تردد صدى رسالة ترامب بقوة بين الناخبين البيض، كما أنه من خلال نتائج الانتخابات التي فاجأت العالم بأسره، برهن على أنه تمكن من صنع الحقيقة من أشياء مستحيلة كان يستبعدها العالم بأسره.
أصبح دونالد ترامب الرئيس الجديد للولايات المتحدة؛ لكن السؤال المحير في هذه المرحلة، هو كيف تمكن ترامب من التغلب على نتائج الاستطلاعات التي حققت فيها كلينتون أغلبية مريحة؛ وأصبح القائد الأعلى رقم 45، للقوة العالمية الأولى.
وسنستعرض في هذا التحليل بعض القرائن والأسباب التي تفك شفرة النجاح الرهيب الذي حققه المرشح الجمهوري.
1. النظام الانتخابي في خدمة ترامب
كان من المتوقع أن يقصي النظام الانتخابي في الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب، لكن كان هذا النظام في حد ذاته هو الذي توج المرشح الجمهوري وأتى به إلى البيت الأبيض. وفي الوقت الذي جمعت فيه كلينتون أصواتا أكثر من خصمها في جميع أنحاء البلاد، فإن ترامب تفوق على منافسته في قطب المجمع الانتخابي، وهو الهيكل الذي ينتخب القائد الأعلى.
وقد تقدم المرشح الجمهوري دونالد ترامب على الديمقراطية هيلاري كلينتون في أصوات المجمع الانتخابي الذي يحتاج أي من المرشحين إلى 270 من أصواته الإجمالية البالغة 538 صوتا، للفوز بمنصب الرئاسة الأميركية. وقد تحصل ترامب على 279 صوتا، وهو رقم لم تتمكن كلينتون من الوصول إليه.
وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي بينت أن كلينتون تتمتع بأغلبية مريحة من الأصوات الانتخابية، كما بدى أن العديد من الولايات في صفها؛ إلا أن الملياردير الجمهوري تمكن من الحفاظ على سيطرته على بعض الولايات الحاسمة في الانتخابات الأمريكية، وعلى رأسها ولاية جورجيا. وفي الوقت نفسه، عمل ترامب على توسيع خريطته الانتخابية، وهو ما أكسبه الرهان.
وعموما، هنالك من يرى أن استطلاعات الرأي لم تتمكن من الكشف عن جملة من “الأصوات الراكدة” المؤيدة لترامب، والتي أصبحت ورقة رابحة بالنسبة له. لكن ما حصل تماما، هو أنه تم سماع هذه الأصوات الراكدة أو الخفية بقوة خلال الانتخابات الأخيرة.
2. ترامب يكسب دعم “الولايات المتأرجحة بين التأييد والمعارضة”، ويفتكّ ولايات زرقاء من كلينتون
كسب ترامب الرهان في الولايات التي كان فيها التصويت مضطربا، وعلى رأسها أوهايو، إحدى الولايات التي كانت حاسمة منذ سنة 1964 في تحديد مصير من سيتربع على كرسي العرش. كما تمكن ترامب من الفوز في ولاية كارولينا الشمالية، التي تم تداول الأغلبية فيها بين المرشحين خلال هذه الانتخابات، مثل ما حدث في عام 2008.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن التزام ترامب بإقناع ولايات في الوسط الغربي الصناعي، الذي اعتاد على دعم الديمقراطيين، قد آتى ثماره ومكّن المرشح الجمهوري من الحصول على دعم ولاية ويسكونسن.
-
كلينتون لم تتمكن من إثارة حماسة النساء أو الأقليات
على الرغم من أن ترامب كان قد قام بتخويف الأقليات بواسطة كلامه ومقترحاته وسياسته المستقبلية، الأمر الذي جعلهم يبادلوه الشعور بالكراهية، إلا أن منافسته لم تستغل هذا الوضع لصالحها كما يجب.
وعلى الرغم من أن معظم الأمريكيين سواء من المهاجرين أو من أصل أفريقي أو أسيوي أو لاتيني يفضلون كلينتون، إلا أن بعض استطلاعات الرأي أكدت أن حوالي 30 بالمائة من الناخبين من أصل إسباني يقفون في صف ترامب.
4. الطبقة العاملة البيضاء، ورقة رابحة لصالح ترامب
تمكن ترامب من الظفر بدعم البيض الأمريكيين، وكذلك حظي بدعم الطبقة العاملة من أصول أوروبية؛ وهي فئات بقيت في طي النسيان في حملة الديمقراطيين الانتخابية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الجزء الأكبر من الدعم الذي كسبه ترامب، متأت من الوسط الغربي الصناعي، أين وجد خطابه المناهض للعولمة والداعي لحماية هذه الطبقات رواجا واستحسانا كبيرا.
ومن المثير للدهشة أنه قبل الانتخابات، لم يتوقع أحد أن هذه الورقة الرابحة ستمهد طريق ترامب إلى البيت الأبيض. ولكن كما أشارت صحيفة نيويورك تايمز، فإن الديمقراطيين كانوا في حاجة إلى هذه المجموعة أكثر مما كانوا يتصورون. كما برهنت الانتخابات الأخيرة أن هذه المجموعة لها أبعاد أهم مما كان يعتقد سابقا.
-
احتقار ومعاداة النخب، دفعت ترامب إلى النصر
يمثل ترامب بالنسبة للشعب الأمريكي الرجل المعادي للسياسة، في حين تمثل كلينتون صورة نموذجية للنظام السياسي في هذا الوقت الذي يشعر فيه الأمريكيون بالغضب تجاه الحكومة والنخب.
وفي حين أن جزء من الحزب الجمهوري، ومعظم وسائل الإعلام، والقوى السياسية والاقتصادية كانت تنتقد ترامب، انجذب الناخبون إلى صوت ترامب المعارض للنظام؛ لأنهم كانوا يعتقدون أن هذه النخب تعارضه لأنه يريد التغيير، وهو ما يبحث عنه الشعب الأمريكي.
وبالإضافة إلى ذلك، فإلى جانب تواجد العديد من الأصوات الخفية التي تساند ترامب، فإن العديد من استطلاعات الرأي برهنت على أن أكثر من نصف الأميركيين يحملون آراء سيئة ضد كلينتون. كما أن حملة المرشحة الديمقراطية تعرضت لانتكاسة بسبب فضائح البريد الإلكتروني الخاص بها.
وعلاوة على ذلك، أظهرت دراسة أجراها مركز بيو للأبحاث، والتي صدرت في أيلول/ سبتمبر الماضي، أن الدافع الرئيسي للناخبين للإدلاء بأصواتهم لصالح المرشح الجمهوري، هو منع عودة كلينتون إلى البيت الأبيض.
-
رسالة مباشرة وجهها ترامب إلى قلب منسي في الولايات المتحدة الأمريكية
لاقت وعود ترامب بإعادة الولايات المتحدة الأمريكية إلى مجدها وإيلاء الأهمية إلى مصلحة البلاد أولا، استحسانا كبيرا لدى السكان الذين أصبحوا يشعرون بأنهم مهددين ويلفهم إلى النسيان. كما أن خطابات ترامب ضد العولمة ولصالح الحماية الاقتصادية وتأمين الحدود، قد أعطت ثمارها أيضا.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن ترامب يستعمل خطابات بسيطة، وحسب الموالين له، فهو يتكلم دون التفكير كثيرا. كما أن أستاذ العلوم السياسية في جامعة سيراكيوز في نيويورك، غرانت ريهير، صرح بأن المرشح يلجأ إلى خطابات أكثر واقعية، ويبدو على استعداد للحديث مباشرة وعلنا بدلا من استخدام مصطلحات ملت الشعوب من سماعها. وعموما فإن هذه الحجج المستعملة في مثل هذه الخطابات وفي مثل هذا الوقت، سوف تلاقي رواجا كبيرا.
-
مواصلة الطريق رغم كل الصعاب
حاول الكثيرون منع ترامب من الفوز، لكنه تحدى كل أنواع القوى والصعوبات التي عرقلته من أجل الوصول إلى البيت الأبيض. ويرى أنصاره أنه ملياردير ناجح وحياته حياة مستقرة ومليئة بالمشاريع، ولو لم يكن كذلك لما ترشح للانتخابات.
هذه المادة مترجمة من صحيفة الإسبانيول، للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا