إدارة أوباما من أجل التحرك بسرعة أكبر لإتمام هذه الصفقة. ليس من المستغرب أن يصبح أعضاء في الكونغرس وكبار رجال الأعمال المحليين في تلك الدول المؤيدين الأقوياء لصادرات الأسلحة.

على الرغم من أنه نادراً ما فكرت بهذه الطريقة، فالنظام السياسي في الولايات المتحدة هو نظام توزيع أسلحة عالمية من الدرجة الأولى. وفي هذا السياق، أثبتت إدارة أوباما أنها صديق جيد للشركات المصدرة للأسلحة. ففي السنوات الست الأولى للرئيس أوباما في مكتب واشنطن؛ دخلت الإدارة في اتفاقات لبيع أكثر من 190 مليار دولار من الأسلحة في جميع أنحاء العالم، أكثر من أي إدارة أمريكية حكمت أمريكا منذ الحرب العالمية الثانية.

وبالإضافة إلى ذلك، خفف فريق أوباما القيود المفروضة على صادرات الأسلحة، مما جعل من الممكن إرسال مجموعة جديدة كاملة من الأسلحة ومكوناتها إلى الخارج بما في ذلك طائرات هليكوبتر من طراز بلاك هوك وهيوي ومحركات لطائرات النقل سي 17، مع تقليل عملية  التدقيق والتثبت التي كانت عليه سابقاً.

لقد كان هذا الخبر مفرحاً لأرباب هذه الصناعة، التي أرادت وضغطت دائماً من أجل مثل هذه التغييرات على مدى عقود ولم تحرز إلا القليل من النجاح. ولكن وضع قوانين أضعف يجعل من المحتمل أن تكون عملية تهريب الأسلحة أيسر من قبل، وتسهل على منتهكي حقوق الإنسان الحصول على الأسلحة الأمريكية.

على سبيل المثال، فإن 36 حليفاً للولايات المتحدة من الأرجنتين وبلغاريا وتركيا ورومانيا لم تعد بحاجة إلى تراخيص من إدارة الدولة لاستيراد الأسلحة وقطع غيارها من الولايات المتحدة. وهذا سيجعل من السهل بكثير على شبكات التهريب بناء شركات واجهة في هذه البلدان والحصول على الأسلحة الأمريكية ومكونات الأسلحة، ومن ثم يمكن تمريرها إلى أطراف أخرى مثل إيران أو الصين. مثل هذه الممارسات ستزيد في ظل هذه التعديلات والضوابط التشريعية.

درجة استعداد إدارة أوباما للانحناء إلى الوراء من أجل مساعدة مصدري الأسلحة في جلسة استماع عام 2013 كانت واضحة جداً. رد توم كيلي، نائب مساعد وزير “مكتب الشؤون السياسية العسكرية” بوزارة الخارجية على سؤال حول ما إذا كانت الإدارة تفعل ما يكفي لتعزيز صادرات الأسلحة الأمريكية، فأجاب:

“نحن ندافع عن شركاتنا ونقوم بكل ما يمكننا حتى نتأكد من أن هذه المبيعات تسير على الوجه الأفضل، وهو شيء نقوم به في كل يوم، وفي كل قارة في العالم، وكنت أفكر باستمرار كيف يمكننا أن نقدم الأفضل”.

أفضل مكان قدمت فيه إدارة أوباما والبنتاغون العون لصناع الأسلحة في الآونة الأخيرة هي منطقة الشرق الأوسط. وقد لعبت واشنطن دور الوساطة في صفقات سلاح تفوق قيمتها 50 مليار دولار مع المملكة العربية السعودية وحدها، تحتوي على كل شيء من الطائرات المقاتلة إف 15 وطائرات الهليكوبتر الهجومية “أباتشي” وذلك بهدف مكافحة السفن وأنظمة الدفاع الصاروخي.

وقد كانت أسوء الاتفاقات وأكثرها ضرراً، وإن كانت الأكثر فائدة، صفقة القنابل والصواريخ التي قدمت للسعودية في حربها الوحشية في اليمن، حيث قتل آلاف المدنيين ويعاني الملايين من الجوع. أعضاء في الكونغرس مثل ممثل ولاية ميشيغان جون كونيرز وسيناتور ولاية كونيكتيكت كريس مورفي، قد ضغطا من أجل سن تشريعات توقف على الأقل تدفق الأسلحة الأكثر فتكاً من التي أرسلت للسعودية في حربها في اليمن، ولكن ليس لديهم حتى الآن القدرة على التغلب على نفوذ السعودية الكبير في واشنطن، لا سيما نفوذها على صنّاع السلاح.

عندما يتعلق الأمر بتجارة الأسلحة، وعلى الرغم من أن الأخبار القادمة من الشرق الأوسط  ليست جيدة، يجعل هذا إدارة أمريكا تمدد في صفقة المساعدات لإسرائيل بـ 10 سنوات جديدة. إذا تم الأمر كما هو مقرر في الوقت الراهن، فإن هذا سيعزز المساعدات العسكرية الأمريكية لهذا البلد بنسبة تصل إلى 25 في المئة، أي تقريباً 4 مليارات دولار في السنة.

في الوقت نفسه، سيساعد هذا على التخلص التدريجي من التوفير الذي سمح لإسرائيل بصرف ربع معونة واشنطن في تطوير صناعة عتاد الدفاع الخاص بها.  وبعبارة أخرى فإن كل هذه الأموال، أي 4 مليارات دولار من أموال دافعي الضرائب؛ سوف تذهب الآن ومباشرة إلى خزائن شركات مثل شركة لوكهيد مارتن، المنغمسة في خضم إتمام صفقة قيمتها عدة مليارات من الدولارات لبيع طائرات إف 16 لدويلة إسرائيل.

تقلب آسيا وأوروبا

أشارت مارلين هيوسون إلى أن الشرق الأوسط يكاد يكون المكان الوحيد الأمثل لشركات مثل لوكهيد مارتن ومثيلاتها. ولكن النزاع بين الصين وجيرانها حول السيطرة على بحر الصين الجنوبي (أو بالأحرى هو صراع ناشئ حول ما إذا كانت الصين أو الولايات المتحدة هي التي ستسيطر على ذلك الجزء من المحيط الهادئ) فتح آفاقاً جديدة في ما يتعلق ببيع السفن الحربية الأمريكية وغيرها من المعدات العسكرية إلى حلفاء واشنطن في شرق آسيا. فقرار محكمة لاهاي الأخير المتمثل في رفض المطالبات الصينية بتلك المياه (ورفض الصين لهذا القرار) من المرجح أن يزيد من وتيرة سباق التسلح في المنطقة.

في الوقت نفسه، حيث الأخبار الجيدة لا تنتهي بالنسبة إلى الإدارة الأمريكية، فإن تنامي المخاوف من البرنامج النووي لكوريا الشمالية، قد شجّع الطلب على نظم الدفاع الصاروخي التي توفرها الولايات المتحدة. فقد وافق الكوريون الجنوبيون على نشر النظام المضاد للصواريخ الذي ستوفره لهم شركة لوكهيد مارتن.

ومن المرجح أيضاً أن سوقاً أخرى مهمة للشركات الأمريكية ستفتح مع  قرار إدارة أوباما إنهاء الحظر المفروض منذ فترة طويلة على مبيعات الأسلحة الأمريكية لفيتنام. ففي العامين الماضيين فقط، وفرت الولايات المتحدة ما قيمته أكثر 15 مليار دولار من الأسلحة لحلفائها في شرقي آسيا؛ وهم تايوان، اليابان، وكوريا الجنوبية، التي كان لها النصيب الأكبر من المبيعات.

وبالإضافة إلى ذلك، فقد توجهت إدارة أوباما بجد لبناء علاقات دفاعية مع الهند، وهو أمر من شأنه أن يضمن مصالح مصدري الأسلحة في الولايات المتحدة. إذ وقعت واشنطن ونيودلهي في العام الماضي اتفاقاً دفاعياً لمدة 10 سنوات يتضمن تعهدات بالعمل المشترك في المستقبل في مجال محركات الطائرات وتصاميم حاملة الطائرات.

في هذه السنوات، أحرزت الولايات المتحدة تقدماً كبيراً في سوق الأسلحة الهندية، التي كانت منذ زمن تحت سيطرة الاتحاد السوفييتي ومن ثم روسيا، فالعروض الأخيرة تشمل بيع ما قيمته 5.8 مليارات دولار من طائرات طراز بوينغ سي 17 وطائرات النقل، واتفاق آخر بقيمة 1.4 مليار دولار لتوفير خدمات الدعم المتعلقة بمخطط شراء مروحيات هجومية طراز أباتشي.

ولا ننسى أوروبا “المتقلبة”. حيث أدخل البريكسيت الذي صوتت عليه بريطانيا العظمى حالة من عدم الاستقرار في صادرات الأسلحة الأمريكية إلى ذلك البلد. فقد كانت المملكة المتحدة حتى وقت قريب أكبر مشترٍ للأسلحة الأمريكية في أوروبا في الآونة الأخيرة، بقيمة تفوق 6 مليارات دولار في الصفقات التي عقدت في العامين الماضيين فقط، وهو أكثر مما باعته الولايات المتحدة إلى باقي البلدان الأوروبية مجتمعة.

تعتبر شركة بريتش أيروسبايس شريكاً رئيسياً لوكهيد مارتن بالخارج في صناعة الطائرات المقاتلة إف 35، وهو مشروع تقدر تكلفته بـ 1.4 تريليون دولار طوال فترة العمل المتوقعة على المشروع، ما يجعله أغلى مشروع للتسلح في التاريخ. فإن كان التقشف هو محرك البريكسيت، فإن هذا سيؤدي إلى تأخير أو إلغاء صفقة إف 35 (أو أي شحنات أخرى تحتوي على الأسلحة الرئيسية)، سيكون بمثابة ضربة قاضية لصانعي الأسلحة الأمريكية.

ولكن الاعتماد على شيء واحد فيه إشارة إلى أن هذا الانسحاب كان متوقعاً في اتفاق إف 35، لذا سيتم الضغط على شركة بريتش أيروسبايس للبقاء في الصفقة حتى بمركز شرف، ولو تم وضع تخفيضات في الميزانية المخصصة للمشروع فإنه سيتواصل.

على الجانب المشرق (إن كنت من صانعي أسلحة)،  فإن أي تخفيضات في الالتزامات من جانب بريطانيا بالتأكيد ستعمل لصالح دول شرق ووسط أوروبا، في المنطقة التي يبدو أن حرباً باردة جديدة تولد فيها. فبين عامي 2014 و 2015، ووفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام، زاد الإنفاق العسكري بنسبة 13 في المئة في المنطقة استجابة للتدخل الروسي في أوكرانيا. وكان ارتفاع نفقات بولندا الذي قدّر بـ 22 في المئة حاداً وملحوظاً.

في ظل هذه الظروف، ينبغي أن تكون قصة تجارة الأسلحة العالمية موضوعاً إخبارياً مهماً، وينبغي أن يعالج الموضوع على هذا النحو مع البلد المسؤول الأول عن وضع المزيد من الأسلحة  ذات القدرات الفتاكة، في أيدي أولئك الذين يعيشون في مناطق “غير مستقرة”.  فهذا عمل وحشي (بكل معنى الكلمة) وبالتأكيد له عواقب أكثر خطورة من إعطاء ترخيص لهوليوود أو بيع طائرة بوينغ.

تاريخياً كانت هناك مناسبات نادرة خرج فيها العوام للاحتجاج ضد الاتجار المطرد بالأسلحة، كما وقع من رد فعل عنيف ضد “تجار الموت” بعد الحرب العالمية الأولى، أو الجدل الذي قام حول من سلّح صدام حسين في أعقاب حرب الخليج عام 1991. حتى الآن، يواصل عدد قليل من ممثلي الكونغرس، بما في ذلك جون كونيرز، كريس مورفي، وكنتاكي السناتور بول راند، محاولة وقف بيع الذخائر العنقودية والقنابل والصواريخ إلى المملكة العربية السعودية.

ومع ذلك، فإن من المحتمل إقامة مناقشة عامة حقيقية حول قيمة تجارة الأسلحة ومكان واشنطن في هذه التجارة، إذ إن الموضوع يستحق أكثر من مجرد خبر يورد أحياناً في وسائل الإعلام. وفي الوقت نفسه، تواصل الولايات المتحدة التمسك بالدور رقم واحد في تجارة الأسلحة العالمية، فالبيت الأبيض يقوم بدوره من جانبه، والبنتاغون يشحم العجلات، والدولار ينتهي عند مقاولي الأسلحة الأمريكية المتعطشين للربح.

الكاتب وليام دي هارتانغ: كاتب منتظم في مدونة تومدسباتش، مدير “مشروع الأسلحة والأمن” في مركز السياسة الدولية ومستشار “رصد المساعدة الأمنية”. وهو مؤلف كتاب “رسل الحرب: شركة لوكهيد مارتن وتعقيد الصناعات العسكرية”.

المصدر: جوانكولي

ضع تعليقاَ