نشر موقع “لوكلي دي مويان أوريون” الفرنسي دراسة للكاتبة، إلهام يونس، تحت عنوان “الأردن في مواجهة الأزمة السورية”، سلّطت من خلالها الضوء على تداعيات الأزمة السورية على المملكة الهاشمية الأردنية.
وقالت الكاتبة إن الاضطرابات والحروب التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط، وخاصة البلدان المجاورة للأردن، أثرت سلبا على وضع المملكة الأردنية الهاشمية. فمنذ سنة 1948 إلى حدود سنة 1967، واجهت الأردن نزوح أعداد غفيرة من الفلسطينيين إلى أراضيها، وهو ما تواصل مع التدخل العسكري الأمريكي للعراق في شهر آذار/ مارس سنة 2003. أما منذ سنة 2011، فقد واجهت الأردن تدفق اللاجئين إلى أراضيها، وذلك على خلفية اندلاع الحرب السورية.
في الواقع، تمثل هذه الموجة الجديدة من الهجرة، عنصرا جديدا يزيد من عدم الاستقرار السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي للمملكة الأردنية. ووفقا لتقارير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن ما يقارب عن 2.3 مليون شخص فروا من سوريا نحو الدول المجاورة لها على غرار، لبنان، والأردن، وتركيا، والعراق.
علاوة على ذلك، أفاد الباحث الجغرافي، سيريل روسيل من المعهد الفرنسي للشرق الأدنى في عمان، أن “معظم اللاجئين السوريين كانوا يتمركزون، منذ بداية الحرب السورية، في بلدة رمثا الحدودية والمناطق المحيطة بها. لكن بعد تكثيف القوات النظامية هجماتها العسكرية وغاراته الجوية، منذ مارس/ آذار 2012، ارتفع عدد اللاجئين بشكل ملحوظ، وبدؤوا ينتشرون داخل المدن الأردنية الأخرى. ومنذ مطلع سنة 2013، أصبحت هذه البلاد تشهد قدوم ما يقارب عن 80 ألف إلى 100 ألف لاجئ شهريا، معظمهم من بلدة درعا السورية الحدودية.
من جهة أخرى، يعتمد أغلب النازحين السوريين في الأردن على المساعدات التي تقدّمها الوكالات الإنسانية المحلية والدولية. أما في المخيمات، فإن وضعهم يكون أكثر صعوبة بكثير، نظرا لأن السلطات الأردنية تقوم بمراقبة حركة اللاجئين، والتحكم فيها بشكل كبير.
أما إذا أراد اللاجئ مغادرة المخيم، فيجب عليه أن يجد شخص من جنسية أردنية يكفله عند السلطات الأردنية. بمعنى أنه لا يمكن للاجئين مغادرة المخيم دون العثور على هذا الكفيل وذلك حتى يتسنى له الذهاب إلى المستشفيات، أو البحث عن مدارس لتعليم أطفالهم أو حتى الحصول على تصريح عمل، الذي يكلف اللاجئ قرابة 400 يورو. وفي الحقيقة، إن هذا المبلغ يعتبر بالنسبة للأسر السورية التي تعيش على المساعدات الدولية، مبلغا ضخما.
للتعامل مع هذه الأزمة الإنسانية غير المسبوقة، تم حثّ المجتمع الدولي على التحرك لمساعدة السوريين المهجرين. فمنذ بداية الأزمة السورية، وفر الاتحاد الأوروبي أكثر من 85 مليون يورو. وابتداء من يناير/ كانون الثاني سنة 2014، قدّم الاتحاد مخصصات إضافية تبلغ 20 مليون يورو، استجابة للوضع المزري الذي يعيشه اللاجئين.
كما أشارت الكاتبة إلى أن هذه المساعدات تهدف أولا إلى توفير مرافق الصرف الصحي إلى المساكن التي يقطنها اللاجئين، والاهتمام بالنظافة، التي من شأنها أن توفر بيئة لها عدة مخاطر على صحة الأطفال. من جهة أخرى، تسعى هذه المساعدات لتعزيز البرامج التعليمية للأطفال الصغار لضمان وصولهم إلى المدارس الحكومية.
وتجدر الإشارة إلى أن الميزانية العامة للمفوضية المخصصة للأردن قد ارتفعت بشكل ملحوظ، من 62.8 مليون دولار في سنة 2010 إلى ميزانية ثابتة تفوق قيمتها 430.4 مليون دولار، في سنة 2014. وتستخدم هذه الأموال على أرض الواقع لتنفيذ الحلول الطارئة، ولتلبية الخدمات الأساسية على غرار الصحة، والتعليم، والأمن الغذائي، وبناء مرافق الطوارئ للاجئين.
وفي الحقيقة، تعدّ أزمة اللاجئين التي تعيشها الأردن مشكلة هيكلية معقدة للغاية يجب على مفوضية اللاجئين معالجتها على المدى الطويل. فحتى في حال تم التوصل إلى حل سياسي بين قوى المعارضة ونظام الأسد، فإنه ليس من المؤكد أن يعود النازحين إلى مدينتهم الأصلية وذلك لأسباب تتعلق بالنظام الأمني. والجدير بالذكر أن تشرذم المعارضة السورية بين القوات الجهادية المختلفة، وتواجد المجموعات الكردية، فضلا عن الائتلاف الوطني السوري، أصبح يغذي مخاوف السوريين من تقسيم البلاد السورية، ويقوض إمكانية العودة الجماعية لمئات الآلاف من اللاجئين.
ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه في هذه النقطة هو؛ هل يمكن للمواطنين السوريين الحصول على المواطنة الكاملة في الأردن؟. والجدير بالذكر أن الأردن تعتبر الدولة الوحيدة التي منحت بشكل جماعي المواطنة الكاملة للاجئين الفلسطينيين، بعد الحروب العربية الإسرائيلية التي دارت في سنة 1948. ووفقا للأرقام الرسمية، يمثل الفلسطينيون اليوم حوالي نصف سكان الأردن. وفي هذا الصدد، قال الباحث “جلال الحسيني” أن “المملكة لديها مخاوف من أن تتحقق رغبة الإسرائيليين وتصبح الأردن “الوطن البديل” للفلسطينيين.
ونتيجة لذلك، أعلنت المملكة الأردنية، رسميا، إغلاق حدودها أمام اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا، خوفا من تفوق عددهم على السكان الأصليين للأردن. وبالنسبة للفلسطينيين الذين تمكنوا من عبور الحدود بطريقة غير مشروعة، فهم لا يتمتعون بنفس الحقوق والخدمات التي تقدمها المملكة للسوريين.
وبينت الكاتبة أن اللاجئين لعبوا دورا بالغ الأهمية في زعزعة الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي للمملكة، فهي لم تنج من موجة من الاحتجاجات الاجتماعية التي هبت في العالم العربي، منذ سنة 2011. فقد دفعها ذلك لاتخاذ العديد من الإجراءات والإصلاحات التي تفوق قدرة ميزانيتها. وقد اكتسبت الاحتجاجات زخما كبيرا في شهر فبراير/ شباط 2011، حيث تجمعت العديد من العشائر الأردنية للتنديد بالفساد والمحسوبية التي تنهش هياكل الإدارات الأردنية. وفي الواقع، تعتبر هذه العشائر البدوية ركنا أساسيا من أركان النظام الملكي الأردني، كما أن احتجاجهم يدلّ على وجود أزمة عميقة.
وفي الختام، ووفقا لدراسة استقصائية وطنية أجراها مركز البحوث الأردني في شهر أيلول/ سبتمبر 2012، فإن 65 بالمائة من الأردنيين أعبوا عن رفضهم لمواصلة استضافة اللاجئين السوريين، نظرا للانعكاسات السلبية التي ترتبت عن قدومهم؛ على غرار ازدحام المدارس، ومشاكل المياه، والتشوهات التي ظلت تعانيها سوق العمل الأردنية، منذ بداية الصراع السوري.
هذه المادة ملخص للمادة المنشورة في صحيفة لوكل يدي مويان أوريان للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا