أبريل 19, 2024

نيوزويك: الوثائق السرية من الثمانينات تكشف عن الحل الأميركي الفلسطيني الذي كاد أن يتم

في الثمانينيات من القرن الماضي كانت الولايات المتحدة تخطط لإعادة توطين الفلسطينيين من لبنان، الذي مزقته الحرب، في مصر. بيد أن حسني مبارك، الرئيس المصري في ذلك الحين، طالب الغرب بإيجاد حل للنزاع العربي الإسرائيلي، وفقاً لما ذكرته وثائق بريطانية سرية اطلعت عليها هيئة الإذاعة البريطانية.

وتفيد التقارير أنه تم الحصول على الوثائق عن طريق قانون حرية المعلومات في المملكة المتحدة، وكشفت عن محاولة هادئة من قادة العالم لإيجاد حلول للحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت بين مختلف الفصائل السياسية والدينية والعرقية في الفترة من 1975 إلى 1990، وللنضال المستمر منذ عقود من أجل استقلال فلسطين الذي أعقب إنشاء إسرائيل عام 1948. وهي تحتوي على ملاحظات من لقاء بين الرئيس المصري السابق حسني مبارك، الحليف الأمريكي الذي جاء إلى السلطة بعد اغتيال سلفه في عام 1981 حتى الإطاحة به بعد ثورة عام 2011، ورئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر، التي تركت منصبها في عام 1990 وتوفيت عام 2013.

ذهب مبارك إلى المملكة المتحدة لزيارة تاتشر بعد اجتماعه مع الرئيس رونالد ريغان في واشنطن. وقال الزعيم المصري إنه سيقبل طلباً أمريكياً باستقبال الفلسطينيين الفارين من غزو إسرائيل واحتلالها لجنوبي لبنان عام 1982، ويذكر أيضاً أنه “قال إنه لا يمكن أن يفعل ذلك إلا كجزء من إطار شامل لإيجاد حل” لتطلعاتهم الوطنية ضد إسرائيل حليفة الولايات المتحدة، بحسب ما جاء في  تقرير بي بي سي نيوز الذي تزامن مع اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني. وقال مبارك إنه أبلغ السفير الأمريكي لدى مصر فيليب حبيب أنه من دون دولة كهذه “فإن الولايات المتحدة، بإخراج الفلسطينيين من لبنان، ستخاطر بعشرات المشاكل الصعبة في مختلف الدول”.

ويبدو أن رد المملكة المتحدة المبدئي على خطة مبارك لإيجاد “إطار لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي” كان سلبياً. وذلك لقلق تاتشر من أن الدولة الفلسطينية ستقوض أمن إسرائيل. وجاءت زيارة مبارك إلى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بعد ثمانية أشهر من محاولة منظمة أبو نضال، وهي منظمة فلسطينية منشقة عن منظمة التحرير الفلسطينية التي كان يقودها ياسر عرفات، اغتيال السفير الإسرائيلي في المملكة المتحدة شلومو ارغوف في حزيران/يونيو 1982.

وبعد أيام استخدمت إسرائيل هذا الهجوم كذريعة لغزو لبنان، حيث شن المقاتلون الفلسطينيون غارات ضد إسرائيل وشاركوا في حرب أهلية طال أمدها ضد معظم القوات اللبنانية المسيحية. ومع دخول إسرائيل الصراع المتعدد الأوجه، ساعدت إيران على تأسيس حزب الله الشيعي الذي ساهم بشكل كبير في وقف إطلاق النار مع إسرائيل عام 2000 والانسحاب من لبنان.

غير أنه في عام 1983 كان قلق تاتشر الرئيسي هو زيادة النشاط الفلسطيني المسلح على طول الحدود مع إسرائيل، وقالت: إنه “حتى إقامة دولة فلسطينية لا يمكن أن تؤدي إلى استيعاب كامل للشتات الفلسطيني” الذي يعتقد أنه وصل إلى نحو 6 ملايين فلسطيني في الشتات، وفقاً لـ”الجزيرة”. وقال وزير مبارك للشؤون الخارجية بطرس غالي في تصريحات للصحافيين إن هذه الدولة الفلسطينية الجديدة ستكون محدودة الحجم، ولا تكاد تقدم قوة سياسية موحدة. ونقلت الصحيفة عن غالي قوله: إن “الفلسطينيين سيحصلون على جوازات سفر خاصة بهم، وسيتخذون مواقف مختلفة”.وأضاف: “يجب أن لا يكون لدينا دولة إسرائيلية وشتات يهودي فحسب، بل دولة فلسطينية صغيرة وشتات فلسطيني”.

وبالإضافة إلى مخاوف تاتشر بشأن إسرائيل نفسها، فقد قامت بتقديم شكاوى أوسع حول التحالف الدولي للحركة الوطنية الفلسطينية خلال السنوات الأخيرة من الحرب الباردة. ومنذ الأيام الأولى للاتحاد السوفييتي وقبل إنشاء إسرائيل، أعلنت الحكومة الشيوعية في موسكو تأييدها لاستقلال الفلسطينيين .وتحول هذا الدعم إلى أسلحة زودت بها عرفات طوال السبعينيات، وفي الوقت الذي تقاتل فيه منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عام 1982، قاتلت الى جانب القوات الشيوعية واليسارية اللبنانية المدعومة من سوريا، وهي حليف معروف للاتحاد السوفييتي.

حاول مستشار الرئيس المصري حسني مبارك أسامة الباز تخفيف مخاوف رئيسة الوزراء، مؤكداً أن الفلسطينيين يفضلون الامتيازات التي تقدمها ممالك شبه الجزيرة العربية الغنية المتحالفة مع الولايات المتحدة على  موسكو. وقال باز إن خوف تاتشر “كان سوء فهم. وأضاف أن الدولة السوفييتية لن تسيطر على الدولة الفلسطينية مطلقاً. وستعتمد الدولة الفلسطينية اقتصادياً على العرب الأغنياء بالنفط الذين يعارضون بشدة دولة موالية للسوفييت. وأضاف أن السعودية لن تسمح بذلك”.

وقال مبارك: إن “دولة فلسطينية لن تشكل أبداً تهديداً لإسرائيل، ولن يعود الفلسطينيون في الكويت وبقية دول الخليج أبداً إلى دولة فلسطينية”. يذكر أن الدولة الفلسطينية المقترحة ستكون في اتحاد مع الأردن، وهي المملكة الأخرى المؤيدة للغرب التي طردت منظمة التحرير الفلسطينية في أعقاب انتفاضة فاشلة عام 1970، والتي شهدت في نهاية الأمر انتقال عرفات إلى جنوبي لبنان. وقال باز إن الفلسطينيين سيظلون مرتبطين بالأردن و”سيتطورون في غضون 10 إلى 15 عاماً إلى دولة فلسطينية منزوعة السلاح”.

وفي حين أن اتفاق عمان عام 1985 شهد انضمام الفلسطينيين إلى اتحاد مع الأردن، ثم أعلنوا في وقت لاحق إقامة الدولة في عام 1988، كانت السنوات التالية محفوفة بالصراعات ضد إسرائيل والانقسام الكبير بين فتح، أكبر حزب سياسي في منظمة التحرير الفلسطينية، والحركة الإسلامية الفلسطينية حماس. وحتى إذا تم منح الفلسطينيين إدارة على الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، فإن البناء المستمر للمستوطنات الإسرائيلية والاقتتال الداخلي بين الأحزاب الفلسطينية قد هددا سلامة حل الدولتين، وبعد نحو 70 عاماً من إنشاء إسرائيل لم يتلق الفلسطينيون عضوية في الأمم المتحدة.

وكان الرئيس السابق باراك أوباما وجون كيري قد وجها انتقادات لسياسة الاستيطان الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، قبيل نهاية إدارته في العام الماضي .وتعهد الرئيس دونالد ترامب الذي تولى منصبه في كانون الثاني/يناير الماضي بإقامة علاقات أوسع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووعد “بالاتفاق النهائي” بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

وفي محاولة للقيام بما لم يفعله أسلافه عين ترامب صهره ومستشاره السياسي البارز جاريد كوشنر للتوسط بين الطرفين، ولكن في وقت سابق من هذا الشهر رفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس دعوه من كوشنر، وتدهورت العلاقة بين المسؤولين الفلسطينيين والمسؤولين الأمريكيين في الشهور الماضية. ومن المقرر أن يجتمع نائب الرئيس الأميركي مايك بنس مع عباس ونتنياهو الشهر المقبل في محاولة لتعبيد طريق للسلام.

المصدر: :نيوز وييك

الرابط: http://www.newsweek.com/us-palestinian-solution-might-have-been-never-was-revealed-secret-documents-726527

ضع تعليقاَ