خلال الأسبوع الماضي، تعرضت شركة ZTE الصينية والتي تعد أكبر شركة تصنيع لمعدات الاتصال في الصين لعقوبات فرضتها وزارة التجارة الأمريكية، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل تم فتح تحقيق في حق شركة هواوي الصينية كذلك. لكن الإشارة الأبرز تكمن في توقيت هذه العقوبات والتطورات وتعارضها مع زيارة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى الصين.
وبالفعل، اعلن عن هذين القرارين في الوقت الذي كان الملك سلمان ينظم زيارته إلى الصين – محطته الثالثة في جولته الآسيوية التي استمرت شهراً. وبلا شك، فإن هذين القرارين سيحدثان دفعة كبيرة في جدول أعمال السعودية وعلاقتها بالصين.
وتجلى هدف الملك سلمان من زيارته إلى الصين في تعزيز العلاقات الاقتصادية والعسكرية بين البلدين، وأراد على وجه الخصوص إقناع الصين بأن السعودية – وليس إيران- هي الحليف الإقليمي الأكثر فائدة لها في المنطقة.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن العقوبات والتحقيق الذي أقر في حق الشركتين الصينيتين يتعلق بشكل مباشر في انتهاكات قامت بها الشركات بحق العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران وكوريا الشمالية، وهو ما يشير – مرة أخرى- إلى نية إدارة ترامب لتبني موقف صارم تجاه إيران.
الصين تتلقى صفعة لارتباطها بأعمال تجارية إيرانية
من جهتها اعترفت شركة “ZET ” بالاتهام الأمريكي وأقرت ببيعها الكترونيات أمريكية الصنع إلى إيران، ووافقت على دفع غرامة تصل إلى 1.19 مليار دولار.
وفي غضون ذلك، صرح وزير التجارة الأمريكي ويلبر روس: “نريد أن نخبر العالم كله أن وقت التهاون قد انتهى. لا يمكن لنا أن نتسامح مع أولئك الذين ينتهكون العقوبات والحظر الذي نفرضه على الدول، وكل من يخالف قوانين الرقابة على الصادرات لن تمر مخالفته دون عقاب وسيعاني من أقسى العقوبات”.
هل وقعت الصين تحت الحصار؟ لا، إنها تعرض الوساطة!
من جهته حث السيد وانغ الدول على “حل المشاكل القائمة بينها عن طريق عقد مشاورات متساوية وودية” وعرض القيام بدور الوصاية في هذا الخصوص.
مع كل الاحترام للطموحات الصينية في المجال الدبلوماسي، فإن هناك احتمال ضئيل لنجاح الصين في التوسط بين السعودية وإيران. خاصة وأن البلدين يريان في التنافس الحاصل بينهما تنافساً صفرياً.
وتأمل المملكة في أن تؤدي سياسة الولايات المتحدة الأكثر صرامة تجاه إيران إلى توسيع نطاق فرصتها في المعركة الشاقة التي تخوضها ضد إيران.
ومن وجهة نظر السعودية، فإن العقوبات التي فرضت على الشركات الصينية تفيد في إرسال رسالة إلى الصين مفادها أن الولايات المتحدة لم تعد تؤيد العمل كالمعتاد مع إيران، بل إن هذا قد يكون له عواقب وخيمة على المفاوضات التجارية الأمريكية الصينية في المستقبل.
الصين تتدخل في ميدان القتال السعودي – الإيراني
ومما يعزز سعي الملك سلمان لتمكين علاقته في الصين هو موافقة البلد الذي يمتلك علاقات عسكرية وثيقة وطويلة الأمد مع إيران على تعزيز التعاون مع المملكة خلال العام الماضي.
وسبق لوزير الدفاع الصيني “تشانغ وان تشيوان” أن أخبر الأمير محمد بن سلمان أن الصين ترغب في دفع العلاقات العسكرية مع السعودية إلى مستوى جيد.
وسبق للقوات الخاصة في مكافحة الإرهاب من البلدين أن خاضت أول عملية مشتركة بين الجيش الصيني وقوة مسلحة عربية بعد شهرين من ذلك التصريح.
وقد تقود العلاقات العسكرية السعودية الأمتن مع الصين بالإضافة إلى العقوبات الأمريكية إلى تعزيز الأمل السعودي في كسب الصين لصالحها، لكن الواقع يشير إلى أن هناك تصورات مضادة أظهرت الرئيس الصيني “شي جين بينغ” خلال زيارته إلى الشرق الأوسط في أوائل عام 2016 حيث أظهر ميولاً أكبر نحو إيران.
الفرصة في تغيير الإدارات؟
حتى الآن، يمكن اعتبار مهمة الملك سلمان في بكين سهلة نظراً إلى اعتبارات ترامب تجاه إيران والتي ترفض عودة إيران إلى المجتمع الدولي استناداً إلى الاتفاق النووي وحده.
وقد يعول الزعيم السعودي أيضاً على صعوبة مهمة الرئيس الإيراني حسن روحاني في معركة الانتخابات المقبلة في إيران، والتي من المقرر أن تنعقد في مايو القادم خاصة وأن عملية رفع العقوبات الدولية عن طهران كانت بطيئة للغاية ولم يلمس أثرها المواطن الإيراني بشكل سريع كفاية.
وقد تكون مشكلة الملك الوحيدة في هذا الموضوع هو ما يمكن أن يراه الاستراتيجيون الصينيون فيما يتعلق بالعقبات التي تشوب التعامل مع إيران على أنها مشاكل قصيرة الأجل وإن رأت الصين إمكانية تجاوز هذه العقبات على المدى المتوسط أو الطويل، فإن إيران تملك أصولاً لا تستطيع الصين تجاهلها أبداً.
جيمس دورسي
هذه المادة مترجمة من موقع غلوباليست للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا