مارس 29, 2024

فورين بوليسي:اليمن في طريقها لتصبح ميدان المعركة الأولى بين ترامب وطهران

بدأت إدارة ترامب الجديدة بتصعيد الإجراءات المتخذة ضد المتمردين المدعومين من إيران في اليمن، كجزء من استراتيجية جديدة لمواجهة طهران عبر استهداف حلفائها في دول الخليج الفقيرة.

ويوم الخميس الماضي، انتقلت مدمرة أمريكية إلى الساحل اليمني لحماية السفن من المتمردين المدعومين من إيران، وتدرس الإدارة الأمريكية الآن اتخاذ خطوات أكثر صرامة بما في ذلك تنفيذ هجمات لطائرات بدون طيار ونشر مستشارين عسكريين لمساعدة القوات المحلية وفقاً لمسؤولين مطلعين على المناقشات الدائرة بهذا الخصوص.

ووفق مصدر قال أنه يعمل كمستشار لفريق الأمن القومي الخاص بترامب “فإن هناك توجهاً لاتخاذ إجراءات اكثر تشدداً ضد إيران في اليمن”. وأضاف المصدر أنه ووفق النظر إلى الخطاب العام والمداولات الخاصة بالبيت الأبيض فإن الولايات المتحدة يمكن أن تشارك في محاولة محاربة الحوثيين بصورة مباشرة جنباً إلى جنب مع حلفائها في السعودية والإمارات وذلك وفق المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه وذلك لأن البيت الأبيض رفض السماح للتعليق على هذه التطورات.

ويرى مساعدو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن اليمن تمثل ساحة معركة مهمة للإشارة إلى عمل الولايات المتحدة ضد إيران والتصدي لما يعتبرونه فشل الإدارة السابقة لمواجهة نفوذ طهران المتنامي في المنطقة. لكن النهج المتشدد يحمل خطر اندلاع انتقام إيراني ضد الولايات المتحدة في العراق وسوريا او حتى الدخول في حرب شاملة مع إيران.

ويوم أمس الجمعة، أصدر مستشار الأمن القومي مايكل فلين بياناً يتهم فيه المجتمع الدولي بأنه كان “متسامحاً جداً مع سلوك إيران السيئة” مضيفاً ” أن إدارة ترامب لم تعد تسمح بالاستفزازات الإيرانية التي تهدد مصالحها”.

وفي استجابة أولية واضحة للهجوم الذي تعرضت له فرقاطة سعودية يوم الإثنين الماضي من قبل زورق انتحاري حوثي، قامت الإدارة الأمريكية في تحويل مسار المدمرة الأمريكية “يو اس اس كول”  في وقت متأخر من مساء يوم الخميس للتوجه إلى منطقة باب المندب بعد أن تواجدت في منطقة الخليج الفارسي لتنفيذ مهمة روتينية لفترة طويلة. وأشار مصدر وزارة الدفاع الأمريكية إلى أن كول هي نفس السفينة الحربية التي تعرضت لهجوم انتحاري عام 2000 في ميناء عدن وأدى إلى مقتل 17 بحاراً.

وسترافق المدمرة الأمريكية السفن المارة عبر الساحل اليمني وصولاً إلى البحر الأحمر وفق ما صرح به المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه. وشهدت المنطقة هجمة صاروخية نفذها الحوثيون استهدفت المدمرة الأمريكية في يناير الماضي، لكنها لم تسبب أي ضرر، لكن الحوثيين نجحوا في استهداف سفينة إماراتية هناك في أكتوبر الماضي.

بالإضافة إلى ذلك، فرضت الإدارة الأمريكية مجموعة عقوبات جديدة على الشركات الإيرانية، وأصدرت مجموعة من التهديدات والإدانات رداً على تجربة إيران الأخيرة للصواريخ البالستية.

وقال مستشار الإدارة الأمريكية أن الإدارة الأمريكية تدرس تكثيف هجمات الطائرات بدون طيار التي تستهدف وكلاء إيران باليمن بالإضافة إلى نشر مستشارين عسكريين أكثر في اليمن. ويشمل العرض أيضاً تسريع الموافقة على توجيه ضربات عسكرية ضد المتشددين في اليمن – وهو ما تطلب مداولات رفيعة المستوى في ظل إدارة أوباما السابقة-  بالإضافة إلى توسيع الجهود لمنع وصول شحنات الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين.

وبعد حديثه عن توجيه سياسات صارمة ضد إيران خلال حملته الانتخابية، جاء أول اختبار لترامب خلال عطلة نهاية الأسبوع هذا، عندما أجرت إيران تجربة على إطلاق صاروخ بالستي تلاه الهجوم الحوثي على القارب. وأشار المستشار فلين إلى أن تلك التحركات تعزز “الغرائز” المؤججه بالتشدد تجاه إيران.

وأكد فلين أيضاً أن الإدارة الأمريكية الجديدة تريد مواجهة الجهود الإيران بكل حزم في جميع أنحاء الشرق الأوسط لكن ما تزال التساؤلات تحوم حول توقيت التدخل وتفاصيل الزيادة في التأثير في دور الولايات المتحدة في اليمن او في أي مكان آخر.

وتشمل العقوبات الجديدة التي فردتها الإدارة الأمريكية أفراداً وشركات إيرانية مشاركة في البرنامج الصاروخي الإيراني يتواجد بعضهم في دول الإمارات ولبنان والصين. ولا تعد العقوبات التي صدرت يوم الجمعة منتهكة للاتفاق النووي مع إيران، إلا أنه ينظر إليها على نطاق واسع أنها جاءت كخطوة أولى في سلسلة من الإجراءات التي تعتزم وزارة الخزانة الامريكية اتخاذها للضغط على إيران وتثبيط الاستثمار الأجنبي فيها. يذكر أن الاتفاق النووي الموقع عام 2015 يقضي بفرض قيود على برنامج طهران النووي مقابل رفع العقوبات الدولية عنها.

وسبق لواشنطن أن لعبت دوراً هاماً في الحرب الأهلية اليمنية، من خلال دعمها لحملة القصف التي تقودها السعودية ضد أهداف الحوثيين على مدار العامين الماضيين في اليمن بالإضافة إلى توفيرها مئات الرحلات الجوية للتزود بالوقود عدا عن مهام المراقبة بدون طيار لتحديد أهداف القصف. إلا أن وزارة الدفاع الأمريكية اضطرت لتقليص بعض المساعدات الاستخباراتية العام الماضي بعد أن أدينت السعودية على نطاق واسعة لتسببها في مقتل عشرات المدنيين بعد قيامها بتنفيذ غارات جوية سيئة التخطيط.

وكانت إدارة أوباما تقلل من خطر وأحجام المساعدات الإيرانية للمتمردين في اليمن ولم ترى في نشاط طهران على أنه تهديد أمني كبير. وبدلاً من ذلك، وضعت الإدارة السابقة أولويتها في استهداف الخلايا التابعة لتنظيم القاعدة في اليمن والتي وصفتها وكالة الاستخبارات على أنها الشبكة الإرهابية الأخطر والأدوم في اليمن.

وفي سلسلة من التحذيرات شديدة اللهجة إلى إيران والتي استمرت حتى يوم الجمعة، تعهد كل من ترامب وفلين باتخاذ موقف أكثر صرامة لمواجهة برامج الصواريخ الإيرانية ودعم طهران المستمر للمتمردين الحوثيين.

ويوم الأربعاء الماضين قال فلين خلال مؤتمر صحفي عقده في البيت الأبيض أن البيت الأبيض وضع إيران رسمياً على قائمة الإشعار لكنه رفض توضيح طبيعة هذه الخطوة.

وبعد لقائه مع فلين، قال السناتور بوب كوركر، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ أن هناك حاجة إلى أن تكون الجهود منسقة ومتعددة الأوجه للرد على مجموعة السلوكات الإيرانية غير المشروعة في اليمن والشرق الأوسط.

وتبدي إدارة ترامب قلقها من مغبة استمرار إيران في تقديم الدعم للمتمردين الحوثيين في حال ما استمرت الحرب الأهلية في اليمن دون قرار بإنهائها، وهذا ما سيساهم في تهديد أمن السعودية وأمن عمليات الشحن على طول الساحل اليمني الذي يشرق واحدة من أهم المضائق البحرية في العالم.

لكن التدخل العسكري الأعمق في اليمن يعد أمراً محفوفاً بالمخاطر. فعدا عن احتمال تكبد القوات الأمريكية بخسائر بشرية أو مادية أخرى. إلا أن الأمر قد يحتوي على مخاطرة أخرى وفق ما أشارت له كاثرين زيمرمان، المحللة في معهد اميركان إنتربراير بأن تكثيف الضغوط على الحوثيين قد يأتي بنتائج عكسية وقد يساهم في سكب المزيد من الزيت على نار الحرب الأهلية اليمنية ودفع المتمردين لتقديم المزيد من الولاء لإيران.

هذه المادة مترجمة من موقع بوليسي للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا

ضع تعليقاَ