هذه المقال مترجم من موقع مارين كوربس تايمز
الكاتب: شاون سنا
في الوقت الذي تُعتمد فيه التكنولوجيا المتدنية والقوة المنخفضة في الكثير من النزاعات في الشرق الأوسط، فإن القتال في سوريا يزود قادة المارينز بالمعرفة ويكسبهم الخبرة من أجل القتال المستقبلي ضد منافسين محتملين على غرار روسيا والصين.
توجد على ساحة المعركة في سوريا مجموعة متنوعة من التكنولوجيا والأسلحة التي يعود بعضها لفترة الحرب الباردة، والطائرات من دون طيار، والأنظمة المتطورة المضادة للدبابات، والنفاثات الروسية، والأنظمة المضادة للطائرات، وحتى تكنولوجيا الحرب الإلكترونية العدوانية.
توفر هذه البيئة تجربة لا تقدر بثمن بالنسبة لقوات المارينز والقادة العسكريين الأمريكيين الذين ينتشرون في المنطقة، ولكنها تدفع أيضا قوات المارينز إلى العودة للمهارات التي برزت أثناء الحرب الباردة، مثل التمويه والحد من التوقيعات الإلكترونية والملاحظات. وحيال هذا الشأن، قال الكولونيل جورج شريفلر، القائد السابق لقوة المهام الجوية البرية ذات الأغراض الخاصة – الاستجابة للأزمات – القيادة المركزية، للصحفيين الذي التقاهم خلال اجتماع مائدة مستديرة لوسائل الإعلام يوم الأربعاء إن الفيلق يتعلم دروسا قيمة حول عدد من التهديدات في المنطقة. تم نشر شريفلر ومشاة البحرية الذين هم تحت قيادته في منطقة عمليات القيادة المركزية من نيسان/ أبريل حتى كانون الأول/ ديسمبر سنة 2018.
في هذا السياق، قال جورج شريفلر “هناك حاليا تهديدات. ومع الأطقم الجوية الخاصة بنا العاملة في القيادة المركزية هناك فرصة كبيرة لتقييم هذه التهديدات والتعامل معها … وبذلك يكتسبون خبرة عملية كبيرة تجعلهم أكثر ملاءمة”.
لم يحدد جورج شريفلر التهديدات التي واجهوها عند تحدثه عن “أمن العمليات”. وفي نيسان/ أبريل من سنة 2018، صرح قائد قيادة العمليات الخاصة الأمريكية، الجنرال توني توماس، بأن القوات العسكرية الأمريكية في سوريا تعرضت لهجمات إلكترونية عنيفة. وفي ندوة الاستخبارات الجيومكانية لسنة 2018 التابعة لمؤسسة الاستخبارات الجغرافية المكانية، قال توماس “الآن في سوريا، نحن في بيئة الحرب الإلكترونية الأكثر عدوانية على كوكب الأرض، التي يشنها خصومنا. إنهم يختبروننا كل يوم، ويتجسسون على اتصالاتنا، ويعطلون طائرات لوكهيد إيه سي-130، وما إلى ذلك”.
وأورد شريفلر “أنت تتعرض للتهديدات من قبل الخصوم وحتى الخصوم المحتملين في جميع أنحاء المنطقة، الذين لا يمكنك أن تجد أمثالهم في الولايات المتحدة وهذا ما يجعلنا أكثر استعدادًا”. في الواقع، هذه الدروس المستفادة تشق طريقها نحو التسلسل العسكري للقيادة عبر الجيش والبنتاغون. وأضاف شريفلر “ما نقوم به هو نموذج لكل وحدة بحرية أخرى”. ولكن حتى قبل أن ينتشر جنود المارينز في منطقة الشرق الأوسط، كانوا يستعدون للقتال الأكثر ضراوة أثناء عملياتهم السابقة في الولايات المتحدة.
في الحقيقة، إن المعركة الضارية التي يجب على المارينز أن يكونوا مستعدين لها هي المعارك غير المتوقعة بغض النظر عن المكان الذي يتجهون إليه. وحسب جورج شريفلر فإن أي حادثة في مكان ما حول العالم كان من الممكن أن تحوّل انتباه وحدتهم في القيادة المركزية، وأي حادثة وقعت في مركز القيادة المركزية الأمريكية يمكن أن تتطلب من مشاة البحرية ذوي المهارات التقنية العالية أن يواجهوا شبه منافس لهم.
ومع ذلك، تزخر الجبهة السورية بالتكنولوجيا المتطورة التي تختبر وتؤهل الفيلق وتجبر قوات المارينز على الاستفادة من الدروس التي تلقوها أثناء الحرب الباردة. لذلك، يقول شريفلر إن “الكثير من الدروس القديمة ما زالت قابلة للتطبيق في الوقت الحاضر”.
إن هذه المنطقة مليئة بعدد من الطائرات دون طيار العدوانية انطلاقا من الكواد كوبتر وصولا إلى تقنيات الهجوم العسكري الأكثر تطورا والقادرة على المراقبة. ومن بين هذه الطائرات دون طيار نذكر شهيد 129 الإيرانية.
خاض الجيش الأمريكي بالفعل مواجهة مع تلك الطائرة، بعد أن أسقط اثنين منها سنة 2017 بالقرب من الحامية العسكرية الأمريكية الصغيرة في تنف، الواقعة بالقرب من الحدود العراقية السورية. وفي واحدة من تلك الحالات، أسقطت الطائرة دون طيار ذخيرة بالقرب من قوات التحالف والقوات الشريكة.
مع مراقبة العدو والتكنولوجيا المتطورة في ساحة المعركة، يجب على الفيلق أن يراعي مرة أخرى شاراتها الملحوظة والكهرومغناطيسية. وأضاف شريفلر أنه “يجب أن نواصل التدريب لتقليل توقيعاتنا، من منظور كهرومغناطيسي ومن منظور المراقبة الفيزيائية والمرئية والمسموعة”. كما أوضح شريفلر أن “التمويه والتغطية والتخفي مهم، وعندما ينظر لك العدو من خلال أنظمته الجوية الصغيرة غير المأهولة أو طائراته … فإنه يجب على جنود مشاة البحرية أن يتقنوا المهارات التي يجب أن يكونوا دائما جيدين فيها”.
تساهم عمليات الاقتحام التي تجرى في منطقة القيادة المركزية الأمريكية في تأهيل المارينز لتجربة مفهوم القتال البحري والمساهمة فيه مستقبلاً، وهو ما يعرف بقاعدة العمليات المتطورة والمتقدمة “EABO”، التي لا تزال تنتظر موافقة قائد سلاح مشاة البحرية الجنرال روبرت نيلر.
ويشمل مفهوم قاعدة العمليات المتطورة والمتقدمة عناصر مشاة البحرية بدءا ممن يقاتلون من قواعد الجزر الصغيرة وصولا إلى من ينتشرون في البوارج المتمركزة على امتداد المحيط الهادئ. وسيتطلب القتال في هذه البيئة أن يعمل الفيلق في مجموعات صغيرة موزعة ومنتشرة على مسافات شاسعة. إن تعلم كيفية البقاء على قيد الحياة والقتال في هذه البيئة سيكون محوريا إذا وجد الفيلق نفسه في حالة حرب مع الصين.
في منطقة القيادة المركزية الأمريكية، تعمل قوات مشاة البحرية بالاستناد على هذا المفهوم. وقد انتشر مشاة البحرية التابعون لشريفلر عبر ثلاث مناطق حرب في العراق وسوريا وأفغانستان. وقد صرح المقدم مايكل ماكفيرون، مسؤول عمليات الانتشار، بأن العملية التي أجريت بالقرب من حامية التنف في أيلول/ سبتمبر 2018 كانت مثالا ضيقا على مفهوم EABO.
بعد التعرض لاستفزازات من قبل القوات الروسية بخرق جيب عسكري بدائرة قطرها 55 كم حول حامية التنف، التي تضم مجموعة صغيرة من القوات الأمريكية التي تدرب المقاتلين لمواجهة تنظيم الدولة، تم إرسال شركة من المارينز لإعادة فرض السيطرة في المنطقة، حيث قاموا بإطلاق النار لعدة أيام ثم انسحبوا. في هذا الصدد، قال ماكفيرون “تطلبت العملية مناطق تخطيط وسيطة، وجدول زمني سريع لإدخال القوات والخطط اللوجستية لنقل القوات واستعداد تلك القوة”.
ليست سوريا ساحة المعركة الوحيدة التي تستعد فيها الفيالق للحرب الحديثة. ففي أفغانستان، تتعلم قوات مشاة البحرية في ولاية هلمند كيفية إدارة ومراقبة فئات أكبر من الطائرات دون طيار مثل أم كيو 9، كما تنتظر القوة التكنولوجيا الحديثة MUX drone.