أصدر معهد الاتحاد الأوروبي للبحوث الأمنية تقريرًا بعنوان “الانقلابات العسكرية.. مقدمة قصيرة جدًا“، استهل بالإشارة إلى أنه “حتى قبل ثلاث سنوات، كان يُعتَبر على نطاق واسع في أوروبا أن عصر التدخل العسكري في السياسة قد انتهى: حيث توفي الرجال الأقوياء مثل عيدي أمين وحافظ الأسد منذ فترة طويلة، وشهد العالم الإطاحة بمبارك وبينوشيه من السلطة”.
وأضاف التقرير الذي أعده فلورنس جاوب: “بدا كما لو أن القوات المسلحة عادت إلى ثكناتها من أجل الخير. بيدَ أن الانقلابين اللذين شهدتهما مصر وتايلاند في عامي 2013 و2014 على التوالي كانا بمثابة تذكير بأن الجيش لا يزال بإمكانه لعب دور سياسي، وهو ما عززته محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في تركيا مؤخرًا”.
وتابع قائلا: ولأن السبب الرئيس لوجود الجيش هو الدفاع عن الدولة، فإن أي مغامرة تقوم بها القوات المسلحة على الساحة السياسية يُنظَر إليها عمومًا بأنها حالة شاذة. ورغم ذلك، لا يفتأ هذا الأمر يتكرر”.
ورصد التقرير وقوع 473 انقلابا ومحاولة انقلاب منذ عام 1950، نجح 46.9% منها، وكان مصير 53.1% هو الفشل. لكنه في المقابل يمكن أن يقوم 2% فقط من القوات المسلحة بتنفيذ انقلاب ناجح. أما الوحدات الضرورية، فتتراوح ما بين كتيبة (ألف جندي) ولواء (3 – 5 آلاف جندي)، بينما يمكن أن يقتصر عدد الضباط على عشرة من قادة السرايا، وخمسة من قادة الكتائب، و15-45 قائدًا من مختلف الأسلحة الداعمة.
ومما أكد عليه التقرير أن ما يهم أكثر من: كيف اكتسب الزعيم الموافقة الشعبية على حكمه، هو: درجة التوافق في المجتمع (على استمراره). قائلا: “حيثما يتواجد مثل هذا الإجماع، سيكون من الصعب- إن لم يكن من المستحيل- أن تتمكن القوات المسلحة من الإطاحة بنظام، حيث أنها في تلك الحالة ستكون ماضية ضد الإرادة الشعبية”.
وتابع قائلا: “بينما قد تصعد القوات المسلحة إلى سدة الحكم على ظهر رصيدها الشعبي، إلا أن المجتمع سوف يحكم عليها في نهاية المطاف من خلال أدائها في السلطة. ذلك أن إدارة شؤون البلاد تمثل تحديًا للجيش، وتؤدي إلى تآكل رصيد المؤسسة العسكرية من الشعبية التي كانت تتمتع بها سابقًا. هذا الفارق بين الصورة الإيجابية التي تتمتع بها القوات المسلحة كمؤسسة، والصورة السلبية التي تبدأ في التسلل إليها عندما تصعد إلى الحكم، يمثل دور هاما في قرار الجيش.
وللإجابة عن سؤال: لماذا تحدث الانقلابات؟ يقول الكاتب: “يرجع ذلك إلى أربعة أسباب رئيسية:
– حين تتمتع القوات المسلحة بالقدرة على القيام بذلك.
– حين يصبح من مصلحة الجيش تدبير انقلاب.
– حين يغيب الخصم الشرعيّ.
– حين تتوافر درجة من الدعم الشعبي.
أما إذا لم تتوافر هذه الأسباب الأربعة، فإن الانقلاب سيفشل، ويمكن القول بأن ذلك ما حدث في تركيا.
وختم التقرير بالقول: “في نهاية المطاف، تُظهِر النتائج الموثقة جيدًا أن القوات العسكرية تصبح أسوأ من نظرائهم المدنيين عندما يتولون شؤون الحكم”.