يحمل النفط الأهمية الأكبر على المستوى الجغرافي والسياسي. ومنذ اكتشافه تسبب النفط بإيجاد رابحين وخاسرين بسبب التحول الهيكلي المستمر في أسواقه. وبالنسبة للكثيرين، كانت الأشهر ال 18 الماضية أشبه بتفرة الاستنزاف البطيء. وبلا شك تملك كل دولة مستوىً معيناً من التسامح والتقبل لتأثير التراجع هذا عليها.
روسيا وكازخستان وأذربيجان ستكون الأكثر تأثراً بين دول الاتحاد السوفيتي، وباعتبارها أحد أكبر المنتجين في العالم، ستعاني روسيا من التراجع الأكبر. وخلال اعتماد الميزانية العامة في روسيا، ثبت سعر النفط عند 50 دولار للبرميل الواحد وهو ما يعني اضطرار روسيا لاحقاً للاقتراض من الصناديق الاحتياطية لتعويض الخسائر.
الجزائر والعراق وإيران والدول الخليجية المنتجة للنفط ستعاني كذلك من أثر تراجع الأسعار، لكن بإمكان دول الخليج تحديداً تجاوز هذه التأثيرات مستغلة انخفاض المديونية العامة، والاحتياطات المالية الكبيرة التي جنتها من عائدات النفط المرتفعة سابقاً. وكلما زادت المديونية وانخفضت الاحتياطات النقدية فستواجه هذه الدول المزيد من الأخطار الاقتصادية.
وبطبيعة الحال، تأثرت أمريكا الشمالية بضغط مشابه لباقي الدول العالم، وعلى الرغم من أن الانتاج النفطي فيها كان مرناً إلى حد ما في الأشهر الأخيرة إلا أن العبء الكبير الملقى على عاتق شركات الاستخراج النفطي من انخفاض في السعر والانتاج سيسبب انهيار آخر في أسواق النفط هناك.
على العكس من المناطق الأخرى، تمثل منطقة آسيا والمحيط الهادي مناطق استهلاك صافٍ للنفط، ولذا فهم يقفون موقف المستفيد من انخفاض أسعار النفط. وكواحد من المنتجين القلائل في آسيا، ستشعر ماليزيا بضغط كبير بسبب تدني أسعار النفط. فيما ستشهد أندونيسيا تباين واضحاً حيث تعد مستهلكاً للنفط ومنتجاً للغاز الطبيعي، وبالتالي تعاني اندونيسيا الآن من انخفاض عائدات الغاز الطبيعي، لكن في الوقت نفسه ستستفيد أندونيسيا من انخفاض أسعار النفط لدعم أسعار الديزل والمحروقات بما يزيد من شعبيتها بين السكان.
من جهتها، أوروبا ستعيش بنعمة كبيرة بسبب إنخفاض أسعار النفط كونها مستهلكة للنفط. وعلى المدى الطويل، قد يؤدي إنخفاض للتسبب بمشاكل في أنحاء القارة الأوروبية ككل. ولكنها الآن تستمتع بتحسين المناخ الاقتصادي العام فيها. وسيكون الاعتقاد الأوروبي بتحسن الاقتصاد العام في أوروبا اعتقاداً مغلوطاً حيث ينبع بالأساس من عوامل خارجية تطويرية وليس عوامل داخلية ذاتية وهو ما يعني ارتباط الانتعاش الاقتصادي بعوامل خارجية لا يتحكم بها السوق الأوروبي قد تزول في أي فرصة.