slot dana slot toto toto 4d slot pulsa slot gopay slot ovo slot bet 200 slot bet 100 situs bet 200 situs bet 100 situs slot dana situs slot toto jagung77
ديسمبر 22, 2024

غاز شرق المتوسط في عاصفة الحرب الأوكرانية

أما غاز البحر المتوسط فيستمد أهميته فعلياً من قيمته بالنسبة للاقتصادات الإقليمية والمحلية، وليس التصدير العالمي، لأنه قد يوفر على الدول المستوردة للطاقة ميزانيات ضخمة بل وقد يحولها إلى مصدر إقليمي للغاز وقد يسهم في دعم الاقتصادات المتعثرة، كما في حالة قبرص ولبنان، ويحقق طموحات دول محورية في الشرق الأوسط مثل تركيا ومصر بأن تصبح مراكز طاقة إقليمية وهو ما سيعزز مكانتها السياسية الإقليمية والدولية التي تتطلع إلى تقويتها باستمرار.

Basil
باسل حفار

هذا المقال منقول عن موقع TRT عربي

باسل حفار – آذار/مارس 2022

أعلنت الولايات المتحدة في 10 يناير/كانون الثاني 2022 سحب دعمها لمشروع خط أنابيب “إيست ميد”، لأن أمريكا، حسب مصادر إعلامية يونانية، ترى أن مشروع “إيست ميد” مصدر رئيسي للتوتر ويزعزع استقرار المنطقة، لأنه يوتر العلاقات بين تركيا وعدة دول في المنطقة، وهو ما اعتبر انتصاراً سياسياً لتركيا على محاولات عزلها وتحييدها، وعلى العكس فقد أبرز هذا النزاع، والطريقة التي انتهى إليها، دور تركيا الحيوي في أمن الطاقة والدفاع بأوروبا، والمساحة الجيوسياسية لحلف شمال الأطلسي.

تتصارع دول شرق المتوسط منذ فترة طويلة على حدود المياه الإقليمية والمكاسب الاقتصادية والنفوذ، ومع إعلان اكتشاف الغاز الطبيعي في عام 2009 تفاقمت هذه النزاعات الإقليمية، وصولاً إلى عام 2019 عندما أسّست كلٌّ من قبرص ومصر وفرنسا واليونان وإسرائيل وإيطاليا والأردن وفلسطين منتدى غاز شرق المتوسط بهدف تنسيق نقل الغاز الطبيعي إلى أوروبا عبر قبرص من خلال خط أنابيب غاز شرق المتوسط “إيست ميد”، وهو ما وتر العلاقات مع تركيا التي تعترض على مسارات الأنابيب المقترحة لأنها تمر في مياه تعتبرها تركيا جزءاً من المياه الاقتصادية الخاصة بها وبقبرص التركية، إضافة إلى بعض المناطق التي يتوجد بها الغاز وتعتبرها أنقرة مياهاً اقتصادية وجرفاً قارياً لها ولقبرص التركية، وكل هذا جزء من الخلاف القديم حول منهج ترسيم الحدود البحرية بين تركيا واليونان.

ورافق ذلك تشكّل ما عُرف وقتها بمحور شرق المتوسط، في مواجهة تركيا، وضم اليونان وقبرص وإسرائيل ومصر والإمارات، رغم أنها لا تنتمي للمنطقة، كما تناغمت تحركات فرنسا ورئيسها ماكرون بشكل أو بآخر مع هذا الحلف مما أدّى لتوتر ملحوظ مع تركيا في أكثر من مناسبة.

تصنف منطقة البحر المتوسط اليوم بأنها من أكثر المناطق عسكرةً في العالم، إذ تعزز الدول الساحلية والقوى الخارجية وجودها البحري باستمرار.

غير أن القرار الأمريكي الذي أغلق الباب على مشروع “إيست ميد” بالتزامن مع بدء الحرب الروسية على أوكرانيا وتوتر العلاقات بين روسيا وأوروبا، والموقف الأوروبي والأمريكي الداعي إلى التضييق اقتصادياً على روسيا، وحرمانها مواردها الاقتصادية، ونزوع أوروبا إلى إنهاء حالة الاعتماد على الغاز الروسي والبحث عن بدائل سريعة ريثما تتبلور بدائل استراتيجية، هذه الخطوة من الولايات المتحدة لم تسهم في تهدئة التوتر فحسب ولكنها بالإضافة إلى كل هذه العوامل، أعادت تسليط الضوء على غاز المتوسط وأثارت من جديد السؤال حول كونه أحد البدائل التي يمكن أن تلجأ إليها أوروبا لتنويع مصادر الغاز لديها والتخفيف من اعتمادها على روسيا التي تخوض حرباً عسكرية معها بكل ما للكلمة من معنى.

وتبع ذلك أيضاً زيارات وتواصل مع تركيا شملت استضافة تركيا لمفاوضات مباشرة بين أوكرانيا وروسيا، وزيارة رئيس إسرائيل لتركيا، ولقاءات ثنائية بين الرئيس أردوغان وكل من المستشار الألماني والرئيس الأذربيجاني والرئيس اليوناني والرئيس السلوفيني و9 زعماء آخرين، فضلاً عن المباحثات الهاتفية التي شملت كلاً من الرئيس الروسي والأمريكي والفرنسي والأوكراني و 13 زعيماً آخرين، والملف الاقتصادي وأزمة الغاز والنفط تحديداً كانت حاضرة في معظم هذه الاتصالات.

ومع ذلك يجب أن لا نذهب بعيداً في توقعاتنا بخصوص تصدير غاز شرق المتوسط إلى أوروبا على المدى القريب. فلا بد من التنبه إلى أن بناء خط أنابيب جديد بين إسرائيل وتركيا سيكون مشروعًا مكلفاً ولن يبدأ تشغيله قبل بضع سنوات. وينطبق الأمر نفسه على استثمار حقول الغاز الطبيعي المُكتشَفة في المنطقة الاقتصادية الخالصة لتركيا في البحر الأسود، ولا يبدو حتى الآن زخم فعلي لبناء خطوط أنابيب جديدة ومكلفة لنقل الغاز الطبيعي، خصوصاً وأن المناطق الغنية بالغاز في إسرائيل وقبرص ولبنان تقع في مياه عميقة ترتفع فيها كلفة الاستخراج، لذا فإنه وبالرغم من تهيؤ الظروف السياسية للعمل بمشروع تصدير غاز شرق المتوسط عبر تركيا، فإن هذا المشروع يواجه عراقيل كبيرة تتعلق بالزمن والتكلفة اللازمة لإنجاز البنية التحتية لتشغيله.

فضلاً عن ذلك فإن العائق الفعلي الذي يعرقل المضي بمشاريع تصدير غاز شرق المتوسط إلى أوروبا أن هذه المشاريع قد لا تكون ذات جدوى اقتصادية كبيرة على المدى البعيد، بسبب محدودية حجم احتياطي الغاز المكتشف، حتى الآن، إذ يبلغ الحجم الإجمالي المؤكد للغاز المكتشف في شرق المتوسط، من 2009 إلى 2019 ما يقرب من 2,5 تريليون متر مكعب، وهو أقل من الاحتياطيات المؤكدة في أذربيجان (2,8 تريليون متر مكعب)، ونيجيريا (5,4 تريليون متر مكعب) وإيران (32 تريليون متر مكعب). علماً بأن جزءاً ليس بالهين من هذه الكمية سيخصص للاستهلاك المحلي لذا فإن الحجم النهائي المتاح للتصدير محدود.

أضف إلى ذلك فإن الاتحاد الأوروبي يعمل على التحول بعيداً عن الوقود الأحفوري بحلول عام 2030 وهذا يعني أن اهتمام الأوروبيين باستيراد الغاز الطبيعي من شرق المتوسط يتراجع باطّراد. أيضاً يسعى الاتحاد الأوروبي للاستغناء الكامل عن المواد الهيدروكربونية كمصدر للطاقة بحلول العام 2050، وقد خصص ميزانيات كبيرة لتسريع هذه المسارات خلال الأسابيع الماضية ضمن الخطة التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي.

وبالتالي فإذا كانت تركيا مهتمة ببيع الطاقة إلى أوروبا فقد يكون من الأجدى بالنسبة إليها التركيز على الاستثمار في القدرة على إنتاج طاقة متجدّدة ونقلها إلى أوروبا، بدءاً من مزارع الرياح ووصولاً إلى الهيدروجين الأخضر، وهو مجال آخر مطروح للتعاون بين تركيا وإسرائيل التي سبق وتعاونت مع عدة جهات في المنطقة في هذا المجال.

أما غاز البحر المتوسط فيستمد أهميته فعلياً من قيمته بالنسبة للاقتصادات الإقليمية والمحلية، وليس التصدير العالمي، لأنه قد يوفر على الدول المستوردة للطاقة ميزانيات ضخمة بل وقد يحولها إلى مصدر إقليمي للغاز وقد يسهم في دعم الاقتصادات المتعثرة، كما في حالة قبرص ولبنان، ويحقق طموحات دول محورية في الشرق الأوسط مثل تركيا ومصر بأن تصبح مراكز طاقة إقليمية وهو ما سيعزز مكانتها السياسية الإقليمية والدولية التي تتطلع إلى تقويتها باستمرار.

ضع تعليقاَ