في ظل أسياد الحرب: قوات العمليات الخاصة والأفغان وقتالهم ضد طالبان
In the Warlords’ Shadow: Special Operations Forces, the Afghans, and Their Fight Against the Taliban
المؤلف: دانيال ر. جرين
الناشر: نافال إنستيتيوت بريس
تاريخ الإصدار: 15 يوليو 2017
عدد الصفحات: 304
في عام 2010، بدأت قوات العمليات الخاصة الأمريكية (سوف) في أفغانستان برنامجاً جديداً ومبتكراً لمحاربة تمرد طالبان باستخدام هيكل الحركة واستراتيجيتها ضدها.
تتألف مبادرة (عمليات استقرار القرى/الشرطة المحلية الأفغانية) من القوات الخاصة التابعة للجيش الأمريكي وفرق سلاح البحرية الأمريكية بالتضامن مع القرويين لمحاربة حركة طالبان بشكلٍ كلي.
ومن خلال تجنيد الأفغان للدفاع عن أنفسهم، وتنظيم السكان المحليين، ومعالجة مظالمهم مع الحكومة الأفغانية؛ تمكنت قوات العمليات الخاصة من هزيمة جيش طالبان وكذلك ذراعها السياسي، بحسب التقديرات الأمريكية.
وبعيدًا عن تقييم التقدير ورصد مدى دقته، جمع هذا النهج الجديد بين مزيجٍ من: تقاليد القوات الخاصة التابعة للجيش الأمريكي والدروس المستفادة من مجتمع القوات الخاصة الأوسع نطاقًا خلال سنوات من العمل على مكافحة التمرد في العراق وأفغانستان.
واستطاعت هذه المقاربة إحداث تغييرٍ جذري في شروط الصراع مع طالبان، ومع ذلك، لم يكتب سوى القليل عن هذه المبادرة خارج مجتمع العمليات الخاصة حتى الآن.
قصة نجاح في أفغانستان
من هنا تأتي أهمية كتاب “في ظل أسياد الحرب: قوات العمليات الخاصة والأفغان وقتالهم ضد طالبان” الذي يوفر إطلالة من منظورٍ طويل الأمد على كيفية نجاح قوات العمليات الخاصة في جلب الاستقرار لإقليم أوروزجان جنوب أفغانستان، حيث اشتعلت انتفاضة الباشتون ضد طالبان في عام 2001 بقيادة “حامد كرزاي” الذي أصبح لاحقًا رئيسًا لأفغانستان.
يقدم الكتاب رؤيةً شاملة على كيفية تكيف قوات العمليات الخاصة مع المطالب الفريدة للتمرد المحلي، ويوفر إطلالةً نادرة من الداخل على كيفية مواجهة طالبان من خلال خوض “حربٍ أفضل”، وبالتالي إحداث تغييرٍ جذري في مسار الحرب في أفغانستان.
أحد كلاسيكيات مكافحة التمرد
يوجه الكتاب نقدًا صريحًا للاستراتيجية الأمريكية، كما يشير مركز الأمن البحري الدولي CIMSEC، ويصف بدقة لماذا فشلت الجهود الأمريكية لبناء الدولة في أفغانستان لمدة 15 عاماً، بحسب المؤلف والعسكري الأمريكي السابق “بينج ويست”.
مؤلف الكتاب احتياطي سابق في البحرية الأمريكية، خدم في أفغانستان عام 2012، ويعمل حاليًا زميلًا للشؤون الدفاعية في معهد واشنطن؛ ما مكَّنه من تناول هذا الملف تفصيليًا بعين الخبير. لذلك ينصح “ويست” المدنيين في الحكومة الأمريكية، خاصةً داخل البيت الأبيض، بقراءته، ويثني عليه الجنرال الأمريكي “جون ألين” المبعوث الرئاسي الخاص للتحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة.
الكتاب مزيجٌ فريد من المذكرات الشخصية والدراسة العلمية والسرد التاريخي حول البرنامج المبتكر لجلب الاستقرار إلى القرى الأفغانية الذي ساعد المؤلف على تطبيقه، ويعتبره الدكتور “كاليف سيب” وهو عسكريٌّ سابق، أحد كلاسيكيات مكافحة التمرد، ويثبت أن النجاح الأمريكي في أفغانستان ممكن حقًا.
نتاج خبرةٍ طويلة
يشير كتاب “في ظل أسياد الحرب” إلى أن برنامج عمليات إرساء الاستقرار في قرى أفغانستان هو نتاج الخبرة التي اكتسبتها الولايات المتحدة من التدخلات الخارجية المتكررة. حيث اكتشفت قوات العمليات الخاصة الأمريكية عبر مراحل الحرب على الإرهاب الحكمة من استخدام استراتيجية طالبان ضد الحركة نفسها، من خلال الاشتراك مع القادة المحليين لتوفير الدفاع والأمن والمعلومات الاستخباراتية والدعم اللوجستي على الصعيد المحلي.
في هذا البرنامج الذي يغطي 120 موقعاً في أنحاء أفغانستان، اعتمدت القوات الأمريكية نهجاً تصاعدياً لتطوير شبكةٍ من الشرطة المحلية الأفغانية تتمتع بدعمٍ شعبي، وإنشاء بنيةٍ تحتية لإرساء الاستقرار انطلاقاً من فهم السياق المجتمعيّ، لاستكمال النهج التنازلي الذي تتبعه الحكومة الأمريكية بالتعاون مع الحكومة الأفغانية في كابول منذ عام 2001.
تلافي قصور التصور ووضع الاستراتيجية
يوضح المؤلف كيف استطاعت المؤسسة العسكرية الأمريكية بمرور الوقت تلافي بعض أوجه القصور في الطريقة التي تُصوّر بها الحكومة الأمريكية العدو وتضع الاستراتيجيات لمحاربته:
– في بداية الحرب، كانت الحكومة الأمريكية لا تضم سوى عددٍ قليل من الخبراء الأفغان، نظراً للتصور الخاطئ الذي كان لدى القادة وصناع السياسات والخبراء الاستراتيجيين حول طبيعة حركة طالبان والشعب الأفغاني.
– عبر مسيرةٍ طويلة من التجربة والخطأ، خلُصَت المؤسسة العسكرية الأمريكية أن أفضل طريقة لمحاربة طالبان هي: استخدام استراتيجية الحركة ضدها وأن هزيمتها تتطلب نهجاً شاملاً لإرساء الأمن يتضمن مقارباتٍ سياسية وعسكريةٍ متكاملة.
مواجهة قوات العدو واستراتيجيته
لمَّا لاحظت الحكومة الأمريكية أن طالبان تقوم بتجنيد مقاتلين محليين في صفوفها؛ استعانت قوات العمليات الخاصة الأمريكية بالقادة المحليين باعتبارهم أصحاب مصلحةٍ في إرساء الأمن والاستقرار وتطبيق حوكمتهم الخاصة، والذين بدورهم ينصحون شبابهم بالانضمام إلى الشرطة المحلية الأفغانية، ليخضعوا لاحقاً لتدريب على يد قوات حلف شمال الأطلسي وقوات العمليات الخاصة الأمريكية.
يشير الكتاب إلى أن الولايات المتحدة تعلمت بالتجربة أن تحقيق النصر في هذه الحروب الصغيرة لا يمكن أن يقتصر على استئصال شأفة طالبان، بل يجب أيضًا أن يتضمن لاحقاً ملء فراغ الحوكمة/الأمن بقوةٍ صديقة. وبهذه الطريقة استطاعت الولايات المتحدة مواجهة قوات العدو واستراتيجيته على حدٍّ سواء.
3 توصياتٍ للحروب المشابهة
من وحي هذه التجربة، يقدم المؤلف مجموعة توصياتٍ لخوض هذه الأنواع من الحروب في الشرق الأوسط:
(1) عندما يخضع الجنود لتدريبٍ متخصص، ليس فقط في القتال بل في مهارات التطوير والمهارات الدبلوماسية أيضاً؛ يصبحون أفضل تجهيزاً بكثير لمواجهة العدو على نحوٍ شامل.
(2) يساهم نشر الجنود والوحدات في المنطقة ذاتها بصورةٍ متكررة في بناء العلاقات وتوطيد الثقة مع أصحاب المصلحة المحليين ويضمن تراكم المعرفة السياقية، مما يزيد من فعالية تلك الالتزامات.
(3) على مستوى السياسات والاستراتيجيات، تحتاج الحكومة الأمريكية إلى أخصائيين لمعاينة مجموعات المشاكل موضع البحث على نحو شامل، عوضا عن الانصياع ببساطة للتحيزات البيروقراطية التي تؤدي عادةً إلى عمليات مجتزأة ورؤى مجتزأة عن العالم.