الكتاب: مملكتهم الخاصة.. أسرة كرزاي والكارثة الأفغانية
المؤلف: جوشوا بارتلو
الناشر: دار “كنوبف”
تاريخ الإصدار: 20 سبتمبر 2016
عدد الصفحات: 432
اللغة: الإنجليزية
يميل المتابعون الأجانب للشأن الأفغاني إلى النظر لحكومة الرئيس السابق حامد كرزاي باعتبارها عشيرة من البلطجية الفاسدين يقودها شخص عاجز وفظ ومتذمر. ما مدى دقة هذه الصورة، وإلى أي مدى كان “كرزاي” مسؤولًا عن تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة وأفغانستان؟
هذا السؤال هو جوهر كتاب “مملكتهم الخاصة.. أسرة كرزاي والكارثة الأفغانية” الصادر عن دار نشر “كنوبف” بتاريخ 20 سبتمبر 2016 للمؤلف جوشوا بارتلو في 432 صفحة باللغة الإنجليزية.
مفتاح فهم الحرب الأفغانية
يقول الناشر إن مفتاح فهم الحرب الأفغانية الكارثية هو العلاقة المعقدة التي فشلت في نهاية المطاف بين أسرة كرزاي القوية الازدواجية والولايات المتحدة، وهي الزاوية التي يتناولها في هذا الكتاب مدير مكتب صحيفة واشنطن بوست السابق في كابول.
ذهبت الولايات المتحدة إلى أفغانستان في مهمة بسيطة: انتقاما لهجمات 11 سبتمبر وطرد طالبان من السلطة. استغرق هذا الأمر أقل من شهرين. لكن على مدى العقد التالي، أدى الصراع من أجل السلطة والمال- الموجه إلى أحد أفقر دول العالم بمبالغ هي الأكبر على الإطلاق- إلى جعل المنطقة أكثر خطورة من مرحلة ما قبل وصول الدفعة الأولى من القوات.
من التعاون إلى الصراع
في وسط هذه القصة تكمن عائلة كرزاي. بدأ الرئيس الأفغاني حامد كرزاي وإخوته الحرب باعتبارهم رموزًا لأفغانستان الجديدة: شخص معتدل ومتعلم وواسع الطلاع على ثقافات الشرق والغرب، ويقف على النقيض من نظام طالبان الوحشي المتخلف.
أشقاؤه، الذي ينحدرون من عائلة سياسية بارزة مقربة من ملك أفغانستان السابق، توجهوا إلى المنفى نتيجة الحرب السوفيتية. وبينما عاش حامد كرزاي في باكستان وعمل مع المقاومة انتقل آخرون إلى الولايات المتحدة وحصلوا على عمل كنوادل ومديريين قبل أن يفتتحوا مطاعمهم الخاصة.
بعد 11 سبتمبر، عاد الإخوة إلى الوطن للمساعدة في إعادة بناء أفغانستان، وإعادة تشكيل وطنهم، وفق خططهم الطموحة. لكن انتهى بهم المطاف اليوم، مع غرق البلاد في حالة من الفوضى، وهم في حالة صراع مفتوح مع بعضهم البعض، ومع حلفائهم الغربيين.
لا شيء يسلط الضوء على هذه الحرب، ويفسر علاقة أمريكا بأفغانستان، ويسرد هذا الانتقال من التفاؤل إلى اليأس ومن الصداقة إلى العداوة، بهذه الدقة مثلما تفعل قصة عائلة كرزاي نفسها، وهي تُحكى في هذا الكتاب، ربما لأول مرة بهذا العمق.
تصفية المتنافسين
كما هو الحال في أي طلاق هناك روايتان للقصة، يرصدهما في هذه الحالة جون بلانك في مستهل استعراضه للكتاب عبر مؤسسة راند:
من وجهة النظر الأمريكية، بدأ كرزاي كشخصية بطولية، بدا لكثير من الغربيين غريبًا بما يكفي ليكون الصوت الحقيقي لشعبه، لكنه برغم ذلك كان يتحدث الإنجليزية بطلاقة تبعث على الاطمئنان ونبرة بريطانية جذابة.
في خريف عام 2001، عندما بدأ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة، كان هناك عدد قليل من المتنافسين الأخرين الذين يصلحون لشغل هذا المنصب في أفغانستان.
أقدر القادة على مكافحة طالبان، هو الزعيم الطاجيكي أحمد شاه مسعود، اغتاله تنظيم القاعدة قبل يومين من هجمات 11 سبتمبر: كان أسامة بن لادن يدرك أن الهجمات الإرهابية قد تثير غزوًا أمريكيًا، فقضى على الرجل الأكثر احتمالا أن يكون شريكًا لواشنطن. وحتى لو كان “مسعود” قد عاش، فإنه كان سيواجه تجربة عصيبة في الحكم.
في الوقت ذاته، كان الزعيم الباشتوني الأكثر قبولا هو قائد سابق للمجاهدين في الحزب الإسلامي اسمه عبد الحق، يعرفه المسؤولون الأمريكيون باسم “هوليوود حق” لولعه بالأضواء، لكنه أيضًا قُتِل (على أيدي طالبان) بعد أسابيع قليلة فقط من رحيل “مسعود.
مؤهلات كرزاي
على عكس عبدالحق ومسعود ومعظم القادة المحتملين الآخرين في أفغانستان، كان كرزاي عاش خلال فترة الحرب التي استمرت لعشرين عاما دون أن يشاهد القتال، حتى قبل بضعة أسابيع فقط من بدء الغزو عام 2001، عندما تسللت القوات الخاصة الأمريكية في جنوب أفغانستان وساعدوه على توطيد السيطرة هناك.
من ناحية أخرى، كان عدم انخراط كرزاي في جولات القتال يعني أنه لم يكتسب الكثير من الأعداء. من وجهة النظر الأفغانية، كان يمتلك الخلفية العرقية المناسبة: كان من البشتون، من قبيلة بوبالزاي الملكية التقليدية من سلالة دوراني، التي كان لا يربطها علاقات مع طالبان إلى حد كبير. بالنسبة للأمريكيين، كان يبدو وكأنه زعيم. كان “كرزاي”، كما يشير المؤلف، شخصًا معروفًا بقدرته على المساومة لذلك كان مرشحًا للوساطة.
جريمة “كرزاي” التي لا تغتفر: الجحود!
من تابعوا مسيرة “بارلتلو” على مدى السنوات التي قضاها في أفغانستان سيميزون أسلوبه في هذا الكتاب، لكن العديد من القراء برغم ذلك قد يتطلعون لصورة أكثر اكتمالا لعائلة كرزاي، وليس مجرد مجموعة من الصور المرتبطة بشكل فضفاض، والتي تركز على الأعضاء الأكثر شهرة.
صحيحٌ أن أي حرب تترك إرثًا من المآسي الإنسانية، ولم يكن الغزو الأمريكي لأفغانستان استثناء. ومع ذلك، يرى المؤلف أن الاعتداءات الأمريكية كانت أسوأ من تلك التي ارتكبها السوفييت أو طالبان، أو ما أفرزته فوضى الحرب الأهلية في التسعينيات. لكن بحلول فترة ولاية كرزاي الثانية، التي بدأت في عام 2009، كان الرئيس الأفغاني السابق يميل إلى تصوير أخطاء الولايات المتحدة بأقسى الكلمات الممكنة.
من أجل ذلك يذهب المراقب الغربي غلى أن جريمة كرزاي التي لا تغتفر كانت: الجحود. فبينما كانت القوات الأميركية تضحي بأرواحها لحماية حياته، كان الرجل يوجه الإهانات لتضحياتهم. ويستشهد المؤلف بالبيان الذي أصدره كرزاي في فبراير 2013، ويتهم فيه القوات الخاصة الأمريكية بـ”مضايقة وإزعاج مزعج وتعذيب بل وقتل الأبرياء”. وفي ربيع عام 2012، في أعقاب حادث حرق القرآن، وصم الجنود الأمريكيين بـ”الشياطين” الذين كانوا يرتكبون “أفعالًا شيطانية لا يكفي الاعتذار لغفرانها”.