بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه…
قبل بضعة أشهر تهيأت لي ” دمشق” كالأم المتفانية ترمق أبنائها بعين المستغيث المعاتب وهي تشكو الجراح والذل والهوان تنزف دماً وتكابر على الألم وتكاد تهوي وهي تقول
أدركوا أمتكم .. أدركوها قبل أن يلحق بكم عار الأمم …
فدمشق التي أورثتكم عز الشرق ومكانة المجد …
فالشام خيرة الله من أرضه .. سوريا الحضارة سوريا التاريخ
الشام .. أمانة أبو عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد …
آه ياشام .. كم كان يعذبنا أنين صوتها ..فأي ذل أعظم أن يحكمها طغمة الإجرام ويفعلوا بها الذي فعلوا …
هدموا بيوتها وهجروا أهلها وعذبوهم في سجون الظلام ثم ضغطوهم بمكابس الحديد وأحرقوا جثامينهم بالأسيد ..
فناديناها بصدق .. أن قفي ” دمشق” قفي وانهضي وتصبري
فعقدنا العزم .. ونظمنا الصفوف .. وتهيأت القوات .. وحددنا الهدف .. وملنا على عدونا .. حتى أدركنا الشام قبل أن تهوي فكسرنا القيد بفضل الله وحررنا المعذبون ونفضنا عن كاهل الشام غبار الذل والهوان …
وأشرقت شمس سوريا من جديد .. هلل الناس وكبروا فكان الفتح المبين والنصر العظيم .. يوم أنتصر الحق على الباطل والعدل على الظلم .. والرحمة على العذاب …
إن نصر سوريا تحقق وملؤه الرحمة والعدل .. والإحسان عند القدرة .. فإنه قد خاب من ظن أن الحرب تبيح الأخلاق …
بل أن السلطة والمال والسلاح فساد عريض مالم تحكمه القيم والأخلاق …
وإن اللحظات الأولى للنصر قد تكون اللحظات الأولى للهزيمة
فإن الغرور إذا لازم المنتصر بعد نصره ونسي فضل الله عليه أودى به إلى الطغيان ….
إن النصر لهو تكليف بحد ذاته …
فمهمة المنتصرين ثقيلة ومسؤولية عظيمة …
فواهم من ظن أن زمن النصب قد ولى وأن الراحة قد أقبلت
إن ماتحتاجه سوريا اليوم أكثر من مامضى فكما عزمنا في السابق على تحريرها فإن الواجب العزم على بناءها تطويرها
إن سوريا قيمة بحد ذاتها وهي ترفع من يخدمها وتخفض من لا يقدرها .. فهي أمانة اليوم بين أيديكم …
