ما وراء الحرب.. إعادة تصوُّر التأثير الأمريكي في الشرق الأوسط الجديد
Beyond War: Reimagining the American influence in a new Middle East
المؤلف: ديفيد روهد
الناشر: بنجوين بوكس
تاريخ الإصدار: 18 أبريل 2013
عدد الصفحات: 240
بخبرةٍ تناهز 11 عاماً من العمل الصحفي مع صحيفة “نيويورك تايمز” ووكالة “رويترز” ودورية “ذي أتلانتك”، يخلُص “ديفيد روهد” إلى أن استخدام القوة المميتة أمر ضروري في بعض الأحيان، لكن النمو الاقتصادي والمعتدلين المسلمين- وليس الجنود الأمريكيين- هو الكفيل بالقضاء على التشدد على المدى الطويل.
يرى المؤلف، الفائز مرتين بجائزة “بوليتزر”، أن هناك حَدّاً لِمَا يمكن للقوة الأمريكية تحقيقه، ويضيف في كتابه “ما وراء الحرب.. إعادة تصوُّر التأثير الأمريكي في الشرق الأوسط الجديد”: “لقد ارتكبت أخطاء فادحة، لكن لم يفت الأوان بعد. ومن خلال تقليص طموحاتنا، مع التركيز على الاقتصاد والعمل مع المعتدلين المسلمين، سوف نحقق المزيد”.
كسب القلوب والعقول
لكن بينما يوجه “روهد” نقداً يستحق الثناء للمؤسسات الأمريكية في الخارج، فإنه لم يستطع الهروب من الرؤية المثالية المزعجة لقوة النفوذ الأمريكي الخيّرة، كما أن الوصفات التي يقدمها في الكتاب ليست جذرية بما يكفي للقيام بمثل هذه المهمة.
يعارض “روهد” الحرب، لكنه يدافع عن القوة الناعمة لشن حملة ماليةٍ ودبلوماسيةٍ لكسب قلوب وعقول الشرق الأوسط، ويقترح تقديم دعم لمجموعة جديدة من الجماعات “المعتدلة” التي تتقاسم القيم الأمريكية من خلال الاستثمار في الأعمال التجارية والبرامج المبتكرة.
ويضيف: “في النهاية، أخطر تهديد للأمن الأمريكي هو انحياز واشنطن والمؤسسات المدنية الضعيفة والفشل في مواءمة طموحاتها مع مواردها وقدراتها الفعلية”.
قليلٌ من القوة.. كثيرٌ من الدبلوماسية
بعد تفصیل فشل السیاسة الأمريکیة في المنطقة، یستخدم “روهد” أحداث الربیع العربي لاقتراح سبل المضي قدمًا إلى الأمام اعتمادًا بصورة أقل على العصا والبنتاجون والمتعاقدين الحكوميين وأکثر علی الجزرة ووزارة الخارجیة والدبلوماسيين.
ينصح “روهد” بأن تنفق الولايات المتحدة المزيد من المال لدعم التأثيرات الإسلامية المعتدلة، وتنفق جهدًا أقل على الغزوات العسكرية وضربات الطائرات بدون طيار لمواجهة المتطرفين، ويحث على دعم الجماعات المحلية التي تلتزم بالمعايير الديمقراطية وتعارض العنف وتدعم قوانين حقوق الإنسان.
مصر وتركيا
يرى المؤلف أن تركيا تمثل نموذجًا يُحتذى، وعلى عكس العراق وأفغانستان، فإنها تقدم مثالًا قويًا على التفسير الجديد للإسلام الذي وضعه المسلمون وليس الغرباء.
لكنه أقل تفاؤلاً فيما يتعلق بمصر، التي لديها اقتصاد لا يقارن بتونس وليبيا، ونظام تعليمي على حافة الانهيار، وتحتاج بإلحاح إلى الاستثمار الأجنبي. مضيفًا: ما يجب أن تقوم به الولايات المتحدة أكثر من أي شيء آخر هو التفكير الاستراتيجي في مصر، والتحلي بالصبر والانخراط بطرق غير عسكرية.
رغم أن الكتاب يقدم أفكارًا جيدة، إلا أنه أقرب لكونه مقالًا في مجلة فورين بوليسي وليس كتابًا، على حد قول “ستيف جولدشتاين” في “واشنطن إندبندنت ريفيو أوف بوكس”.
وما يقدمه “روهد” باعتباره “إعادة تصور” أقرب للتقليدية منه للاختراع حول سبل كسب قلوب وعقول العالم الإسلامي.
ولسوء الحظ، يبدو أن الكتاب لا يتمتع بما يكفي من القدرة على الإقناع لما يمكن القيام به للتعجيل بالديمقراطية والسلام في المنطقة.
كشف التناقض
مأخذ آخر يسجله “بيتر بينارت” عبر صحيفة “نيويورك تايمز” قائلاً إن الكتاب لا يرقى إلى اسمه؛ لأن “النفوذ الأمريكي” هلاميّ جداً، و”الشرق الأوسط الجديد” مترامي الأطراف جداً، بصورة أكبر من أن تستطيع 221 ورقة “إعادة تصور” ذلك بشكل مقنع.
لكن ذلك لا يعني أن “روهد” لم يبذل جهده، فقد استطاع بالفعل كشف التناقض العميق بين تجربة واشنطن الطويلة في خفض الاعتماد على الأدوات المدنية للسلطة الأمريكية ومحاولتها بعد 11 سبتمبر استخدام تلك الأدوات نفسها لإعادة تشكيل الشرق الأوسط الكبير.
سياسة خارجية يديرها المتعاقدون
ينقل المؤلف عن أحد المحاربين القدامى من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID قوله أن البلاد توظف اليوم عُشر كبار ضباط الخدمة الخارجية كما فعلت خلال حرب فيتنام. وبين عامي 2001 و2010 وحده، يلاحظ “روهد”، أن الكونجرس خفض موظفي الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 30 في المئة، لكن خلال الفترة ذاتها ضاعفت الوكالة ميزانيتها. النتيجة: سياسة خارجية يديرها المقاولون.
وبعد أكثر من عقد من الزمن، فإن الدرس الأساسي المستفاد من هذه السياسة هو أن طموحات أمريكا في الشرق الأوسط كان ينبغي أن تكون أقل ملحمية في البداية.