تعد الهندوسية، أحد أكثر الأديان العالمية قدماً ذات تأثير قوي في السياسة الهندية الحديثة، فتفاصيل الإيمان المعلن من رئيس الوزراء الهندي “ناريندرا مودي” يشكل حجر الأساس الفلسفي لحزب بهاراتيا جاناتا الحاكم. وعلاوة على ذلك، فإن 80% من الهنود ( وصل تعدادهم إلى 1.3 مليار نسمة حسب آخر الإحصاءات) يدينون بالهندوسية أيضاً، ما يجعل هذا الدين الثالث على مستوى العالم من حيث المؤمنين به بعد المسيحية والإسلام.
وعلى الرغم من الانتشار الهائل للهندوسية على مستوى الهند، إلا أنها لم تصبح أبداً ديناً رسمياً للدولة، وبدلاً من ذلك، ظلت الهند – في دستورها – علمانية، وشكلت بذلك موطناً لمجموعة كبيرة من الفلسفات والتفسيرات والحركات والطوائف ومجتمعات الأقليات الدينية المختلفة من المسلمين والمسيحيين والسيخ وغيرهم.
هندس هذا الشكل العلماني والتعددي للهند عدد من رموز الحركة القومية الهندية، وكان أبرزهم المهاتما غاندي، وجواهر لال نهرو، أول رئيس وزراء للهند. لاحقاً، تابع حزب المؤتمر الوطني الهندي فلسفة المؤسسن إلى يومنا هذا وإن لم يكن بنفس الاهتمام والولاء للفكرة.
ومع ذلك، شهدت الأشهر الأخيرة تصاعداً في التحدي بين القومية الهندوسية وفلسفة التأسيس الهندية، حيث أشتعل نقاش وطني محتدم حول الطبيعة الأساسية للهوية السياسية في الهند. وصف النقاش بالنقاش التعصبي، حيث حرصت التعددية التقليدية أن تواجه المحافظين، أصحاب المفهوم القائم على أسس دينية أكثر تشدداً للأمة الهندية.
لاحقاً، وكنتيجة لهذه المناظرات، أعتقل طالب الدكتوراة “كانهايا كومار”، وهو ناشط سياسي بتهمة التحريض على الفتنة. أثار اعتقال كانهايا احتجاجات في أنحاء الهند، خاصة مع استخدام المتظاهرين لشعارات تتهم حزب “بهاراتيا جاناتا” بتقويض الديمقراطية وحرية التعبير من خلال فرض وجهة نظر اليمين القومية الهندوسية عبر مؤسسات الدولة.
يرى أنصار التوجه المتشدد أن الهندوسة يجب أن تحل محل العلمانية كمبدأ توجيهي في المجتمع الهندي. ووفق أشد أطروحاتها فإن هذا يجب أن يشمل تبعية سياسية وثقافية للسكان المسيحيين والمسلمين في الهند لتوجه الدولة هذا.
وفي حين أن هذا غير وارد الحدوث في المستقبل القريب، إلا أن أي تنفيذ جزئي لهذه الرؤية سيكون مدعاة للقلق في بلد تتخلله نوبات بشعة من العنف التاريخي الديني – في كثير من الأحيان بين الأغلبية الهندوسية والأقلية المسلمة. وستشكل هذه المواجهة بين الأطراف تكثيفاً في الفلسفات والتداعيات السياسية بما يقوض أجندة مودي الإصلاحية وتعمق الاستقطاب السياسي في البلاد بما يؤثر سلباً على النمو الاقتصادي هذا العام.