محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك خلال مقابلة يصف انتقادات الرئيس ترامب بـ “السخيفة”
رفض وزير الخارجية الإيراني، يوم الثلاثاء الماضي، أي مفاوضات جديدة مع الولايات المتحدة بخصوص مدة أو شروط الاتفاق النووي لعام 2015، قائلاً إن إيران قد تتحدث عن تغيير الاتفاق فقط إذا كانت كل التنازلات، بما فيها التخلي عن الوقود النووي، قابلة لإعادة النظر.
حيث قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في مقابلة إن ذلك سيعني استعادة إيران ملكيتها لمخزونات الوقود النووي التي شحنت لروسيا حين دخل الاتفاق حيز التنفيذ. وقال السيد ظريف: “هل أنت مستعد لأن تعود لنا 10 أطنان من اليورانيوم المخصب؟”، متحدثاً عن المخزون الذي تخلت عنه إيران، والذي يعد واحداً من أكبر التنازلات الإيرانية، حيث يشكل ما نسبته 98% من الوقود النووي الذي تمتلكه. و بموجب الاتفاق تحتفظ إيران بكمية من اليورانيوم المخصب، تعد صغيرة جداً حتى لصناعة سلاح نووي واحد.
السيد ظريف الذي كان قد تعلم في الولايات المتحدة تحدث مع الصحفيين وكتاب الأعمدة وكتاب التحرير لصحيفة ذا نيويورك تايمز، بعد يوم من محادثاته الخاصة مع نظرائه من الدول الستة التي تفاوضت مع إيران على الاتفاق: بريطانيا، والصين، وفرنسا، وألمانيا، وروسيا، والولايات المتحدة، على هامش لقائهم في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
كانت المرة الأولى التي يلتقي بها السيد ظريف بوزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، الذي قال إن الولايات المتحدة تريد “إعادة النظر” فيما وصفها بأخطاء بالاتفاق، بالرغم من اعترافه أن إيران كانت ملتزمة بشروطها. والسيد ظريف، الذي كان قد ناقش تفاصيل الاتفاق الإيراني مع وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري، استنكر عدم اطلاع إدارة ترامب بشكل جدي على شروط إيران المتضمنة في الاتفاق.
أما خطاب الرئيس ترامب في الأمم المتحدة يوم الثلاثاء، الذي وصف به السيد ترامب الاتفاق النووي بأحادي الأطراف المربك للولايات المتحدة، وقال إن من الممكن التخلي عنه، فقد وصفه بالسخيف.
ويتساءل السيد ظريف عن الذي تريده الإدارة حقاً؟ أن تحتفظ بالتنازلات الإيرانية في حين تعمل على استخراج المزيد من إيران، دون أي تنازلات من الولايات المتحدة أو الأطراف الأخرى؟ هذا الأمر ينقض احتمالية أي اتفاق للتفاوض. ويضيف: “حسب التعريف فإن الصفقة ليست مثالية؛ لأنه في أي صفقة عليك أن تأخذ وتعطي”، مكملاً: “غير ذلك لن يكون هنالك صفقة”.
ورفض كذلك فكرة أن يتم الإضافة إلى الاتفاق لمعالجة اعتراضات إدراة ترامب، الفكرة التي يقول المسؤولون الأمريكيون إنها طرحت داخل الإدارة كطريقة دبلوماسية ممكنة. قائلاً: “لماذا علينا مناقشة الإضافة إلى الإتفاق؟”، متابعاً حديثه: “إذا كنتم تريدون إضافة، فيجب أن تكون إضافة على كل شيء”.
السيد ترامب كان قد لمح بقوة إلى “سحب الثقة” عن الالتزام بالاتفاق، في حين أن السيد تيلرسون حين كان يتحدث للصحفيين بعد مقابلته مع السيد ظريف صباح الأربعاء، اعترف أن إيران كانت على “التزام حقيقي” بالاتفاق.
بموجب القانون الأمريكي فإن سحب الثقة لا ينهي الاتفاق، إلا إذا صوت الكونغرس على إعادة فرض عقوبات اقتصادية متعلقة بالملف النووي ضد إيران، والذي سيكون انتهاكاً لشروط الاتفاق.
والبيت الأبيض منقسم حول كيفية التقدم ضد إيران، حيث يجادل السيد تيلرسون بأن تمزيق الاتفاق الذي تم في عهد أوباما سوف يبعد الحلفاء، كما سيمكن إيران من استئناف إنتاج الوقود النووي.
ومع ذلك فإن السيد ترامب والسيد تيلرسون كلاهما يدعيان أن إيران انتهكت “روح” الاتفاق النووي؛ وذلك باستمرارها في دعم ومساندة المجموعات التي تعتبرها الولايات المتحدة منظمات إرهابية، وبدعمها الرئيس بشار الأسد في سوريا، وبمتابعتها للهجمات الإلكترونية ضد جيرانها السنة العرب وضد الولايات المتحدة.
يقول السيد ظريف إن هذه الشكاوى خارج نطاق الاتفاق الذي وقع في شهر تموز/يوليو لعام 2015 ، وإن هذا الموقف تشترك فيه أطراف الاتفاق الأخرى باستثناء الولايات المتحدة.
الوزير الإيراني الذي كان ينتقد بشدة في إيران التنازلات الكثيرة في الاتفاق يقول: إذا مشت الولايات المتحدة بعيداً عن الاتفاق كما هدد السيد ترامب، “من سوف يأتي ويستمع لكم مرة أخرى؟ “. ويقول إن الولايات المتحدة ترسل إشارة خاطئة بمثل هذا التهديد.
المسؤولون الإيرانيون يبدون وكأنهم يراهنون على أن السيد ترامب ومع كل هذه الانتقادات على الاتفاق لن ينهيه، حيث تواجه واشنطن مقاومة لأي جهود لإعادة فتح شروط الاتفاق، والأوروبيون أيضاً أخبروا الولايات المتحدة بشكل خاص أنهم لن يعيدوا فرض عقوبات نووية على إيران، حتى لو فعلت الولايات المتحدة ذلك؛ ممَّا يقوض أي تأثير كان السيد ترامب يأمل بالوصول له.
وقال السيد ظريف إنه كان متشجعاً خلال لقاء جميع الأعضاء في لقاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مساء الأربعاء، “جميع الأطراف باستثناء واحد قالوا إنه كان اتفاقاً جيداً”، كان ذلك الــ “واحد” إشارة واضحة إلى السيد تيلرسون.
في الحقيقة، بعد اللقاء مساء الأربعاء، تحدث وزير الخارجية الألماني سيغمار غابرييل للصحفيين في ألمانيا بعيداً عن مجلس الأمن، قائلاً: “إلغاء الاتفاق سيرسل رسالة سلبية جداً، وسيكون إيجاد حلول دبلوماسية للخلافات الأخرى بخصوص الانتشار النووي أكثر صعوبة بكثير، ولا سيما كوريا الشمالية”.
المحللون الإيرانيون الذين تابعوا سير الاتفاقية النووية، قالوا إنها تواجه أصعب وقت لها منذ بدئها، لكن ما زال البعض يرى ما يجعله يعتقد أن من الممكن أن تنجو وتتجاوز إدارة ترامب.
يقول كليف كوبشان رئيس مجموعة أوراسيا شركة الاستشارات في المخاطر السياسية، في رسالة عبر البريد الإلكتروني لعملائه: “ترامب رسخ أسلوب الصدمة والمواقف المفتوحة المرهبة في المفاوضات، فقط ليتراجع لاحقاً أو ينتهي في المنتصف”. مضيفاً أنه “إذا تمسك بمطالب متشددة، من الممكن أن تتضمن قيوداً دائمة على مشروع إيران، فإن الاتفاق قد ينهار، وسيرمى اللوم من الشرفة الأمامية لواشنطن”، وتابع قائلاً: “هذه نتيجة لا تريدها الولايات المتحدة”.
الكاتب: ديفيد سنجر و ريج كلادستون
ساهم السيد سوميني سينغوبتا في إعداد التقارير من الأمم المتحدة
المصدر: نيويورك تايمز