وردت العديد من التقارير أن اليوم (الاثنين 18-1) هو يوم البدء بتنفيذ اتفاقية رفع العقوبات النووية ضد إيران ولكن ماذا يعني هذا بالضبط ؟
خبير مؤسسة الثقافة لويك كوفي يجيب هذه الأسئلة التي من شأنها ان تبيّن ماذا يعني البدء بتنفيذ الاتفاق النووي الإيراني بالنسبة للولايات المتحدة
1. ما هو يوم التنفيذ؟
يوم التنفيذ هو النقطة التي تم الاتفاق عليها في فيينا في الصيف الماضي بين المجتمع الدولي وإيران بشأن البرنامج النووي الإيراني والتي يدخل فيها الاتفاق حيز التطبيق. وهذا يعني أن إيران ستحصل مباشرة على حقها في الوصول إلى 100 مليار دولار من أصولها المجمدة في الغرب وأمريكا.
وهذا الرقم يعادل تقريباً ثلث الناتج المحلي الإجمالي الإيراني ولك ان تتخيل أن الولايات المتحدة تحصل على ثلث ناتجها القومي بين عشية وضحاها وتحصل على 5.6 تريليون دولار في يوم واحد.
ومن المهم أن ننتبه إلى أن هذه المليارات تختلف عن تلك التي ستستفيد منها إيران فور رفع العقوبات عنها نتيجة التعاملات الاقتصادية العادية والمختلفة في إيران.وهذا يبرر فعلاً القلق من أن إيران ستحقق مكاسب مالية كبيرة في فترة وجيزة خاصة وأنها عانت من كساد بالإيرادات نتيجة العقوبات المفروضة سابقاً.
2. كيف ستستخدم إيران هذه الأموال؟
في الوقت الحالي لا يمكن أن نزعم اننا نملك إجابة حقيقية على هذا السؤال، لكن نظرة سريعة على التاريخ الإيراني الحديث قد تسعفنا في الحصول على بعض الأفكار.
فعلى سبيل المثال تعد إيران واحدة من أكبر الدول الداعمة للإرهاب في العالم وهذا يدفعها لتمويل عدد كبير من الجماعات المتمردة والمنظمات الإرهابية وقوات المرتزقة في العراق واليمن ولبنان وسوريا وأفغانستان.
وقد شجع عدم الاستقرار السياسي في مناطق مثل السعودية والبحرين على توسيع نفوذ ودعم إيران للمتمردين هناك. ولو امتلكت تصرفات إيران الأخيرة في الشرق الأوسط أي إشارة فستكون بكل تأكيد أن هذه الأموال ستذهب لدعم المنظمات الشائنة.
وحتى ان كان هذا بعيداً وليس سيئاً للامريكين بالقدر الكافي فمن المحتمل أن تستخدم طهران هذه الأموال في تخفيف العقبات أمامها لمواصلة برنامجها السري للحصول على الأسلحة النووية وحينها يمكن للمجتمع الدولي بكل بساطة أن ينهي التمويل الذاتي للبرنامج النووي الإيراني.
3. هل تستيطع الولايات المتحدة منع وصول الأموال المجمدة لإيران؟
يوجد من ال 100 مليار دولار المجمدة 2 مليار دولار فقط في أمريكا، وهذا يعني أن الحكومة الأمريكية لو حاولت أن تمنع الوصول لهذه الأصول المجمدة (الواقع يقول عكس ذلك فحكومة أوباما من أكبر الداعمين للصفقة في العالم) فإن إيران ستتمتع بمكاسب مالية كبيرة تشبه إلى حد ما حال مواطن يفوز بجائزة اليانصيب الكبرى.
4. كيف تنظر الدول الأخرى لهذا الأمر؟
يبدو أن هناك العديد من شركاء أمريكا حول العالم مستعدون للمضي قدماً في هذه الصفقة وإنجاحها للنهاية. فهناك عدد كبير من الشخصيات الدبلوماسية حول العالم أبدت سعادتها لإبرام هذه الصفقة بغض النظر عن نتيجتها بينما رأت شخصيات دبلوماسية أخرى أن هذه الصفقة عمياء من دون أي مناقشات عامة بين الناس أو في البرلمانات.
هذا حال العديد من شركاء أمريكا في المفاوضات مثل بريطانيا وألمانيا وفرنسا والذين وإن كانوا جزءً من فريق التفاوض الرسمي إلا أنهم لم يمتلكوا تأثيراً حقيقياً على نتائج وبنود الاتفاق النهائي في الصفقة.
ولذا شئنا أم أبينا فسيكون لدى إيران الكثير من الأموال والمليارات بغض النظر عن نتيجة الانتخابات الأمريكية المقبلة وهذا يعني أن الناجحين في الانتخابات المقبلة سيكون عليهم التعامل مع امتلاك ايران لمال كثير عكس السابق.
5. هل سيكون هناك تأثير كبير على جغرافيا المنطقة السياسية؟
ليس لأن إيران باتت تمتلك المال فقط، بل لأنها الآن أصبحت تمتلك الكثير من الثقة للعمل فاتفاق فينا كان في نظر الإيرانيين نصراً دبلوماسيا كبيراً وهناك شعور في طهران أن تجربة اتفاق فيينا يمكن تكرارها في العالم لدعم المصالح الإيرانية في مناطق أخرى من العالم في ما وصفه الرئيس الإيراني روحاني بأنه الطريق الثالث للسياسة الخارجية الإيرانية.
هذه الثقة الجديدة بالإضافة إلى المبالغ المالية الضخمة التي تم ضخها ستظهر وكأنها مزيج قاتل يحارب الاستقرار والأمن في الإقليم المشتعل أصلاً.
6. ما الذي يمكن أن يوقف هذه الصفقة؟
لو كان العالم مثالياً لكان من المستحيل أن توافق أمريكا على هذه الصفقة. لكن من الممكن لأي شخص أن يلخص ما حدث بالاتفاق وسببه أنه طلب لإيجاد إرث حقيقي لأوباما قبل رحيله عن البيت الأبيض.
يجب على الرئيس الأمريكي القادم أن يعمل مع الكونغرس على فرض عقوبات اقتصادية أحادية الجانب ضد إيران لأن الواقع يقول أن العقوبات الاقتصادي هي من جعلت طهران تقبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات وتقدم تنازلات. كتب زميلي في مؤسسة الثقافة وكبير خبراء الشرق الأوسط “جيم فيليبس” أن الرئيس القادم يجب عليه بداية أن لا يقبل بالصفقة هذه باعتبارها أمراً واقعاً وإلى حينه فإن علينا أن ننتظر إن كان الرئيس القادم يملك القدر الكافي من القوة والقيادة للتراجع عن هذه الصفقة ولكن عدم قيامه بهذا بلا شك سيسبب عواقب وخيمة ليس في الشرق الاوسط فقط بل في العالم كله، خاصة وأن امتلاك إيران لقنبلة نووية سيشعل سباق التسلح في واحدة من أقل مناطق العالم استقراراً في الوقت الحالي.
(المواد المنشورة تعبر عن وجهة نظر كاتبها)